مهام اليسار الجذري في الفترة المباشرة


التضامن من اجل بديل اشتراكي
2013 / 7 / 7 - 14:46     

لقد استنفدت حركة 20 فبراير مرحلتها الأولى، لكن الانتقال إلى مرحلة جديدة وبنفس جديد، غير ممكن دون الوقوف على العوامل الموضوعية والذاتية التي تحد من تطور واتساع وتجدر الحركة. ولأننا لا نزعم امتلاك كل الأجوبة عن الإشكالات المرتبطة بإحداث نقلة نوعية في مسار الحركة في المرحلة القادمة، فنحن نراهن على المشاركة الجماعية والمسؤولة لكل قوى اليسار الجذري في بلورة هذه الأجوبة، أوالأقل التقدم بشكل جماعي في مواجهة التحديات المطروحة في المرحلة القادمة. هناك على الأقل أربعة مهام رئيسية علينا مجابهتها بروح مسؤولة وبعيدا عن الانفعالات وردود الفعل التي خلفتها المرحلة السابقة:
1- تحديد دور اليسار الجذري في المرحلة الراهنة: علينا الانطلاق من تحديد دور اليسار الجذري في النضال السياسي والاجتماعي الذي فجرته الثورات العربية. فقد كشفت تجربة حركة 20 فبراير، افتقاد اليسار الجذري لرؤية، أو على الأقل رؤية موحدة، لمهامه في هذه المرحلة، وهو ما طبع ممارسته بالعفوية وغياب أهداف واضحة، على المستوى المباشر على الأقل. وقد تولد عن ذلك ممارسة سياسية متناقضة وغير منسجمة.
ليس المهم الآن، هو تحديد من هو على صواب ومن هو على خطأ، فكل المسائل التي اصطدمنا بها، لا زالت موضوع نقاش ولا يمكن حسمها بشكل منفصل عن معطيات الممارسة نفسها، ولكن المهم هو إرساء قواعد النقاش الديمقراطي، والمهم أكثر هو الوعي بان لا مستقبل لليسار الجذري دون إرساء قاعدة سياسية موحدة لانطلاقة جديدة مختلفة عن الماضي وفي مستوى تحديات المرحلة. وتتمثل منطلقات بناء هذه القاعدة السياسية،من وجهة نظرنا، في الاتفاق حول دور اليسار الجذري في هذه المرحلة وتجسيد هذه الاتفاقات في برنامج نضالي مشترك .
2- بلورة برنامج نضالي مشترك
بغض النظر عن المكتسبات التي حققها كل تيار على حدة،لا بد من الإقرار بكون اليسار الجذري لم يبرز كقوة سياسية موحدة ووازنة، على الأقل في أعين الجماهير وخاصة الأجيال الجديدة التي انخرطت لأول مرة في المسلسل النضالي. وهذا ما يجعل كل المكتسبات التي حققها كل تيار على حدة، نسبية ودون مستوى ما كان ممكنا تحقيقه لو كان اليسار الجدري موحدا. فالجماهير الشعبية والطاقات الشابة في حاجة اليوم إلى برنامج نضالي يوحد نضالاتها ويدمج مطالبها وتطلعاتها المباشرة، أكثر من حاجتها إلى برامج ورؤى سياسية مكتملة وواضحة حول الدستور الديمقراطي والسلطة الشعبية والدولة المدنية. لا يعني هذا دعوة إلى التكيف مع الوعي السياسي البدائي للحركة الجماهيرية، بل يعني الارتكاز على أكثر القطاعات الشعبية تجربة ووعيا وتنظيما وانخراطا في النضال لربط مطالبها ونضالاتها وتطلعاتها المباشرة حول مطلب مركزي يتمحور حول: " تلبية المطالب الاجتماعية والديمقراطية" وتوضيح هذا المطلب من خلال شعارات مركزة وواضحة تتمحور حول: " التوزيع العادل للثروات لتلبية الحاجيات الاجتماعية" للتقدم نحو هدف سياسي مركزي يتمحور حول" إسقاط الحكومة المخزنية من اجل حكومة شعبية".
3- تطوير قدرات اليسار الجدري على التدخل المستقل : لقد أبانت الفترة السابقة الدور الحاسم للقدرات التنظيمية والإمكانيات المادية وأسلحة الإعلام الجديدة. فالتفوق على هذه المستويات، يشكل عنصرا حاسما في نتيجة المعارك السياسية. وسيكون من العبث الرهان على إمكانيات وقدرات المنافسين السياسيين لتطوير القدرات السياسية والتنظيمية لقوى اليسار الجذري. نعم يتوفر اليسار الجذري على حد أدنى من الإمكانيات والقدرات، السياسية والمادية والبشرية يمكن، في حال استثمارها الجيد وتدبيرها بشكل أفضل وتوجيهها لخدمة المشروع السياسي ، تحسين قدرات مجموعات اليسار الجذري على التدخل بشكل مستقل ووازن في الحركة.
4- بناء تحالف يساري مستقل: بدل تعميق الاختلافات في صفوف اليسار الجذري حول التحالفات ومسالة العلاقة مع باقي القوى السياسية، علينا محورة النقاش حول مهمة بناء تحالف اليساري الجذري. لا يعني هذا رفض أو بخس قيمة التحالفات مع باقي القوى الديمقراطية، بل يعني أن كل أشكال التحالفات الانفرادية من قبل هذا التيار اليساري أو ذاك، لا قيمة سياسية لها إذا لم تكن وازنة وفاعلة وقادرة على الحد من نفوذ الحلفاء المؤقتين وغير الموثوقين، وهذا لن يتأتى إلا ببناء تحالف يساري جذري وازن وفاعل.
تشكل هذه المقترحات وغيرها مما قد يدلي بها رفاق آخرين، موضوع ندوة وطنية يتطلب التحضير لها مشاركة جماعية لكل تيارات اليسار الجدري ويفترض نجاحها، انفتاحها على كل الطاقات المناضلة المؤمنة بتنظيم كفاح المضطهدين ضد الاستبداد والرأسمالية. هذه دعوة إلى كل تيارات اليسار الجذري لتحمل مسؤولياتها قبل فوات الأوان.