حقيقة الصراع في العالم العربي


أحمد سعيد قاضي
2013 / 7 / 26 - 12:53     

في مجتمعاتنا العربية والإسلامية اليوم نشهد صراعاتٍ عنيفة؛ طائفية، عرقية، أيديولوجية، ثقافية، سياسية. والنتائج المترتبة على هذه الصراعات هي المزيد من إراقة الدماء، وترسيخ الانقسامات العرقية والطائفية والأيديولوجية، والمزيد من المواجهات والاقتتال بين أفراد الشعب الواحد. فمثلاً تشهد مصر ظاهرياً صراعاً عنيفاً بين الأحزاب الدينية والأحزاب العلمانية بشكل عام، ومنذ الإطاحة بالدكتاتور مبارك يقتل أفراد الشعب نفسهم كل يومٍ وخاصة مع وصول الاستقطاب إلى أعلى درجاته منذراً بمرحلة صعبة على جمهورية مصر. وفي سوريا تحولت الثورة إلى صراعٍ طائفيٍ بامتياز، فالمجازر التي ارتكبت طائفياً وترتكب خير دليلٍ على ذلك، ولا يمكننا نسيان تأثير الأزمة في سوريا على لبنان أيضاً، وتونس تشهد صراعاً أيديولوجياً شبيه بما يحدث في مصر، واليمن والعراق الخ.
هذا الظاهر ونتائجه لكن هناك خيوط خفية تلعب في الظلام لتعميق هذه الانقسامات والصراعات الأفقية بين أفراد الشعب، وكنتيجة لهذا الاقتتال الأفقي الذي تتنوع أشكاله من طائفي إلى أيديولوجي الخ، يموت العشرات بل المئات من الطبقة الفقيرة بالدرجة الأولى دفاعاً عن مصالح قياداتهم الطائفية أو الحزبية بعد الخطابات الدينية، والطائفية الرنانة، لكن الضحايا لا يدركون لماذا هم يموتون ومن أجل من؟. فمن الملاحظ أن الطبقة الفقيرة المضطهدة هم الذين ينشطون وينزلون إلى الشوارع، ويملأون الميادين، وهم الذين يموتون ويقتلون ويسحلون، لكن في النهاية هم الذين يزدادون فقراً وظلماً واضطهاداً. والمستفيد الأول والأخير من هذه الصراعات الأفقية والتضحيات التي يقدمها الفقراء من كل الأطراف هم الطبقة البرجوازية من كل الأطراف أيضاً؛ فهذه القيادات هي المعنية بتكريس الصراعات الأفقية لكي يأمنوا عدم تحول الصراع إلى صراع عامودي، على الأقل في المرحلة القادمة وبالتالي الحفاظ على امتيازاتهم.
فالمال لا دين له ولا أيديولوجية ولا طائفة، كل القيادات البرجوازية لها هدف واحد وهو الحفاظ على النظام القائم وزيادة امتيازاتهم وأموالهم على حساب الطبقة الفقيرة مادياً وحتى ثقافياً لذلك يسهل السيطرة عليه وتوجيهها في المسار غير الصحيح. وبالتالي فجُل عمل هذه القيادات هو إلقاء الخطب العاطفية بامتياز وبالتالي الحفاظ على هذه الانقسامات بين أفراد الطبقة التي إذا توحدت وأدركت مصالحها سوف تهدد امتيازات الطبقة البرجوازية. لذلك، الصراع يجب أن يكون بين الفقير والغني، بين من يملك ومن لا يملك، بين القامع والمقموع، لأن الغني والذي يملك والقامع بمختلف دياناتهم وأعراقهم وأيديولوجيتهم هم طبقة واحدة لها نفس المصالح التي تقوم على أساس قمع الطبقة الفقيرة، وبالتأكيد بعد إثارة النزاعات بين أفراد هذه الطبقة، يتقابلون ليشربوا نخب الأمان على ممتلكاتهم.