لقد قتلته يا سيد صحبى عتيق ، لقد قتلته.


أحمد الحباسى
2013 / 7 / 26 - 12:53     

لقد قتلته يا سيد صحبي عتيق ،لقد قتلته.
صراحة ، لا أدرى من أين أبدأ ، و ماذا سأقول ، و لكن ما أعلمه أنه لا جدوى مع حركة النهضة في أي حديث ، أو مناقشة ، أو حجة و احتجاج ، فالجماعة لا تكترث إطلاقا بما يدور في الشارع ، و لا يهمها مصير البلد ، و حكمها في البلد القصد منه هو حماية مصالح أفرادها على حساب مصالح الثورة و الأغلبية .
ما يؤلمني حقا أن الثورة قد جاءت بمثل هذه المجموعة الظلامية التي تفكر بحساب المصلحة و ليس بحساب الدولة ، و ما يزعجني حقا أن السيد راشد الغنوشى لا يختلف في توجهاته الفكرية عن كبار زعماء الفاشية و التشدد في العالم ، و ما يرهبني أن هناك إحساس لدى المواطن العادي بضرورة مغادرة هذا الوطن ، و في أحسن الحالات بأن هذا الوطن لم يعد وطنا للجميع ، و أتساءل رغم ذلك ، لماذا تصر حركة النهضة التي استولت على الحكم بالخديعة الأخلاقية بعدما قدمت نفسها للمواطن و في الانتخـابات على أنها حامية للأخلاق و الفضيلة و تبين أن ذلك مجرد "وجه السوق "، على القتل و الإرهاب و الخطاب الديني المتشدد المنفر من الدين و من الشريعة ، و لماذا تصر إلحاحا على وضع تونس على كف عفريت وعلى شفا حفرة من الفتنة و الحرب الأهلية .
الخطاب " الديني لحركة النهضة و من والاها من لصوص الدين ، هذا إذا كان لها خطاب من الأصل ، هو مزيج عجيب من الهيروين و الكوكايين السلفي الفاسد ، و هو جرعات زائدة من البانغو و الحشيش ، لذلك ترى حشاشين النهضة في الحكم و في المساجد و الساحات العامة "مزطولون" بالحشيشة التي يسميها بعضهم الدعوة إلى تطبيق الشريعة ، مغالون في فهم الدين و المقاصد الدينية ، مرتبكون أمام من يناقشهم بالحجة ، "فارغون" عندما يقفون في امتحان الحقيقة و الحجة ، لذلك عمت ثقافة الموت و الترويع منذ صعود حركة الحشاشين إلى الحكم و صار القتل شيئا من المعتاد ، و صار سيلان الدماء البريئة جزء من خطة التمكين التي تحدث عنها الشيخ راشد الغنوشى في ذلك الفيديو المسرب و الذي يمثل في حقيقة الواقع خارطة الطريق للإخوان.
لقد خرج الشعب المصري يوم 30 جوان 2013 على الإخوان ، ليس انقلابا على الشرعية ، كما يسوق السيد راشد الغنوشى ، و من يرضى منا بالانقلاب على الشرعية لا سمح الله ؟ ، لكن لان الرئيس مرسى قد خان العهد و باع الشعب برنامجا انتخابيا مغشوشا أهم فقراته تقول أنه رئيس كل المصريين ، فظهر معاينة أنه رئيس فريق سياسي لا غير ، و من يعلمون القانون يدركون أنه هناك مجال لفسخ العقد إذا كان المبيع مغشوشا ، و ما حصل هو فسخ عقد ، فكما انتخب الشارع الرئيس ، أسقط نفس الشارع الرئيس ، و لان الإخوان مخادعون لؤم ، فقد أصروا على أن يتناول الشعب المصري " الأونطة" و يقبل بالبيع المغشوش ، و أن يتنازل كرها على حقه في فسخ العقد و في استرجاع سلطة الشعب.
بطبيعة الحال ، السيد حمادي الجبالى كان يبيع الشعب التونسي " الاونطة" يعنى الأوهام بالتونسي ، و كان يدير الحكم لصالح الجماعة ، و كان يدرك ، مع أنه لا يترك صلاة و لا نافلة من النوافل ، أنه خارج عن سياق الثورة ، بل لنقلها بكامل الصراحة ، لقد كان السيد الجبالى عالما من البداية إلى النهاية أنه يبيع الشعب بضاعة مغشوشة ، و أن ما حصل من انتهاكات لحقوق الإنسان و من جريمة اغتيال سياسي في عهده قد كان أمرا منتظرا نتيجة هذه السياسة المشبوهة التي تقدم مصلحة "الإخوان" على مصلحة الوطن ، و السيد حمادي في نهاية الأمر هو وليد قانون السمع و الطاعة الذي لا نرى له مثيلا إلا في قوانين المافيا ، و من يكون عقله مكبلا بهكذا قانون لا يمكن أن يكون رجل دولة ، لذلك خرج السيد حمادي الجبالى يجر أذيال العار و المسؤولية الأخلاقية و السياسية عن عدم حماية الشهيدان لطفي نقض و شكري بلعيد و عدم محاسبة القتلة و المخططين لعملية القتل على طريقة المافيا ، و بين قانون السمع و الطاعة المافيوزى و بين طريقة القتل على طريقة المافيا شواهد على هوية مقاول القتل.
السيد على لعريض لا يمكن أن يختلف كثيرا عن السيد الجبالى ، فالقالب الفكري واحد، قانون السمع و الطاعة واحد ، الحزب واحد ، و أسلوب إدارة الحكم و الحكومة واحد ، لذا جاء اغتيال الشهيد البراهمى في نفس مسار الأحداث و أسلوب الحكم و المحاصة و التفكير السياسي الحزبي الأناني الضيق ، و السيد على العريض ، السجين السابق ، الذي خرج للحكم بضغائن لا مسؤولية للشعب في حصولها ، كان مراده الانتقام و إعطاء حقوق الشعب إلى مجموعة حزب النهضة ، نفس ما فعل بن على عندما أعطى تونس إلى "العائلة" ، ولان الجماعة لا تريد لهذا الشعب أن يستقر ، فلم يكفها الاستيلاء على مفاصل السلطة و هدر الطاقات الاقتصادية فقد توجها شيطانها السياسي إلى إسكات الأفواه التي تمثل حرجا و تدق نواقيس الخطر لهذا الشعب ، و كان من الطبيعي أن " يقتل " السيد الصحبى عتيق الشهيد محمد البراهمى.
نعم كان خطاب السيد الصحبى عتيق في شارع بورقيبة واضحا لا لبس فيه ، بل كان الخطاب الأوضح في تاريخ حركة النهضة ، الأوضح لأنه موجه هذه المرة لكامل الشعب التونسي باستثناء " الزملاء" في الحركة الحاكمة ، الأوضح لأنه أمر عمليات لكل جماعات ما يسمى بحماية الثورة التي أثبتت أنها لا تقل خطرا على الشعب من اليد الحمراء التي اغتالت المناضل فرحات حشاد ، الأوضح لأنه يلخص فكر الحزب الحاكم ، الأوضح لأنه على لسان رئيس كتلة نيابية في المجلس التأسيسي من نائب يزعم تمثيله لكل شرائح الشعب دون استثناء، الأوضح لأنه جاء على لسان عضو في مجلس يعتقد الجميع أنه مجرد بؤرة لتمرير مشروع الإخوان القروسطى.
"أقتلوهم " ..." اسحلوهم " ...دوسوهم بالجزم " ...هذا هو البرنامج " الانتخابي" لحركة النهضة ، خلافه لا شيء ، صحراء اقتصادية ، ثقافية ، دينية قاحلة ، التمكين ثم التمكين هذا هم البرنامج الحقيقى لحركة النهضة ، خلافه لا شيء ، صحراء ، ولان الحركة ليس لها مشروع لتونس و إنما مشروع للإخوان المصريين ، فقد كان لزاما أن تستشعر الخطر مما حصل في مصر ، لذلك جاء الرد القوى سريعا ، واضحا ، مزلزلا ، إعطاء الأمر السياسي بقتل الشهيد محمد البراهمى ، قتلوه لأنه ضمير حي من هذا الشعب ، قتلوه لأنهم أغبياء ، قتلوه لأنهم يكرهون كافة الشعب التونسي ، قتلوه لأنهم شعروا بأن هذا الشعب قد استفاق من غفوته ، قتلوه لأنهم قتلة ، لان تاريخهم قاتل و مقتول ، لان الإخوان لا يعرفون حوارا إلا بلغة الرصاص ، قتلوه لأنهم يحملون كأس الغدر ، قتلوه في شهر رمضان لأنهم ليسوا إخوانا ، و لا مسلمين ، قتلوه أمام أبناءه لأنهم أيتام فكر و شهامة ...قتلوه.