حوار مع محمود رشيدي الأمين العام لحزب العمال الاشتراكي بالجزائر


محمود الرشيدي
2013 / 8 / 9 - 09:22     

نحن ندعم مرشحا مشتركا لأحزاب اليسار في انتخابات الرئاسة - حوار مع محمود رشيدي الأمين العام لحزب العمال الاشتراكي بالجزائر


قد تقرر الحكومة مراجعة الفصل 87 مكرر من قانون الشغل و خصخصة العديد من المقاولات العمومية، فكيف تقيم هذه القرارات؟

تسير هذه الإجراءات عكس مصلحة اقتصادنا و تنمية بلدنا. لقد سبق وشهدنا خلال التسعينيات موجة خصخصات و إغلاقات للمعامل كنتيجة لتوجيهات صندوق النقد الدولي. و قد أدت السياسة التي نفذتها حكومة تلك الفترة إلى كارثة للاقتصاد الوطني، و كان من عواقبها تراجع المكاسب الاجتماعية. لكن وضع الجزائر الاقتصادي اليوم لا يقارن بنظيره في السنوات الماضية، ولهذا لا يمكننا أن نستوعب كيف لا يكون للحكومة مخرج غير الإقدام على موجة خصخصة جديدة التي سبق اختبار عواقبها، أي التخلي عن التنمية و الخضوع للقوى الأجنبية، و نهب ثرواتنا. إن سياسة السنوات الأخيرة و المنظورات التي يريدون فرضها قد جعلت الاستيراد يبدو نمطا للإنتاج. نحن معارضون لمنظور الخصخصة هذا، و نعتقد إنه يجب بالعكس وضع مشروع اقتصادي يلبي المطالب الاجتماعية والمهنية للجزائريين. يجب أن يكون الاقتصاد في خدمة البشر لا السوق.

هل يجب تجميد كل هذه القرارات إلى غاية انتخاب الرئيس المقبل؟

بالطبع، و نحن نرى أن جملة القرارات هذه، التي ترهن اقتصاد بلدنا، غير ديمقراطية. إننا اليوم أمام خطر سياسة خصخصة واسعة النطاق. فليس من المعقول، والرئيس مريض و البنيات الحالية فاقدة لكل الصلاحيات، اتخاذ هكذا قرارات جسيمة. لهذا نطالب بتجميد هذه القرارات ووقفها. نحن ننادي بتشكيل جبهة معادية لليبرالية بقصد النضال ضد هذه الإجراءات المنذرة بتدمير ما بقي من نسيج صناعي واقتصادي.

الرئيس مريض، هل تطالبون بانتخابات رئاسية سابقة لأوانها، أو ترون وجوب إتمام بوتفليقة ولايته؟

ليس الأمر مرتبطا بانتخابات رئاسة سابقة للأوان، يجب أولا أن تمر الانتخابات في ظل شروط ديمقراطية. و ليست المسألة مرتبطة بما باستمرار بوتفليقة أو خلافته، بل بأي برنامج سياسي و اقتصادي سيطبق لمصلحة هذا البلد. و لهذا، و في ظل هذه الشروط، نحن لا نعتقد أن التغيير سيأتي من الانتخابات. يجب أن يكون باستطاعتنا بناء ميزان قوى سياسي في المجتمع للدفع بتغيير الأمور.

كيف تفسرون أن أحزاب اليسار لم تستطع الاستفادة من الاستياء الشعبي؟

صحيح أن التعبير السياسي عن الاستياء الاجتماعي هو دون مطامحنا. فخلال العقد الحالك، كانت الجبهة الإسلامية للإنقاذ سابقا المنظمة الأكثر أهمية، ليس على مستوى هيكلتها وحسب، بل حتى على صعيد قدرتها على تبني خطاب مهيمن على الساحة الشعبية.

ومن جهة أخرى، لا ينبغي تجاهل أن فكرة الاشتراكية التي حملتها عدة أجيال قد تراجعت بعد سقوط جدار برلين وتفكك الاتحاد السوفياتي. كما أن التجربة الستالينية لم تثبت حدودها وحسب، بل كانت لها أيضا عواقب وخيمة على فكرة و منظور البديل الاشتراكي. أضف إلى ذلك أن مرحلة التسعينات الصعبة حيث الطبقة العاملة نفسها كانت تعتقد إمكان أن تكون الليبرالية بديلا لهذا النظام. و بعد عشرين سنة، شهدنا انهيار النظام المالي. و اليوم أقول أننا في مرحلة إعادة بناء. نحن بحاجة في ظل الظرفية الإقليمية الراهنة لمقترحاتنا و أفكارنا لأن المونولوغ الليبرالي يمثل خطرا.

هل تؤيدون مراجعة الدستور؟

باستثناء دستور 1963 الذي كان منبثقا من جمعية تأسيسية، لا يُـعرف من صاغ باقي الدساتير. و لهذا نرى، من وجهة نظرنا، وجوب قيام جمعية تأسيسية ذات سيادة تعكس تمثيلية الأغلبية و مصالحها. و يعني ذلك أن لا تتشكل من النقابات وحدها، بل أيضا من حركات الشباب و الفلاحين و العاطلين، و ألا تقتصر على الأحزاب السياسية التي غالبا ما لا تمثل الجزائريين.

هل يناضل حزب العمال الاشتراكي من أجل مرشح موحد لأحزاب اليسار في انتخابات 2014 الرئاسية ؟

نعم، نحن نعمل من أجل ذلك. لقد طرحنا فكرة تجميع أحزاب اليسار في شهر مايو الماضي و نقترح نقاشا من أجل وضع مشروع جماعي. لذا، نؤيد صياغة برنامج حد أدنى يمكننا من إطلاق نشاطات و حملات سياسية مشتركة، مع حفاظ الأحزاب على استقلالها السياسي. و قد يكون ذلك مقدمة برنامج سياسي مشترك. لا سيما أن الانتخابات الرئاسية منبر مثالي لتقديم بديل لليبرالية و الديكتاتورية التي تقمع في الكثير من الأحيان الحريات الديمقراطية.

يبدو أن حزب العمال الاشتراكي يواجه مصاعب لإثبات وجوده و إسماع صوته منذ انصراف الكاتب العام السابق شوقي صالحي؟

هذا غير صحيح، و الأصداء التي تصلنا تثبت العكس. فبعد مغادرة شوقي صالحي خضنا حملة الانتخابات التشريعية والجماعية التي مكنتنا من إسماع صوتنا. فحزب العمال الاشتراكي ناشط في كل النضالات الاجتماعية. إن حزب العمال الاشتراكي حاضر سواء ضمن النضال العمالي أو في حركة العاطلين. و في الواقع نحن حاضرون لدى الشباب و لدى الذين لا عمل لهم و لدى العمال و النقابات. صحيح أن رسالتنا، حاليا، لا تصل دوما إلى الجزائريين، لأن ذلك رهين بحسن إرادة وسائل الإعلام. فنحن نواجه من جهة صحافة خاصة لها خط تحريري متعارض مع نضالنا و من جهة أخرى نواجه إعلاما عموميا لا يؤدي دوره إلا أثناء فترة الانتخابات حيث يكون مجبرا على ذلك.

(نشر في جريدة الوطن الجزائرية - 02 غشت 2013)

تعريب: المناضل-ة




نبذة عن محمود رشيدي: ولد سنة 1961 بالجزائر و تلقى تعليما قانونيا و في سنة 1980 التحق بالمجموعة الشيوعية الثورية التي كانت تنشط في السرية. و كان عضوا مؤسسا لحزب العمال الاشتراكي في سنة 1989. و أصبح في سنة 2012 الأمين العام للحزب بعد استقالة شوقي صالحي