العروبة هي الحل


جورج حزبون
2013 / 7 / 16 - 01:45     

يوم 14/7/1789 كان ماركيز دي ساد في الباستيل ، وبعد ان حررته الثورة واصبح عضواً في الجمعية الوطنية الفرنسية كتب عريضة للجميعة بعد الثورة بها فقرة تقول : نقترح الغاء المسيحية واحلال عبادة العقل والفضيلة في الكنائس .... ا الطغيان والخرافة ترعرعا في مهد واحد، فهما معاً بنات التعصب واستفاد منها مخلوقات تسمى القسيس والملك .. وكان لا بد ان يحمي احدهما الاخر .
يعيد في التاريخ هذا القول ولكنه لا زال مفهومه قائماً ، وقد نذكر ذلك بمناسبة ذكرى الثورة الفرنسية ، التي هي من رفع شعارات لا زالت مهمة واساسية حتى اليوم اهمها ( المواطنة ) فكان الثوار يتخاطبون بكلمة المواطن ، وتلك الثورة العظيمة في التاريخ كان اول من اقام حدود وكيانات الدولة الوطنية ،في اوروبا ومن بعد اخذها العالم .
والعبرة ليست ابداً في الشعار بقدر ما هو في تطبيقه ، فالمواطنة تغيب اليوم في عالمنا العربي ، وينفجر هذا العالم باحثاً عن هوية بشتى السبل والمعاير ، خاصة حين يلعب الدين دوراً محورياً في ترتيب الدولة وحكمها ، ويلغي الاخر مع الغاء حرية الفكر والتعبير ابتدأ ، ولاجراء مقارنة حول ما قاله المركيز الفرنسي وما كتبه المفكر الاسلاموي العصبوي الذي تستند الحركات الفاشية الى رأيه ، يقول سيد قطب في كتابه معالم على الطريق صفحة 145 يعرف فيها الوطن : دار تحكمها عقيدة ومنهاج حياة وشريعة الله .... هذا هو معنى الوطن اللائق بالانسان و الجنسية هي العقيدة .....
وهنا تضيع المواطنة وتنعدم المساواة وتلغى حرية الفكر ، ويستمر التخلف بهذا المفهوم العقيدي الضيق ، في حين وجد الفرنسيون ان ( المساواة و الاخوة ، والحرية ) اقانيم حتمية لوحدة المجتمع ، وتستطيع الحكم على التجربتين في الواقع الراهن ، حيث تم تدمير الاوطان العربية، تحت مفاهيم تفسيرية او اجتهادية لعصبوين مازومين ، وينتشر الفكر التكفيري والارهاب باشكاله المتعددة ، وتضيع بين تلك الرؤى الماضوية ، العدالة الاجتماعية وحرية الفكر ، والاخطر ، تبدد الاوطان ، وتنهض الفئات الاثنية التي عاشت عربية وناضلت عربياً ، ولكنها اكتشفت انها تشترك في ازمة قد تضيع فيها معها قيمتها وتراثها ، وهكذا تحرك الكرد ، والامازيغ ، والشيعة والسنة وغيرها.
لا يجوز اعتبار الاسلام كدين ، مسؤولاً عن هذا التردي والانحطاط حضارياً واخلاقياً ، لكن استخدام الدين كمظلة بتفسير ايدلوجي ممول من جهات اجنبية طامعة ، وجهات عربية اسلامية طامحة ، وهادفة الى المحافظة على كيانها ، جعل الدين مجرد وثيقة يجري تفسيرها حسب المقام والمرحلة والغاية ، حتى اصبح الاسلام خلال تلك المفاهيم ، خارج المفهوم العروبي ، واحياناً رافضاً لوحدة عربية ظل الاسلام قاعدتها ، باعتباره حامل وحافظ لغتها ، وصانع تاريخ هذه الامة ، ومشكل حضارتها ، وهناك ابحاث عميقة لهذه المفاهيم استطاع الشيخ المستنير محمد عبده التقاطها، لكنه لم يفلح بقدر ما واجه من صعوبات وعدوانيات من القابضين على السلطة ،واجهضت حركته مبكرا ، وابطال الحركة القومية العربية التي واجهت عملية ( التتريك ) ونظمت مقاومة للاستعمار ، كلها جلعت من الاسلام سند لها في دعم خطاها ، واستطاع هذا الفهم ان يكون مجتمعاً عروبياً بضم المسلم والمسيحي والكردي وكافة التعبيرات الدينية الاثنينة في الوطن العربي خاصة حين كان الجامع بين الجميع هو المواطنة ، وان العروبة هي عنوان وحدة الدولة العربية من المحيط الى الخليج .
ولقد اطلقت التحركات الشعبية الغير المسبوقة في مصر ، اشارة مضيئة عنوانها البدء في تصحيح المسار نحو عملية انهاض ديمقراطي لامة عربية موحدة تضم اديان ومذاهب تتعايش ضمن مفهوم المواطنة والحرية ، وليس فشل اخوان مصر الا تعبيراً عن حتمية فشل كل محاولات التِعارض مع مسيرة الحضارة والتقدم البشري ، وان لا مكان لهذا الاستعلاء الديني والعصبوي ، في مسيرة مستمرة بالصعود ، ويحاول هؤلاء الاسلاموين تعطليها بغيبيات عقيمة مذهلة مثل قول المعتصمون في ( ساحة رابعة العدوية ) بمصر انه جائهم جبريل من عند الله ليطمئنهم ويصلي معهم !!!
عن اي مجتمع هؤلاء الاميون يتحدثون وعن اية حقوق مجتمعين يفهمون ومع ذلك تظل هناك مخاطر جديدة ، حيث مجرد تقدم السعودية صاحبة المذهب الوهابي لدعم الحراك المعادي للاخوان، فانهم يحضرون لاحتواء جديد ، بسلفية وهابية مدعومة من اميركا وحلفائها بما فيهم اسرائيل ، طالما هي عملياً خطوة لاحداث غيبوبة فكرية واجتماعية عربية جديدة واهدار لطاقات شبابية عروبية اصبحت تدرك ان المرحلة البديلة للعودة نحو استكمال درب الحرية والاستقلال والتقدم الاجتماعي والاقتصادي يكون عبر احياء مسيرة القومية العربية فقط ، وهي شعار وايقونة المرحلة / العروبة هي الحل / .