تونس: موجة من الأعماق ضد الإخوان المسلمين

فتحي الشامخي
2013 / 11 / 24 - 12:29     


إن ما تشهده تونس منذ أكثر من شهر، هو الاستعداد للمعركة على جميع المستويات، في خضم توترات سياسية واقتصادية واجتماعية متنامية الخطورة. كان شرارة تفجير الأزمة السياسية الراهنة الاغتيال الذي تعرض له يوم 25 تموز/يوليو محمد ابراهيمي، عضو المجلس الوطني التأسيسي، وأحد قادة حزب التيار الشعبي (1) وعضو قيادة الجبهة الشعبة (2). ثم ارتفعت درجة التوتر بعد قتل ثمانية جنود بوحشية، بعد أربعة أيام، في كمين بجبل الشعانبي (3).

يجري حاليا نزاع بين التحالف الحكومي (الترويكا: الائتلاف الثلاثي الحاكم [حركة النهضة، والمؤتمر من أجل الجمهورية، والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات])، الذي يهيمن عليه حزب النهضة الإسلامي (4) والذي يتوفر على الأغلبية في المجلس الوطني التأسيسي من جهة، ومن جهة أخرى وبين جبهة الإنقاذ الوطني (5).

بعد أكثر من عامين ونصف من الانتفاضة الثورية التي طردت بنعلي من السلطة، منها ما يناهز عامين من الحكومة الإسلامية، كل المؤشرات منذرة: ترزح الطبقات الكادحة تحت نير آثار الأزمة، وينتاب الشباب شعور كونهم «كبش فداء»، بينما يهدد أرباب العمل بالإغلاق.

ليست تونس على ما يرام. هل الإسلاميون هم وحدهم المسؤولون عن الوضع الحالي؟

هل سيكون رحيلهم من السلطة كافيا لـ«تصحيح مسار الثورة»؟

الإسلاميون في امتحان السلطة

لم يفاجئ انتصار الإسلاميين في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي خلال شهر تشرين الأول/أكتوبر عام 2011، أي أحد. لم يضعف غيابهم الملحوظ خلال الانتفاضة الثورية، سمعتهم لدى فئات عريضة من السكان، بسبب خطابهم الديني الباعث على الاطمئنان، وعملهم الخيري في الأحياء الشعبية (6)، ووعودهم بمحاربة الفساد وإصلاح أخلاق الحياة السياسية.

وثمة أيضا غياب قوة تقدمية، بل ثورية، قادرة على موازنة تأثير الإسلاميين. وحدها المنظمة النقابية (الاتحاد العام التونسي للشغل) كان بإمكانها محاربة أوهام الطبقات الكادحة التي أذكتها وعود حزب النهضة بحياة أفضل، وأن تشكل حافزا للسيرورة الثورية. كانت قيادة نقابة الاتحاد العام التونسي للشغل بالأحرى مهتمة بالسعي لعقد توافق سياسي عريض، من شأنه التعجيل بعودة الاستقرار. والهدف هو قبل كل شيء، طمأنة المستثمرين الأجانب ومنظمي رحلات السياحة الأوربيين، لتفادي إغلاق المصانع وانهيار النشاط السياحي، وكلاهما مصدران رئيسان لفرص العمل بتونس.

لم تؤد الانتخابات إلى فوز الإسلاميين بالسلطة وحسب، بل كانت أيضا أداة لتحييد الجماهير بما هي فاعل مباشر في التغيير الاجتماعي في تونس ونقل سلطتها السياسية إلى المجلس الوطني التأسيسي، والذي نقلها بدوره إلى حكومة الترويكا (الائتلاف الثلاثي [حركة النهضة، والمؤتمر من أجل الجمهورية، والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات]). ويمثل التجميد الحالي للمجلس الوطني التأسيسي فرصة للطبقات الكادحة لاستعادة سلطتها لفك انحباس السيرورة الثورية والنضال من أجل تغيير يسير نحو تحقيق مصالحها الطبقية الذاتية.

كان التفويض الشعبي سيفا ذو حدين بالنسبة للإسلاميين: كان يمنحهم شرعية الحكم، وفي الآن ذاته كان يطالبهم بنتائج ملموسة وفورية بخصوص تحسين ظروف حياة معظم السكان. إن جسامة الأزمة الاجتماعية وحدتها، والمطالب والتطعات المترتبة عنها، كانت تدفع الجماهير الشعبية، بحق، إلى اعتبار أنه كان من حقها جني ثمار انتصارها على الديكتاتور. ما لم يكن يترك خيارات كثيرة بوجه الترويكا (الائتلاف الثلاثي الحاكم):

*مواصلة السيرورة الثورية، مع اعتبار الاستجابة للمطالب الاقتصادية والاجتماعية الملحة بمثابة أولوية مطلقة، بفضل تعبئة موارد الدولة المالية بوجه خاض. إن نهج هذا الطريق قد يعني أيضا الطعن في السياسية الاقتصادية والاجتماعية السائدة. لكنه كان الطريق الوحيد الكفيل بانتعاش سريع وقوي للنشاط الاقتصادي والعودة إلى الهدوء. لكن هذا الطريق مازال راهنيا.

*أو، بالعكس، إدارة الظهر، للشعب، كما كان بنعلي يفعل من قبل، بخدمة مصالح الأقلية المحلية الغنية، والمقاولات متعددة الجنسيات والأغنياء الدائنين الأجانب.

إن التحالف الحكومي، حيث يهيمن الإسلاميون، يشكل عكس التزاماتهم الانتخابية وخطاباتهم الجميلة كلب كراسة مصالح المستعمرين الجدد في تونس. سعى الإسلاميون لإخفاء خيانتهم، في محاولة شيطنة المنظمات والمناضلين الثوريين، وتجريم الحركات الاجتماعية والمطلبية، وتحريف مسار النقاشات والمشاكل الاقتصادية والاجتماعية نحو مسائل الهوية وتشجيع تشكيل المجموعات الدينية المتعصبة والعنيفة.

انطلت مناورات الإسلاميين خلال أولى سنوات حكمهم. لكن تردي الوضع الاقتصادي والاجتماعي والعنف السياسي للمجموعات والمليشيات الإسلامية، حول في نهاية المطاف الرأي العام ضدهم. منحت الثورة الحكم للإسلاميين على طبق من فضة، وبعد ذلك استخدموه سعيا لتدميرها. إن خيانتهم، ولاسيما، تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي في ظل الحكومة، تدفع منذ عشرة أشهر إلى سقوطهم. إن الحركة الاحتجاجية الحالية قيد تضييق الخناق عليهم. وتنمو الرغبة في إطاحتهم من الحكم بسرعة.

وعلى عكس حزب النهضة، الذي صمد على نحو أفضل في عام حكمه الأول ، فإن الحزبين الآخرين المنتمين للترويكا ( وهما: التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات والمؤتمر من أجل الجمهورية)، اللذين استخدما كألعوبة في يد الإسلاميين، سرعان ما تآكلا. وهما يشكلان اليوم قوقعتين فارغتين تتشبثان بالسلطة مثل علل جلدية.

بلا شك سيكون لرحيل هذه العصابة من الحكم عواقب مفيدة على السيرورة الثورية، شريطة، بالطبع، أن يظل المناضلون يقظين للغاية، إذ أن سقوط حكومة مضادة للثورة، هو بلا شك، فرصة على الحركة الثورية انتهازها، لكن أيضا من الضروري أن تكون هذه الأخيرة قادرة على ذلك! جلي انه لما تبدأ المعركة ويكون العدو قيد تدمير كل شيء لا يلزم تحت أي ذريعة، الهروب، وإلا فلا مفر من الهزيمة!

أي بدائل مكان الإسلاميين؟

بعد أشهر عديدة من الأزمة (7)، تبلورت مختلف المواقف حول مسألة المؤسسات التي تمخضت عن انتخابات عام 2011، لاسيما المجلس الوطني التأسيسي والحكومة، لكن أيضا حول رفض دستور رجعي، وتعيينات سياسية في مناصب رئيسة بالإدارة ومقاولات عمومية، وكذلك المطالبة بحل منظمات وميليشيات إسلامية ذات طبيعة عنيفة، بل إرهابية.

وبالعكس، لم تطرح المسألة الجوهرية للسياسة الاقتصادية والاجتماعية إلا على نحو ثانوي. وتجدر الإشارة إلى أنه، قبل وقت طويل من وصول الإسلاميين إلى الحكم، كانت فكرة قد فرضت نفسها: أي أن المهام الحالية كانت تتعلق بإنجاح عملية «الانتقال الديمقراطي» المقتصرة حصرا في الجوانب السياسية. وكان كل شأن يهم السياسة الاقتصادية والاجتماعية يستبعد إلى المرحلة اللاحقة، لحد وصف كل مطلب اقتصادي أو اجتماعي بالسابق لأوانه، وحتى عكسي النتيجة، لا بل مهدد للانتقال الديمقراطي.

الأسوأ من ذلك، أن الحزبين السياسيين الرئيسين المتواجهين–أي حزب النهضة وحزب نداء تونس- متفقان على مواصلة سياسة النظام السابق الاقتصادية والاجتماعية، بل تعميقها. وتمت ترجمة هذا الاتفاق في الممارسات التالية:

- أولا، في ظل حكومة السبسي (آذار/مارس-كانون الأول/ديسمبر 2011)، أحد مؤسسي وقادة حزب نداء تونس، الذي دافع عن سياسات والتزامات الديكتاتور السابق إزاء الامبريالية والاستعمار الجديد وواصل تطبيقها. وتمت صياغة ذلك، لاسيما، في «خطة الياسمين» في إطار «شراكة دوفيل» (8) (26 و27 أيار/مايو عام 2011)،

- ثانيا، في ظل حكومة الترويكا (الائتلاف الثلاثي الحاكم) [حركة النهضة ، والمؤتمر من أجل الجمهورية، والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات]، التي استمرت في نفس الاتجاه معتمدة بوجه خاص على الديون المقدمة أساسا من قبل البنك العالمي، والبنك الأفريقي للتنمية والدولة الفرنسية. تجسد هذا التوجه بخاصة في تعزيز «الشراكة» المفروضة من الاتحاد الأوروبي في إطار «المنطقة الاقتصادية للتبادل الحر الموسعة والمعمقة»، ثم التوقيع، في 7 حزيران/يونيو عام 2013، على برنامج جديد للتقويم الهيكلي مع صندوق النقد الدولي.

طبعا، يؤكد كلا الحزبين في خطابهما أهمية المطالب الاقتصادية والاجتماعية، وكذلك أهمية معالجة مسألة التفاوتات الإقليمية القائمة بين المنافذ الساحلية المزدهرة نسبيا، لاسيما حول تونس العاصمة، نابل-الحمامات، سوسة-المنستير وصفاقس، من جهة وبين بقية البلد، الذي تجتاحها البطالة والبؤس، من جهة أخرى.

هنا يكمن كامل مشكل الثورة التونسية. إذ نجحت القوى الامبريالية لحد الآن، عبر خدامها المحليين، قدماء وجدد، في «احتواء» السيرورة الثورية في حدود إصلاح سياسي للنظام. فيما تسعى في الآن ذاته إلى تعميق عمليات إعادة الهيكلة الرأسمالية النيوليبرالية وتوسيعها وتعزيز قبضة الرأسمالية الجديدة على بالبلد.

إن المطالب التي تقدمت بها جبهة الإنقاذ الوطني للخروج من الأزمة الحالية هي:

*حل المجلس الوطني التأسيسي وتشكيل «هيئة عليا للإنقاذ الوطني»، تمثل الأحزاب السياسية، والجمعيات وخبراء في القانون الدستوري، الذين سيكلفون «لجنة خبراء» بإنهاء صياغة الدستور وهيئة أخرى لتنظيم الانتخابات والإشراف عليها،

*حل الحكومة وتشكيل «حكومة الإنقاذ الوطني» محدودة، برئاسة شخصية مستقلة،

*إلغاء «التعيينات السياسية»،

*حل المنظمات والميليشيات الإسلامية العنيفة.

حظيت هذه المطالب بالدعم الهام للغاية من الاتحاد العام التونسي للشغل، وكذا من منظمة أرباب العمل،الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والمهن. وهما على استعداد، في حالة رفض الترويكا الانصياع، للجوء إلى وسائل ضغط، مثل الإضراب العام، بالنسبة لنقابة الاتحاد العام التونسي للشغل، والمقاطعة الإدارية بشأن التصريحات في الصناديق الاجتماعية أو الضرائب، بالنسبة للاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والمهن.

إن مروحة القوى المضادة للترويكا واسع بما فيه الكفاية، لكونه يضم، علاوة على الجبهة الشعبية وجبهة الإنقاذ الوطني، ونقابة الاتحاد العام التونسي للشغل، جمعيات ديمقراطية وتقدمية، ومنظمة أرباب العمل نقابة الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والمهن وقطاع هام من السكان(9). كلها تطالب منذ أكثر من شهر، برحيل حكومة الإسلاميين وحلفائها. هذا الدافع عادل وضروري. لأن الإسلاميين أثبتوا أنهم خدام متحمسون للمصالح النيوليبرالية. وليس من المستبعد أن سياستهم أثارت حفيظة قسم من البرجوازية المحلية، لاسيما التي تعمل للسوق المحلي. وهل من اللازم استحضار تذمر نفس الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والمهن، عام 1995، لما وافق بنعلي على التبادل الحر مع الاتحاد الأوروبي؟ كان يقال آنذاك أن ثلث النسيج الاقتصادي كان محكوما عليه بالإفلاس مسبقا. وماذا يقال أيضا عن الانعكاسات المفاقمة لظروف حياة الجماهير الشعبية والتي زادت من تردي وضع كارثي بما فيه الكفاية.

علاوة على ذلك، وللبقاء في السلطة، يتدثر الإسلاميون بخطاب ديني رجعي وكذلك متطرف لخلط الأوراق، وتحييد الأحياء الشعبية وتقسيم الطبقات الكادحة. و يضعون ،بالإضافة إلى ذلك، تحت تصرف مشروعهم منظمات إسلامية فاشية وإرهابية، بات في سجلها حافلا عدد كبير من الجرائم السياسية. كانت الجبهة الشعبية على حق لما بادرت بالدعوة إلى العصيان المدني ضد حكومتهم. في الوقت الراهن، هي على رأس حركة عريضة ممثلة بشكل واسع للغاية في أسفل.

تشكلت جبهة الإنقاذ الوطني حول المبادرة السياسية للجبهة الشعبية، ما أتاح لهذه الأخيرة كسر الاستقطاب الذي كان بين حزب النهضة وحزب نداء تونس، والخروج من عزلتها وعدم البقاء وراء الأحداث. هناك حدث بارز: إنها المرة الأولى التي تمكن فيها تحالف سياسي من تعبئة مئات الآلاف من الأشخاص في الشارع، كان الحال كذلك لاسيما في 6 آب/أغسطس، حيث بلغ عدد المتظاهرين بالتأكيد ما يناهز نصف مليون شخص. حتى ذلك الحين، وحده الاتحاد العام التونسي للشغل كان بوسعه التعبئة بشكل حاشد، لكن لم يكن الأمر بهذا القدر فيما مضى. أثبتت الجبهة الشعبية خلال الشهر الأخير أنها «هيئة مناضلة»، ليس في تونس العاصمة وحسب، لكن كذلك في جميع مناطق البلد. وبالعكس، فإن حزب نداء تونس برز بما هو «هيئة انتخابية» - أهدافها انتخابية دون محتوى نضالي.

إن الخطاب المعتدل، لكن الحازم والمتكيف تماما مع واقع لحظة الشعب التونسي، الذي اعتمدته الجبهة الشعبية قيد إتيان ثماره، ما يضعف بشكل كبير تأثير خطاب الإسلاميين لدى الجماهير الشعبية. إذا سقطت حكومة حزب النهضة، سيعتبر ذلك بلا شك بما هو انتصار للجبهة الشعبية. لكن هذا لا يلزم أن يخفي العديد من إخفاقات الجبهة الشعبية. هناك مكامن ضعف لاسيما على مستوى بناء وتنظيم الجبهة. فرغم انطلاقة جيدة، لاسيما بفضل مبادرات من مناضلات ومناضلات إقليميين، يبقى بناء الجبهة وانغراسها التنظيمي، في كل مكان في تونس، هشا إلى حد ما. إن قيادة الجبهة الشعبية (10) والمكتب التنفيذي (التي تم إنشاؤه حديثا)، إجمالا، بصرف النظر عن بعض التنسيقيات الإقليمية، هما الهيئتان التي تشتغلان بصورة منتظمة. إن مستقلات عديدات ومستقلين عددين (11) الذين يشكلون العمود الفقري للجبهة الشعبية، يجدون صعوبة في إسماع صوتهم في مثل هذه المنظمة.

وهناك أيضا خطر، حقيقي للغاية، متمثل في الانسياق مع منطق النظام السائد، بحجة الواقعية، وحتى حتمية مزعومة للنظام الرأسمالي النيوليبرالي السائد. إن المسائل التكتيكية شيء، والتسويات والتنازلات التي بإمكان الجبهة الشعبية أن ترضخ لها، تحت ضغط حزب نداء تونس ونقابة الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والمهن، التي قد تصرف الجبهة الشعبية عن هدفها الثوري، شيء آخر. قد تسعى بعض مكونات الجبهة الشعبية ، بذريعة البرغماتية، لتقديم تنازلات أو عقد تسويات قد يتضح طابعها المضاد للثورة. تهدف هذه المحاولات إلى تعزيز نفسها في وقت يضيق فيه الخناق أكثر فأكثر على الإسلاميين، الذين باتوا يتراجعون تحت ضغط التعبئة. قد يكون هؤلاء الأخيرين قاب قوسين أو أدنى من التخلي عن الحكومة، قصد تنظيم دفاعهم حول المجلس الوطني التأسيسي، حيث يأملون من خلاله العودة إلى الاستيلاء على السلطة أثناء الانتخابات القادمة، التي من المرجح أن تجري، في غضون بضعة أشهر.

والمشكل الآن يتجاوز الترويكا، وهو قائم على مستوى «حكومة الإنقاذ» التي قد تتشكل في الأسابيع القادمة. أي برنامج؟ أية أولويات؟ أية تدابير عاجلة؟

نوقشت بإسهاب وسط قيادة الجبهة الشعبية المسألة المتعلقة ببناء وتشكيل «حكومة الإنقاذ»، ومهامها السياسية والاقتصادية والاجتماعية الملحة. وافقت الجبهة الشعبية على خطة تروم وقف الأعمال العدائية الاقتصادية والاجتماعية ضد الطبقات الكادحة، لاسيما فرض إلغاء خطة التقويم الهيكلي، وتجميد أسعار المواد الأولية الضرورية، ووقف دفع الدين العام الخارجي، وفرض ضريبة على الثروات الضخمة وفرض الضرائب على المقاولات متعددة الجنسيات، الخ. هذه هي الخطوط العريضة للتدابير الاقتصادية والاجتماعية للجبهة الشعبية.

يبقى مناقشة هذا التوجه وهذه التدابير في الجبهة الوطنية للإنقاذ، ومع الاتحاد العام التونسي للشغل و الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والمهن. وهنا يكمن الرهان السياسي الحقيقي في الوقت الراهن. بوجه شركاء اللحظة، الذين تتعارض مصالحهم وبرنامجهم الاستراتيجي تعارضا تاما، يتعين على الجبهة الشعبية بذل مجهود كبير للاتجاه نحو تغيير اجتماعي جذري. وهي في الواقع، ترزح تحت نقص تجربة اليسار والتقدميين والثوريين وضعف عدتهم، بوجه المسائل السياسية والاقتصادية والاجتماعية المتعددة، لاسيما عدم قدرتهم على صياغة التدابير الملائمة، على أساس معرفة كافية للمسائل المطروحة والأهداف المتوخاة.

بالإضافة إلى ذلك، فإن الايدولوجيا السائدة، والضغط السياسي الهائل الذي تمارسه أحزاب يمينية عديدة، وخطورة الوضع الاقتصادي والاجتماعي، ولاسيما، تبعية تونس البالغة إزاء الخارج (الصادرات، والسياحة، والديون، والاستثمارات الخارجية) ووجود اقتصاد قوي استعماري جديد، كلها عناصر تعقد أيضا مهام الجبهة الشعبية التي ليست بمنأى عن ارتكاب الأخطاء. طبعا، يكفي لعدم ارتكاب اخطاء البقاء بعيدا عن ساحات النضالات، ومراقبة وانتقاد من يناضلون للحفاظ على الأمل والثقة في النصر. لأن البعض في تونس، يميل لإعطاء دروس حسن سيرة ثورية للواتي وللذين يسعون، من خلال النضال، إلى تجاوز العوائق وتفادي العقبات التي تقف في طريق الثورة.

مهامنا ليست سهلة، وأعداء الثورة كثيرون وأقوياء. ويمكن للحلفاء الحاليين في كل لحظة أن ينقلبوا ضدنا ونحن ندرك ذلك تماما. ليس من السهل مواصلة المشاركة في التعبئات خلال أشهر عديدة، لاسيما حين نفتقر إلى وسائل بوجه عدو مفرط التجهيز. لكن، رغم كل ذلك، فنحن نقاوم ونمضي قدما. قضينا عادلة، ونحن متيقنون من النصر.

وفي آخر المطاف، تبدو الأيام القادمة متوترة للغاية. كل شيء ممكن. ونحن نقوم بكل شيء لتفضي المعركة إلى الاتجاه الجيد، أي نحو مصلحة معظم التونسيات والتونسيين.

تونس العاصمة، 31 آب/أغسطس

مجلة انبركور ، عدد 597 شهر سبتمبر 2013

تعريب المناضل-ة

فاتحي الشامخي عضو مجلس أمناء الجبهة الشعبية باعتباره ممثل جمعية رايد (أطاك ولجنة إلغاء ديون العالم الثالث). ومناضل في رابطة اليسار العمالي.






1.التيار الشعبي، ذو توجه قومي ناصري.

2.هذا ثاني اغتيال ينعي الجبهة الشعبية، بعد اغتيال شكري بلعيد، الأمين العام للحزب الوطني الديمقراطي الموحد، الذي قتل يوم 6 شباط/فبراير الأخير.

3.على الحدود القائمة بين تونس والجزائر.

4.الفرع التونسي لمنظمة الإخوان المسلمين العالمية. خلال انتخاب يوم 23 تشرين الأول/أكتوبر 2011، حصل حزب النهضة والحزبين الحليفين له على نسبة 63% من مقاعد المجلس الوطني التأسيسي. منذاك، تقلصت هذه النسبة إلى حوالي نسبة 50% بسبب انسحابات من صفوف الحزبين الحليفين له.

5.تشكلت جبهة الإنقاذ الوطني يوم 26 تموز/يوليو. وهي تضم الجبهة الشعبية (وهي تحالف بين حوالي 12 حزبا يساريا وقوميا) والاتحاد من أجل تونس (تحالف ليبرالي إصلاحي يضم خمسة أحزاب، ضمنها حزب نداء تونس، الذي تعتقد استطلاعات الرأي أنه قد يحصل على نسبة 20% من نوايا الأصوات، متقدما قليلا للغاية على حزب النهضة)، وعدد كبير من أحزاب سياسية صغيرة وجمعيات.

6.بفضل عائدات النفط، لاسيما القطرية، التي تدفقت بغزارة وأتاحت للإسلاميين كسب عدد كبير من الأصوات وسط سكان مسحوقين بين ضعف وحتى غياب الموارد وبين الأسعار المرتفعة باطراد.

7.يوم 6 شباط/فبراير 2013، ترك اغتيال شكري بلعيد تونس تحت الصدمة، وشارك أكثر من مليون شخص في جنازته يوم 8 شباط/فبراير. وكانت المركزية النقابية دعت إلى إقرار، نفس اليوم 8 شباط/فبراير، يوم إضراب عام وطني. علاوة على ذلك، في مساء يوم 6 شباط/فبراير، اقترح حمادي الجبالي رئيس الحكومة والأمين العام لحزب النهضة، تشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة. وبدأت مناقشات مع أحزاب الرئيسية المعارضة لكن لم تنجح. استقال الجبالي وعين حزب النهضة محله علي العريض، أحد زعمائها ووزير الداخلية السابق في حكومة حمادي الجبالي. كانت الترويكا قد خرجت من ذلك ضعيفة، لكنها مازالت مهيمنة على السلطة.

8.طالبت مجموعة الدول الصناعية الثمانية حكومة الباجي قائد السبسي بإقرار خطة خماسية. مقابل ذلك، منح البنك العالمي قرض يبلغ مليار دولار في إطار برنامج «الحكامة والفرص»، بشراكة مع البنك الأفريقي للتنمية، والوكالة الفرنسية للتنمية والاتحاد الأوروبي.

9.تجدر الإشارة إلى أن الأشكال النضالية المتعددة التي نظمتها جبهة الإنقاذ الوطني خلال الشهر الماضي، حشدت مئات الآلاف من الأشخاص في ربوع البلد.

10.مجلس الأمناء العامين.

11.يتعلق الأمر في الواقع بملتزمات وملتزمين نضاليا لكن غير منتمين لأحزاب سياسيا.