انتفاضة وطنية أم انتفاضة طائفية؟


اسحاق الشيخ يعقوب
2013 / 11 / 25 - 17:31     

مع الناس
انتفاضة وطنية أم انتفاضة طائفية؟

إن أي مصدر يرتبط بمدلول صدقية امانة مصدره.. فاذا اختلت امانه المنقول.. اختلت بالضرورة امانة الناقل وامانة الجهة الثقافية التي تبنت نشر المادة الثقافية بمصدرها!
ولا يمكن تبرئة المصدر وناقل المصدر وناشر المصدر فيما يخل بالأمانة الثقافية.. فعدم الامانة الثقافية تنال الجميع بدرجات متباينة.. الا ان ما هو محزن ان تكون جهة من تحب وتحترم وتقدر تقع في محذورما يخالف الحقيقة في نشر مادة ثقافية من مصدر ما نقل عن مصدر مشهود له بتحزبه لجهات طائفية ومدافع شرس عن مبادئ العنف والارهاب واشعال حريق الفتن الطائفية في البحرين.. وفي اغماض العين والترحيب بالأطماع الايرانية في منطقة الخليج والجزيرة العربية!
ان مجلة «الثقافة الجديدة» ركيزة تنويرية عزيزة على ارواحنا وافئدتنا ولها منزلة خاصة عندنا نحن معشر اليساريين الخلجيين لا ينازع منزلتها عندنا احد: سيما وهي حاملة لواء الحرية والديمقراطية والتقدم والحداثة والتحديث في عراق الرافدين وفي المنطقة كلها!!
دلف عليّ الصديق خليل زينل بقامته الشامخة.. وكانت المجلة في يده اعني مجلة (الثقافة الجديدة) وهو يمدها اليّ محزونا ان يرى شيئا فيها مغلوطا عن وطنه البحرين فيما كتبه الدكتور هاشم نعمة تحت عنوان (آفاق ومحددات الاسلام السياسي في بلدان الانتفاضات الشعبية) وهو يقول – اعني خليل – «انتفاضة» شعبية.. ام انتفاضة شعبوية طائفية؟!
حقا ما كنت اريد ان ارى شيئا في (الثقافة الجديدة) لا يمت الى الحقيقة بشيء بقدر ما يجافيها ويتعدى عليها ويغالط مضامينها!
ادري لو كان الدكتور هاشم نعمة على حقيقة بينة من عبدالنبي العكري تجاه ماكتبه في «الحركة الجماهيرية في البحرين الآفاق والمحددات» لما اساء في مجافات الحقيقة.. واساء لطهارة وعفة ونزاهة مجلتنا الغالية «الثقافة الجديدة» التي هي فوق اي اساءة: في الارتكاز على مصدر عبدالنبي العكري بأهوائه وميوله الطائفية!
لاريب ان الاستاذ الباحث في علم الجغرافية والدراسات السكانية الدكتور هاشم نعمة قدم بحثا له اهميته تجاه الاسلام السياسي.. الا اني سأتناول – ناقدا – هذا الخصوص ما اعتمده من مصادر محمومة بالنزعات الطائفية والمعادية نهاراً جهاراً في مطلق مواقفها ضد الوطن البحريني الرافل بمميزات ايجابية اجتماعية لا تراها في البنى التحتية في كل دول المنطقة!!
يقول الدكتور هاشم نعمة:
«في حالة انتفاضة البحرين التي بالرغم من جذورها الاجتماعية والاقتصادية الناجم عن البطالة والفقر والتهميش وتردي الاوضاع المعيشية وسط الشيعة خصوصا فانها أُلبِست لبوسا طائفيا نتيجة العديد من الاسباب منها حرص النظام على تأكيد هذا الجانب للقول بان هذه الانتفاضة تهدد وحدة المجتمع البحريني علما في البداية رفع المتظاهرون شعارات تطالب بإصلاحات دستورية لكن عندما تدخلت قوى درع الجزيرة لقمع الانتفاضة صعد المتظاهرون من مطالبهم بإسقاط الملكية».
وفي ذلك جهل فاضح وتجنب معتمد في الابتعاد عن الحقيقة في ادراج اعمال العنف الطائفي واثارة نعرات الكراهية والبغضاء في عمق المجتمع البحريني واشعال نيران الفتنة الطائفية والاعتداء بقوارير المولوتوف على رجال الامن والمارة من المواطنين وتفجير المحلات المدنية والممتلكات العامة بالمتفجرات الموقوتة والناسفة واحتلال مرافق المشافي والمدارس ومنافذ الطرقات وتحويلها الى مراكز ومنطلقات للعنف والارهاب والتخريب ورفع صور قادة الجمهورية الاسلامية والمناداة بإقامة جمهورية اسلامية.. ايمكن اعطاء ذلك مسمى انتفاضة؟
فالانتفاضة في وطنيتها وليس في طائفيتها وارتباطها بولي الفقيه وارشاداته في قم.. وهو ما يدركه ببساطة كل من يلم بايجديات السياسة.. اما يقوله الدكتور هاشم نعمة انتفاضة البست لبوسا طائفيا لاسباب حرص النظام على تأكيد هذا الجانب فهو ما يثير السخرية سيما وان جمعية الوفاق الاسلامية ومرشدها آية الله عيسى قاسم الذي يتباهى بارتباطاته الروحية والجيوسياسية بولاية الفقه في قم على رأس هذه الاعمال الارهابية والطائفية فهي وجود وفعل وارادة خلقت وتخلقت وسويت في الطائفية وارتبطت في علاقة السيد والعبد بالقيادة الايرانية وتحت نفوذ امرتها وتوجيهات وادارة اصابع «قاسم سليماني» في المنطقة وهو ما تتهامس به اوساط ملمة بأوضاع المنطقة!!
ولا يخفى على احد ان جمعية «وعد» التي ينتمي اليها عبدالنبي العكري والذي اعتمد الدكتور هاشم نعمة عليه في مصادر مقاله عن البحرين هي جمعية سياسية تحت سمع وطاعة جمعية الوفاق الاسلامية.. ولذا فان الشبهة في احداث البحرين سياسيا خالية الوفاض من مصداقية ما ذهب اليه الدكتور هاشم نعمة!
ولا يمكن لمن يبحث عن الصدقية في بحثه ان يمر مرور الكرام على اهم مرحلة تاريخية ليس في البحرين وانما في منطقة الخليج برمتها وذلك في عام 1999 يوم تولى الملك حمد بن عيسى عاهل مملكة البحرين السلطة فيها وكان عهده اقترن بمشروع الاصلاح الوطني: فقد عاد المبعدون السياسيون من منافيهم الى ارض الوطن وعلى مختلف انتماءاتهم السياسية والفكرية وكان شيوعيو جبهة التحرير الوطني على رأس العائدين وقد أعيدت لهم جوازات سفرهم وعوضوا ماديا على ما لحق بهم من اضرار واعطيت لهم منازل يسكنونها ووظائف عمل وحريات في اقامة احزابهم وهو لم يحدث في تاريخ شيوعيي المنطقة برمتها من قبل.. وقد اطلق سراح جميع المساجين السياسيين ونشطاء الرأي واضحت السجون ابوابها تصفق خالية من اي سجين سياسي.. وتعززت الحياة البرلمانية البحرينية في انتخابات حرة ديمقراطية واعطيت المرأة البحرينية حقها السياسي في الانتخابات والترشيح ونظمت حقوقها قانونيا في الاحوال الشخصية وازدهرت الحريات العامة: حرية النشر والصحافة والنقد والفكر والتأليف واقامة المنظمات الشبابية والطلابية والنقابية والنسائية بجانب الاحزاب السياسية وحرية العبادة في كنائس اليهود والنصارى واعتبار رأس السنة الميلادية عطلة احتفالية مدفوعة الاجر واعطاء الشيعة عطلة عاشواء مدفوعة الاجر واعطاء العمال عطلة رسمية مدفوعة الاجر في اليوم الاول من مايو عيد العمال العالمي!
وفي المشافي يدخل اي كانت جنسيته قسم الطوارئ للعلاج ولا يسأل عن هويته الا في اليوم الثاني او الثالث وهو تحت العلاج وهي حالة انسانية تمتاز بها مملكة البحرين عن مشافي المنطقة برمتها!! وهو ما اثار قوى الرجعية والظلام في المنطقة برمتها خشية انعكاس هذا التحول التاريخي الذي لم تشهده المنطقة من قبل وفي ذلك من الاسباب ما دفع الانكشارية الايرانية في تحريك اصابعها في الاوساط الطائفية واثارة الفتنة وتأجيج نعراتها في عمق المجتمع وهو ما نراه نهاراً جهارا في اعمال العنف والارهاب الطائفي في ضرب مقدرات الوطن البحريني المدنية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية.. وكان بودي ان يقول الدكتور هاشم نعمة شيئا ايجابيا في دور الفرد في التاريخ ممثلاً في ارادة شعب واستجابة قائد لا ان لا يستطيع ان يميز ويخلط خلطا عشوائيا بين انتفاضة وطنية «وانتفاضة» طائفية.