شيركو بيكه س.. نسر الفكرة محلق..


رشيد قويدر
2013 / 8 / 14 - 18:25     

"إلى شيركو بيكه س: يأتي المعزون للأحياء.. وها انا أتٍ إليك.. صداقة مديدة من طرف واحد.. وقد تعرفت عليك من "الثقافة الجديدة" الدورية الشهرية الثقافية الشيوعية.. أحببتك ومن خلال حضورك بها، منذ ثمانينيات القرن الماضي.. مواظباً باحثاً عنك بها حتى مغادرتها دمشق.."
أيها المحلق بعينيّ نسر..
تحدق من الأعالي..
شاربك ما زال بكامل عنفوانه..
وعلى وجهك سيماءونا..
يختلط الذاتي بالموضوعي..
بالتأمل والتحديق من علٍ
هذه صلاتك التي تخلو من الركوع والسجود..
فمن يمسح عنك الاحزان القديمة..
أنت فقدت أقرب الأصدقاء..
في الحرب..
كذلك آخيل..
وهوميروس..
ومحمود درويش..
حزن عميق..
وكبرياء..
حزن من تصطدم قدمه بحجر
وعميق.. حين تحترق فراشة..
بنور شمعة..
***
يا شيركو..
قمر الشمال الذي يعد نفسه..
لمواويل الليالي البيضاء..
والجبال البيضاء..
وصفاء الروح
ها أنت تقف بين زهرتيّ ثلج..
بين رحيقين..
وحزنين..
ونهرين ونخلتين وأبجديتين..
وضفيرتين.. تشردنا دهراً..
بين ربيّن..
الجمال.. والحق
بين رب الصبر.. ورب القدر اللعين
العدالة.. والتاريخ
بصيرتك الحادة..
علمتنا كيف نعمى..
ها هو ورد الجبل يومض بهالة النور..
لكن الطريق سيبدأ
من دورة ثانية..
وأنت ترسم موت الطغاة..
وتعيد رائحة الأزمنة الغضة..
***
على وجهك سيماءونا..
ونحن نقف بين زيتونتين..
وغيمتين.. وأرضين..
وقد بنيت في أرضنا..
وفلحت في وجدانها وقيمها..
ونرى أن الموت سفر
بلا تذكرة
"one way"
لحظة فاصلة بين الغيبي والمرئي..
رحلة إلى حيث اللا شيء..
إلى عالم لم يعُد منه أحد..
كنت تعلم يا شيركو
أنك مندرساً..
وأنك ستثير غبارك
في فيض الضياء الذي سيعود..
مع الشهب..
وقد نثرت..
كُل ما كتبته..
في تربة الإنسانية..
في الرماد الناري
سيصرخ صوتك..
في اللا مرئي..
ويعود مع دورات الطبيعة..
مع غيوم الجبال التي أحببت..
والتي أذهلتك..
وتبقى نسر الفكرة..
الذي يحلق..
في هذه الذُرى..