الموازنه العامه عام 2013 للسلطه في العراق بين سرمده عبوديه النفط وغياب التصورات التنمويه


محمد سعيد العضب
2013 / 5 / 13 - 23:25     


نحاول عبر هذه القراءه المقتضبه حول قانون الموازنه العامه للسلطه العراقيه لعام 2013 تسليط الضوء علي بعض القضايا التي امكن استشفافها من نص القانون المنشور في مدونه المسله وشبكه الاقتصاديين العراقيين ( علما ان نص القانون المنشور لم يتضمن الملاحق والجدوال التفصيليه المرتبطه به)

لذا ربما تكون هذه القراءه السريعه غير شامله , بل قد تكون قاصره في تكميم كافه الجوانب الهامه والحساسه بموازنه يفترض منها ان تشكل خطه عمل الدوله خلال سنه معينه, و ان تعكس عبرها برنامجها الاقتصادي والاجتماعي والسياسي , لتحقيق اهداف مجتمعيه معينه في مجالات الحياه المختلفه , كما يجب عليها ان تعتبر اطار تنظيمي للسياسيه الماليه للدوله
علاوه علي ذلك يستلزم من الموازنه العامه ان تؤشر وتوفر خارطه الطريق لمسارات الاقتصاد العراقي المدمر منذ عقود طويله (ومن ضمنها السنوات العشر الاخيره منذ الغزووالاحتلال وتغيير النظام السايق(وبناء الدوله الجديده )

ركزت القراءه الحقيقيه للموازنه علي محورين اساسيين هما اولا استمرار ايمان السلطه في سرمده عبوديه قطاع النفط بالاقتصاد العراقي واعتباره المفتاح السحري حسم وحل كافه المشكلات الموروثه والمستجده والتصدي لمخلفات التدمير والتخريب الساحق للاقتصاد الوطني والفرد العراقي علي السواء منذ عقود طويله بما في سنوات الضياع الاخيره
.ثانيا غياب التصورات الوطنيه الواضحه حول التنميه الاجتماعيه والاقتصاديه المستديمه , حيث ظل استخدام مورد النفط وسيله للاستبداد او تامين السيطره علي مفاصل الدوله والمجتمع مما سيساهم في تعميق الترهل المجتمعي والتوسع في تضخيم الجهاز الاداري وتعميق البطاله المقنعه التي تحولت الي ظاهره متميزه في العراق الجديد ... لهذا ظل الانفاق العام يدور في فلك الصرف المجرد من دون ربطه باهداف وغايات محدده في التنميه ا والتطوير الاقتصادي والاجتماعي او اعتباره عمليه استثماريه تولد تكوبن وتراكم راس المال الاجتماعي
كله يؤكد ان هذه المبالغ المخصصه تحت تسميه الانفاق الاستثماري التي بلغت نظريا 55108602000الف دينار(1).لم تترجم بمشروعات انمائيه في مجال الزراعه او الصناعيه او البني التحتيه, بحيث يمكن اعتبارها تكوين راسمالي يقود الي خق طاقات انتاجيه اضافه او توليد فرص عمل منتجه حقيقيه علي الامد المتوسط والبعيد .
لقد استحوذت ما اطلق عاليه جزافا " الاستثمارات" نسبه قدرها 39.8% من مجموع التخصيصات ,. حيث تبدو, بل تعتبر ليس فقط نسبه عاليه, بل ربما تؤكد علي ان " المخطط المالي" في العراق علي الاقل اصبح نظريا مدركا لاهميه الاستثمار للمستقبل(ان تم استيعاب دقيق وتحديد دقيق لهذا المفهوم ,كما اشير في اعلاه خصوصا وان هناك اختلاف وتباين كبير بين امتلاك او شراء سلع راسماليه وبين الاستثمار لتوليد طاقات انتاجيه وقدرات اضافيه في الاقتصاد الوطني _
,عليه ظل رقم الاستثمار الوارد في الموازنه العامه يتيما, حيث لم يسند بتفاصيل مشروعات بناء او تنميه محدده ,بل ظلت تسميات مجرده تحوم في شاكله المجهول او التوريات اللغويه التي اعتاد عليهاجهابذه التلفيق الفكري في عصرنا الحاضر .
فمن خلال مراجعه تفاصيل بنود التخصيص الوارده في قانون الموازنه , نري ان اجمالي النفقات حسب البنود ظلت اجماليه , كما لم يجري تفصيلها او توظيبها حسب مصروفات جاريه وتخصيصات استثماريه , بل ظلت ارصده اجماليه مكوره يسهل التلاعب بمكوناتها وتحويلها باراده بيروقراطيه الي مصرفات جاريه او الادعاء قانونيا في انفاقها لاغراض استثماريه (هناك ايضا تحفظات علميه اقتصاديه واحصائيه في كون الصرف في مجال عسكره المجتمع قد تعتبر انفاق جاريا بغض عن مقاصده الراسماليه في اقتناء سلع معمره نسبيا ) كما قد تثار تساؤلات حول اعتبا كثير من المقتايات والسلع الم(مثل مصفحات حمايه النواب من الارهاب ) , فرغم اهميته ها او ضروره مثل هذا الصرف تظل قاصره في خلق التشابكات الاقطاعيه المطلوبه ذات التاثيرات الاقتصاديه والاجتماعيه الفاعله علي الامد المتوسط والبعيد سواء علي النمو الاقتصادي او التشغيل
اضافه لذلك غابت عن القانون ادراج مشروعات او اعمال تنمويه و استثماريه كما لم يتم الاشاره من قريب او بعيد عن وجود دراسات فنيه وهندسيه لبعض مثل هذه المشروعات , او علي الاقل وجود تصورات واضحه عنها ومدي جدواها الاقتصادي . فكل ما احتوته وثيقه الموازنه مبالغ تخيصصات اجماليه مكوره تجاوزت الا معقول وبلغت 138424608000 الف دينار وزعت علي 14 بندا وكالاتي :
الامن والدفاع خصص له ما نسبته 14.4% من اجمالي التخصيصات علما ان هذه التخصيصات لم توزع بين النفقات التشغيليه او المشروعات الاستثماريه وينطبق ذلك علي كافه بنود الموازنه العامه الاخري:
التربيه والتعليم بنسبه 9.3%
الطاقه 22.7%
البيئه والصحه 4.9%
الخدمات الاجتماعيه 12.8%
الماء والمجاري والصرف الصحي 3.1%
النقل والاتصالات 1.3%
القطاع الزراعي 1.9%
القطاع الصناعي 1.2%
التشييد والاسكان 1.2%
الثقافه والشباب 1.7%
الادارات العامه المركزيه والمحليه بما فيها اقليم كردستان 9.4%
الالتزمات والمساهمات الدوليه والديون 7.5%
اقليم كردستان 10.4%
من النسب المدرجه يلاحظ ان الامن والدفاع وقطاع الطاقه ( النفط ) ظل يستحوذ علي اكثر من 37% من التخصيصات بالتالي تم ابقاء البلد في عبوديه قطاع النفط وغابت حقا اولويات تنمويه محدده خصوصا في كيفيه خلق نظام حوافز حقيقي لتحريك الفرد نحو مجالات الانتاج المثمر خصوصا الزراعه والصناعه والمه والحرف الضروريه في مجال الصيانه والتصليح او قطاع المعلومات والحاسبات الالكترونيه او ,بل يمكن التوكيد علي عدم اهتمام المخطط التام بالنشاطات الاقتصاديه المنتجه او القطاع الخاص المبدع حيث استمرت تجاره الاستيراد والتوكيلات التجاريه والسمسره والمضاربات الماليه والعقاريه هي النشاطات الحاكمه لما يطلق عليه " القطاع الخاص" بحيث تحولت الي السلوكيات المهينه في هذا المجال واصبحت مجال الابعاد والرياده لاصحاب االمال والجاه في العراق الجديد( حيث ظلت هذه الفئات بعيده عن مفهوم الطبقه الراسماليه الي لعبت دورا هاما في تعزيز اركان الاقتصاد في البلدان الراسماليه الغربيه التقليديه ) .
ان العراق الان في حاجه ملحه لنظام تحفيز اقتصادي شامل يمكنه ان بولد فرص عمل مستديمه وياهم في تنشيط الابعاد والمبادرات الخاصه غير التقليديه علي الامد المتوسط و البعيد, وليس فقط خلق وظائف اتكال وتعميق البطاله المقنعه وتضخيم اجهزه الدوله وعسكره المجتمع , كل ذلك تؤكده ليس فقط النسب البائسه التي خصت قطاعات اقتصاديه هامه مولده لفرص العمل المنتجه والمستديمه منها علي الاخص الزراعه والصناعه التحويليه حبث حضيت نسبه بائسه من مجمل التخصيصات الاستثماريه لم تصل الي اكثر من 3.1% من اجمالي تخصيصات الموازنه بل اهملت الموازنه ايجاد حوافز لرعايه او استاد ودعم المبادرات الخاصه والعمل المبدع والخلاق من قبل المواطن العادي والتخلص من الوصايه الابوبه للسلطه الحاكمه علي مورد النفط واعتباره هبه الحاكم للرعيه ( كل ما تضمنت الموازنه العامه تحمل الفادئده علي القروض االممنوحه للمشروعات الصغيره من قبل المصرف الصناعي .
عليه يمكن القول ان قطاعات الانتاج (عدا قطاع النفط المولد الدائم لعبوديه العراق )لم تحظي باهتمام السلطه الحاكمه , بل تم انكار واضح لحقيقه تاريخيه ليس فقط في اهميه هاذين القطاعين ( الزراعه والصناعه) وما يرتبط بهما من سلسه نشاطات عديده سواء في مجال خدمات الصيانه والتصليح والمعلومات التقنيه الحديثه او الاستشارات الفنيه ضمن القطاع الخاص بحيث يمكن عبر ذلك ايجاد المستلزمات الضروريه لزياد ه مساهمتها ف حسم مشكله البطاله والفقر, التي تعتبر تعتبر الان من القضايا المزمنه في العراق , التي يجب ان تولي الاهتمام الاول في خطط وعمل الحكومه
من هنا كان من الواجب علي البرلمان العتيد وقبل اقراره الموازنه ان يعرج قليلا في مناقشه الاهداف المرجوه من الموازنه العامه باعتبارها خطه الدوله السنويه في الانماء والتطوير والتقدم .
فحسب ما تسرب الي وسائل الاعلام من معلومات ظل الحوار والصراع في البرلمان دار فقط عن ارقام التخصيصات لاجهزه ووزارات المحاصصه, وظل النقاش بعيدا او تم اهمال التطرق او كشف ابعاد بعض التساؤلات الهامه التي نشكل المحتوي الحقيقي لموازنه اي دوله عتيده ترمي التطور والبناء ومنها :
اثر السياسيه الحكوميه في استخدام الموارد علي مستوي التوظيف والنمو الاقتصادي وتوزيع الموارد داخل الاقتصاد ؟
مدي تاثير هذا المبالغ المرصده علي التضخم وارتفاع الاسعار علي كاهل المواطن ؟
مدي توافر الحوافز الاقتصاديه الناجعه في جلب الاستثمارات الخاصه المحليه والاجنبيه ؟
ماهي الزياده المتوقعه في انتاج النفط الناجمه من التخصيصات الفلكيه له ؟
ماهي الطاقات الامناجيه في مجال التصفيه لعويض المستوردات من المشتقات النفطيه والدهون والزيت التي اصبحت تلتهم موارد ضخمه من ارباح قطاع النفط ؟
هل فعلا ان المبالغ المخصصه للزراعه والصناعه يمكنها تنشيط الفرد العراقي وتحفيزه في الولوج الي العمل المثمر في هذا المجال, من اجل اخراجه من حاله الترهل والاعتماد الكلي علي صدقات اولي الامر( الدوله ) ؟
كم عدد المدراس والمستشفيات التي سوف تشييد او اعداد الابنيه الحكوميه التي سوف ترمم ؟
كم عدد الكليومترات المضافه علي قطاع السكك الحديديه او ارصفه المواني الجديده او ماهي اعداد الطائرات الجويه المضافه للخطوط الجويه العراقيه او الطرق الجديده المضافه لقطاع النقل ؟
هذا وقد تطول سلسله التساؤلات الجوهريه التي يمكن طرحها في هذا المجال عن خطه سنه ماليه تستهدف تحقيق اهداف جزئيه في اطار خطه اقتصاديه واجتماعيه شامله وضعت من قل وزار ه التخطيط للفتره 2013-2017 . ام ظلت الموزانه العامه هذه مجرد تجاذبات للقوي والكتل السياسيه من اجل تعزيز سيطرتها وتنفيذ مطالب وزراء المحاصصه وقاده مجالس المحافظات وزعماء العشائر واصحاب النفوذ وتبقي قضايا الاعمار والبناء والتنميه مسائل عرضيه .
امل ان تمكنت ايصال رساله اضافيه من اجل تصحيح بعض المسارات لخدمه




(1)ان هناك صعوبه جمه لمتابعه الارقام الطياره في الموازنه , وكان من الممكن ان تحذف ثلاث اصفار من الدينار وحسب الاقتراحات المقدمه في الحوار القيم في شبكه الاقتصايين وكذك في الخطط السابقه للبنك المركزي العراقي .