القومية العربية يجب ان تكون شعار المرحلة


جورج حزبون
2013 / 10 / 11 - 19:46     

القومية العربية شعار المرحلة

في ندوة سياسية شاركت فيها مع السفير الروسي لدى السلطة الوطنية الفلسطينية عقد في مقر الجمعية الروسية الفلسطينية / المركز الثقافي الروسي / بيت لحم ، اكد فيها ان الشرق الاوسط دخل مرحلة التغيرات الجوهرية والتي قد تطول لسنوات ، ومن اسبابها الموضوعية - حسب السفير - مازق عملية السلام ، والتناقضات بين الدول والقبائل والطوائف المختلفة ، ثم اضاف انه ما من شك فان الامور تفاقمت بسبب الازمة الاقتصادية المالية العالمية ، واضاف ان لروسيا مصالح في المنطقة لاخذ دور يساعد مشاريعنا الاقتصادية بما فيها اختيار طرق انابيب مواد الخام للطاقة !!
قد يكون هذا قولا غير جديد ، لكنه رسمي ، وروسيا اليووم هي صاحبة مشروع اقتصادي طموح الى جانب رؤية سياسية قومية ذات مرتكزات هامة ، تستند اليها وارثة المشروع السوفياتي ، الذي لا تزال الشعوب العربية تذكره كحليف وصديق ، وتجد بحكم الثقافة الرومانسية العربية ، اصراراً على ربط الامتداد والاقرار بحالة الوراثة المسكونة بها شعوبنا سياسياً ودينياً.
لقد عبر السفير عن غبطته بالقبول الامريكي والاوروبي والامم المتحدة للمشروع الروسي يعدم ضرب سوريا وتفكيك الاسلحة الكيماوية ، مؤكداً انهم لا يدافعون عن بشار الاس بل عن الشعب السوري ،الذي يجب ان يقرر مصيره بنفسه وليس من واشنطن او باريس او الرياض ! ، واشار باهتمام الى انه من الضروري الانتباه الى ان روسيا لا زالت تعاني من انتهاء العهد السوفياتي ، فاميركا لا زالت وحلفائها يعملون على اضعاف روسيا التي يخرج منها شهرياً ما يقارب عشرة بلايين دولار هروباً او تهريباً لضرب اقتصادنا ، فنحن لا زلنا نعاني ولم نتلقى حين حصل الانتقال ايه مساعدة من احد ، ربما السوسج والشوكلاتة من المانيا.
وكان واضحاً عن العلاقة والحوار الاستراتيجي القائم مع ايران والجزائر وغيرها من دول المنطقة ، مع تشاؤمه من امكانية تقسيم المنطقة مشيراً الى ما هو جار هذه الايام في ليبيا والعراق وسواها، وكان مخططاً الوضع ذاته لسوريا ليتم بذلك تبديد الحالة العربية واغراقها الداخلي طويلاً ، في مرحلة تشهد تحركات عالمية واقليمية لاصطفاف جديد في المنطقة و العالم .
وبمراجعة سياسية تاريخية سريعة لمسيرة الخمسون عاماً الاخيرة في العالم العربي من النهوض القومي الى مرحلة الاسلام السياسي ، وما هو بينهما وما هو متوقع او مقبل ، فان نهج الاتكال ظل سيد المواقف ، خرجنا في مظاهرات رفض مشروع ايزنهاور لملاء الفراغ وحلف بغداد يعدها لتهتف / شابيلوف شابيلوف ايدن منك يرجع خوف / ثم قلنا للاسطول السادس في المتوسط ، / يطلعلك اسطول الروس مع الصين الشعبية .... / منهج يعتمد على الاخرين ليتقاتلوا عنا ، وبذلك خسرنا انفسنا وبقينا حالة غريبة تنتظر الفرج من الاخرين او من السماء في النهاية حتى فهم الاسلاموين ذلك وقالوا ان الاسلام هو الحل ، وتحركت الامور ، حتى وصلنا على ما سمي مرحلة التغيرات الجوهرية وهو تعبير دبلوماسي ، نفهنه اننا دخلنا نفقاً، فاما ان نسططيل البقاء فيه ، او ان نسرع للخروج منه ، ومعيار ذلك اننا لا نملك ذلك الترف من الوقت ، في مرحلة يتحرك فيها العالم حولنا ، وحتى على صعيد الاقليم فان الطموحات التركية والايرانية واضحة و متقدمة وتتهيء لما هو اكثر و اخطر ، اضف الى ذلك ان هناك قوميات اخرى تتحرك داخليا وفي محطينا من الكرد الى الاماغزيرالي النوبة و قبلها جنوب السودان والقائمة تطول و في المحيط القريب هناك اثيوبيا و باكستان و الهند ، و البعض يلبس عمامة الديني وبعضها الاقتصادي ، و في النهاية الجميع يهتم بمكانته ويريحه ابقاء الامة العربية بروح القبيلة وحالة التمزق .
وفوق كل ذلك ومعه ، فان اسرائيل و اميركا هما اللاعبان الاخطر في المعادلة و قد يكون لها شراكة في طموحات الاخرين الاكثر قبولاً لدى العرب مثل تركيا وهي عضو مهم في حلف الاطلسي و معها اربعون اتفاقاً عسكرياً مع اسرائيل ، و لعلنا نلاحظ هنا كيف تتحرك القيادة الاسرائيلية تجاه المفاوضات الفلسطينية و كيف تتمد على الارض مدركة الحال العام و هو مريح لها و تستغلها لفرض وقائع على الارض ، و ان كانت انابيب الغاز و النفط تحتاج ممرات في المنطقة فان اسرائيل تملك قدرة حمايتها و كذلك تركيا ليصبح مرفأ جيهان ممر نفقط الخليج وغازه الى اوروبا بشكل اسرع واضمن ، ويكون بديلاً عن الانابيب المارة بسوريا الى ميناء طرطوس لتسهيل النقل بصهاريج السفن و اقرب مسافة و اقل تكلفة .
و بالتأكيد من حق دول العالم ان يكون لها طموحات ، و من حقها ان تستغل ظروفاً مواتية في الاقليم و في العالم الذي يتشكل من جديد باقطاب متعددة ، وحركة التاريخ لا تنتظر ، تلك الحركة التي يخلقها الناس عبر علاقتهم الانتاجية او الاقتصادية المالية ، اضافة الى ان تلك الحركة تعمل على نهوض قوميات و طبقات اجتماعية، تدفع الى خارج حدودها ليصار فيما بعد الى تكوين اطارات استعمارية ذات مفاهيم محدثة و اساليب غير عسكرية ، لكنها تعتمد على استمرار تبديد الاخرين لتسهيل احتوائهم ، و هنا فان الحراك القومي الجاري في مصر يؤذن بنهوض قومي عبر تلك الدولة المركزية و التي تملك الامكانات لهذا الدور ليلتف حولها باقي الشعوب العربية عبر نهضة قومية عربية لاخيار غيرها في هذه المرحلة التاريخية على طريق توحيد جهد عربي و اسقاط الرهان على تبديد الحقوق الفلسطينية و العربية و ان لا تبقى بلدان البلدان العربية مواقع نهش لطموحات الاخرين سواء كانت دينية او اقتصادية .