افاق العولمه في ظل تصاعد اجراءات الحمايه التجاربه


محمد سعيد العضب
2013 / 10 / 22 - 07:39     

يواجه مؤتمر التجارة الدولية المزمع عقده في مدينه بالي بشهر ديسمبر من هذا العام تحديات واسعه تجلت في توكيد عدد من الآراء علي احتما ل فشله واخفاقه في تحقيق اهدافه في تحرير التجارة الدولية وتوفير المنافع العادلة لأعضائه . ان الاخفاق المحتمل هذا يعني فتح الابواب امام " نهاية النظام التجاري العالمي المتعدد الاطراف" الذي بدوره يعني تصعيد اجراءات الحماية وتقييد حريه التجارة الدولية التي بلاشك تعني بذات الوقت تراجع اهميه ظاهره العولمة التي ميزت الاقتصاد العالمي خلال العقود الأخيرة من هذا القرن .
ففي اروقه الاتحاد الاوربي في بروكسل تم تسجيل بعجب شديد رفض الهند مثلا عديد من اجراءات التحرير التجاري , كما استمرت في فرض اجراءات وقيود جديده للحد من الانفتاح وفتح اسواقها امام التجارة والاستثمار الاجنبي . فمثل هذا الاصرار علي هذه السلوكية , لابد ان يقود كله دخول مؤتمر التجارة العالمي القادم في دوامه الصراعات بين القوي الاقتصادية النافذة والكبرى او بكلمات اخري في نفق مظلم او مصير مجهول ,بالتالي تتعرض مصداقيه منظمه التجارة العالمية ومدي ضرورة استمرارها وبقاء ديمومتها .
عليه يؤكد السكرتير العام للمنظمة السيد روبرتو اسفودو اهميه وحتميه حسم هذه القضايا العالقة وتجاوز الاوضاع القائمة لا جل الوصول الي اتفاقيه شامله مع استمرارا شارته الي صعوبة ذلك ووجود عوائق كثيره , خصوصا بعد تعمق عمليه تشكيل وتأسيس تكتلات اقتصاديه كبري وتعاظم التدفقات التجارية فيما ببنها عبر اتفاقيات تجاريه ثنائيه .
هذا وتجري الان مفاوضات بين الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الاوربي لعقد اتفاقيه ثنائيه ,بذات الوقت توجد مساعي مكثفه من هذا المنوال ذاته, لعقد اتفاقات ثنائيه بين الولايات المتحدة واليابان و(10) دول آسيوية باستثناء الصين, كله سوف يضيف مخاطر جديده واضافية كامنة ومحتملة, بدورها قد تعرقل اعمال مؤتمر التجارة العالمي القادم ونجاح مهماته .
عوده الرسوم الجمركية

يبلغ حجم التجارة العالمية من السلع والخدمات حاليا الي ما يقارب (19000)مليار دولار, عليه فان اعاده فرض الرسوم الجمركية تعني ليس فقط تصعيد القدرات التنافسية للمؤسسات العاملة في داخل البلد المعني ومن ا جل مواجهه او الحد من تدفق الاستيرادات, بل يمكنها ان تشكل يذات مصدر دخل هام وضخم لهذه البلدان خصوصا في ظل الاوضاع الصعبه والبطاله المتزايده في بلدان العالم كافه .
فعلي الرغم من التخفيضات المستمرة والمتكررة للرسوم الجمركية عبر ال(50) سنه الماضية , يلاحظ حصول تغير كبير في هذا التوجه وربما مساعي جديده لفرض رسوم جمركيه جديده بتسميات جديده ومنذ اندلاع الازمه الماليه والاقتصاديه عام 2007
وبهذا الخصوص يشير السيد باسكال لا مي الرئيس السابق لمنظمه التجارة العالمية عوده ما اطلق عليه "اجراءات الحماية الهادئة" . فنظام ما يسمي " الانذار التجاري الكوني" Global Trade Alert"ا لمتعلق بقطاع الخدمات قاد الي نشؤء اجراءات حمابه وطنيه بلغت سنويا الي ما يقارب ( 400 )اجراء ا وقائيا .
هذا و تحتل الهند مركز الصدارة في هذا المجال.
فعلي الرغم من مخالفه هذه الاجراءات احكام نصوص وتعليمات منظمه التجارة العالمية , استمرت عده من بلدان العالم في اعتمادها .
ففي كثير من الحالات تمكنت بلدان او كيانات وقوي اقتصاديه متمكنة وفاعله , مثل الاتحاد الاوربي او غيره التكتلات الدوليه الحصول علي استثناءات من منظمة التجاره العالميه , بحيث استطاعت من فرض رسوم جمركيه وقائية ضد بلد ثالث مما الحق اضرار كبيره للشركات المصدره وموسسات الاستثمار
. عليه فرضت هذه الاوضاع المستجده وفي ظل تعاظم البطالة تحديات واسعه وتحولت مشكلات خلق فرص عمل جديده من اولويات الاقتصاديات القوميه وتجاوزت كافه مساعي وطموحات العولمة والسير في خطاها .
تمر الولايات المتحدة الأميركية الان بمرحله ما يطلق عليه " اعاده التصنيع الهجومي "كما يجري الحديث حول الموضوع ذاته في اروقه الاتحاد الاوربي ,هذا ولا تزال الصين مستمره في فرض الحواجز والقيود وعدم تحرير اسواقها المحليه بحيث لاتزال هناك صعوبات جمه في اختراقها وادماجها بالعولمه الراسماليه . مع ذلك بدأت الصين في الدخول في جوله من المفاوضات مع الاتحاد الاوربي من اجل عقد اتفاقيه حمايهالاستثمارت وبديلا عن الاتفاقات الثنائيه المبرمه بينها وبين البلدان الاعضاء في الاتحاد الاوربي .
وانطلاقا من الاوضاع السائده حاليا يتوجب علي الشركات الأجنبية التي تقوم في الاستثمار داخل الصين في القبول بعدم الالتزم الصارم بحقوق براءات الاختراع وحقوق النشر عليه قد تساعد الاتفاقية الجديدة ف في حسم هذه المشكلات ورفع اجراءات والمفاضلة التميزيه التي تعتمدها الصين مع لاعضاء بلدان الاتحاد الاوربي المنفردة .
يعتمد الاتحاد الاوربي ,كما الحال بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية علي استراتيجية ضمان حقوقها من خلال اتفاقيات ثنائيه مع تكتلات اقتصاديه كبري ,هكذا تظل البلدان الصغيرة والفقيرة خارج اللعبة هذه , مما يعني عجز المنظمه في تلبيه مطالب البلدان الفقيره و والناميه للاستفاده من مزايا التجاره الدوليه والانفناح والتحرر الكامل الذي يشكل نظريا هدفا ساميا لها وخصوصا من طموحات هذه المنظه او علي ادعاتها في السعي لخلق اوضاعا عادله ومتكافئة للجميع من خلال ربط كافه بالتجارة العالمية ,وبغض النظر عن قوتها ,كبرها , صغرها , غناها او فقرها .
لكن الحقيقة الواضحة المره تجلت في عدم تمكن البلدان النامية من تحقيق المنافع المرجوة من التحرير التجاري والانفتاح الاقتصادي الذي رجوته المنظمه , او علي الاقل عجزت من التمتع بالحدود الدنيا من مكاسب النمو المتزايد, الهائل والضخم في التجارة العالمية .
علاوة علي ذلك يشهد العالم حاليا ظاهره تأسيس ما يطلق عليه " المناطق الاقتصادية الخاصة "التي تحصل عبرها اتحادات الشركات فوق القوميات امتيازات عديده ,منها اعفاءها من الضرائب والانتفاع الكامل من رخص الايدي العاملة في هذه البلدان .بالمقابل تظل معظم هذه البلدان عاجزه من عن تطوير بناها التحتية والانفاق المتزايد في مجال الصحه والتعليم .من هنا تصاعدت الانتقادات لسوكيات واعمال منظمه التجاره العالميه من قبل نقابات العمال بلبلدان الصناعيه الاوربيه وكذلك من النشطاء في منظمات غير الحكومية ,حينما اكد هذه الجمهره علي اهمال منظمه التجارة العالمية كذلك الاتفاقات التجارية الثنائية بين البلدان والقوي العظمي ليس فقط الاعتبارات الاجتماعية والبيئة في عالمنا المعاصربل تناسيها مصالح البلدان الناميه والفقيره .
في لقاء تبادل المعلومات حول موضوع اتفاقيه التجارة عبر الاطلسي في البرلمان الاوربي في بروكسل طرح نقابي الماني تساؤلا حول مصير المنافع المكتسبة من الاعفاءات الجمركية التي حققتها صناعه السيارات الأوربية التي بلغت (1600000000) مليار دولار ,وكيفيه استخدامتها وهل تم دفع جزءا منها كأرباح لحمله الاسهم من ناحيه ,او تم عبرها تمويل انشاء وحدات جديده في الصين . هذا وظلت الصوره قاتمه بهذا الخصوص ,وغابت بتاتا الاجابات المقنعه بهذا الصدد .
هذا ويتوقع الخبراء الي تراجع حجم التجارة العالمية في حاله فشل لقاء بالي ,خصوصا وان الاهتمام سيظل منصبا علي تعميق التبادل بين التكتلات التجارية الكبرى .
حاليا يبلغ التبادل السلعي (باستثناء المنتجات الزراعية والخدمات الثقافية ) بين الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الاوربي حوالي 2,7مليار دولار يوميا . استنادنا لهذه الحقائق طرحت نقابات العمال في عديد من بلدان الاتحاد الاوربي قضايا هامه وبالاخص مسائل ضروره تحديد المعايير الاجتماعية في اطر وهياكل التجارة العالمية لكنها ظلت مثل هذه المطالب تواجه معارضه شديده من قبل اجهزه الاتحاد الاوربي واللجان المختصة فيه
.من المؤكد ان تتعاظم مستفبلا اجراءات الحماية, رغم انكارها عبر الخطابات الرسمية الفجة سواء من الاتحاد الاوربي في بركسل او الحكومات في واشنطن وبكين ونيودلهي الو برازيليا .


المراجعة اعتمد علي المقال المنشور في
Wiener Zeitung
بقلم السيد 19-20|10|2013
Reinhold goweil