لنجعل يوم 17 أكتوبر يوما للاحتجاج ضد الفقر والجوع والبطالة والتسريح وغلاء المعيشة


التضامن من اجل بديل اشتراكي
2013 / 6 / 29 - 01:55     

تحتفل الأمم المتحدة يوم 17 أكتوبر من كل سنة باليوم العالمي للقضاء على الفقر والمجاعة. وفي سنة 1990 صادقت الأمم المتحدة على برنامج عالمي للحد من الفقر والقضاء على المجاعة. يتضمن البرنامج تحقيق 8 أهداف قبل نهاية عام 2015 : الحد من الفقر والمجاعة، توفير التعليم الابتدائي للجميع،تحقيق المساواة بين المرأة والرجل تقليص نسبة الوفيات في صفوف الأطفال والنساء، ووقف انتشار الأمراض المتنقلة وضمان ولوج ضحايا الأمراض الفتاكة إلى العلاج. إن تحقيق هده الأهداف يستحق الاحتفال، لكن عدم تحقيقها يجب أن يحول يوم 17 أكتوبر من كل سنة إلى يوم عالمي للاحتجاج ضد السياسات الرأسمالية.
ضد الفقر والبطالة و تسريح العمال وغلاء المعيشة وخوصصة الخدمات العمومية وتفكيك الحماية الاجتماعية ينخرط تيار التضامن من اجل بديل اشتراكي في اليوم الوطني الاحتجاجي تحت شعار:
"القضاء على الفقر ممكن: الشغل واستقرار العمل والتوزيع العادل هو الحل..."
حقيقة أسباب الفقر والمجاعة
ليس الفقر حالة اجتماعية وراثية أو قدرا مفروضا من قبل قوة غيبية، بل هو نتيجة لسيطرة الأقلية الرأسمالية على كل مصادر الثروة، و نتيجة لاختيارات سياسية واقتصادية هدفها تنمية الأرباح ومراكمة الثروات على حساب تلبية حاجيات الأغلبية الشعبية وتوفير الشروط الضرورية للحياة. الفقر ادن، شانه شان المجاعة والبطالة والمرض والأمية وغيره من الآفات الاجتماعية،هو نتيجة لانقسام المجتمع إلى طبقات، طبقة مالكة وطبقة معدمة، طبقة تتحكم في الثروة والسلطة وطبقة لا سلطة لها ولا تملك غيرما ينتجه عملها.
ومادام المجتمع خاضعا لمنطق العمل الربح وليس منطق تلبية الحاجيات الاجتماعية ، فستبقى فيه أقلية غنية تنعم بالرخاء والوفرة، وأغلبية معدومة مهددة دوما بالفقر والبؤس وعرضة لكل مساوئ وأمراض هدا المجتمع الطبقي. الفقر والغنى هما الوجهان المتعارضان للمجتمع الطبقي،لا يمكن القضاء على احدهما دون القضاء على المجتمع الطبقي.
لكن هل يمكن الحد من الفقر والمجاعة وتقليص نسبة الأمية والوفيات في صفوف الأطفال والنساء الحوامل وحماية البشر ضد الأمراض الفتاكة وتوفير التغذية والسكن والماء الصالح للشرب...؟
ألا يمكن لجميع الناس أن ينعموا في القرن الواحد والعشرين بالحد الأدنى من شروط الحياة؟
نعم هدا ممكن وفي المتناول، فحجم الثروات المتوفرة والقدرة الإنتاجية الهائلة والتقدم التقني والعلمي والتكنولوجي، هي في مستوى، ليس توفير الحاجيات الضرورية لكل سكان المعمور وتحرير الإنسان من اكراهات الفقر والجوع و العطالة والعمل الشاق وركوب قوارب الموت...ليس هدا فحسب، بل تامين مستقبل البشرية في حال التخلص من سيطرة الأقلية الرأسمالية وإعادة توجيه الاقتصاد صوب هدف تلبية حاجيات الإنسان وليس بهدف استغلاله.
لكن مصير شعوب العالم خاضع لسيطرة الشركات المتعددة الجنسيات ولهيمنة قوى امبريالية استعمارية ولمنطق الاستثمار في كل شيء من اجل هدف واحد هو الربح .ليس العالم ادن عاجزا عن توفير الحاجيات الضرورية لحياة الإنسان فوق سطح الأرض،بل لان المتحكمين والمسيطرين على العالم يرفضون دلك.
ومادام الأمر كذلك، فان توفير الحاجيات الاجتماعية والثقافية الضرورية،لن يكون حصيلة طبيعية للتطور التقني و التقدم العلمي، بل نتيجة تطور الوعي الشعبي باستحالة التحرر من البؤس والشقاء والحرمان، دون استبدال التملك الفردي بالتملك الاجتماعي لمصادر الثروة و استبدال التوزيع اللامتساوي بالتوزيع المتساوي للثروات واستبدال منطق الربح بمنطق تلبية حاجيات الإنسان كهدف للعمل والاستثمار والتنمية.
حصيلة البرامج الدولية للحد من الفقر والمجاعة
ها نحن على مشارف 2010 أي على بعد 20 سنة على انطلاق برنامج الأمم المتحدة للحد من الفقر والمجاعة،ولا تفصلنا سوى 5 سنوات عن الأجل الذي منحته الأمم المتحدة لدول العالم من اجل تحقيق الأهداف الاجتماعية الثمانية للألفية الثالثة... فمادا تحقق من هده الأهداف؟
لنتمعن جيدا في هده الأرقام المتضمنة في إحصائيات الأمم المتحدة نفسها ليتبين لنا رعب هدا الابارتهايد الاجتماعي الذي تقف برامج الأمم المتحدة عاجزة عن الحد منه ولو بنسبة النصف أو الثلث:
* 10 ملايين طفل يموتون سنويا جراء أمراض قابلة للعلاج.
* 500 ألف امرأة تموت سنويا جراء صعوبة الولادة.
* 5500 شخص يموتون سنويا بفعل مرض السيدا فقط
*1 مليون و700 ألف يموتون سنويا بسبب مرض السل.
* 100 مليون من السكان محرومون من الماء الصالح للشرب.
بعد الوقوف على جرائم الرأسمالية تعالوا نتفحص بعض الأرقام عن ثروات الرأسماليين:
* 170 مليار دولار يحتكرها شخص واحد في العالم من قبيل بيل غيتس وهي ثروة تساوي مجموع ثروة 1 مليار من سكان العالم القاطنين بالبلدان 37 الأكثر فقرا .
* 1 % من سكان العالم يستحوذون على 20% من الدخل الإجمالي لمجموع سكان العالم.
* 1339 مليار دولار هي نفقات العالم من الأسلحة في سنة 2007 لوحدها.
إن ثروة بيل غيتس وحدها كافية لتغطية نفقات العالم لمدة أربع سنوات من اجل القضاء على المجاعة(750 مليون دولار) وتوفير الماء الشروب (15 مليار دولار) والقضاء على سوء التغذية في صفوف الأطفال (20 مليون دولار) وتوفير التعليم الأساسي لكل اطفل العالم.
إن برامج الأمم المتحدة لا يمكنها تحقيق مطالب فقراء العالم، لا يمكنها الحد من الفقر والمجاعة لأن الأمم المتحدة لا سلطة لها على الشركات المتعددة الجنسيات اوعلى قرارات البنك العالمي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية...أي لا سلطة لها على المراكز الحقيقية المنتجة للفقر والجوع والبطالة والمرض على صعيد عالمي..
كيف يمكن لشعوب العالم أن تثق في قدرة الأمم المتحدة على انقاد 10 ملايين طفل و500 ألف امرأة و1 مليون 700 ألف من مرضى السل من الموت سنويا، وهي عاجزة، على سبيل المثال لا الحصر، عن تامين دخول الدواء والغداء والطاقة لثلاثة ملايين شخص محاصرين في قطاع غزة ؟ كيف يمكن الثقة في مزاعم الأمم المتحدة حول القضاء على الأمراض الفتاكة وهي عاجزة عن فتح تحقيق دولي عن أسباب انتشار مرض السيدا والسل؟ كيف يمكن الثقة في وعود الأمم المتحدة حول تامين ولوج جميع المرضى للعلاج وهي عاجزة عن تامين لقاح مضاد لأنفلونزا المختبرات السرية...؟
إن الحرب ضد الفقر حرب وهمية أما الحرب الحقيقية فهي الحرب الطبقية، هده هي معركة الفقراء والجياع...
حصيلة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.
ضربني وبكى ...سبقني وشكى ... يصدق هدا المثال الشعبي على الدولة المغربية ، فهو يركز بهتانها واكاديبها ويفضح تناقض سياساتها مع تلبية الحاجيات الاجتماعية الضرورية. فبعد ضرب كل الشروط الاقتصادية التي تسمح بتلبية الحاجيات الاجتماعية الأساسية للطبقات الشعبية... هاهي اليوم عاكفة على إصدار التقارير حول تدهور التنمية و تردي الحالة الاجتماعية وفشل سياسة التعليم والخصاص في السكن والمدارس والمستشفيات....إلى غيره من النتائج والأمراض التي خلفتها الحرب الاجتماعية التي شنتها الدولة تحت القيادة الميدانية للبنك العالمي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية...
فمن سياسة التقشف إلى مخططات التقويم الهيكلي ومن خوصصة المرافق والخدمات الاجتماعية إلى الزيادة في أسعار المواد الغذائية والخدمات الأساسية. ومن تقليص الميزانيات الاجتماعية إلى الزيادة في الضرائب ...حرب مستمرة على الفقراء، شعارها التنمية ومحاربة الفقر،جوهرها طحن الفقراء وهدفها تمكين الأغنياء من جني الأرباح ومراكمة الثروات.
أما الحصيلة الراهنة لهده الحرب الاجتماعية على الفقراء، فان الإحصائيات الرسمية، رغم عدم مصداقيتها، كافية لإدانة هده السياسات اللاشعبية والمطالبة بحل البرلمان الذي صادق عليها وإقالة الحكومة التي أشرفت على تطبيقها وقطع العلاقة مع المؤسسات الدولية التي أوصت بها :
* انتقال المغرب، خلال سنوات تطبيق "مبادرة التنمية البشرية"، إلى الرتبة 130 عالميا في سلم ترتيب الأمم المتحدة .وعلينا أن نتصور وفق هده الرتبة حصة المغاربة من التوزيع العالمي للفقر والأمية والمجاعة وعدد الأطفال الدين يموتون قبل إكمال 5 سنوات جراء الأمراض وسوء التغذية وعدد النساء اللواتي يفقد حياتهن بفعل ظروف الحمل والولادة وعدد السكان في القرى والأحياء الشعبية المحرومين من الماء الصالح للشرب....
* انتقال معدل حصة الأجور من الثروة من 60 إلى 40%
* 75 %من المغاربة لا يتوفرون على أية تغطية صحية.
* 80% من المغاربة لا يتوفرون على أية حماية اجتماعية.
ولا زالت حرب الحكومة المغربية على الفقراء مستمرة، فها هي تستعد من خلال قانون المالية 2010 للزيادة في الضريبة على الماء والمحروقات والغازمن 7 إلى 10% وفرض ضرائب جديدة على المواد الغذائية الأساسية (السكر) وخوصصة ما تبقى من خدمات عمومية (المكتب الوطني للكهرباء والبريد....) وتمديد سن التقاعد إلى 65 سنة ....
لا لميثاق القهر الاجتماعي
على وقع الأزمة العالمية تعمل الحكومات والدول، في تحالف وثيق مع أرباب الشركات والابناك والمؤسسات المالية، على تجديد عناوين سياستها الهجومية، مع الإبقاء على نفس الهدف: تحميل الطبقات الشعبية فاتورة الأزمة الاقتصادية .
وكعادته يستعد النظام المغربي،حامي مصالح الرأسمالية العالمية والخادم النجيب لمؤسساتها المالية والتجارية، إلى صياغة "ميثاق اجتماعي جديد" يوفر للمستثمرين الأجانب والمحليين أفضل الشروط لتحقيق الأرباح في ظروف الأزمة:
1- فتح كل المجالات الصناعية والخدماتية والفلاحية أمام غزو المستثمرين الأجانب، مع منح ضريبية وإعفاءات اجتماعية.
2- شرعنة حرية الطرد والتسريح وتشغيل العمال في ظروف هشة وربط مدة العمل والأجر بتقلبات السوق والظرفية الاقتصادية.
3- تشديد القيود القانونية على حرية التنظيم النقابي والحق في الإضراب،
4- توفير جهاز قمعي وقائي في خدمة أرباب العمل ضد احتجاجات واعتصامات العمال.
5- تدجين النقابات سياسيا بلقاح "الحوار الاجتماعي" وتكبيلها ماليا بعائدات العضوية في المؤسسات (غرفة المستشارين ) والمجالس (المجلس الاقتصادي والاجتماعي المرتقب تعيينه).
نعم لمخطط اجتماعي استعجالي
إن الحد من الفقر والمجاعة يتوقف على القطع مع السياسة الليبرالية المعادية لحقوق ومصالح الطبقات الشعبية واستبدالها بسياسة اجتماعية تلبي الحاجيات الضرورية لحياة وعيش الأغلبية الشعبية.
توفير الخدمات العمومية الضرورية
1- الشغل : توفير الشغل لمن هم في سن العمل ومنع التسريح و تشغيل المعامل والضيعات المغلقة والمفلسة والتعويض عن البطالة
2- السكن: توفير السكن الاجتماعي لمن لا يتوفر على سكن و توزيع الأراضي على الفقراء بدل تفويتها إلى المضاربين وتوفير السكن العمومي بسومة كرائية مناسبة....
3- التطبيب: توفير الخدمات الطبية لمن لا يتوفر على تغطية صحية أو يستفيد من نظام تعاضدي وتعميم التغطية الصحية للجميع باعتبارها حق وليس امتياز.
4- التعليم: توفير المدارس العمومية الكافية بدءا من التعليم الأولي وتجهيزها وتحسين شروط عمل المدرسين
5- التغذية : إعداد برنامج وطني للتغذية يوفر الأكل والشرب للمحتاجين والعاطلين والطلبة لا نقاد البشر من الجوع بدل انقاد الرأسماليين من الإفلاس.
توفير التجهيزات الأساسية
1- توفير الماء والكهرباء لكل بيت وإلغاء كل أنواع الرسوم والضرائب على الاستهلاك
2- توفير خدمات النظافة والصرف الصحي باعتبارهما خدمة عمومية.
3- إصلاح الشوارع والأزقة و الطرق
تعميم الحماية الاجتماعية
1- توفير الرعاية الاجتماعية لفائدة المسنين والمتخلى عنهم والمعاقين والمشردين....
2- توفير الحماية الاجتماعية ضد العجز والشيخوخة والأمراض والحوادث وتعميمها لفائدة كل المواطنين
التوزيع العادل للثروات
أسباب الفقر هو التوزيع غير المتساوي وغير العادل للثروات. وللحد من الفقر لا بد من إعادة النظر في نظام الملكية بتحديد سقفها. وإصلاح النظام الضريبي عبر إعفاء المداخيل المهنية والأجور الصغرى من الضريبة وإلغاء الضريبة على المواد والخدمات الاستهلاكية الأساسية وفرض ضرائب تصاعدية على الأرباح والثروات
السلم المتحرك للأجور والأسعار
1- الزيادة في الحد الأدنى للأجر وتعميمه على كل العمال والعاملات
2- تطبيق السلم المتحرك للأجور والأسعار
3- منع التقليص المتوازي للأجور وأيام العمل
4- منع التسريح والإغلاق اللاقانوني
من اجل جبهة موحدة للنضال
إن حصيلة النضالات النقابية والشعبية خلال السنوات الأخيرة كافية لاستخلاص الدروس التالية:
1- لا يمكن الدفاع عن الحقوق الاجتماعية وحماية الحريات الديمقراطية عبر نفق "الحوار الاجتماعي".
2- لا يمكن الانتصار على أرباب العمل والتصدي للسياسات الحكومية اللاشعبية عن طريق الإضرابات المعزولة والفئوية والمتفرقة في الزمان والمكان.
3- إن تعدد المبادرات لا يعني توسيع جبهة النضال بل قد يكون احد عوامل إضعافها وتقسيمها.
فقبل شهر خاض عمال السميسي(خريبكة) سلسلة من الإضرابات والاعتصامات دفاعا عن الحق في الترسيم واستقرار العمل. وقبله عرفت العديد من الضيعات الفلاحية اعتصام العمال الزراعيين دفاعا عن نفس المطلب.
و خلال الأسابيع الأولى من شهر أكتوبر خاضت العديد من فروع النقابات التعليمية احتجاجات ضد تدهور شروط عمل المدرسين و تدهور التعليم كخدمة عمومية...
و في هدا اليوم 17 أكتوبر تنظم فروع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان سلسلة من الوقفات ضد الفقر والبطالة ...
وفي نفس اليوم يخوض عدد من تنسيقيات مناهضة الغلاء احتجاجات ضد تدهور المعيشة والخدمات العمومية ...
و بعد أسبوع (يوم 26 أكتوبر) تنظم الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين مسيرة وطنية بالرباط....
ألا تمثل هده الأمثلة وغيرها، علامة على تفكك وانقسام ضحايا التسريحات والبطالة وتدهور شروط العمل وغلاء المعيشة وضرب الخدمات العمومية؟
أليس دور القوى المناضلة، التيارات السياسية الجذرية، والمجموعات النقابية المكافحة والجمعيات الاجتماعية والحقوقية المناضلة، هو تجميع النضالات وتوحيدها ؟
انطلاقا من خطه النضالي ورؤيته الوحدوية، يتوجه تيار التضامن من اجل بديل اشتراكي إلى كل القوى المناضلة من اجل مسيرة وطنية وحدوية ضد التسريح والبطالة وتردي شروط العمل والحياة ومن اجل إطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين واحترام حرية التنظيم والتعبير والتظاهر.....