بارا سيكولوجيا قدح الشاي


عماد البابلي
2013 / 8 / 1 - 08:14     

لا صباح ولا مساء
إنما الصباحُ والمساءُ لِمَنْ تأخذُهُ الصِّفة
وأنا لا صفة لي
أبو يزيد البسطامي


لا أحد يرى .. لا أحد يسمع ، الحواس معطلة كليا ، زمن غريب وشاذ ذاك الزمن الذي نعيش فيه ، تشعر بالعار منه باقي الأزمنة .. لسنا إلا كتل عضوية تافهة تمشي على قدمين وتدَعي كذبا بأنها في أعلى سلم التطور ، الموت في كل مكان ، مسلسل من الرعب نراه في كل مكان ، لا أحد يؤمن على نفسه من العودة للمنزل ، الجرذان التي تتكلم بأسم الله تخطف الحياة بمرسوم موقع من ملاك الحرب ( ميخائيل ) ... لنترك هذا العفن كله ونتحدث عن تجربة روحية مررت بها قبل يومين ، زرت أمي ( ساندرا ) صباحا قبل ذهابي للعمل ، معتاد على أكل القيمر صباحا ( لـامين الطاقة اللازمة للعمل !! ) ، لم يكن هناك كوب نظيف ، صببت الشاي في كوب بلاستيك وطبعا مصنع في جمهورية الصين الشعبية ( الشعبية أكثر من اللازم !! ) ، أبي ( أليخاندرو ) كان يربي كناري في الحديقة ، وحدهم المتقاعدون ( فكريا ) يهتمون بمثل هذه الأشياء ، وعلى الطريقة البابلية في الأكل كان لابد من التركيز في الطعام قبل الأكل ، إيحاء نفسي بوجود قيمر وشاي وقطعة خبز ( كهنة بابل تقول بأن هذا يجعل الأكل مباركا ) ، المهم ، بدأ صوت الكناري يتسلل لمسمعي ، لم أبالي ساعتها ، لكن بدا الفيض من الصور والتأملات تتراكب على عقلي ، تحول المكان لغابة والأصوات في كل مكان ، كأن أكثرها تميزا صوت الكناري ، لم تكن سوى ثواني حتى عشت الأتي : طعم الشاي تغير ، كان طعم الشاي فقط ، امتزج من المادة البلاستيكية ، شعرت بالغثيان ساعتها ، هناك خطأ في التراكيب بل هناك خطأ في الإبستمولوجية كليا ، فمي رفض الشرب ، عدت بالزمن نحو الوراء نحو مشهد في التسعينات ، أيام الحصار الاقتصادي الذي فرضته الكلاب على الخراف المسكينة ، قدح بلاستيك عراقي معاد تصنيعه من أعادة إذابة الأحذية وأنابيب المجاري القديمة !! كنا نشرب بمثل تلك الأقداح في تلك الأيام ( ولله الحمد ) نفس الطعم في المشهدين أحسست به ، صوت الكناري أفاق عندي كل هذا ، كل تلك التجربة الروحية الرائعة ، المشهد دام يمكن أقل من ثانية ( الزمن في الباراسيكولوجي يخضع لسبورة اينشتاين = صفر ) .. وفق فلسفة مارتن هيدجر يفسر المشهد بأن الطبيعة الأم تحمل النقاء الأول ، ولا بد من العودة لها وترك الحضارة الخانقة ، تخضع لشروط الحالة ما حدث في الغار مع النبي محمد ، كان يهجر الضجيج كل عام في عزلة ، وكان الرهبان يبتعدون في أديرة بعيدة بحثا عن حقائق متعالية في الصمت ، الصمت وحده ينقذنا من هذا العفن الحضاري المحيط بنا ، هذا الكوكب كوكب قلق متوتر منفعل دائما ، ولا بد له من أقراص مهدئة بالأطنان وهل تكفي ؟؟ ساي ( PSI ) تعني مجمل الطاقة الروحية ، هي الموجه الحقيقي في دربنا المتعثر في هذا المملوء بالكذب من أعلاه لأسفله ، حيتان تأكل أسماك أصغر وأصغر تأكل وصولا حتى أعشاب البحر حيث نحن ، نحن القرابين المتنقلة من معبد إلى معبد ومن قصر إلى قصلا ، لا سجل يناسبنا سوى سجلات الموتى ، ساي التي أقصدها ليست تلك التي خرجت من المعابد أو من رجال الدين فهم الأبعد لها ، ساي ليست أحكام طهارة أو قراءة طلاسم نسبت نحو رب مصنوع في عقول بعض المرضى عبر عصور التاريخ ، ساي الحقيقية ( نشاط عصبي معقد لم يكتشفه جراحو الجملة العصبية لحد هذه اللحظة ) هي من تزيل عنا القلق والتوتر والسهر وعدم الراحة ونوبات من الصداع الدائمة تحل مشكلة هذا الوجود الذي هو نسخة دون أصل ، أو كما يقول عنها الرازي ( جاء عن رغبة غير حقيقية لله ) .. لنعد لفطرتنا الأولى ، دون أسماء دون عنوانين ، نفس القرف في كل مكان ، ( لندن باردة جدا وأني خائف جدا فنامي في جنوني أو في جنون الكلمات / نزار ) نزار قتل لعنة المكان بواسطة ساي / ساي في المدرسة السوفيتية القديمة كانت تعتبر هو نفسه الفن / لنبحث عن التوازن والتناغم كما يحدث تماما في الفيزياء التي لا تعترف بسستم الأبوة والأمومة أو من أي قبيلة أتى هذا الإليكترون ، ساي تهتم بفهم البشر والفيزياء تهتم بفهم السلوك ولا يهم من أين وإلى أين .....
محباتي البالغة لاهتمامكم لهذه الكتل من الحروف