الديمقراطية هي الحل للازمة العربية


جورج حزبون
2013 / 5 / 26 - 19:54     



قال شاه ايران محمد رضا بهلوي في تصريح صحافي عام 1975 ، انه ساعد سلطان عُمان قابوس لمحاربة الثورة في ظفار، ليس لانها شيوعية ، بل لان الامر يتعلق بالامن القومي الايراني ، وان معبر هرمز طريقنا الى المحيط والعالم ويجب ان اكون قوياً وان تكون ايران قادرة وامنة في خليجها الفارسي !! ، قد نسمع اليوم نفس المقولة من اي قائد ايراني ، كان من الملالي او من القيادة السياسية ،حول الحرين مثلا ، فالامر بالنسبة لايران هو اولاً القومية الفارسية ، وطموحها التاريخي ، فقد دعمت ايران الشاه حركة الملا مصطفى في العراق وحين عقدت اتفاقية الجزائر مع صدام حسين سقطت ثورة البرازني.
ماذا اختلف ،اصبحت ايران جمهورية اسلامية ، فليكن ، لكن هل هناك فرق في الاستراتيجيات رغم تغير الشكل والزمن ؟ بالعكس فقد كبر الطموح الايراني حتى وصل تدخله في كافة دول الخليج السبعة المحيط به ، دون ان يتخلى عن طموحه ان لم يكن اطماعه ، والقضية هنا ليست شيعية او سنية ، فهي ليست باي حال مذهبية ، انها فارسية بامتياز ، تماما كما ان التحركات التركية هي طموحات ( طورانية ) وليست مسألة منافسة بين الاسلام السني التركي المعتدل ، والاسلام الفارسي الشيعي المتطرف ، ان للجهتين طموحات ترتبط بالامن القومي ، واهمية ان تكون لها امتيازات في دول الجوار العربي بعد ان اصبح في العالم العربي فراغ امني وسياسي وعقائدي كبير، سمح للاطماع المختلفة بالظهور !!!.
من المعروف ان تركيا وايران كانتا عضوين في حلف بغداد الذي دعي بعد خروج العراق بثورة عبد الكريم القاسم ، بالحلف المركزي حيث سقط مرة اخرى بعد خروج ايران الخميني ، وبقيت تركيا في حلف الاطلسي تلتزم بالعقيدة السياسية والامنية للحلف ، بغض النظر عن نظام الحكم فيها ، يشهد بذلك قبولها حديثا بنشر انظمة صورايخ على اراضيها اقامتها اميركا موجهة لايران وروسيا ، وكذلك استمرار علاقتها العسكرية مع اسرائيل ، ويلاحظ ان الجهتين اليوم لهم تدخلات عسكرية في سوريا ، ظل هذا التعاون قائم حتى اثناء ما اشيع عن قطيعة على اثر مشكلة السفينة ( مرمرة ) بين تركيا واسرائيل، التي استغلتها تركيا لتعميق علاقاتها العربية .
فتركيا وايران ، وبذات الغايات السياسية والعقيدة الامنية ، تتعاملان اليوم مع المنطقة العربية ، يدفعهم ذلك الفراغ السياسي العربي ، وغياب عقيدة امنية عربية ، وتدمير منظم لوحدة القومية العربية، وتبديد ممنهج للامة العربية ، لم تكن في القرن الماضي مشكلة دينية ، فكانت ايران اكبر داعم نفطي لاسرائيل في حروبها ، وكانت تركيا صديقها الاستراتيجي وتعادي العرب باثر الماضي ، ولكن الجهتين لم تغيرا عقيدتهما ، الذي تغير ، هو فقط التهديد لامنهما ، فايران بطموحها اصطدمت مع اميركا واسرائيل ، حين تجازوت الخطوط الحمر ، وتركيا مع تغير سياستها وطموحها الاقتصادي والسياسي لتنفيذ عقيدتها ، احتاجت الى ان تتطلع خارج حدودها ، كما فعلت بعد سقوط الاتحاد السوفياتي في المنطقة الاسيوية ،وكانت لها بها نتائج ناجحة ، وهذا شجعها على التطلع للعودة للمحيط العربي القريب ، بعد بروز الفراغ وتوفر فرصة للعودة العثمانية الحديثة ، فاتجهت للبدء بالانطلاق من سوريا ، على حدودها لعلها تضم حلب الى ما كانت اقتطعته من الامة العربية حين استولت على لواء الاسكندرون.
ان نمو مكانة الحركات الاسلامية عربياً ، والذي حفزته مجموعات البترودولار بصيغة وهابية مدفوعاً من اميركا ضمن سياسية ( الفوضى الخلاقة ) ، ادى الى تراجع القيم القومية والعروبية ، واعادة تقسيم الوطن والدين ، الى امارات وطوائف ، ابرزها الشيعة والسنة ، وكان هناك اختراع جديد لم يكن متعايشاً طوال تاريخ طويل ، واكثر من ذلك تم انعاش ذهنية الاقليات الدينية والمذهبية والاثنية ، فكان ان تشرذم الوطن ، واصبح القرار القومي غير عربي بامتياز .
وليس صراع السنة والشعية يحمل ضرر لاميركا وقطر والسعودية، بل بالعكس فهو يجهز لتحالفات اقليمية جديدة ، بعضها تجمع سني وبعضها شيعي ، احداها في الجانب الايراني والاخر مع التركي ، والجميع في المعلب الامريكي الاسرائيلي ، طالما هناك انقسامات وصراعات اثنية ودينية وربما ستكون على الطريقة الصومالية او الافغانية ، مما يسهل تسرب اسرائيل على طريقة ( الفونس وايزابيلا ) في الاندلس عبر ملوك الطوائف ، وبالتأكيد سيكون الوطن العربي عرضاً للتقسيم والتبديد ، وتكون الحركات الاسلاموية والتي رفعت شعار ( الاسلام هو الحل ) منذ سبعينات القرن الماضي ، قد قدمت حلاً فعلياً حين لعبت دور ( حصان طروادة ) ، ولم تقدم للدين سوى مجموعات مافونة ارهابية ، جعلت الاسلام حالة ( اسلامفوبيا ) في العالم ، ولم تحقق ولن تستطيع اقامة لا خلافة ولا وحدة لامة كانت عربية او اسلامية ، بالتأكيد ستكون قد دمرت ذاتها مع تدمير اوطانها اضافة للعار الذي يحتاج الى سنوات طويلة لاصلاحة ،والعودة الى ما كانت عليه الامور، حتى في ظل حكام مستبدين فقد حفظ استبدادهم وطنا على طموح الوحدة ، ومتراساً مهماً بدا متواضعاً الا انه شامخ في وجه التمدد الاسرائيلي والنفوذ الاميركي ، وليس تعنت اسرائيل اتجاه حقوق الشعب الفلسطيني الا نتيجة لما هو حاصل عربياً ، اذ اصبحت تشعر اكثر انها في مأمن وامامها فرصة لابتلاع باقي الارض الفلسطينية ، فاطلقت العنان لقطعان المستوطنين الفاشي واخذت تخرج بينها اصوات تنادي بالغاء اتفاقات اوسلو ، وهذا ما جناه الشعار المخادع ( الربيع العربي ) وهيمنة التيار الاسلامي على الوطن العربي ،حتى اصبحت اسرائيل تطالب بان يعترف بها دولة يهودية ، في ظل اسلمة اقليمية ، برفضه الديمقراطية والعمل الجماعي واية شراكة مع اية قوى اخرى في حكمه القروسطي الرجعي ، والحائر بين اسلام ايران او تركيا ، وغير قادر على مخالفة اوامر قطر او السعودية ، فقد اصبح الحل اليوم هو الديمقراطية فقط ، امام هذه الحالة الغير مسبوقة في التاريخ العربي حتى ايام المماليك