تطويق لقرار اوباما بضربة عسكرية


محمد نفاع
2013 / 9 / 12 - 08:54     


هنالك متحمسون جدًا لضربة عسكرية أمريكية على سوريا ومن هؤلاء إسرائيل. عندما دبّ البطء في قرار اوباما، طلعت جريدة "إسرائيل اليوم" بتاريخ 2/9 بعناوين واقتباسات نذكر منها ما يلي:
نرى سوريا نفكر بإيران، في إسرائيل يخافون: إذا تردد اوباما الآن، ماذا يحدث إذا اضطر لمهاجمة إيران!! وهذا دان مرغليت إياه يقول: الولايات المتحدة فقدت الإرادة لتكون الدولة العظمى. اوباما فرمل. الولايات المتحدة وعلى لسان كيري: فقط ثلاثة استعملوا السلاح الكيماوي زمن الحرب: الأسد وهتلر وصدام حسين. وهذا جون بولطون المندوب الأمريكي السابق في الأمم المتحدة يصرخ: قرار الرئيس – اوباما بالتريث – موقف ضعف لم يكن له مثيل منذ القرن التاسع عشر. هذه بعض العناوين، وكلها دعوة حماسية للحرب، وهذا الموقف مستمر لليوم.
وبالإضافة إلى إسرائيل هنالك تركيا واردوغان الذي ينتظر على أحر من الجمر.
وهناك مجلس التعاون العربي الخليجي الذي يستنجد بالتدخل الخارجي، ويستغيث من منطلقات عربية جدًا وإنسانية جدًا جدًا!! وبعواطف جياشة كلها عهر وعمالة.
ومن الملفت للنظر برأيي ان بيان الأحزاب الشيوعية والعمالية العربية والموقّع من قبل سبعة أحزاب، هذا البيان الهام – وهذا أمر طبيعي – لم يُشر ولا إشارة واحدة إلى دور الرجعية العربية كطرف في العدوان والتهديد. مع ان هذه الرجعية تفتخر بهذا الموقف الخياني وعلى المكشوف. عدتُ على البيان المنشور في "الاتحاد" يوم الاثنين 9 أيلول عدة مرات ولم أجد أية إشارة إلى دور ومساهمة الرجعية العربية، ومن حسن الحظ اننا نتمتع بمناعة جيدة ونحن نشاهد فضائيات عربية تدلق الأكاذيب والمواقف الرخيصة. فهذا السيد أحمد فتفت يقول في "المستقبل": ان بشار الأسد وحزب الله يلتقيان في الموقف مع إسرائيل ومصالحها!! كيف ان فقط فتفت يعرف هذه الفتّة والفتوى، ومعه عدد من قوى الرابع عشر من آذار؟ المهم إزاحة حزب الله من الطريق، والمهم إزاحة سوريا وإيران، هذا ما تتطلبه المصالح الأمريكية والإسرائيلية. هنالك فضائيات مشغولة جدًا بفنّ الطبخ والمسلسلات التركية في منأى عن هذه الورطة، ومن حسن الحظ ان لدينا هذه المناعة، فهي سلاح فتاك أكثر من الكيماوي والدمار الشامل، وعلينا ان نشحذ هذا السلاح على الدوام ضد أي ذرة من اليأس والإحباط.
بالمقابل هنالك هذا التطويق العظيم للدور الأمريكي الإجرامي، ومعه 30 دولة كلها تؤيد ضربة عسكرية، والعالم العربي له ممثلون في هذا التحالف.
والخط الأقوى لهذا العدوان المبيت والمكشوف هي الشعوب الممثلة بالقوى الثورية والتقدمية، وهي موجودة وفاعلة في كل مكان وبضمنها الولايات المتحدة والمانيا وتركيا والبلدان العربية وعندنا هنا.
كان لي شرف وواجب النضال ان أشارك في المظاهرة التي جرت في تل أبيب بالذات، وقبالة السفارة الأمريكية بالذات يوم الاثنين الفائت 9 أيلول، وبدعوة من اللجنة الشعبية للتضامن مع سوريا، شارك فيها عرب ويهود، شيوعيون وغير شيوعيين، رجال ونساء، شباب وكهول وهتافات ذات قيمة كفاحية واضحة وهائلة: أمريكا دولة إرهاب، إسرائيل دولة إرهاب. يا أمريكا ضبي جيوشك بكرة الشعب العربي يدوسك. يا قطر ضبي فلوسك بكرة الشعب السوري يدوسك. الوطن السوري لصحابه مش للناتو وكلابه، علمنا التاريخ وقال أمريكا رأس الحية.
وتمر من هناك امرأة يهودية وابنتها، ظهر إنهما من أصل عراقي. وتقول الابنة: شعارات حرب، وتردّ الأم: هؤلاء معنا. ومعنا يعني ضد أمريكا وإسرائيل وقطر وهذه الشلة.
والحلقة القوية في هذا التطويق لأمريكا هي إيران والمقاومة اللبنانية بالإضافة إلى سوريا، وهي الصين الشعبية وروسيا الاتحادية والعديد من دول العالم. جاءت المبادرة الروسية من مركز قوة، أربكت اوباما المرتبك أصلا، وأطلّ الفرج العربي من السعودية وقطر ضد هذه المبادرة الشجاعة والمسؤولة والقوية، بالتحريض على هذه المبادرة، لينضم إلى هذه الشلة قوى رجعية من لبنان، كذبت ما جرى في بلدة معلولا، وانضم إليها ميشيل كيلو الذي كذّب هو الآخر كل الحقائق! عندما يُشترى الإنسان بالمال...
الموقف من سوريا اليوم هو المحك الدقيق والواضح في المجال الوطني، والقومي، والإنساني، والاجتماعي والاممي والطبقي ضد الاستعمار والصهيونية والرجعية العالمية وفي مقدمتها الرجعية العربية أقذر وأرخص رجعية عرفها التاريخ، منذ ثورة سنة 36، مرورًا بسنة 48 إلى اليوم، وخاصة اليوم، نأمل لهذه الرجعية ان تكون رقصتها هي رقصة الديك. وعلى الشعوب، وعلى الجماهير عندنا أيضا ان تشير باصبع الاتهام إلى الملتقين مع المخطط الأمريكي الإجرامي وتفضحهم، وان تشير بالتقدير للقوى المبدئية المثابرة في النضال ضد العدوان، هذه مصلحة مباشرة جدًا ومصيرية جدًا لمصلحة السلام العادل والشامل ولمصلحة شعبنا العربي الفلسطيني الذي يجب ان يخرج من التطويق الأمريكي الإسرائيلي الرجعي العربي. لا مكان أبدًا للمواقف المحارية البزاقية، ولا مكان للمواقف اللبرالية الرخوة، ولا للبين بين، ولا للتأتأة الممجوجة والسير بين النقط، ولا للانتهازية والتلون ونكرّر: إذا دبّ التلون في ورق الشجر فهذه علامة السقوط والتساقط.