النضال بمقابل!، حول تقاعد -الأنصار الشيوعيين- في العراق


رزكار عقراوي
2013 / 7 / 25 - 23:21     

اشكر كل من طرح وشارك في الحوار حول موضوع تقاعد - الأنصار الشيوعيين - على الفيسبوك، واعتقد انه كان للجميع حرص وتقدير كبير لدور ومكانة ونضال الحزب الشيوعي العراقي، وحركة الأنصار الشيوعيين في العراق احد المع وأروع تجارب النضال الشيوعي في تاريخ العراق الحديث، ولأهمية الحوار رأيت من المناسب أن اكتب بعض الملاحظات القصيرة حول الموضوع.

- نضالنا اليساري والشيوعي ليس بمقابل، ولا يشترى بالمال، و اعتقد انه من الخطأ والمعيب المطالبة بثمن مقابل البقاء في السجون، التعذيب، العمل السري، الكفاح المسلح، النفي..... الخ من إشكال النضال الثوري وتبعاته، في حين يعيش أكثر من ربع سكان العراق تحت مستوى خط الفقر الآن، ولا يجب ان نعمل من اجل او نوافق على أن تكون لقيادات وأعضاء أحزابنا اليسارية امتيازات خاصة مهما كان حجمها ونوعها ومن أي جهة كانت، لابد ان تكون مرتبطة بنضالنا اليومي العام لتحقيق الضمان الاقتصادي والاجتماعي للجميع في المجتمع وخاصة للفئات الكادحة، كجزء من نضالنا العام من اجل الحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية في العراق.

- ليس لي أي إشكال أن يستلم الأنصار الشيوعيين المحتاجين والمتواجدين داخل العراق التعويض او الرواتب التقاعدية ، إذا كانت جزءا من منظومة اقتصادية-اجتماعية شاملة تتحملها وتديرها الدولة لتعويض وضمان معيشة كافة المتضررين من النظام البعثي وجرائمه، الاحتلال والعنف والإرهاب والحرب الطائفية والقومية، العاطلين عن العمل،المفصولين، العجزة والمعوقين، الأرامل ...... الخ ولابد أن تكون شفافة وعادلة ولا تستغل سياسيا وحتى تنظيميا داخل الأحزاب، و يشمل ذلك جميع ساكني العراق بغض النظر عن الانتماء السياسي أو التنظيمي أو المنحدر القومي والديني، واعتقد ان العمل من اجل تحقيق ذلك يجب ان يكون احد أهدافنا الرئيسية حيث ان ذلك ضروري جدا في دولة تعتبر من احد أغنى الدول النفطية في المنطقة.

- بعد سقوط النظام البعثي الفاشي ساد حكم الميلشيات الحزبية في العراق، وادامة للسياسات الفاسدة للنظام السابق قامت تلك الميليشيات بنهب المال العام بشكل فج وكبير جدا ومنحوا امتيازات هائلة لقياداتهم واعضائهم والمواليين والمقربين منهم بحجة مشاركتهم في النضال ضد النظام البعثي، واصبح العراق احد اكثر دول العالم فسادا حسب تقارير المنظمات الدولية، وذلك امر مدان منا كشيوعيين ولابد ان نقف ونناضل ضد ذلك. اعلم ان الرواتب التقاعدية الممنوحة للانصار الشيوعيين قليلة جدا ولاتقارن باي شكل من الاشكال برواتب متقاعدي الاحزاب الدينية والقومية الحاكمة، ولكن في كل الاحوال امر غير صحيح وهو برأي تجاوز على دولة المواطنة والقانون والمؤسسات والمساواة التى ننادي بها وفق مفهوم الحقوق لابد ان تكون للجميع.

- اعتقد أن قبول استلام رواتب التقاعدية للأنصار الشيوعيين مهما كان حجمها، والامتيازات الأخرى على صعيد الأحزاب والأشخاص، وخاصة المدفوعة من - حكومة! - الحزبين الكرديين* كان أمرا خاطئا و أثر بشكل سلبي على نشاط جزء كبير من التيار اليساري والديمقراطي في العراق وموقفه من هذا الحزبين وحكمهم المستبد والفاسد، والذين استخدموا - المال السياسي المنهوب من أموال الدولة - لشراء الولاءات الحزبية والسياسية والشخصية وبأشكال ونسب وطرق مختلفة، أسوة بحلفائهم الطبقيين من الأحزاب الإسلامية والقومية الفاسدة الحاكمة والمتنفذة في وسط وجنوب العراق.

- بعد الانتهاء الفعلي لحركة الانصار الشيوعيين العراقيين في نهاية ثمانينات القرن المنصرم، اضطر الكثير منهم الى طلب اللجوء في الدول الغربية بعد ان سدت كل منافذ العيش الكريم بوجهم في العراق ودول الجوار، اعتقد ان استلام هؤلاء الرفيقات والرفاق المتواجدين خارج العراق للرواتب التقاعدية امر خاطيء ، حيث توفر دول اللجوء انظمة ضمان اجتماعي-اقتصادي وظروف عيش مناسبة نسبية مقارنة بساكني العراق وخاصة العمال والكادحين، ومن الممكن ان معظمهم لايبلغ الدوائر الضربيبة في البلد المتواجد فيه ب- راتبه التقاعدي من العراق - وبالتالي التجاوز القانوني على انظمة الرفاه والضمان التي ناضل العمال واليساريين في تلك البلدان من اجل ارسائها وتطويرها لحماية الفئات الكادحة في مجتماعاتهم.

- وهنا لابد ان أشير إلى مواقف القديرة للكثير من رفاق ورفيقات اليسار التونسي الذين رفضوا استلام أي رواتب او تعويض مادي مقابل فترة السجون، الاعتقالات، التعذيب، المطاردة.... الخ في عهد نظام بن علي البائد، ومن أبرزهم الرفيق العزيز حمه الهمامي سكرتير الحزب العمالي الشيوعي التونسي، ويمكن الاطلاع على موقفه الرائع من خلال الفلمين أدناه:

https://www.facebook.com/video/video.php?v=354924377900692

https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=200568400062586&id=194252783938598

- الاختلاف في هذه القضية هو موقف سياسي يقبل الخطأ والصواب، ولا يقلل بأي شكل من الإشكال من مكانة ونزاهة وتضحيات النصيرات و الأنصار الشيوعيين، الذي أعطوا مثلا ثوريا رائعا في النضال الدءوب والمتفاني ضد اعتى وأشرس نظام دكتاتوري فاشي حكم في العراق، ويشرفني بكل صدق اني كنت احد العاملين معها من خلال نشاطي في تنظيمات الحزب الشيوعي العراقي في الداخل ( 1983 -1989 ) حيث دعمنا حركة الانصار بشكل متواصل بالاخبار والمعلومات، الاسلحة والتجهيزات، الادوية، المستمسكات، تسهيل الحركة داخل المدن واخراج الرفاق المهددين الى المناطق المحررة..... الخ، وكانت لي زيارات متواصلة الى المقرات العسكرية للانصار بشكل سري للالتقاء بالرفاق المشرفيين على التنظيمات الحزبية، وفي انتفاضة 1991 كنت المسوؤل العسكري لمنظمة التيار الشيوعي في منطقة اربيل، المجد والخلود لشهداء الحركة الشيوعية في العراق وفي مقدمتهم شهداء الأنصار الشيوعيين.
سيبقى الشيوعيون والتقدميون بمختلف فصائلهم الأمل الإنساني المشرق، في ظل الدمار والعنف والفساد والاستبداد السائد في العراق والذي يديمه نظام المحاصصة القومية والدينية السيئ الصيت.


************************************
* الحزب الكرديين هما الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني