معا من أجل حقوق (الملحدين) 2


وليد فتحى
2013 / 11 / 16 - 22:43     

"عندما نشرت مقالة معا من أجل حقوق الملحدين فى موقع الحوار المتمدن نالت العديد من الأنتقادات اللاذعة بسبب العنوان والمثير للجدل ,فمصطلح (الملحد) فى المنطقة العربية معناها مباشرا عند الغالبية
أذراء الدين الأسلامى فقط ,فى حين أن مصطلح الملحد هو رؤية فكرية ضد جميع العقائد والمذاهب الدنية وليس فقط الدين الأسلامى ,لكن أصبح الدين فى المنطقة العربية خطا أحمر لا أحد يتجاوزه وهذا
لأسباب ذاتية ,فتلك المنطقة العربية وخاصا فى الشرق الأوسط هو مهد الأديان والعقائد الأبراهيمية ,فأذن لا يجد الملحد أو اللادينى مكانا مابين المجتمعات العربية ويتم التعامل معه بأحتقار بل سجنه ولربما
قتله بمبرر أذرائه للدين الأسلامى.
ففى المقالة السابقة كنت أكدت بأن لقب الملحد نال المتحررين فى أفكارهم ورؤيتهم التقدمية لمجرد نقدهم فى فقه السلطان الذى يعتبر البوابة الرئيسية للظلم والطغيان وأبتزاز حقوق الشعوب بأسم الدين ,فالشيخ
محمد عبده وعلى عبدالرازق ومفكرين كطه حسين وفرج فوده ونصر حامد أبو زيد وأيضا جمال البنا قد تم أتهامهم بشكل مباشر بالألحاد لمجرد خروجهم من النسق الشعبوى فى فهم الدين والثوره على
التراث الملئ بالأكاذيب والأفتراء .
ففى تراث الثورات ينادى الجماهير بالتغيير الجذرى للأنظمة الحاكمه من أجل الحقوق الأقتصادية والأجتماعية وبالتالى الثقافية والدينية,وقد تشكلت العشرات من الحركات الشبابية من أجل التمرد والثورة
على الأساليب القديمة وفكرة الأستاذية من الأجيال السابقة وكانت تلك التحركات ليست فقط على المستوى السياسى وأنما أيضا شكلوا عالم خاص بهم بدأت من الفيس بوك والعالم الأفتراضى ومن ثم
تصاعدت الفكرة الى العالم الواقعى أنما فى تجماعتهم الخاصة وهذا ما أصفها (عالم وسط البلد)*.
لأن تلك التجمعات الشبابية المتمردة والمتحمسة لأفكارها الثورية والتقدمية تجتمع بأستمرار على مقاهى وسط البلد فى القاهرة والأسكندرية وعواصم المحافظات المصرية ,وبالتالى تشكلت الحركات
والمنتديات العلمانية والتحررية فى تلك التجمعات من أجل الدعوه الى الثورة الفكرية ,وقدموا المناقشات الحرة والحضارية ,وشاركوا فى الأنتفاضات الشعبية لمواجهه السلطة الغاشمة بدءا من مبارك
والمجلس العسكرى ونظام الأخوان ومازالوا متواجدين بأفكارهم الثورية لمناهضة كل أنواع الظلم والطغيان سواء السياسى أو الأقتصادى أو الدينى.
ولكن الأعلام الليبرالى يلعب دورا حقيرا فى هدم تلك التجربة النضالية لأسباب خاصة بسلطة الرأسمالية والتلاعب على وتر الدين وأظهار هؤلاء المتمردين والمبدعين والملحدين واللادنيين بمظهر شاذ
ومخرب ضد المجتمع ,ولكن هؤلاء الملحدين واللادنيين يريدون فقط حريتهم فى الحياه بكل أمان ودون تهديد لهم ولأسرهم كما حدث فى قضية كريم عامر وعلياء المهدى وألبير صابر وشريف جابر
وغيرهم..
فعندما ظهر الملحد المناضل (أسماعيل محمد) على برنامج حوارى فى الأعلام ,فتم التعامل معه بكل حقارة وخسة من معدين البرنامج ومع مقدمة البرنامج لمجرد أنه يطالب فقط بحق الملحدين واللادنيين
بمشاركتهم فى كتابة ومناقشة الدستور المصرى ,ولأن هؤلاء الملحدين واللادنيين أو اللاأدريين يمثلون نسبه لا يستهان بها فى مصر وحدها ,فعددهم كما تم نشره فى أحدى الدوريات المعروفة يتجاوز
تلاثة ملايين نسمة من الشعب المصرى وغالبيتهم من الشباب الجامعى ومن الطبقة المتوسطة.
نعم أنا مقتنع جدا أن حقوق كل طوائف الشعب الدينية والفكرية المتباينة لا تحل تناقضاتها ألا بالحقوق الأقتصادية والمطالبة بها على الدوام ,ولكن لقد ظهرت على الساحة تجمعات هؤلاء الأحرار ,فلا نريد
دفن رؤوسنا فى الرمال وتجاوز مطالبهم .
فلا أحد منهم يريد الوقوف ضد الجماهير المقتنعة بأديانها وعقائدها وأنما يريدون فقط بند فى الدستور المصرى لحمايتهم الشخصية من القتل والسحل والتشريد وتدمير مستقبلهم ,ولا نريد أن نؤكد للجميع
أن المبادئ لا تتجزأ ,فالقوى المدنية وقفت ضد سياسة الأسلام السياسى من الأخوان والسلفيين لمتاجرتهم بالدين وتدمير الوطن بأسم الحقيقة المطلقة ,فؤلاء الملحدين واللادنيين يريدون أتاحة الفرصة لهم
فى التفكير العلمى والمنهج المادى .
فـأتوجه برسالة الى جميع القوى المدنية بالوقوف بجانب حرية الأعتقاد أو اللاأعتقاد وعدم أغفالها بمطالبهم النبيلة ,لأن المطالبة بمثل تلك الحقوق هو جزء من أهداف الثورة ..