تحالفاتهم وتحالفاتنا


التضامن من اجل بديل اشتراكي
2013 / 7 / 5 - 17:36     

من الكتلة الديمقراطية
مع بداية عقد 90 من القرن الماضي اشتدت الازمة الاقتصادية والاجتماعية نتيجة 10 سنوات من مخططات التقشف والتقويم الهيكلي،وعرفت الساحة الاجتماعية نهوضا عماليا وشعبيا توجته الجماهير الشعبية بانتفاضة 14دجنبر 1990على اثر دعوة ك.د.ش إلى إضراب عام.
في ظل هذا المناخ الشعبي المنفجر اجتمعت أحزاب المعارضة البرلمانية ( الاستقلال والاتحادين الاشتراكي والوطني للقوات الشعبية والتقدم والاشتراكية ومنظمة العمل الديمقراطي )واتفقت على تأسيس تحالف سياسي أطلقت عليه اسم "الكتلة الديمقراطية". طالبت "الكتلة" من خلال "مذكرة مطلبية" رفعتها إلى الملك، بتوسيع صلاحيات البرلمان وتعزيز اختصاصات الحكومة ومنح الوزير الأول حق اقتراح وزراء حكومته وفصل السلط واطلاق سراح المعتقلين السياسيين لتوفير مناخ سياسي لاجراء الانتخابات.
وعلى الرغم من كون هذه المطالب لا تمس جوهر النظام السياسي ولا تطعن في سلطات الملك المطلقة ولا تغير من شروط عمل وعيش الطبقات الشعبية، فقد توهم كثير من الديمقراطيين وجمهور واسع من المواطنين، بان تكتل أحزاب المعارضة البرلمانية هو مؤشر على استعادة هذه الأحزاب لإرادة الاصلاح بعد عقدين من المعارضة الشكلية في البرلمان.
لم يدم هذا الوهم طويلا، اذ بعد "مفاوضات سرية" مع الديوان الملكي تنصلت "الكتلة الديمقراطية" من مطالبها "الإصلاحية" و ضربت عرض الحائط بنود ميثاقها التأسيسي، وقبلت المشاركة في حكومة الملك يدا في يد مع إدريس البصري الذي ذبح الشباب المنتفض في فاس وطنجة والشمال يوم 14 دجنبر.
تخلت الكتلة عن كل شروطها وقبلت المشاركة في الحكومة دون شروط .
لم يكن ادن هدف تكتل أحزاب المعارضة البرلمانية هو تشكيل قوة سياسية لتعديل موازين القوى من اجل انتزاع إصلاحات سياسية واجتماعية ديمقراطية لصالح الشعب، بل كان الهدف هو إقناع النظام بقدرتها على تشكيل قطب سياسي قادر على احتواء النضالات الشعبية وتوفير شروط سياسية ملائمة لتمرير المخططات الاقتصادية الاستعمارية (الخوصصة وفتح السوق) وتسريع وثيرة الإصلاحات الاجتماعية الليبرالية اللاشعبية (تفكيك الخدمات العمومية والحماية الاجتماعية وقانون الشغل) استجابة لمطالب المستثمرين الاجانب.
هل يمكن أن يجادل احد اليوم في حصيلة حكومة التناوب: منح شرعية سياسية لاستمرار توريث الحكم وتوفير سلم اجتماعي لتطبيق مخططات اقتصادية استعمارية (الخوصصة والتبادل الحر) وسياسات اجتماعية لاشعبية (تفكيك قانون الشغل والخدمات العمومية والحماية الاجتماعية ).
إن الفائدة الوحيدة لتجربة التناوب هو توضيح طبيعة تحالفات الأحزاب البرلمانية: تحالفات ظاهرها ديمقراطي وباطنها رجعي.
إلى تحالف اليسار الديمقراطي
لقد ترتب عن موت "الكتلة الديمقراطية" وتحول أحزابها إلى أحزاب حكومية، فراغا سياسيا على مستوى المعارضة داخل المؤسسات التمثيلية المزيفة. لملئ هذا الفراغ ستعمل الأحزاب المنحذرة من تفكك أحزاب المعارضة البرلمانية (المؤتمر الوطني الاتحادي،الحزب الاشتراكي الموحد) على تشكيل تحالف سياسي جديد مع كل من حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي والنهج الديمقراطي، أطلقوا عليه اسم "تجمع اليسار الديمقراطي".
صادق التجمع على برنامج سياسي للنضال من اجل الإصلاح السياسي والاجتماعي، واعتقد البعض بان "التجمع الديمقراطي" سيكون بديلا عن "الكتلة الديمقراطية". لكن هذا الأمل بدوره سيتبخر سريعا. فعشية انتخابات 2007 تملصت الأحزاب الانتخابية من التجمع وبرنامجه السياسي( تماما كما تملصت قبلها أحزاب المعارضة البرلمانية من الكتلة الديمقراطية وميثاقها السياسي) لتؤسس تحالفا انتخابيا أطلقت عليه اسم "تحالف اليسار الديمقراطي". ولد هذا التحالف ميتا وفاقدا للمصداقية باعتباره ليس أكثر من نسخة مطابقة لتجربة الكتلة الفاشلة.
مأزق تشكيل تحالف انتخابي جديد
شكلت انتخابات 2007 منعطفا سياسيا حاسما بالمغرب: مقاطعة شعبية واسعة للانتخابات أطلقت رصاصة الرحمة على المسلسل الانتخابي ليلفظ أنفاسه الأخيرة.
لكن بدل الاستجابة لطموح و إرادة الأغلبية الشعبية الساحقة في التغيير الديمقراطي، فسرت كل من أحزاب اليسار الحكومي والبرلماني إخفاقها في كسب تقه المواطنين بانقسامها وتنافسها.
ولتلبية أطماعها الانتخابية اقتنعت هذه الأحزاب الانتخابية(الاتحاد،التقدم،الموحد،الطليعة،العمالي،جبهة القوى والاشتراكي) بضرورة تشكيل تحالف انتخابي لزيادة حصيصها من المقاعد او على الأقل الحفاظ على وجودها داخل المؤسسات.
وهناك عاملان يرجحان احتمال قيام تحالف انتخابي بين اليسار الحكومي والبرلماني : عامل موضوعي، يتمثل في تخلي النظام عن خدمات أحزاب "الكتلة الديمقراطية"، بعد تشكيل المخزن الجديد لحزبه السياسي المستقل. وهناك عامل ذاتي يتمثل في التكيف السياسي السريع لأحزاب "تحالف اليسار الديمقراطي" مع .
لكن رغم توفر هذه الشروط الموضوعية والذاتية وبروز عدة مؤشرات على التقارب السياسي بين اليسار الحكومي والبرلماني، فانه من السابق لأوانه توقع ما سيسفر عنه هذا المخاض السياسي الجديد: كتلة إصلاحية جديدة أم تنسيق لتدبير ازمة الأحزاب الانتخابية؟
في كل الأحوال،وكيفما كانت نتيجة هذا المخاض، ليس لدى الأحزاب الانتخابية ما تسوقه غير الأوهام.
فماذا يمكن ان تنتظره الشغيلة وصغار الموظفين من تحالفات وتنسيقات الأحزاب الانتخابية، غير الركوب على نضالاتها واستخدام تنظيماتها مطية لتحقيق أهدافها الانتخابية. وما عسى العاطلين والطلبة والتلاميذ انتظاره من هذه الأحزاب غير توظيفهم في حملات الدعاية الانتخابية، وهل للنساء العاملات وربات البيوت ما ينتظرنه من هذه الأحزاب غير استثمار أصواتهن لربح مقاعد في البرلمان والمجالس البلدية والقروية.
لكن هل يكفي الوعي بطبيعة الأحزاب الانتخابية وإدراك مقاصد تحالفاتها عشية كل محطة انتخابية لتحصين الجماهير الشعبية ونضالاتها وتنظيماتها من الاستخدام الانتهازي ومبادلتها في السوق الانتخابية؟ هل يكفي مقاطعة الانتخابات ورفض الأحزاب الانتخابية وتحالفاتها؟
بالتأكيد لا، فالوعي لا يكتمل إلا بتشكله في قوة سياسية. لهذا فان مهمة المناضلين الواعين بضرورة التغيير، هو الانخراط في بناء أدوات التغيير، بدءا من تشكيل تيارات مناضلة في صفوف الشغيلة والشباب والنساء، في النقابات والجمعيات والأحياء الشعبية من اجل تشكيل تحالف سياسي بديل عن تحالف الأحزاب الانتخابية.
آفاق بناء تحالف يساري مناضل
بعد تجميدها لتجمع اليسار الديمقراطي وتأسيسها لتحالف اليسار الديمقراطي،شرع كل من النهج الديمقراطي والتضامن من اجل بديل اشتراكي والخيار الديمقراطي القاعدي في تشكيل الحلقات الأولى لبناء تحالف القوى المناضلة كبديل لتحالفات القوى الانتخابية. ويوم 4 دجنبر2010 وبمبادرة من تيار النهج الديمقراطية وحركة التضامن من اجل بديل اشتراكي التفت قوى اليسار المناضل في ندوة وطنية بالدار البيضاء لتوسيع تحالف اليسار الجذري و إعطائه الامتداد الوطني والعمق الشعبي.
وعيا منا بمخاطر الطريق المسدود الذي يقود إليه النهج الانتخابي والإحباط السياسي الذي يتسبب فيه فشل التحالفات الانتخابية، نتوجه إلى المناضلين المخلصين لقضايا الجماهير، في النقابات والجمعيات، منظمين وغير منظمين، للاصطفاف إلى جانب اليسار الجذري والانخراط في مبادراته النضالية وتعزيز قواه داخل المنظمات الجماهيرية من اجل توفير شروط تشكيل قطب يساري مناضل.
يدا في يد ، تيارات ومجموعات وفعاليات، من اجل تنظيم المعارك وتوحيدها طريقنا الوحيد لبناء كتلة ديمقراطية شعبية، قولا وفعلا، قادرة معارضة:
1 – الاستبداد السياسي بكل مستوياته الوطنية والمحلية ومؤسساته البرلمانية والبلدية
2 – الرأسمالية بكل أشكالها وسياساتها الاقتصادية والاجتماعية
3 – الرجعية والشوفينية بجميع ألوانها الدينية والقومية والوطنية و الاثنية
4 - البيروقراطية بكل أشكال وصايتها وتسلطها
5 – التمييز بجميع مظاهره الجنسي والعرقي والثقافي.