هل أنتم شيوعيون؟


محمد المثلوثي
2013 / 5 / 20 - 09:22     

هل أنتم شيوعيون؟ في الحقيقة نعم. غير أن ذلك لا يجيب عن سؤال ما هي الشيوعية التي نتحدث عنها؟
الشيوعية حركة تقع في التاريخ المادي للبشر وليس في التأمل الفلسفي والايديولوجي ولا حتى في الأفكار التي يكونها الناس عن أنفسهم وعن عالمهم، وهذه الأفكار هي نفسها متشابكة مع تاريخهم المادي ولا تنفصل عنه الا في أشكال وهمية...الشيوعية هي تحول الانتاج الى انتاج اجتماعي، وهذا ما تقوم به وتدعمه يوميا الرأسمالية...الشيوعية هي تحول التاريخ الى تاريخ عالمي وخروج البشر من انعزالهم المحلي وهذا أيضا ما تقوم به الرأسمالية وتطوره من خلال السوق العالمية وتشابك اقتصاديات جميع الدول في بوتقة واحدة بما يجعل كل نزعة انفصال عن الرأسمالية بدون نشوب ثورة اجتماعية أممية محض خيال....الشيوعية هي تقلص حاجتنا للعمل وتوفر الامكانيات الهائلة للتمتع بما يسمونه الآن "وقت فراغ" بينما هو في الواقع حياتنا الانسانية الحقيقية وهو ما يقود اليه التطور الراسمالي.....وهكذا فكل ما يميز الشيوعية تاريخيا انما هو من انتاج الرأسمالية، أي من انتاج الحركة التاريخية نفسها وليس أفكار هذا الفيلسوف أو ذاك. غير أن التطور الهائل للقوى الانتاجية قد تحول منذ زمن الى قوة تدميرية في اطار التملك الفردي الطبقي لوسائل انتاج الثروة وتوجيه الانتاج نحو الربح والمبادلة والمنافسة وهذا ما يجد تعبيره في النهوض الثوري المتكرر لطبقة تتسع كل يوم هي طبقة المبعدين من الملكية، وهم ما يمكن تسميتهم بالبروليتاريا. هذه الطبقة الاجتماعية لا تملك بطبيعة وجودها أية مصلحة طبقية خاصة، بل ان مصلحتها تتعارض مع كل مصلحة خاصة، لذلك فان تحررها لا يكمن في اعلاء نفسها كطبقة سائدة بدل الطبقة البورجوازية، بل في انهاء كل سيادة طبقية. وهذا ليس لأن البروليتاريا تمثل اليسوع المخلص، بل لأنها لا تجد واقعيا أية امكانية للسيادة، فتحررها يعني انهاء شروط وجودها كطبقة وبالتالي انتهاء أسلوب الانتاج القائم والاستعاضة عنه بأسلوب انتاجي جديد لا يعتمد على العمل المأجور الذي هو المفرخ الفعلي للرأسمال. ذلك أن العمل والراسمال يشترطان بعضهما، والشيوعية بالضبط هي حركة تجاوز الرأسمال والعمل وليس اعلاء طرف على طرف آخر. أما انهاء الرأسمال والعمل (طرفا العلاقة الرأسمالية) فغير ممكن بدون الانهاء الثوري المسبق للدولة والاستعاضة عنها بادارة تعاونية كمونية، ذلك ان الدولة لا تمثل سوى العصابة المسلحة للطبقة السائدة ولا يمكن لهذا الجهاز القمعي أن يسمح بتطور أي بناء كموني ولا بأي تسيير ذاتي للبشر لشؤونهم.
اذا كان هذا هو المقصود بالشيوعية، واذا لم تتحول الشيوعية الى أسطورة خلاص تقبع في المستقبل البعيد بينما يكون مطلوبا من الشغيلة الآن الخضوع لسلطة جديدة باسم "الاشتراكية" و"الطور الأدنى للشيوعية" أو "المرحلة الديمقراطية" وغير ذلك من التخريجات الايديولوجية المبررة للتسلط والهرمية الاجتماعية، فنحن بالتأكيد شيوعيون
هيئـات العمـل الثـوري -حركـة تمـرّد (تونس)