اسلام


احمد سعداوي
2013 / 10 / 18 - 16:29     


منذ تفجيرات 11 سبتمبر 2001، على الاقل، وحتى اليوم هناك مسلمون كثيرون حول العالم يجهدون أنفسهم كثيراً وهم يوضحون لمخالفيهم في العقيدة بأن هذه البشاعات التي يرتكبها مسلمون، من تفجيرات وعمليات قتل عنصرية هي "لا تمثل الاسلام الحقيقي" وأنهم مجرد أقلية داخل العالم الإسلامي. حتى مع ظهور احصائيات حول الشعبية الكبيرة لزعيم تنظيم القاعدة السابق بن لادن، وحتى مع المزاج العام الثقافي والاعلامي في الكثير من الدول الاسلامية الذي لا يخفي الفرح بالاضرار التي تصيب الآخر المخالف في العقيدة. كل ذلك وما زال المسلمون يصرون أن هذا الوجه القبيح الذي تتضاعف قباحته مع كل يوم هو ليس وجهاً اسلامياً، او على الاقل، ليس وجه الاسلام الحقيقي. ولكن، إن كانوا مصيبين، فأين هو وجه الاسلام الحقيقي؟!

***
في الحقيقة نحن أمام حقائق غير خاضعة للدراسة بشكل عميق، او أن نتائجها ما زالت محصورة في نخبة اكاديمية تتداول مفاهيم أكثر عمقاً من التسطيح الشعبي للتصورات عن الاسلام، أو أن صعود الفقيه كمتحدث أصلي وشبه وحيد عن الاسلام ازاح أي امكانية لحديث آخر اكثر علمية ودقة.
الاسلام السلفي القاعدي الابن لادني هو، في الحقيقة، وجه حقيقي وأصيل للاسلام، بل هو ربما يمثل وجهاً مقارباً بدرجة كبيرة للاسلام الأول، الذي يمكن وصفه بأنه الاسلام ما قبل "الحضارة الاسلامية"، إسلام ما قبل الاختلاط مع العالم والتثاقف معه. اسلام أحادي بقراءة راديكالية متطرفة، لا تعطي اي فرصة لآخر "اسلامي" مختلف. ولكنه اسلام يحتاج الى "آخر" ما، ولا يمكن ان يقوم بدونه، فهذا الآخر في مرة يكون مسلماً غير سلفي ويكون هنا هدفاً للتبشير، او مخالفاً في العقيدة يكون عدواً. فالآخر مهم، على حد قول الفلاسفة، من أجل الشعور بالذات. ومن اجل استمرار وتيرة الذات يجب أن لا يختفي الاخر تماماً.

***
رفض الاسلام السلفي الجهادي الابن لادني، يبدو في كثير من الاحيان، نوعاً من الموقف الطائفي، فانا ارفضه لاني لا اعتنقه، وأراه مخطئاً لأنه لا يوافق عقيدتي الخاصة، وهو بشع لأن الآخر [ومن ضمنه الاسلام السلفي] يحتوي البشاعة كامكان ويمكن ان تتبدى عليه كفعل حضوري. الكثير من التصريحات الرافضة لأعمال الاسلام السلفي الجهادي هي إقرار ضمني بأني أنا وعقيدتي أنا على حق، ومن الطبيعي ان يكون الآخر مخطئاً ومجرماً.
والبديل عن هذا الموقف الذي يريد، بحسن نية، تنزيه الاسلام وتحسين صورته المشوّهة، هو الاعتراف بأن كل هذا من الاسلام. وأن الاسلام متعدد بأساسه. منذ سجالات الانصار والمهاجرين وخلافات الصحابة في محضر من نبي الاسلام قبل وفاته. الإسلام اليوم هو اسلامات عديدة، إسلام شرقأوسطي، واسلام أسيوي، وإسلام مهاجرين. إسلام صوفي وسني [على المذاهب الاربعة]، وشيعي [على مذاهبه الخمس المعروفة حالياً على ما اعتقد]. اسلام احمدي [في الهند وباكستان غالباً] واباضي [ في سلطنة عُمان بالاساس]، وغيرها. والاسلام ذاته ضمن الاطار العقائدي الطائفي الخاص [لا وجود للاسلام خارج الطائفة طبعاً] يتغير ويتلون حسب تغير الإطار التاريخي الذي يوجد فيه، ويتغير ويتلون حسب أرضية الثقافة الشعبية الخاصة بشعب من الشعوب.

***
جرائم القاعدة هي جزء طبيعي من الاسلام، وعلينا ان نعترف بهذا أولاً، علينا أن لا ننظر الى صورة منقحة عن اسلام متمنى او متخيل أو حقيقي، فهذا ليس سوى دخول في خزانة ملابس وغلقها خلفنا داخل صالة الاسلام المليئة بالآثاث.