ملف أنوزلا بين التوظيف و المبدئية


رشيد العيساوي
2013 / 10 / 3 - 05:47     

إن البورجوازية المتوسطة و حتى الكبيرة المنخرطة في التحالف الطبقي المسيطر قد أصبحت تجد نفسها متضررة من الوضع القائم، ولهذا فنجدها و منذ ظهور 20 فبراير ملتصقة بها و تحاول استغلال بعض وجوهها. إن هاته البورجوازية اللتي لا هدف و لا مصلحة لها في تغيير بنية النظام القائم أو حتى الحد من الاستغلال، و بطيبعة تضارب مصالحها الاقتصادية مع "الهولدين الملكي، الشركات الامبريالية المفروضة على النظام" تجد مصالحها في موقع التناقض مع النظام القائم. إن هاته البورجوازية في ظل تراجع الوعي السياسي للجماهير تبدو تقدمية للبعض و تلتصق بالجماهير المسحوقة الغاضبة للركوب على قضاياها بكل انتهازية و مكر (لقد وضح لينين كيف تستغل البورجوازية عفوية الجماهير كحطب من أجل انتهازيتها) ، لكن ما أن يحتدم الصراع الاساسي حتى تعود لموقعها الطبيعي العدائي للمستغلين و المحرومين ( و نسترجع دور الكاديت في روسيا أيام التراجع و القمع الستوليبي، أي بعد فشل ثورة 1905).
إن هذا يتجلى بالملموس من خلال ما تقوم به هاته البورجوازية الانتهازية" اللتي أصبحت وطنية بالنسبة للبعض" و كأن هذا الشعب قام بمهمته الاولى:الثورة الوطنية الديموقراطية الشعبية .
فهي لا تترك فرصة لانتقاد النظام القائم عبر ملفات تعلم مسبقا أنها لا تلمس جوهره و طبيعته.
فلقد جيشت تلك البورجوازية الجيوش من أجل انتقاد نظام الحكم المطلق عبر "طقوس البيعة"، "ميزانية القصر" ،"البيدوفيل"و "حرية الصحافة". مواضيع كلها تلمس شكل النظام وليس طبيعته. وآخر هذه المواضيع هو ملف أنوزلا.
إن أي متتبع لمسار أنوزلا منذ ظهور جريدته الاليكترونية وطبيعة كتاباته يلاحظ بالملموس انحياز خطه التحريري لهاته البورجوازية. فأيام مد حركة 20 فبراير و انخراط هاته البورجوازية فيها (عبروجوه كالتازي و الجامعي و....) كان لا يتوانى في تغطية جميع محطاتها، لا بل حتى الدعاية لها. لكن و بعد نزول اولاد الشعب لها و انسحاب قوى الظلام، و حيث بدأت الحركة تبلور تصورا منحازا لكل المهمشين في هذا الوطن بدأنا نلاحظ التغاضي المقصود للموقع على تغطية تلك المحطات.
إن حتى طبيعة كتابات أنوزلا تتماهى و تصور هاته البورجوازية، فمقاله الشهير "تكلفة الملكية" و اللذي يبدو "ثوريا جدا" فهو لا يعدو طعنا في شكل النظام و ليس طبيعته، و لو أنه ختمه بجملة "الثورة آتية لا ريب فيها" فتلك الجملة تبقى فارغة من محتواها و لا تعدو عن مزايدة أمام النظام لانتزاع هامش تستفيد منه هاته البورجوازية اقتصاديا. كذلك لا ننسى تعاطي الموقع لكم مع قضية الاعتقال السياسي، فهو يتجاهل بالمطلق المعتقلين السياسيين اللذين خاضوا و يخوضون معارك بطولية من داخل زنازن الرجعية، وذلك لسبب بسيط وهو أنه يعرف طبيعة تصورهم اللذي يضع هاته البورجوازية نفسها في موقع النقيض الرئيسي.
إن ملف اعتقال أنوزلا يعتبر من أخطر الملفات اللتي ستوظف ضدا على نضالات الجماهير الشعبية. فهذا الملف سيستفيد منه الطرفان: النظام القائم و البورجوازية. النظام القائم لطبيعة أزمته و ضربه عرض الحائط، الشيء اللذي سيدخله في اصدامات مع عموم الجماهير سيواكبها بقمع دموي و اعتقالات سياسية أخرى، فسيستغل ملف أنوزلا و حملته الاعلامية من أجل التغطية على كل هذا أمام العالم و إظهار و كأن كل شيء على ما يرام، و ما نحتاجه فقط هو هامش حريات، سيتحقق بإطلاق سراح أنوزلا. و كذلك تلك البورجوازية الانتهازية ستستفيد بمساومة النظام القائم بالاتفاف الجماهير الغير الواعية سياسيا على ملف أنوزلا و تستعملها كحطب تحرقه من أجل انتزاع مكتسبات مادية في مصلحتها هي فقط.
إننا كمسحوقون و منحازون لطبقتنا، دائما في نضالنا نطرح سؤال: في مصلحة أية طبقة. إن كل ما يحدث هو ضد على الطبقة المستغَلة، و يبقى التساؤل هو كيفية التعاطي مع هاته المعطيات الموضوعية و هاته الهجومات على مصالح طبقتنا، المتعددة الاوجه و الاقنعة. إننا في المرحلة و أمام تعدد الضربات و من منطق المسؤولية التاريخية، يجب أن نجد إجابات تواكب تقدم كل أعدائنا، و لن يكون أولها و أهمها التضامن الفعلي مع معتقلي أولاد الشعب الحاملين للتصور الوحيد القادر على قيادة كل المقهورين نحو التحرر، و مناهضة كل أشكال استغلال هذا التضامن من أجل انتاج أي انتهازية جديدة "ففي الساحة ما يكفي"، و كذلك التضامن مع المعتقلين السياسيين بشكل عام و من بينهم أنوزلا....
ملاحظة:
إن هذا ليس هجوما على المعتقل السياسي انوزلا، بقدر ما هو دفاع و انحياز للمقهورين في هذا الوطن الجريح.
الحرية للمعتقل السياسي أنوزلا والحرية كل الحرية لجميع المعتقلين السياسيين.