ثمة أصابع قذرة

باسل سليم
2005 / 6 / 5 - 12:22     

أن يأتي أغتيال الصحافي سمير قصير في هذا الوقت بالذات ، وهو الذي كان بيد من خططوا لاغتياله فرصة كبيرة في اغتياله في أي وقت من قبل لهو دليل كبير على الذكاء السياسي لتوقيت الاغتيال وحقارة المنفذين في نفس الوقت .
فسمير قصير الصحافي الفلسطيني الاصل اللبناني الجنسية اليساري التوجه لم يكن يملك حرسا شخصيا ولا مرافقين يراقبون من يتربص به وهو يعطي محاضراته لطلبته في الجامعة او وهو يغادر البيت أو عمله في جريدة النهار...
لم يكن سمير قصير يملك سيارة محصنة ضد الاغتيال ، وأشك أنه أيضا لم يكن يعني بمضاعفة رقم حسابه في بنك غربي ، ولا هو مرتهن لأجندة خارجية ، ولا هو من الذين تاجروا باللحم اللبناني في اللعبة الطائفية التي لم تنته ...
سمير قصير بكل بساطة ، صحافي ومؤرخ لبيروت وباحث ورجل ذو كلمة حرة ...
مثله مثل الكثيرين ممن سبقوه من رموز يسارية ذات توجه معتدل ورؤى حكيمة مضى سمير قصير ، فمثله لم يكن لمهدي عامل حراس شخصيين ولم يكن لحسين مروة رجال بنظارات سوداء وسيارات فخمة للمرافقة ....
أن تكون بهذه البساطة وصاحب كلمة حرة لا يعني أنك في منجى من موت مدبر ،فهنالك الكثير من الاوغاد الذين يخافون من الكلمة ، الذين لا تروق لهم المعارك على صفحات الجرائد ويحبذون معارك المفخخات ربما لأنهم لا يملكون كلمة صائبة ، أو ربما لأنهم لا يستطيعون مواجهة كلمات رجال من مثل الشهيد سمير ...
أيا كانت الجهة التي قتلت سمير فهي جهة مشبوهة وتلعب على حبال كثيرة ولها رسائل متعددة : أول هذه الرسائل أن أي صوت معتدل وباحث عن الحقيقة لا بد أن يطمس، ولربما لن تكون الرسالة الاخيرة لهم رفضهم المطلق لحالة من التحضر حيث تخاض المعارك بالكلمة والحقيقة الساطعة مهما كانت جارحة ...
لا يتفق الكثيرون وانا منهم مع سميرقصير في الكثير من رؤاه ...إلا أن الاختلاف عنه لا يعني اللجوء الى الاغتيال ، إن الاختلاف يعني اللجوء الى حوار مطول ولا نهائي، حوار يتميز بالصراحة والصدق أصبح من الصعب الحصول عليهما في زمن يغتال فيه سمير قصير وتبقى فيه حرة الكثير من الاصابع القذرة ...