زمن الرئيس الإخوانى ومشروع نهضة مصر-21 - ثلاثية النيل والثقافة وسوريا


محمود حافظ
2013 / 6 / 16 - 18:46     

فى حصاد عام إنقضى من زمن الرئيس الإخوانى فى حكم مصر هذا الحصاد الذى قمنا بتسجيل وقائعه هذه الوقائع التى فى مجملها قد أدت إلى تدهور وتدمير ما تبقى من البنية الإقتصادية لمصر فى تكريس التبعية وزيادة الأعباء على الشعب المصرى وأجياله القادمة فى هذا العام بزيادة الديون الخارجية تلبية لنمط الإستهلاك وزيادة الأعباء المعيشية لفرض مزيدا من الضرائب على فقراء الشعب المصرى .
هذا الحصاد الذى تعالى فيه أنين الشعب المصرى حتى قرر التمرد السلمى على حكم هذا الرئيس الإخوانى وجماعته الفاشية هذا الشعب الذى قرر ألا يمر هذا العام دون أن يعلن موقفه من الرئيس وجماعته الحاكمة هذا الموقف الرافض لحكم الرئيس وبتوثيق هذا الرفض كتابة فى حملة تمرد الذى قام بها شباب هذا الشعب الثورى الذى أعلن أن ممارسات هذا الرئيس الفاشى قد آن الأوان لها أن تزاح حتى تستعيد مصر لدورها الطبيعى والطليعى .
فى المقابل ونتيجة هذا الحصاد طالعتنا أثيوبيا بإحتفالية تغيير مجرى نهر النيل الأزرق لإقامة سد النهضة الأثيوبى والذى يتجاوز إرتفاعه 145 مترا ويقوم بحجز 74 مليار متر مكعب من المياه خلف السد والذى يقام أسفل منحدر الهضبة الأثيوبية بالقرب من الحدود السودانية هذا السد الذى يقام بغرض توليد الطاقة الكهربائية ولم تشر الدراسات عن أى بعد زراعى لسبب بسيط أن أسفل المنحدر للهضبة فى منطقة السد لاتتواجد سهول بل تتواجد شقوق صخرية وما أدراك من وجود شقوق صخرية يعلوها مباشرة قوة ضغط على المنحدر تقدر بقيمة 74 ألف طن هى قيمة ما سوف يتم تخزينه من مياه خلف السد ناهيك عن الآثار السلبية على مصر فى حالة فترة تخزين المياه خلف السد والتى ستستمر العديد من السنوات هذا السد سوف تقوم ببنائه شركة إيطالية بمساهمات صينية وهندية والأكثر إسهاماً المساهمات السعودية والقطرية أى أن النسبة الأكبر من الإسهامات هى لبلدان عربية خليجية السعودية وقطر !!! , وإذا كان هذا ما يخص عملية التشييد والبناء فإن أمر عملية تشغيل السد لتوليد الكهرباء قد أوكل لشركة تتبع الكيان الصهيونى وهذا ما يعنى أن عملية تصريف المياه لتشغيل التربينات بمعنى فتح صنبور المياه وغلقة أصبحت بيد الكيان الصهيونى الإسرائيلى وهذا ما يعنى أن رى مصر هبة النيل وعطشها بيد عدوها التقليدى المغتصب والمحتل لأراض عربية فى سوريا وفلسطين .
إنه لمن الجدير بالذكر أن أثيوبيا لم تتجرأ وتعلن عن هذا السد بهذه الكيفية إلا منذ أسابيع قليلة وأن فكرة هذا السد بهذه الكيفية لم يعلن عنها إلا بعد قيام الثورة المصرية وإختطاف هذه الثورة بواسطة جماعة الإخوان المسلمين والذى أصبح لها الحكم بواسطة هذا الرئيس الإخوانى فإن ماكان معلن لهذا السد والذى كان يعرف بإسم سد الألفية إنه سوف يقوم بقدرة تخزينية فى حدود 14 مليار متر مكعب من المياه ولكن تجليات عصر النهضة الإخوانى فى مصر قد تماهت معها الدولة الإثيوبية فى سد النهضة والذى زادت قدرته إلى 74 مليار متر مكعب ومما هو أيضا جدير بالذكر أن قدرة توليد الكهرباء فى سد الألفية ذو ال14 مليار متر تساوى ثلثى قدرة سد النهضة ذو ال74 مليار مترمكعب مياه أليس هناك غرابة فى الأمر ؟ !! .
إن تجليات الرئيس الإخوانى فى موضوع سد النهضة الإثيوبى أن جعل من مصر رائدة القارة الإفريقية فى ستينيات القرن الماضى فى العهد الناصرى والتى كانت منارة تضئ القارة السوداء وتصدر للقارة نور التطور والتحرر الوطنى حتى أصبحت مصر تعشش فى قلب كل إفريقى هذا الرئيس قد جعل من مصر الثورة والحضارة أضحوكة القارة الإفريقية حينما جلس مع جماعته ومحبيه ومريديه يتباحث وهذا الجمع وعلى الهواء مباشرة فى كيفية تأديب إثيوبيا بإحاكة المؤامرات ضدها عن طريق الفتنة الطائفية وإثارة القلاقل القبلية وتأليب جيران الدولة الإثيوبية عليها عفلى طريقة الشيخ حسنى فى فيلم الكيتكات المصرى هذا الإجتماع الكارثة المذاع على الهواء مباشرة والذى نقلته فضلئيات عصر العولمة ليعطى فى النهاية كيف تدار مصر بواسطة جماعة فاشية لاتعرف كيف تتعامل مع العالم الخارجى الأمر الذى أفقد مصر هيبتها فى القارة الإفريقية وعلى مستوى المجتمع الدولى .
إذا كان هذا بخصوص ما حدث من الرئيس وجماعته فى قضية نهر النيل مع الدولة الإثيوبية يقابله داخل المجتمع المصرى نفسه أمر لايقل أهمية عن مياه نهر النيل وهو ما يتعلق بمن أتى به الرئيس الإخوانى ليتولى حقيبة وزارة الثقافة هذا الوزير النكرة ما أن وطئت قدمه داخل وزارة الثقافة حتى قام (وبلا أحم ولا دستور ) بإصدار مجموعة من القرارات الوزارية بإقالة كافة القيادات التى تتولى إدارة شئون وزارة الثقافة بقطاعتها المختلفة بدءا بقيادات العمل الجماهيرى نهاية بقيادات دار الكتب والوثائق المصرية مروراً بالقيادات الفنية بالوزارة كإقالة رئيسة دار الأوبرا المصرية وطبعا ً بالنسبة لقطاع الفنون فالفن حرام وفن الباليه يؤدى إل نشر الفاحشة فى عهد الرئيس الإخوانى وجماعته أما ما يتعلق بدار الكتب والوثائق فالأمر يختلف وهو ما جعلنا نذكر هذا الأمر فى هذه الثلاثية فالأمر يتعلق بالذاكرة الثقافية للوطن وهوية هذا الوطن فالبنية الثقافية هى نتاج الحراك التاريخى لتفاعلات المجتمع المصرى بمعنى آخر الذاكرة الثقافية هى نتاج الصراع بين البشر والطبيعة وصراع البشر مع البشر وعندما نذكر صراع المصريون مع الطبيعة نجد أن هذا الصراع يدار خصوصاً مع نهر النيل بصفته أنه واهب الحياة للمصريين ففى الجغرافيا المصرية نجد أن مصر هى أكبر منطقة تصحر فى العالم ولا توجد بقعة فى الكون تضاهى التصحر المصرى لذا كان النيل فى مصر هو شريان الحياة تتأثر الحياة فى مصر بثورته فى فيضانه وفى شحه لهذا السبب كان النيل هو منبع الذاكرة الثقافية للمجتمع المصرى هو رمز التوحيد فى المجتمع المصرى وهو المكون للذاكرة الجمعية لهذا المجتمع كان كل هم الشعب المصرى مراقبة النيل فى شحه وفى فيضانه حتى يتخذ المجتمع المصرى الإحتياطات الضرورية لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من البشر حول النهر اهذا نشأت الحضارة المصرية القديمة حول النهر وأكتشفت الزراعة أو الفلاحة على يد المرأة المصرية ونشأت العلوم كافة سواء طبيعية أو إنسانية على ضفاف النهر ومن هنا تولدت ذاكرة الأمة المصرية والتى سجلها المصرى القديم بفنه وذوقه على الحجر ليحكى مشوار البشر مع النهر هذه هى ذاكرة الأمة فى صراعها مع النهر تحيها الرسوم على الحجر وتحكيها قدرة الفنان المصرى فى فن التصوير والرسم والنحت ليسجل كل تاريخه فهذه هى ثقافة مصر والذى جاء الرئيس الإخوانى وجماعاته من الإسلام السياسى ليزيح هذا الفن ويحرمونه ويقضون عليه فهذا الرئيس وجمعاته وجدوا فى زمن يحاولون فيه إقصاء الذاكرة المصرية والذى قامت أساساً على فكرة التوحد فى بيئة نظيفة حتى كانت أكبر الجرائم عند المصرى القديم هى جريمة تلويث مجرى نهر النيل هكذا تولدت الثقافة المصرية فى ذاكرة الأمة المصرية فهل نستطيع الآن محاولة فهم إقصاء الذاكرة المصرية وإقصاء الفن المصرى والعبث فى الوثائق التاريخية المصرية هل نستطيع الآن كشف العلاقة بين النيل رمز التوحد والثقافة المصرية ؟ أعتقد الآن إننا نستطيع .
نستطيع الآن أن نعى دور الارئيس الإخوانى فى قضية نهر النيل وفى قضية الثقافة أما بخصوص ما حدث بالأمس بخصوص موقف الرئيس وجماعته من الشقيقة سوريا وعنتريته فى قطع العلاقات بين مصر وسوريا وعنتريته وجماعته فى إعلان الجهاد ضد سوريا فالأمر لايختلف عن سابقه حيث تتمحور الفكرة على رمزية نهر النيل فى التوحد فإذا كانت الذاكرة المصرية أو الثقافة المصرية هى ثقافة التوحد فإن الرئيس وجماعته ومريديه وحلفائه من بدو الصحراء يحاولون إقصاء ثقافة التوحد وإرثاء ثقافة التفرق حتى يصبح المجتمع شيعاً وأشتاتاً ولماذا سوريا ؟ هل لأن الصراع فى سوريا وفى الحرب الكونية الدائرة فى سوريا صراعاً سنياً شيعياً كما أوحى الرئيس وحلفائه حتى يجتمع نفر من ما يقال عنهم علماء الأمة هؤلاء الذين باعوا علمهم وفقهم مقابل حفنة من البترودولار كأمثال الشيخ الجليل المصرى القابع فى قطر الشيخ القرضاوى والذى ذهب به الرأى أن يستدعى المستعمر والمغتصب على أن يأتى بقوة جيوشه ليحطم الدولة السورية كما تحطمت فى السابق الدولة العراقية وفى الماضى القريب دولة ليبيا وكل منهما أصبحا شيعاً وأشتاتاً فهل الدور الآن على سوريا حتى يستدعى أنصار هذا التيار المتأسلم القوات الإمبريالية سواء من أمريكا أو بريطانيا أو فرنسا لغزو سوريا وتحطيم ما تبقى منها ومن جيشها العربى حتى يأتى فى النهاية هذا الرئيس الإخوانى لينضم علناً وبلا خشية إلى الحلف الرجعى السعودى القطرى والذى يقوده بندر بن سلطان السعودى الخادم للمصالح الإستعمارية والمنفذ لسيلساتها هذا البندر الذى فى السابق منذ ما يقرب من ستة سنوات وضع بالإشتراك مع الأمريكى جيفرى فيلتمان والذى كان يعمل سفيراً لأمريكا فى لبنا آنئذ فى وقت الحرب الإسرائيلية على لبنان عام 2006 م والذى أذاق فيها حزب الله اللبنانى مرارة الهزيمة للجيش الإسرائيلى ومنذ هذا التاريخ تحاك المؤامرات ضد سوريا وفكرة المقاومة لتدير هذا البلد وتدمير جيشه العربى وعى ذكر عملية تدمير سوريا نأتى على ذكر هذه الشهادة التى أدلى بها بالأمس وزير خارجية فرنسا السابق رولان ديما لقناة إل سى بى الفرنسية وحكى فيها كيف أنه رفض الإشتراك منذ سنتين فى مؤامرة تدمير سوريا بواسطة بريطانيا وبالإشتراك مع الكيان الصهيونى حتى ذكر رولان ديما كيف أن قال له رئيس وزراء الكيان الصهيونى عندما تساعد الجيوش الغربلية فى تدمير الجيش السورى يتولى الكيان ما تبقى من دول الطوق حتى ولو إستدعى الأمر مهجمتهم عسكريا هذه الشهادة مازالت نبراتها تسمع فى الآفاق ليتوافق مع هذه الشهادة حينما بانت قوة الجيش السورى بمساندة من حزب الله اللبنانى فى القضاء على الجماعات الكونية فى منطقة القصير فى سوريا هذه الجماعات التكفيرية التى تم جمعها من أشتات الكون لتنفذ خطة تدمثير سوريا وعندما تم القضاء عليها ثارت ثائرة الغرب الإمبريالى أمريكا وبريطانيا وفرنسا وتحرك بندر بن سلطان وأرسل زبانيته أمثال المدعى الشيخ العريفى ومعه الشيخ القرضاوى لمصر حتى تكون مصر هى بلد الإنشقاق ليعلن منها الجهاد ضد سوريا ومساندة التكفيريين الذين يحاربون ويرهبون الشعب السورى هؤلاء أكلة لحوم البشر وقتلة الأطفال فى حلب السورية وتأتى الدعوة على لسان الرئيس الإخوانى فى إعلان الجهاد ضد سوريا حتى تلحق سوريا بالعراق وليبيا هذا هو زمن الرئيس الإخوانى .... !!!
فى النهاية لكشف آلية هذه الثلاثية لابد لنا من كشف آلية هذا الحراك وهذا الكشف هو فى إزاحة الستار عن طبيعة الصراع ومحوره لقد قامت ثورة الشعب المصرى فى 25 يناير لتنادي بالحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الإجتماعية وكانت على غرارها الثورة التونسية وأن شعار الثورة هو ما يتمحور حوله الصراع فالحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الإجتماعية تعنى فى الأساس مجتمع بلا إستلاب وبلا إستغلال وأن محور الإستلاب والإستغلال تتوجه بوصلته لنيل حرية إستلاب وطن تم سرقته من معتد وهذا المعتدى هو فى الأساس الطرف الآخر من ثنائية الصراع فلكى تحصل على حريتك فلابد لك أن تحارب من إستلب منك أرضك ويطمع فى مزيد من الإستلاب ولكى تحافظ على كرامتك الإنسانية لابد لك أن تمنع من يسرق منك عنوة قوتك المتمثل فى خيرات بلدك لهذا كانت بوصلة الصراع لنيل الحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الإجتماعية تتوجه هذه البوصلة إلى فلسطين لتحريرها ممن إغتصبها وتحرير مواردك ممن يستغلها فالبوصلة هى القدس والطاقة والصراع بين المحتل وهو هنا يبدأ من المستعمر والمغتصب وهنا لابد من وضع أمريكا وبريطانيا وفرنسا فى خانة المحتل مع المغتصب الكيان الصهيونى فهؤلاء هم من مكنه وهؤلاء هم من يحمونه ويعادون أعدائه وإذا كان هو هذا التوجه للبوصلة لعملية الإستلاب فهذا الإستلاب يتضافر معه الإستغلال للموارد وهنا يبدو على السطح الخليج العربى بموارد الطاقة فيه هنا يظهر الحلف الرجعى من السلطات المستبدة والتى تتبع من يستغل هذه الموارد وتتحالف معه ضد شعوبها وتقاوم هذه افلسلطات كل صوت يقاوم ض1د الإستغلال والإستلاب ولهذا ظهرت السعودية وقطر وبقية الحلف الخليجى ليقاوم كل ص2وت ينادى بالحرية والكرامة الإنسانية لهذا كانت الحرب فى العراق بالتمويل الخليجى والحرب لتدمير ليبيا بالتمويل الخليجى والحرب لتدمير سوريا بالتمويل الخليجى وأن تذهب إسرائيل إلى عمق منابع النيل حتى تبيد مصر من المنبع وأيضا بالتمويل الخليجى لتتضافر الرجعية المصرية المتمثلة فى جماعة الإخوان المسلمين الحاكمة مع الرجعية الخليجية مع الإمبريالية العالمية التى تقودها الآن أمريكا وبريطانيا وفرنسا لترتفع حنجرة الرئيس الإخوانى قائد فكرة تحطيم الثقافة المصرية ومسهل الإستيلاء على منابع النيل ترتفع هذه الحنجرة لإعلان الجهاد ضد سوريا آملاً فى الخروج من مأزق 30 يونيو القادم والذى تتحقق فيه إستمرارية الثورة المصرية .