على الاتّحاد العام التونسيّ للشغل أن يتخلّى عن المبادرات وأن يختار حليفا سياسيّا ويدعمه


مصطفى القلعي
2013 / 10 / 7 - 10:40     

الاتّحاد العام التونسيّ للشغل محايد فعلا أيّها النهضويّون. وأنتم أنفسكم كنتم نقابيّين ومارستم حقّكم في الإضراب. فالإضراب لا يعني التحالف مع المعارضة. إنّه شكل من التحاور مع السلطة. لا يضرب الاتّحاد ضدّ النهضة ولا ضدّ الترويكا بل ضدّ من هو في السلطة كائنا من يكون خدمة لمنظوريه. الحياة الورديّة لم توجد مع النهضة. والإضرابات حقّقت أهدافها. لكنّ الاتّحاد محايد فعلا. وموقفه من جبهة الإنقاذ كان محايدا، فهو لم يتبنّ مطالبها وإنّما جعلها هي تتبنّى مواقفه الوسطيّة المعتدلة التي لم تؤت أكلها لأنّها خالية من وسائل الضغط. وفي كلّ هذا إهدار للوقت والطاقة والأعصاب.
حركة النهضة تفتقر للمصداقيّة وللإرادة الحقيقيّة في الشراكة الوطنيّة في الحكم وللتقييم الصحيح لتجربتها فيه وللاستعداد للتضحية من أجل الوطن. وكان منهجها هو هرسلة الاتّحاد بورقة الحياديّة لاعبة ورقة الضحيّة. وأسلوبها هو الموقف بالقطرة قطرة أو بالجرعات. كلّ هذه الورقات والمناورات مكشوفة للجميع الآن. وفي اعتقادي أنّ كلّ هذا العبث يجب أن ينتهي. لا فائدة ترجى منه.
وأكبر الخاسرين في هذا العبث التفاوضيّ هو اتّحاد الشغل، أوّلا، والجبهة الشعبيّة، ثانيا. فالجبهة الشعبيّة ركنت لمواقف الاتّحاد وتبنّتها بالكامل دعما للاتّحاد وتناقضا مع طبيعتها التي لم تتوقّف عن وصفها بالثوريّة. وما أبعد الحوار عن الثوريّة! ومبادرة الحوار الوطنيّ هذه أسقطت الجبهة الشعبيّة في تناقضات. منها أنّها سكتت على الانتدابات اللاأخلاقيّة لرموز حزب التجمّع الذي كان حاكما قبل الثورة لحليفها في جبهة الإنقاذ حزب نداء تونس. ومنها قبولها التحاور مع حركة النهضة في الوقت الذي تتّهمها فيه باغتيال قادتها وزعمائها وبضلوعها في الإرهاب وفي دعمه والتستّر على الإرهابيّين.
لست متشائما ولكنّي أتوقّع فشل الحوار الوطنيّ في ظلّ مناورات حركة النهضة وهوامشها ومجلس شوراها من أجل الاحتفاظ بالسلطة وتهرئة الطيف المعارض وتعويم قضيّة الحوار ومطالب الرباعيّ. عندها على الاتّحاد العام التونسيّ للشغل أن يكفّ عن اسطوانة الحياد الممجوجة وأن يترك دور القيادة السياسيّة الذي يلعبه للسياسيّين وأن يختار طرفا سياسيّا يدعمه بوضوح ويتحالف معه. هذه الضبابيّة والمراوحة والهزّان والنفضان لن تغيّر الواقع ولن تنفع الاتّحاد ولا المعارضة.
نحن نعرف أنّ النهضة تشحذ سيوفها وتعدّ مليشياتها وعصاباتها وإرهابيّيها للحظة الصفر. ولكنّنا نؤمن بأنّ هذا قدرنا وسنواجهه. وأكرّر أنّه على الاتّحاد الآن أن يختار حليفا سياسيّا ويدعمه بقوّة ليغيّر هذا الواقع السياسيّ. عليه أن يكفّ عن الوساطات والتوسّطات والمبادرات. هذا لن يجدي ولن يفيد. ما يفيد هو كسب ميزان القوى سياسيّا ونقابيّا وشعبيّا والسيطرة على الشارع واستغلال دعم رأس المال الوطنيّ الذي يضمنه اتّحاد الصناعة والتجارة ودعم المنظّمات الوطنيّة الكبرى.