الحصيلة الأولية لانتخابات 12 يونيو 2009


التضامن من اجل بديل اشتراكي
2013 / 6 / 28 - 07:18     

الإحصائيات هي فن الغش. هدا هو التعريف المتعارف عليه لدى علماء الإحصاء.وقد أبدعت وزارة الداخلية غاية الإبداع في فن الغش الانتخابي، بدءا من إحصاء عدد الناخبين مرورا بعدد المسجلين في اللوائح وانتهاء بعدد المصويتين وترتيب الأحزاب. وسنحاول من خلال تمرين بسيط يمكننا تفنيد صحة إحصائيات وزارة الداخلية.
نسبة المشاركة:
لقد سبق واشرنا إلى أن انتخابات 12 يونيو2009 هي انتخابات بدون رهانات، رهانها الوحيد هو تحسين مؤشر "المشاركة الشعبية" لدى الرأي العام الداخلي والخارجي لمحو مخلفات انتخابات شتنبر 2007 وتنصيب" الجرار" حزب السلطة الجديد على رأس الأحزاب .
من اجل هدا الهدف عملت وزارة الداخلية بشكل قبلي واحترازي على تفصيل "كتلة ناخبة " على مقاس المؤشر المطلوب لولوج حضيرة الدول الديمقراطية، فأسفر تنقيحها للوائح عن حذف حوالي 3 ملايين من المسجلين في لوائح انتخابات 2007 وأضافت حوالي مليون ناخب جديد لتحصل على كتلة ناخبة من حوالي 13 مليون.
لقد كانت وزارة الداخلية تدرك أن نسبة المشاركة في انتخابات 2009 ستكون في أحسن الأحوال نفس النسبة لسنة 2007 وان عدد الدين سيتوجهون إلى مكاتب التصويت لن يتجاوز7 مليون شخص.لهدا قامت بشكل احترازي على تقليص عدد الكتلة الناخبة إلى 13 مليون من اجل الحصول على نسبة 52 % بدون احتساب نسبة التصويت السلبي الذي يتراوح بين 10 و15 %.
الخلاصة الأولى: فشل رهان المشاركة: بإمكان وزارة الداخلية أن تقدم ما شاءت من أرقام ونسب، وبإمكانها منح نفسها صفة الحياد والحلول محل الهيئة الوطنية المستقلة للإشراف على العمليات الانتخابية، ومن حق أحزاب وزارة الداخلية تنصيب وزارة الداخلية ....لكن ليس من حق قيادات أحزاب اليسار التي شاركت في الانتخابات التزام الصمت وعدم الطعن في نزاهة هده الانتخابات. نحن طبعا لا نطعن فقط في أرقام وزارة الداخلية بل نطعن أصلا في شرعية عملية انتخابية تجري تحت إشرافها.إن من يتحكم في قواعد اللعبة وخيوطها هو من يتحكم في نتائجها.
نسبة المقاطعة:
وفق إحصائيات 2005 سيصل عدد السكان في سن 18 سنة في 2009 إلى أكثر من 20 مليون نسمة. وادا ما صدقنا رقم 7 مليون ممن شاركوا في الاقتراع يوم 12 يونيو، فان عدد الدين لم يشاركوا في التصويت يتجاوز 13 مليون شخص. منها أكثر من 7 مليون غير مسجلين أصلا في اللوائح الانتخابية، وباحتساب نسبة الأوراق الملغاة ( بين 10 15 %) ستكون نسبة المقاطعة في انتخابات يونيو2009 قد تراوحت بين 68 و 70 % من العدد الإجمالي للكتلة الناخبة.
الخلاصة الثانية:إن المقاطعة الشعبية للانتخابات لا يمكن أن تحجبها أرقام وزارة الداخلية، لان أسباب هده المقاطعة كامنة في طبيعة المسلسل الانتخابي نفسه وفي طبيعة طبقته السياسية.
حقيقة تمثيلية الأحزاب الانتخابية
لقد منحت وزارة الداخلية لحزبها الجديد نسبة 19 % من حيث الأصوات ومنحت الأحزاب الثمانية الأكثر تمثيلية نسبة 84 % من الأصوات. وهي أرقام يراد تسويقها إلى الخارج كمؤشر على وجود قاعدة اجتماعية واسعة ضامنة لاستقرار النظام السياسي.
هل هدا صحيح؟ ما هو الحجم الحقيقي للأحزاب الانتخابية في المجتمع المغربي؟
ادا ما أخدنا قاعدة 20 مليون كهيئة ناخبة سيتبين بالملموس الحجم الحقيقي للأحزاب الانتخابية ونسبة تمتليتها حتى في ظل الشروط القائمة وليس في ظل شروط مغايرة. فقد حازت الأحزاب الثمانية الأكثر تمثيلية على 5 مليون 177 إلف صوت وهو ما يمثل 25 % من عدد السكان في سن التصويت. وادا افترضنا أن مجموع الأحزاب المشاركة في الانتخابات قد حصلت على 6 مليون و300 ألف صوت ستكون القاعدة الاجتماعية للمسلسل الانتخابي ككل لا تتعدى نسبة 30 %. أما الأحزاب التي ستشكل المجالس المحلية فان تمثيليتها تتراوح بين 6 و1.3 %. هده ادن هي حقيقة تمثيلية المؤسسات المنتخبة بالمغرب
نسبة عدد الأصوات
(من إجمالي عدد السكان في سن التصويت) نسبة عدد المقاعد الأحزاب 8 الأولى
6 % 20.7 % 1- الأصالة والمعاصرة
5 % 19.1 % 2- الاستقلال
4 % 14.8 % 3- الأحرار
3 % 11.6 % 4- الاتحاد الاشتراكي
2.4 % 8 % 5- الحركة الشعبية
2.3 % 5.5 % 6- العدالة
1.5 % 4.7 % 7- الدستوري
1.3 % 4 % 8- التقدم
25 % 84.4 % مجموع الأحزاب الثمانية الأولى
30% مجموع الأحزاب الانتخابية
وإذا ما تمعنا جيدا في حجم تمثيلية الأحزاب الانتخابية نستطيع فهم الإجماع الحزبي حول إحصائيات وزارة الداخلية وعدم قدرة أي من هده الأحزاب على الطعن في صدقية إحصائيات وزارة الداخلية التي لا تستند إلى قاعدة إحصائية داث مصداقية.
الخلاصة الثالثة:
إن المجالس التي أفرزتها انتخابات 12 يونيو 2009، ليست فقط مجالس خاضعة لسيطرة الأعيان ورجال الأعمال والنخب المرتشية والفاسدة، بل هي مجالس فاقدة للشرعية وتفتقر إلى قاعدة تمثيلية وهدا ما سيجعلها أدوات عميلة للسلطات المحلية.
تراجع اليسار الإصلاحي
إن حصيلة اليسار الانتخابي بمختلف اتجاهاته هي حصيلة سلبية سواء على مستوى المقاعد أو على مستوى الأصوات المحصل عليها: عدد المقاعد: 4803 بنسبة 17 % وعدد الأصوات:1 مليون63 ألف بنسبة 15 % من عدد المصوتين و 5 % من عدد الدين في سن التصويت.
وتراجع عدد مقاعد أحزاب تحالف اليسار الديمقراطي من 840 مقعد سنة2003 إلى 475 سنة 2009 .
وتراجع حزب الاتحاد الاشتراكي من الرتبة الثانية في انتخابات 2003 إلى الرتبة الرابعة.
كما فشل اليسار في المدن الكبرى وعلى رأسها الدار البيضاء (5/1 سكان المغرب) التي لم يحصل فيها سوى على ثلاثة مقاعد من أصل 142 .
إن الفشل في عمليتين انتخابيتين متتاليتين وهزيمة انتخابية بحجم هزيمة الدار البيضاء لا يمكن أن تقود إلا إلى خلاصة واحدة: فشل إستراتيجية النضال الديمقراطي.
اليسار الجدري:
باستثناء تيار النهج الديمقراطي وتيار التضامن من اجل بديل اشتراكي اللذان دعيا بشكل مشترك إلى مقاطعة الانتخابات،فان مواقف باقي التيارات والمجموعات تميزت باللبس والغموض مما جعلها اقرب إلى عدم المشاركة منه إلى المقاطعة الصريحة.
إن قيام تيار النهج الديمقراطي بحملة مقاطعة نشيطة، هي الأولى من نوعها مند قيام المسلسل الديمقراطي،وتمكن تيار التضامن من اجل بديل اشتراكي من البروز كتيار سياسي مستقل يشكل أهم ما حققه اليسار الجدري في انتخابات 2009 .
وادا كان من حق مناضلي تيار النهج والتضامن الاعتزاز بما تحقق من مكتسبات خلال حملة المقاطعة، فان إعادة بناء قوة يسارية جذرية مستقلة عن اليسار الحكومي والبرلماني قد طرحت نفسها على جدول الأعمال: إلى الأمام دون تردد ودون مساومة.