الشهيد محمد بودروة لن يموت ومعركته لن تتوقف


التضامن من اجل بديل اشتراكي
2013 / 7 / 9 - 12:40     

الشهيد محمد بودروة غير قابل للاختصار: هو المجاز من كلية الآداب والتقني المتخصص في الصناعة الكهربائية والإعلاميات. وهو العضو في أكثر من حركة ومنظمة جماهيرية، فهو عضو تنسيقية مناهضة الغلاء و الجمعية المغربية لحقوق الإنسان وشباب حركة 20 فبراير من اجل التغيير، وهو المناضل ضد البطالة في كل مجموعات المعطلين حاملي الشواهد ، وهو صاحب الشواهد العليا الذي اختار ملائمة شواهده المعطلة مع سواعد المعطلين حملة السواعد، خريجي مدارس الإقصاء ومعامل الطرد والتسريح دون شهادة أو تعويض.
غرف محمد من "الفكر الإسلامي التحرري" وتشبع بالفكر الماركسي الثوري، وامن بالثورة كسبيل لتحرر المضطهدين. لم تخدعه الدساتير الممنوحة ولم تضلله الانتخابات المزيفة ولم تدجنه الأحزاب المغشوشة، ومثله مثل آلاف الشباب الثائر، اختار محمد طريق الكفاح إلى جانب الجماهير."في كل بيت ثائر، في كل حي ومعمل عشرات الثوار، في كل حركة احتجاجية بؤرة ثورية..." عبارة تختزل مسار الرفيق الشهيد محمد بودروة الغير قابل للاختصار.
معركة الشهيد محمد بودروة غير قابلة للاختزال: شكلت الثورة التونسية "الحقيقة الغائبة" التي كان يبحث عنها الشهيد محمد بودروة، فانخرط مع ثلة من رفاقه في تنظيم أول وقفة تضامنية بالمغرب مع الثورة التونسية. ومع انطلاق حركة 20 فبراير أسس مع رفاقه ائتلاف شباب 20 فبراير من اجل التغيير. وفي معمعان المسيرات والنقاشات والتقييمات حول الحركة وآفاقها، استنتج محمد ورفاقه أن قوة النضال الشعبي لا تكمن في المسيرات، بل في القدرة على شل حركة العدو، فاستلهم محمد ورفاقه من"الحوض المنجمي التونسي" الذي أطلق شرارة الثورة التونسية، فكرة "الحوض الفوسفاطي المغربي".
انطلقت المعركة يوم 8 ابريل 2011 حيث نظم شباب حركة 20 فبراير من اجل التغيير مسيرة شعبية باسفي تحت شعار"يوم الغضب ضد القمع والبطالة". ويوم 10 ابريل تم نقل المعركة إلى الحي الصناعي حيث كانت عاملات معامل التصبير في اعتصام مفتوح ضد التسريح والإغلاق. وصباح يوم 12 ابريل توجه محمد مع مجموعة من رفاقه "حاملي السواعد" صوب معامل مجمع المكتب الشريف للفوسفاط بنية الاعتصام. في هذا اليوم سيتم تطويق المنطقة بكاملها وإغلاق كل المنافذ والطرق المؤدية إلى المعامل الكيماوية. نجحت المجموعة الأمامية في اختراق الطوق الأمني والوصول إلى باب المعامل، لكنها لم تنجح في بناء خيمة المعتصم، حيث تدخلت أجهزة القمع وتم اعتقال 13 من أعضاء هذه المجموعة.
فشلت المحاولة الأولى، لكن اليأس لم ينل من محمد ورفاقه فأعادوا المحاولة من جديد، احتلوا الميناء وتمكنوا من شل الحركة وتطويق السكة الحديدية ومنع قطارالفوسفاط من دخول الميناء . وفي خضم هذه الحركة كان الشهيد محمد بودروة يتنقل مع مجموعة من رفاقه إلى باقي المدن الفوسفاطية للتضامن مع حركة احتلال السكك الحديدية والمنشات الصناعية التابعة للمكتب الشريف للفوسفاط بباقي مدن "الحوض الفوسفاطي".
لم يكن رهان محمد ورفاقه طوباويا، بل كان رهانا يستند إلى "عزيمة من حديد" (كما كان يقول) وإيمان قوي بطاقة الجماهير وإرادة صلبة وروح قتالية عالية. ومع انطلاق الحركة الاحتجاجية في "الحوض الفوسفاطي" ازدادت عزيمة محمد ورفاقه وتصلبت إرادتهم. فالفكرة لم تعد مجرد فكرة، بل أصبحت واقعا قائما بذاته: حركات احتجاجية شعبية واحتلال للمعامل والقطارات ومواجهات مباشرة مع أجهزة القمع في كل المدن الفوسفاطية (خريبكة وبنجرير واليوسفية واسفي....).
أخمدت حركة "الحوض الفوسفاطي" بقوة الحديد والنار، لكن اليأس لم يجد طريقه إلى محمد ورفاقه. وعلى اثر الحملات القمعية والاعتقالات والمحاكمات التي طالت مناضلي الحركة الاحتجاجية بمدن الحوض الفوسفاطي، لم يكن مقبولا أن يترك محمد ورفاقه عشرات المعتقلين يطويهم النسيان خلف قضبان سجون الحوض الفوسفاطي. ويوم 3 اكتوبر2011 تمكن مع مجموعة صغيرة من رفاقه من اقتحام مقر الوكالة الوطنية للتشغيل ونصب خيمة المعتصم فوق سطح بناية الوكالة والدخول في إضراب عن الطعام تحت شعار" الشغل أو الاستشهاد". لم يكن في نيتهم الاستشهاد من اجل الشغل، لان قضية محمد ورفاقه اكبر من اختزالها في منصب وأجرة، لكن الأجهزة القمعية كعادتها كانت مستعدة للقتل، فزجت يوم 13 اكتوبر2011بحوالي 200 من عناصرها لكسر إرادة محمد ورفاقه وإجهاض معركتهم كي لا ينتقل صداها وتتحول من شرارة الى حريق، من "بؤرة" إلى عمق شعبي.
اغتالت كتائب الموت رفيقنا الشهيد محمد بودروة، توقف قلبه بعد منتصف الليل، لكن معركته- معركتنا لا زالت مستمرة حتى بزوغ الفجر، فالفجر قادم ومن يعاكس إرادة الشعب في رؤية بزوغ فجر الثورة لابد أن يرحل.