من أجل بديل ديموقراطي شعبي تحرري


التضامن من اجل بديل اشتراكي
2013 / 6 / 21 - 20:48     

1 - قطيعة جذرية مع الرأسمالية والإمبريالية:
إن حلا جذريا للازمة الاقتصادية والاجتماعية، يسمح بتلبية الحاجات الاجتماعية وتحقيق التطلعات الديمقراطية لمختلف الشرائح الاجتماعية الشعبية يتلخص اليوم في التحرر من هيمنة اقتصاد السوق والتخلص من الإمبريالية الجديدة والقطيعة مع مؤسسات العولمة الرأسمالية.
فقد أتبت مشروع "الاندماج التنافسي" في اقتصاد السوق المعولم، الذي حملته أحزاب "الكتلة الديمقراطية" فشله، ليس فقط من حيث مضمونه الاجتماعي المعادي للحقوق الاجتماعية للأغلبية الشعبية، بل أيضا من حيث مردوديته وفعاليته الاقتصادية. فتعميق التخلف والتعبئة وتفكيك الاقتصاد هي حصيلة عقود التقويم الهيكلي، ويندر مشروع "التبادل الحر" بالعودة إلى استعمار "اقتصادي جديد".
لكن هل يعني البديل الديمقراطي التحرري العودة إلى "الرأسمالية الاجتماعية" القائمة على القطاع العام و"التسيير البيروقراطي"، الذين أثبتا عجزهما حتى في البلدان الرأسمالية المتقدمة التي تتوفر على قاعدة مادية تسمح بتلبية الحاجيات الاجتماعية دون إعادة النظر في الرأسمالية نفسها. أم أن البديل الديمقراطي التحرري، يعني، خاصة في البلدان الرأسمالية المتخلفة يتجاوز حدود إصلاح الرأسمالية واستبدال التدبير الليبرالي، بالتدبير العمومي للحياة الاقتصادية؟
إن العولمة الرأسمالية قد وضعت حدا نهائيا لهامش الاختيار بين الرأسمالية الليبرالية ورأسمالية الدولة، في البلدان الصناعية نفسها، وأعدمت كل شروط إمكانية قيام رأسمالية مستقلة ومتطورة في البلدان التابعة. وهي تفرض خيارها الوحيد المتمثل في الخضوع لمنطق اقتصاد السوق والتبادل اللامتكافئ. وهو ما يعني بالنسبة للاقتصادات المتخلفة والتابعة الخضوع لقانون التطور اللامتساوي وبالتالي تأبيد التخلف والتبعية للسوق والرأسمال الإمبرياليين.
وهذا ما يعيد للمشروع الاشتراكي راهنيته، باعتباره البديل الديمقراطي الوحيد للتحرر من التخلف والتبعية وتلبية الحاجيات الاجتماعية.
2 – من أجل اشتراكية ديمقراطية:
إن البديل الاشتراكي المنشود، يجب أن يدمج بشكل نقدي حصيلة التجارب "الاشتراكية السابقة: "الاشتراكية البيروقراطية" في البلدان التي عرفت ثورات اجتماعية أطاحت بالرأسمالية وطرحت مسائل الانتقال للاشتراكية، و"الاشتراكية الإصلاحية" في البلدان الرأسمالية التي طرحت فيها إمكانية الانتقال للاشتراكية عن طريق الإصلاح التدريجي للرأسمالية، و"الاشتراكية الوطنية" التي اعتقدت بإمكانية تطوير اقتصاد وطني مستقل يسمح بتوفير شروط الانتقال الاشتراكي بواسطة الدولة الوطنية" دون المرور بثورة اجتماعية.
لا يشكل مسلسل التغيير الجذري للدولة والاقتصاد والمجتمع مجرد "تدابير حكومية" يكفي تطبيقها "من فوق" (بواسطة الدولة والأحزاب) بل يعني الانخراط الشعبي والمشاركة الديمقراطية لكل الفئات الشعبية التي من مصلحتها التغيير والتحرر الاجتماعي والديمقراطي.
وهذا يفترض تحرر الأغلبية الشعبية من رقابة الدولة والأحزاب، والحد إلى أكبر قدر ممكن من "حرية السوق" عبر فرض رقابة عمومية على المؤسسات المالية والاقتصادية واستعادة القطاعات والمنشآت والمرافق المرتبطة بالحاجيات الاجتماعية والمصلحة العامة من القطاع الخاص إلى دائرة القطاع العام في أفق التملك الاجتماعي الشامل لكل مصادر إنتاج الثورات والخدمات.
إن الاشتراكية التي تشكل هدفا استراتيجيا يسمح بالتحرر الاجتماعي والديمقراطي من الرأسمالية والدولة البرجوازية ، تتحدد قبل كل شيء من خلال محتواها الاجتماعي (تلبية الحاجيات الاجتماعية) والديمقراطي (المشاركة الشعبية المباشرة في تحديد الاختيارات وتطبيقها).أي التحقيق الفعلي للحرية والمساواة والعدالة الاجتماعية دون تمييز جنسي أو طبقي أو ثقافي أو ديني.
هذه الأهداف والقيم الإنسانية لا يمكن تحقيقها دون ثورة اجتماعية شعبية تطيح بهيمنة الأقلية الرأسمالية على الاقتصاد ورقابة الدولة على المجتمع، وتسمح بالمشاركة الديمقراطية للأغلبية الشعبية في تخطيط حاجيات المجتمع، وبالمشاركة المباشرة في التسيير الذاتي والرقابة الشعبية المباشرة على المؤسسات الاقتصادية والسياسية.
إن البديل الاشتراكي المنشود يتلخص في المشاركة الديمقراطية والتسيير الذاتي الديمقراطي، والتخطيط المتساوي والعادل للحاجيات الاجتماعية لمختلف فئات الشعب، أي اشتراكية ديمقراطية تختلف شكلا ومضمونا عن "الاشتراكية" البيروقراطية والإصلاحية والوطنية. وهذا يقودنا إلى ربط المشروع الاشتراكي بأبعاده التالية:
- المشاركة الديمقراطية للأغلبية الشعبية في مسلسل الإعداد والتحضير للانتقال الاشتراكي.
- الطبيعة الثورية لمسلسل التغيير الاشتراكي، ثورة اجتماعية شعبية.
- الطابع العالمي لمسائل البناء والتحويل الاشتراكي للدولة والاقتصاد والمجتمع.
1- من اجل ديمقراطية اشتراكية
لقد انتهى "المشروع الديمقراطي" للأحزاب الوطنية البرجوازية إلى الإخفاق بسبب من مأزقه التاريخي. فالسيادة الوطنية غير ممكنة دون قطيعة جذرية مع الهيمنة الإمبريالية، والسيادة الشعبية غير ممكنة دون تجاوز سقف الدولة البرجوازية والديمقراطية النيابية، والتحرر الاجتماعي غير ممكن في ظل اقتصاد السوق واحتكار أقلية رأسمالية لكل مصادر الثروة.
لتجاوز المأزق التاريخي للمشروع الديمقراطي البرجوازي، لا يكفي إحلال "قيادة سياسية جديدة" محل القيادة السياسية المفلسة. بل يتطلب تجاوز "المشروع الديمقراطي البرجوازي" نفسه، أي سقف "الديمقراطية البرجوازية" لفتح أفاق تاريخية جديدة أمام المشروع الديمقراطي التحرري.
فالديمقراطية البرجوازية بمختلف أشكالها، علاوة على كونها لا تتجاوز سقف المشاركة غير المباشرة للأغلبية الشعبية في المؤسسات التمثيلية، فقد فقدت مضمونها الديمقراطي مع العولمة الرأسمالية ونظامها الليبرالي. فالمؤسسات التمثيلية في الديمقراطية النيابية (حتى في حال انتخابها بشكل ديمقراطي) لم تعد تعكس الإرادة الشعبية، ولانعكس تمثيلية ديمقراطية، بقدر ما تعكس إرادة وتمثيلية الأقلية.
إن السيادة الشعبية أصبحت في الشروط الراهنة تتماثل مع "الديمقراطية المباشرة" أي ديمقراطية اشتراكية تسمح لأغلبية شعبية بالتحرر من الوصاية الحزبية ورقابة الدولة وديكتاتورية السوق.
إذا كانت الديمقراطية بالنسبة للأحزاب والقوى الليبرالية تعني "الاندماج التنافسي" في السوق الرأسمالية العالمية و"التناوب التوافقي" على تدبير "الشؤون العامة" للمجتمع، فإن البديل الديمقراطي ليس بالتأكيد هو "الرأسمالية الوطنية" و"التداول البرلماني"على تدبير"الشؤون العامة".
2- من اجل رقابة عمومية على وسائل الإنتاج والتوزيع:
إن البديل الديمقراطي الشعبي المنشود لا يمكن تحقيقه في ظل هيمنة اقتصاد السوق.
- رقابة عمومية على السوق، وهو ما يعني رقابة الدولة العمومية على كل أنشطة الاقتصادية واستعادة القطاعات الاستراتيجية إلى دائرة القطاع العام. لا تعني الرقابة العمومية طبعا إلغاء السوق على المدى المباشر بواسطة تدابير حكومية، بقدر ما تعني الحد من هيمنة ديكتاتورية السوق عبر تامين القطاعات الاستراتيجية المرتبطة بالمصلحة العامة للشعب وتشجيع كل أشكال التنظيم الذاتي الاقتصادي غير الهادف لمراكمة الثروة، أعادت توجيه السياسة الاقتصادية لتلبية الحاجيات الاجتماعية بدل تلبية حاجيات السوق.
6- من اجل رقابة شعبية على الدولة:
- رقابة شعبية على كل المجالس الإدارية للمقاولات والمؤسسات الاقتصادية والاجتماعية، تسمح بخلق نوع من الرقابة الشعبية على الحياة الاقتصادية والاجتماعية، للحد من سلطة المجالس الإدارية واستفرادها بسلطة القرار، سواء في ما يخص توجيه الإنتاج والخدمات أو فيما يخص تنظيم علاقات الشغل. لا يمكن للرقابة الشعبية أن تكون ذات فعالية إلا إذا كانت رقابة شعبية ديمقراطية وذات سلطات وصلاحيات فعلية: حق الفيتو على تسريح العمال والموظفين والإغلاق اللاقانوني، وحق تشغيل المقاولات أو تأميمها.
- تمثيلية ديمقراطية في كل المؤسسات التمثيلية (البلدية والبرلمانية) دون إنابة حزبية أو وصاية بيروقراطية. فالتمثيلية الديمقراطية للأغلبية الشعبية يجب أن تكون تمثيلية للإرادة الشعبية، لا تمثيلية للإرادة الحزبية. وسيادة الشعب تعني سيادة المؤسسات الممثلة للأغلبية الشعبية، لا سيادة مؤسسات تمثل الأقلية الحزبية.
7 - من أجل حركة سياسية مستقلة للعمال والكادحين:
لتوحيد الشغيلة والجماهير الكادحة حول مشروع ديمقراطي شعبي وتوفير شروط الانتقال الاشتراكي يتطلب الأمر انبثاق حركة سياسية مستقلة وموحدة لمختلف القطاعات الشعبية المستغلة والمضطهدة. وتكتسي التنظيمات الشعبية الذاتية والمنظمات الجماهيرية الديمقراطية نفس القدر من الأهمية التي تكتسيها مسألة القيادة السياسية. فالحركة الذاتية للجماهير لا تعوض دور القيادة السياسية.والقيادة السياسية لا تنوب عن الحركة. وبنفس قدر أهمية نشاطنا من أجل بناء وتطوير المنظمات الشعبية ومساعدة الجماهير الشعبية على تشكيل تنظيماتها الذاتية المستقلة، بنفس قدر أهمية نضالنا من أجل بناء قيادة سياسية موحدة للجماهير الكادحة والمضطهدة.
ليست القيادة السياسية مجرد "إعلان ذاتي" لحزب أو تحالف ينصب نفسه "طليعة" لحركة الجماهير بل هي التمفصل الجدلي بين الحركة والبرنامج .
نحن كاشتراكيين ثوريين نناضل من أجل بناء حزب اشتراكي ثوري كقيادة سياسية للجماهير الكادحة والمضطهدة من أجل إنجاز برنامج التغيير الاشتراكي الجدري للمجتمع والدولة الرأسماليين.