التخلف بطبيعته ظاهرة أجتماعية


وليد فتحى
2013 / 11 / 9 - 19:12     

"من المعترف به عمليا أن الفكر بطبيعته ظاهرة أجتماعية ,ولكن ليس شرطا أن يحتوى الفكر أو الرؤية جوانب أيجابية حضارية وأنما كثيرا منها تشتمل عن عادات وتقاليد وتراث وأعراف
ترهق الأنسان بتحقيق بنوده بالأسلوب الشرطى, فأذا كان الأبداع والرؤى المتحررة مرتبط بوعى الأنسان نحو التغيير وأعادة تشكيل القيم القديمة البالية بأخرى جديدة,فأيضا التخلف بطبيعته
ظاهرة أجتماعية !!
فظاهرة التخلف تقف دائما عائق ضد الأبداع والأراء المتحررة ,لأن أتباع التخلف الأجتماعى والثقافى يرون أن حياتهم مرتبطة بهذا النمط ,ولا يريدون تغيير الأمور الى الأفضل لأقتناعهم
بثبات الحياة تجاه الواقع وما يشتمل من أليات أجتماعية مترابطة بسلسلة من قوانين العادة والتراث ,وفك هذا الرابط يعتبر من وجهه نظر أتباع التخلف من المستحيلات ولعدم قناعتهم بفكرة
الصيرورة والتطور الطبيعى فى حياتنا.
والسؤال الجوهرى بالنسبة لهذا الموضوع الشائك لماذا التخلف ؟؟ والرد على مثل هذا السؤال يتتطلب نظرة سريعة لعادات وتقاليد المجتمعات فى بعض نماذج حياتهم ,فمثال نموذج الزواج
عند المجتمع المصرى بجميع فئاته الطبقية والمهنية ,فسنجد بالضرورة الكثير من الأشكاليات داخل المجتمع بسبب النظرة الأحادية ورصيدها من التخلف الفكرى وبالتالى أنصار هذا النمط
من المتخلفيين يستعدون أستشهادات من الدين والتراث والعادات الموروثة لتعميق وتأكيد رؤيتهم فى موضوع مثل الزواج دون أى أعتبارات أقتصادية وأجتماعية وسياسية وثقافية فى الوقت
الراهن وأذا ما قورنت بأوضاع سابقة فى الماضى..
فالمشكلات الأقتصادية فى مصر أصبحت متواجده عند الأغالبية الساحقة من الشعب المصرى وخاصا بعد فترة الردة الأقتصادية والتى فعلها (السادات) فى حقبة السبعينات من القرن السابق
فأصبح حاليا كل أحتياجات الأنسان الأساسية تمثل واقع مرير عند الجميع فالسكن والغذاء والعلاج والتعليم وتحقيق تلك الأحتياجات الأساسية فى غاية الصعوبة ولربما مستحيلة فى بعض
الأحيان ,فالطبقات الأجتماعية حاليا هى فئة قليلة لا تزيد عن 5% من المجتمع وهم أصحاب الثروات وأحتكارها والذين يسيطرون على موارد الدولة تحت مبرر الأستثمارات والغالبية
العظمى أصبحوا من الفقراء وتحت خط الفقر (المعدومين) وأصبحت الطبقة الواسطى فى مهب الريح وخاصا حصولها على الحد الأدنى من أحتياجاتها من الضرورى يعتمد على سحب
أدخارهم وودائعهم والأصول من الأموال ,وبالتالى يشكل الزواج عملية معقدة وصعبة المنال فى تلك الظروف الأقتصادية !!
ففلسفة الذكورة فى المجتمع مازالت متواجدة ولا أحد يريد التحرر منها ,فالشقة التمليك وتأثيثها والشبكة وتأجير قاعات للزفاف وغيرها لا أحد يمتلكها ألا الشباب المرتبطين بودائع بنكية
الخاصة بأسرته ,ولكن الشاب الذى لا يجد عملا ألا فى الأعمال المرهقة والتى تتعدى ساعات العمل الى 12 ساعة يوميا بأجر هزيل ,فلا يجد رصيد حتى يحقق فقط
10% من تكاليف الزواج ,والى أن يصل الى منتصف الثلانيات وهو مازال فى دائرة منغلفة على نفسها ويظل يبحث عن مستقبل واضح المعالم ,وفى النهاية تنتهى حياته على هذا التخبط
لأسباب خارجة عن أررادته وبسبب السياسات الأقتصادية والأجتماعية والتى تغيرت كثيرا بعد الردة الأقتصادية فى عهد السادات والأنقلاب على المزايا الأجتماعية التى كانت متواجدة
فى حقبتى الخمسينات والستينات ..
ومن ناحية أخرى نرى موضوع الزواج أصبح نفعيا وقد تم تفريغه من مضمونه الأساسى وهو المشاركة الأجتماعية مع شريك الحياه,فالشكل الأقتصادى المعين هو ما يتحكم فى زواج
الأنسان ,ولابد أن لا يخرج عن النسق العام ورصيده الأجتماعى المتخلف العام ,والخروج عن هذا النسق يمثل شهادة وفأه لصاحبه ,فمن يقف ضد عادات موروثة وتقاليد تقف عائقا
أمام الأنسان وتحقيق سعادته فهو بذلك غير مرضى عنه أجتماعيا ,فالشخص الذى يريد أن يتزوج لابد أن يراعى الأسعار الحالية فى تقديم شبكة وشراء منزل الزوجية وكثيرا من المطالب
الأجتماعية وبشكل مبالغ فيه ,لكن أنا لا أرى أى فائدة فى وجود شبكة وأذا كان ضروريا فتكون تقديم هدية معقولة السعر ,وأساس الزواج هو المشاركة ,فأذا كانت الأنثى تعمل فلماذا لا
تشارك معاه فى تأثيث الحد المغقول من أتمام هذا الزواج؟؟ لكن هذا لا يحدث ألا نادرا ,لأن النمط العام هو الأتساق مع اسلوب العشيرة والقبيلة !!
فأذا تزوج أنسان فهو يرتبط بشريك حياته دون النظر الى عائلته ولكن الذى يحدث كثيرا من الأرتباطات من أجل الزواج ما تفشل بسبب أن شقيق المتقدم للزواج شخص غير مرضى عنه
لأسباب معينة ,ولكن السؤال المنطقى من الذى سيتزوج هذا ولا ذاك فيتم الرد بسرعة بأن الأطفال لابد أن يكون لهم خال (بمواصفات أجتماعية معينة) وللأسف لاأحد يخرج عن هذا النسق
لأن التخلف ظاهرة أجتماعية ..