الجنرال نغوين جياب القائد الاسطوري الملهم بشعبه ، وبفكره الماركسي


طلعت الصفدي
2013 / 10 / 8 - 02:27     

الجنرال فونيغوين جياب
القائد الاسطوري الملهم بشعبه ،وبفكره الماركسي

في الرابع من اكتوبر ( تشرين أول ) من العام 2013 رحل القائد الاممي الجنرال نغوين جياب كأحد أكبر الجنرالات العسكريين عبر التاريخ ،وأول قائد عسكري في جنوب شرقي آسيا ،ألحق هزيمة نكراء بالامبرياليين الفرنسيين والأمريكيين . كان قائدا فذا لجيش التحرير الفيتنامي ،ومعلما للمقاومة الشعبية ،وأسطورة لحرب العصابات ،وخبيرا في الفنون الحربية والإستراتيجية والتكتيكات العسكرية ،وباعتباره مفكرا وعسكريا كبيرا ،وبطل الاستقلال في فيتنام تحول لمدرسة لكل الأمم المستضعفة والشعوب المظلومة وكل المضطهدين في العالم . ان مأثرته الخالدة في احترامه لشعبه ولفلاحيه الفقراء ،وإيمانه العميق بان الشعوب لن تتحرر من الاستعمار والاستغلال الطبقي إلا بالكفاح الوطني والمقاومة الجماهيرية ،وفي رأيه ان حرب التحرير الشعبية المسلحة هي الرد الشعبي والجماهيري على التدخل الامبريالي المسلح ،باعتبارها شكلا كفاحيا لحركات التحرر الوطني في العالم. وكان يسترشد بالفكر الماركسي نظرية وممارسة ،آمن الجنرال جياب بقدرة الجماهير الكادحة من العمال والفلاحين والمثقفين الثوريين والفقراء والمسحوقين على مقارعة ومصارعة ومواجهة أعتى الامبرياليات في العالم وفي المقدمة منها فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة الامريكية اذا ما توفرت للشعب المنتفض قيادة حكيمة وإرادة سياسية وفكر ثوري ،فالجماهير تمتلك مخزونا كفاحيا ،وقدرة على ابداع أشكال جديدة من النضال السياسي والدبلوماسي والمقاومة الشعبية بأشكالها المختلفة بما فيها الكفاح المسلح بما يتلاءم مع الضرورة الموضوعية والذاتية، مؤكدا في احدى مذكراته أن " حرب العصابات هي حرب الجماهير العريضة في بلد متخلف اقتصاديا ضد جيش عدواني جيد التدريب " .
فيتنام كأحد أقدم بلدان جنوب شرقي آسيا ،كانت دائما محطا لأطماع القوى الغازية القديمة والحديثة ،من المغول حتى الامبرياليين الفرنسيين واليابانيين والأمريكيين ،والشعب الفيتنامي صاحب الارض يمتلك تاريخا حضاريا وبطوليا منذ آلاف السنين ومخزونا كفاحيا وتقاليدا مجيدة ،وخبرة نضالية تؤهله لمقاومة المستعمرين والقوى الرجعية .

مع تأسيس الحزب الشيوعي للهند الصينية عام 1930 حدد مهمات المرحلة ،وكيفية قيادة الثورة الديمقراطية الوطنية للشعب الفيتنامي ضد الامبرياليين وطبقة الاقطاع ،ومع نهاية الحرب العالمية الثانية ،والانتصار العظيم للاتحاد السوفيتي وهزيمة المانيا واليابان ،دعت القيادة الفيتنامية شعبها للانتفاضة ،فعمت المظاهرات وأعمال العنف في كل الأقاليم ضد المحتلين اليابانيين والإقطاعيين ،وأنشأت السلطة الشعبية في هانوي وفي سائر البلاد وتشكلت الحكومة المؤقتة برئاسة الملهم الوطني والزعيم هوشي منه ،وأعلنت استقلال فيتنام ،وبهذا تكون فيتنام أول جمهورية ديمقراطية شعبية في جنوب شرقي آسيا.
لم يتوقف الامبرياليون عن اطماعهم في احتلال فيتنام ،ففي شهر سبتمبر عام 1945 شنت القوات الفرنسية هجوما على سايغون بمساندة الجيش البريطاني ،فهبت الجماهير الفيتنامية في مقاومة العدوان وبدأت معها حرب التحرير الفيتنامية التي استمرت تسع سنوات ولتنتهي بانتصار الشعب الفيتنامي العظيم ،وبالهزيمة النكراء للامبرياليين الفرنسيين في معركة " ديان بيان فو " التي قادها الجنرال نغوين جياب ،وحقق مع مقاتليه وشعبه انتصارا ساحقا على الامبريالية الفرنسية عام 1954 على الرغم من تواطؤ القوى البرجوازية والإقطاعية الفيتنامية بقيادة شانغ كاى شيك .كما كبد القوات الامريكية عام 1975 أكبر الهزائم ،وأعاد توحيد البلاد المقسمة.
ما هي الاسس التي اعتمدتها القيادة الفيتنامية في حربها التحررية؟
1- ان نضال الشعب الفيتنامي في سبيل تحرره هو نضال عادل ،يستهدف استعادة استقلال البلاد ووحدتها.
2- ان التناقض الرئيس مع الامبريالية العدوانية التي يجب القضاء عليها ،ومحاربة حلفائها الاقطاعيين .
3- العمل على توحيد الشعب الفيتنامي في جبهة وطنية متحدة ضد الامبرياليين وعملائهم ،تضم جميع القوى التي يمكن توحيدها ،وأساسها التحالف بين العمال والفلاحين بقيادة الطبقة العاملة .
4- كانت الأولوية في تعزيز صمود الشعب الفيتنامي ،وتحسين ظروف معيشته وتطوير أدائها ،وإدارة اقتصاد المقاومة الشعبية.
5- وباعتبار أن الفلاحين يشكلون اغلبية السكان في المجتمع الفيتنامي ،تصبح فيه الحرب الشعبية أساسا حرب فلاحين ،بقيادة الطبقة العاملة.
6- ان ميزان القوى يظهر الضعف في مقابل قوة العدو ،ولهذا فان النضال سيكون قاسيا وطويلا من أجل النجاح ،وخلق ظروف بيئية داخلية وخارجية لتحقيق النصر.
7- اعتماد أشكال القتال المختلفة بدءا من حرب العصابات الى الحرب المتحركة ،الى مرحلة المعارك كبيرة .
لقد فقدت قوى الثورة العالمية ،وحركة التحرر العربي والفلسطيني ،والقوى الديمقراطية والتقدمية والشيوعية في العالم ،قائدا بارزا ومدرسة سياسية وفكرية وعسكرية في تاريخ الصراع الدامي مع الامبرياليين والرأسماليين ،وكل الرجعيات في العالم التي وضعت نفسها في خدمة المشروع الرأسمالي الامبريالي – الصهيوني ،فهل نتعلم الدرس من تجربة الشعب الفيتنامي ،ومن القائدين هوشي منه والجنرال جياب بما يتلاءم مع واقعنا وظروفنا المحلية والإقليمية والدولية ،وهل نحن الفلسطينيون نتعلم الدرس من هذا القائد ،ونعمل على انهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية باعتبارها المدخل الأول لمواجهة العدو الحقيقي لشعبنا ،والمعطل الأول لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة خالية كليا من المستوطنين والاستيطان وعاصمتها القدس ،وحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة طبقا للقرار 194 بعيدا عن المصالح الأنانية والخاصة ،فالوطن الفلسطيني ملك للفلسطينيين ،وهو اكبر من الايدولوجيا ،وأكبر من أي تنظيم .
للقائد نغوين جياب كل الاحترام والتقدير والوفاء ،لذكراه ولبطولاته التي غيرت مجرى تاريخ وحضارة الشعب الفيتنامي العظيم ،والهم الشعوب طريق خلاصها من أجل الاستقلال الوطني والاجتماعي والاقتصادي والديمقراطي .

طلعت الصفدي غزة – فلسطين
الاثنين 7/10/2013
[email protected]