صراع مابين العلم والدين !!!


وليد فتحى
2013 / 11 / 17 - 20:27     

"الصراع مابين العلم والدين جزء من منظومة العالم الحديث والقديم فى جميع العصور والحقب الزمنية,فهذا الصراع دائما مرتبط بصراع على السلطة السياسية والحفاظ على مصالح طبقة معينة
ضد الشعوب فيتم توجيه الدين للحفاظ على مزايا طبقة معينة لمناهضة جميع الطبقات الأخرى..
وهذا الصراع من قديم الأزل ولكن تم تأكيد هذا الصراع فى أطار قانونى ونظريات أجتماعية وأسس علمية حتى يكون مرشدا للقوى الظلامية لمواجهه التنوير والعلم بمبرر الحفاظ على الدين
وقدسيته والأعراف والتراث القديم !!
فأول كتاب فلسفى تم تأليفة فى تأكيد هذا الصراع لصالح الفاشية الدينية ومواجهه قوى العلم والتغيير كان بعنوان (تأملات فى الثورة الفرنسية) لأدموند بيرك عام 1790م وتم وضعه بعد الثورة
الفرنسية مباشرا بعام واحد 1789م ,فهذا الكتاب يعتبر الدستور الأول للأصوليات الدينية والمتطرفة ويصف قوى التغيير والعلم بالبربرية والجهل !!
فنادت الثورة الفرنسية بالعدل والمسأواه فى الحقوق والواجبات لكافة الشعوب ودولة الديمقراطيات ومناهضة الأقطاع والظلم والطغيان الذى يمارسه البابا والملك والدعوات الدينية ضد الشعب ,
كانت تلك الثورة التى تكونت من الطبقة البرجوزاية وطبقة التجار وغالبية الشعب الفقير ضد طبقة النبلاء والأقطاع .
فهذا الكتاب يشرح وجوب الأصولية فى السلطة وبأن التحرر والتغيير الحديث فى الأقتصاد والسياسة هو من أحاديث الشيطأن وضد أرادة الرب وبالتالى طاعة البابا والملك وكافة الأمراء والنبلاء
طاعة واجبة ومن يخرج من عبأتهم من أجل الثورة والتغيير الراديكالى فهو يختار الشر ويغضب الرب.
ولكن مع مسيرة الثورة الفرنسية والتى كانت مدخلا هاما فى معرفة أن الأنسان فى الحياه يسعى الى أكتمال حقوقه الأقتصادية والسياسية وان الظلم والطغيان مرتبط بالبشر وليس من أرادة الله
كما كان يتعلم المجتمع فى دور العبادة ,وأن العلم يفتح أبوابا فى كيفية التغيير ,فالثورة الفرنسية كانت أول ثورة فكرية فى التعبير عن الثورة والسعى ناحية التغيير..
وبالتالى أنتشر فى العالم الحديث وصف العلمانية والتحرر من تقاليد ومفاهيم الماضى فى الدين والحياه بشكل عام ,فالله قد كشف النقاب عن ذاته فى أشكال جديدة من الأيمان ,فكان الأوروبى
المسيحى يعتقد أنه الوحيد الذى يمتلك الحقيقة المطلقة كما يعتقد المسلم الوهابى الأن واليهودى المتطرف أو أى دين أخر!!
قهذا التغيير الفكرى الذى أنتشر فى أوروبا سرعان ما أنتشر فى العالم وبفضل الثورة الصناعية وتكنولوجيا وثورة الأتصالات والمواصلات مابين الناس قد تعرف جميع الشعوب بكافة
اللغات والأديان والعقائد والمذاهب على بعضهم البعض ,وبالتالى فلا حقيقة مطلقة عند أحدا ,فالجميع يعتقد فيما يعتقد من خلال رؤيته الذاتية والموضوعية ,فكان يعتقد الى وقت قريب أن
الأديان والعقائد المعترف بيها فقط هى الأديان التوحيدية الأبراهيمية فقط (اليهودية والمسيحية والأسلام) ولكن عند أنعقاد أول مؤتمر لتجمع الأديان كان فى مدينة كلكتا بالهند عام 1968م ,
وكان المؤتمر العالمى يضم ممثليين عن أحدى عشر عقيدة ومذهبا ,وقد تم الأعتراف بالجميع بالأضافه الى عشرات المذاهب الأخرى وأن الجميع أكد أن لا يوجد ما يسمى (الحقيقة المطلقة)
أو الدوجما فى معرفة الحقائق وأنما يملك شكلا من أشكالها ولهذا لا يوجد مبررا لتعالى دين على أخر ومن ثم تأتى الطائفية والتطرف الدينى !!
فالأنسان أذن هو من خلال تجاربه العملية ووعيه العلمى والنظرى هو مقياس الأشياء بوجوده وليس من خلال وجود الأخر أو أراء الأخر فى أختياراته وطموحاته,وفى العصر الحديث
توجد الكثير من التحديات والمطالب الأجتماعية والأقتصادية المتصاعدة وتغييرت رؤية الأنسان فى الحياة نفسها وليس كما كان فى السابق أن يتحكم البابا أو الداعية من خلال الأمير أو
الملك فى مقدرات ووعى الشعوب ,فأبن رشد مثلا نادى بتاويل النص الدينى فى القرأن بما يتفق وطبيعة البرهان العقلى والمرتبط دائما بالواقع أى أخراج الدلالة الحقيقية من الدلالة
المجازية أو اللفظية !!
فالعلمانية هى نظرية فى التفكير والوعى الذاتى وهى التفكير فى النسبى بما هو نسبى وليس بما هو مطلق ,وبالتالى أنتشرت المناهج الأصولية والمتطرفة لمواجهه الأبداع فى الفكر والتغيير
فى معايير وفهم الدين والحياه بالأسلوب القديم والمرتبط بالأرث وفقه السلطان من أجل الديكتاتورية والطغيان والظلم على الشعوب,فالعلم أثبت منذ منتصف القرن التاسع عشر الميلادى
ومن خلال نظريات فى علم الحفريات والبحث فى الأنثربيولوجيا وتأصيل الأشياء وبالتالى الوصول الى حقائق واقعية فى نظرية التطور وأصل الأنواع لتشارلز دارويين ومن بعده
أحداث ثورات فكرية فى جميع العلوم وفروعه فى الفيزياء والكيمياء وعلم الأجتماع والنفس والطب وتغيير فى مفهوم الفلسفة ,ولكن وقفت الأصولية ضد تلك النظريات والتغييرات التى
واجهت الأنسان نحو التمرد والثورة على القديم وأساليبه بمبرر أن تلك النظريات تتدعى الى الألحاد وتقف مناهضة لسفر التكوين كما جاءت بنودها فى متن العهد القديم !!
وجاءت من بعد ذلك الأصولية الأسلامية التى ترى أن السلطة المطلقة فى يد الله والذى يترتب عليه الحق فى التشريعات والقوانين من خلال ظله وهو الحاكم أو السلطان كما جاءت فى
كتابات أبو الأعلى المودودى والأمام الخومينى وسيد قطب وجميع زعماء الأصولية الأسلامية فى العالم ونتج عنه القتل والأرهاب وسفك الدماء والتدمير والخراب بأسم السلطة الألهية
, فأذن شعار العلمانية هو (كن جرئيا فى أعمال عقلك) أى التفكير ,وأن مفهوم العقل لن يتحقق ألا بالبحث العلمى ,فالعلم حاليا يؤكد أن الأنسان لم ولن يصل الى حقوقه الأقتصادية والأجتماعية
ألا من خلال التحركات الثورية وبالتالى صعود الوعى الى التغيير المنهج الأقتصادى والسياسى بقوانين التأميم والقوانين الثورية ,لكن الأصولية الأسلامية تقول بأن الأقتصاد الأسلامى
مرتبط بثلاثة أركان وهى الذكاه والميراث وألغاء الربا وأن القوانين الثورية فى تأميم الممتلكات ووسائل الأنتاج ضد المجتكريين ليس من الأسلام وبالتالى نجد الأصولية تحمى مصالح
طبقة الأغنياء ضد الفقراء وتؤكد دائما القمع والظلم والطغيان بأسم الدين وطاعة الله !!!
فالعلمانية تقول أن القوانين تحدد شكل علاقات المجتمع ببعضه وبالدولة أنما الأصولية تقول أن أسس الدولة الأسلامية تعتمد فى المقام الأول على الشريعة الأسلامية برؤية ومنهجية الصالحين
وبالتالى لابد أن تكون السياسة فى قبضة هؤلاء الصالحين !!!
طبعا هذا المنهج الأصولى يوضح شكل من أشكال الأستبداد وبأسم الحقيقة المطلقة ومن يقف ويتمرد ويثور على هذا الوضع المتخلف فهو فى نظر الأصوليين كافر وملحد !!
فأذن هدف العلمانية هى مواجهه الأصولية وأفكارها ,وأيضا البحث الحر وفصل الدين عن معالم الدولة السياسية والتحرر من أجل التغيير كل القوانين المقيدة للحقوق الأقتصادية والأجتماعية
,وأن الأنسان بطبعه ناقد للأوضاع وليس مجرد قطيع فى حظيرة كبيرة كما يريد لنا الأصوليين فى مجريات الحياه ,وأن الهدف الأسمى هو التخلى عن الحقيقه المطلقة وتوفير الأختيار
والحرية فى أتخاذ القرارات وفى أيضا حرية الأعتقاد والمذهب أو عدم الأعتقاد من الأساس,والشك ورفض التفسير الحرفى فى أى شئ بما فيها الكتب المقدسة لأن كل شئ محور التأويل
بما يتناسب مع الحقائق والواقع ,وبأن الحياه تفهم من خلال النظريات العلمية والتكنولوجيا وليس من خلال أحاديث الدعاه ورجال الدين لأنهم فى النهاية سوط فى يد السلطة لحماية مكتسباتها
وأمتيازاتها الأقتصادية والأجتماعية,والألتزام العقلانى ومنهجية التفكير المادى ...