-لا لعودة الفلول، لا لعودة الإخوان، يسقط يسقط حكم العسكر-


أحمد سعيد قاضي
2013 / 8 / 25 - 17:56     

بعد الطرح السابق لطبيعة الأزمة المصرية يمثل أمامنا أسئلة مهمة وخطيرة عن مصير ثورة 25 يناير التي تمر في مرحلة خطرة جداً هُمش فيها الخطاب الثوري والفعل الثوري وألقي على جانب الطريق لتمرير الصراع الذي بدا أعظم وهو صراع في جوهره مضاد للثورة المصرية وهو صراع الكبار وصراع البرجوازيين مع بعضهم البعض على استثمار الشعب.
فكما أشرنا سابقاً، تعيش مصر في الوقت الراهن حالة ثورية مضادة أكثر غلياناً وقوة من الحالة الثورية نفسها والتي انطلقت في 25 يناير بعد إرهاصات استمرت لمدة ست سنين من عام 2005 إلى عام 2011 حيث اندلعت الشرارة الأولى للثورة للتعبير عن حالة الرفض الشعبي للبقاء في ظل الوضع المصري المليء بالفساد والفقر والبطالة والجهل والقمع والخيانة.
لكن هذا الصراع الطبقي بين المالكين والمملوكين لم يدم كثيراً، أو الأصح أنه لم يظهر جلياً بسبب التشويهات والعقبات أمام خروج الصراع الطبقي إلى السطح والتي يضفيها البرجوازيين على شكل الصراع الحقيقية في محاولة لحرف المسار الثوري وإخفاء الحقيقة.
وأحد هذه الأدوات التشويهية هو تضخيم الصراع بين البرجوازيين، وتحويل الصراع إلى صراع سياسي. فرغم أن الصراع أصبح صراعاً حقيقياً وواضحاً بين البرجوازيين الخونة والفلول إلا أن كلا الطرفين متفقان على شق صفوف الطبقة الكادحة لأن خطرها أكبر بكثير عليهم من خطر بعضهم على بعض.
ويتمثل هذا الاتفاق الضمني بأن تستمر قيادات الإخوان المسلمين بالتصريحات والبيانات التي تزيد من حالة الاستقطاب بين الجماهير المصرية مثل كون الصراع بين المؤمن المسلم والكافر والعلماني والمسلم، والدفع باتجاه الصراع الطائفي بحرق الكنائس ومهاجمة الشيعة والمسيحيين.
وعلى الطرف المقابل يقوم الإعلام الفاسد الممثل للفلول بتوجيه كيل من التهم للفلسطينيين والسوريين بمسؤوليتهم عن كل ما يحدث في مصر، والتخويف من الجماعات "الإرهابية"، والخوف على الأمن القومي المصري وعلى الجيش المصري والدولة المصري.
بذلك يساهم الطرفان في تفتيت الطبقة الكادحة في صراعات طائفية وأيديولوجية وأممية ووطنية بينما تجري المواجهة بين قوى الثورة المضادة من أجل كسب امتيازات جديدة على حساب الأخرى على أرضية صلبة خالية من الصراع الطبقي الذي يرعبهم وعلى حساب الدم المصري الذي يزهق كل يوم من الطبقة الكادحة التي يخرج جزء منها لدعم الإخوان والجزء الآخر لدعم العسكر وجزء آخر هم أفراد الشرطة والجيش الذي ينتمي في معظم أفراده لهذه الطبقة.
وبين الحشد والحشد المضاد، وإرهاب الدولة والإرهاب المضاد تضيع بذور الثورة المصرية المعقود عليها الكثير من الآمال في تغيير النظام العربي العام السياسي والاقتصادي والاجتماعي بعد انطلاق شرارة الانتفاضة في 25 يناير.
في ظل الوضع المأساوي التي تعيشه مصر وقواها الثورية من يستطيع إكمال الثورة المصرية؟
بعد تفسخ الطبقة الكادحة ونجاح الصراع البرجوازي-البرجوازي في التهام جزء كبير أو الأكبر من القوى الثورية في هذه الطبقة بقت الأقلية التي تعي طبيعة الصراع وحافظت على نفسها خارج الجاذبات السياسية والاقتتال الاقتصادي والسياسي وأحياناً العسكري بين هذه القوى المالكة.
فالقاعدة الكادحة التي مالت إلى دعم العسكر وجبهة الإنقاذ على طول الخط خرجت-ولو بدون إدراك- عن الخط الثوري لتساهم في دفع الثورة المضادة، وكذلك الحال بالنسبة للقاعدة الكادحة الإخوانية التي دعمت قياداتها فقد شذت عن المسلك الثوري لتدعم القطب الآخر من الثورة المضادة.
ولا أمل بطبيعة الحال لهؤلاء المتعصبين العابدين لمجرد أصنام لا لأفكار أن يساهموا أكثر مما ساهموا في إسقاط رأس النظام لأن طبيعة تركيبتهم النفسية وبعقليتهم المغيبة والفقر الثقافي والتعصب جعلهم فريسة سهلة للقوى المضادة حتى أصبحوا عربة من عربات قطار الثورة المضادة التي تخطوا خطا واثقة في ظل الدعم الشعبي اللاواعي لها.
تعقد الآمال الآن على بعض التشكيلات السياسية الشبابية الثورية العقلانية الواعية لطبيعة الصراع ومآلاته وتملك القدرة على استغلال التناقض والصراع بين القوى المضادة من أجل تحقيق الأهداف الثورية.
وقد طرح "الاشتراكيون الثوريون" الشعار الأكثر جاذبية والأكثر مناسبة في ظل المرحلة التي تشهدها مصر وهو "لا لعودة الفلول، لا لعودة الإخوان..يسقط يسقط حكم العسكر". هذا هو الشعار الحقيقي الذي يختلج في قلب كل ثوري حقيقي في مصر الآن.
وهذا الشعار هو المغناطيس الذي يجذب القوى الثورية الحقيقية والمحدد الحقيقي لطبيعة القوى في مصر من حيث أنها مع الثورة أم مع القوى المضادة على اختلاف أشكالها.