عبد الله أوجلان الزعيم الثائر الباحث عن وطن


خليل البدوي
2013 / 5 / 11 - 10:46     


إمرالي (بالتركية: İmralı، وتسمى باليونانية كالوليمنوس Καλόλιμνος) هي جزيرة تركية صغيرة في جنوب بحر مرمرة.
بها سجن شديد الحراسة كان الزعيم الكردي عبد الله أوجلان ـ زعيم حزب العمال الكردستاني ـ نزيله الوحيد منذ اعتقاله سنة 1999 وحتى سنة 2009، قبل أن ينقل إليه عدة سجناء آخرين في نوفمبر 2009.
أعدم بجزيرة إمرالي سنة 1961 ثلاثة من السياسيين هم عدنان مندريس وفطين روشتو زورلو وحسن بولاتكان.
بشق الأنفس استطعت الحصول على إذن لزيارة الزعيم الكردي عبد الله أوجلان، رحببي الرجل، وكان اللقاء التالي:
قلت له: أريدك أن تحدثني عن نفسك؟
قال: أنا عبد الله أوجلان ولدت في 4 نيسان/أبريل 1948 في منطقة أورفة بجنوب شرق تركيا، وأعرف باسم "آپو" بين جماعتي ومحبيني.
قاطعته: وماذا تعني "آپو" ؟
أجاب: كلمة أبو تعني العم بالكرديّة بل هي تسمية دلع أو اختصار لكلمة عبد الله (أبو) كما في كلمة إبراهيم (ايبو). وأنا قائد حركة تحررية مسلحة لحزب العمال الكردستاني.
حدثني عن دراستك؟
قال: درس العلوم السياسية في جامعة أنقرة لكني لم أكمل دراستي وعدت إلى مدينة ديار بكر.
قلت: بم تأثرت؟
قال وهو يسحب نفساً عميقاً ويزفره: تأثرت بالقومية الكردية ونشطت في الدعوة لها.
فتاريخ الشعب الكردي يا سيدي وعلى حد قول كما -مينورسكي- تأريخ طويل ومعقد، وكان له "دوماَ دور بارز وحاسم في تاريخ الشرق الأوسط والتاريخ الإسلامي"، وتشير الدراسات إلى أن المنافسة الشديدة العنيفة بين الإمبراطوريتين العثمانية والصفوية في القرن السادس عشر (التي بدأت مع حملة السلطان سليم الأول 1514) قد أدت إلى تزايد دور الكرد في المنطقة، حيث تحولت منطقتهم إلى (مناطق تماس Buffer Zones ) في الصراع بينهما وازدهرت في هذه الفترة العديد من الإمارات الكردية "شبه المستقلة" منها: بوتان، هكاري، بادينان، سوران، بابان في الإمبراطورية العثمانية، وأردلان وموكريان في الإمبراطورية الصفوية.
هذا الإحساس والشعور سيكونان الإرادة المشتركة للأشخاص الراغبين في العيش المشترك ومنها ينبثق مبدأ "حرية التصرف" للشعوب، بمعنى حق كل شعب في تقرير مستقبله السياسي، وهذا يعني أنه لتأسيس الدولة يجب توفير قاعدة قومية، ولذلك نلاحظ أن مبدأ القوميات بدأ ينتشر في تلك الفترة بأوروبا مما دفع العديد من الحركات القومية إلى الظهور فيها، ومنها: حركات وحدوية قومية في إيطاليا وألمانيا.
إن هذا الصراع المستمر الدائم العنيف أدى إلى تقسيم "واقعي، فعلي" لكردستان كنتيجة لمعركة (جالديران) 1514 وتم تثبيت هذا التقسيم عن طريق معاهدة دولية بين الإمبراطوريتين عام 1639.
لقد كان لهذا الحدث أثر سيكولوجي على الشعب الكردي (إلى جانب آثاره السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية) حيث وضع "عوائق" أمام إقامة العلاقات والاتصالات بين الكرد في الإمبراطوريتين. وهذا ما أثر بعمق على بدايات الفكر القومي وتكون الشعور القومي لدى الكرد.
قلت: هلهذا يعني انطلاقتك لتأسيس الحزب؟
أجاب: نعم فقد أسست في عام 1978 حزب العمال الكردستاني (PKK) واستمررت قائداً له حتى الآن.
وما تبعات هذا التأسيس؟ يعني هل استطعت تأسيس وطن للأكراد؟
قال: سؤال وجيه..في عام 1984، بدأ حزبي عمليات عسكرية في تركيا والعراق وإيران بغرض إنشاء وطن قومي للأكراد.
قلت: ألم تتلقى دعما خارجياً أو حتى من داخل تركيا لإنشاء هذا الوطن؟
ابتسم وقال: عدّة دول ومنظمات دولية تعتبر حزبي إرهابياً مجاملة لتركيا في حين أن تركيا تمنع أي مواطن كردي من تسمية مولوده باسم كردي وحتى التحدث باللغة الكردية ومن يتجرأ على ذلك يتعرض لمضايقات من الحكومة التركية تصل إلى حد السجن في الأقبية.
قلت: ولكني أعرف أن الحكومة التركية قد سمحت بتداول اللغة الكردية؟
قال: أخيراً سمحت السلطات التركية بتداول اللغة الكردية في تركية، فبتاريخ 2009/9/11 سمح المجلس التركي للتعليم العالي للمرة الأولى بتدريس اللغة الكردية في جامعة رسمية.
وفي عام 2010 تم اعتراف باللغة الكردية لأول مرة بتركيا، ويندرج هذا التدبير في إطار الإصلاحات الرامية إلى إنهاء النزاع الكردي-التركي.
قلت: أنه شيء جميل أن تحقق لكم الحكومة التركية ذلك؟
قال غاضباً: تركيا احتلت المناطق الكردية منذ العام 1923، فماذا يعني ذلك مقابل احتلال أرضنا.
قلت: وما ذا فعلت؟
قال: توجهت إلى روسيا أولاً، ومن هناك توجهت إلى عدّة دول، من ضمنها إيطاليا واليونان، لعرض قضيتنا.
قلت: وماذا حدث؟
قال: في 1998 وأثناء تواجدي في إيطاليا، طلبت الحكومة التركية تسليمي. وفي ذلك الوقت كانت المحامية الألمانية بريتا بوهلر تسدي إلي النصح.
ولكن في 15 فبراير 1999 تم القبض علي في كينيا في عملية مشتركة بين قوات وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA) ووكالة الاستخبارات الوطنية التركيةMITوالموساد الإسرائيلي.وتم نقله بعدها جواً إلى تركيا للمحاكمة بطائرة خاصة.
وُضِعت في الحجز الانفرادي في هذه الجزيرة منذ أن قبض عليي. وبالرغم من أنه قد حكم علي بالإعدام في الأصل، إلا أن الحكم حُوّل إلى الحبس مدى الحياة عندما ألغت تركيا وبشكل مشروط عقوبة الإعدام في آب/أغسطس 2002.

قلت: علمت أنك أطلقت لحزبك دعوة لوقف اطلاق النار، ودعوة للمصالحة مع تركيا؟
أجاب: أطلقت عبر المحامي الخاص إبراهيم بيلمز دعوة لوقف إطلاق النار في أيلول/سبتمبر 2006 في مسعى للمصالحة مع تركيا. في هذه الدعوة، طلب أوجلان من حزبه عدم استخدام السلاح إلاّ في الدفاع عن النفس وركّزت على ضرورة إنشاء علاقات جيدة مع الشعب الكردي التركي والحكومة التركية.
وفي مارس 2013 دعوت مقاتلي حزبي إلى وقف إطلاق النار ضد الحكومة التركية وسحب المقاتلين من تركيا إلى شمال العراق، تمهيداً لاتفاق سلام ينهي التمرد الكردي (كما يطلقون عليه)، الذي بدأ عام 1984 وأوقع عشرات آلاف القتلى.
قلت: وماذا جاءبرسالتك؟
قال: إن هذه المرحلة يجب أن تتراجع فيها البنادق وتتقدم فيها السياسة، ودعوت إلى إنشاء نموذج يتعايش فيه الجميع بأخوّة داخل تركيا، وإلى إرساء الحرية والديمقراطية، وإن من يحاولون إراقة الدماء في المستقبل سيكونون مقصيين.
وان دعوتي تضمنت شقا يتعلق بالجانب العسكري، وآخر يخص الجانب السياسي.
أما في ما يتعلق بالجانب العسكري، فإني أريد حل قضية الأسلحة بسرعة كي لا تُزهق أرواح أخرى، يعنيدعوتي لحزبي إلى وقف العمل المسلح.

قلت: وماذا كان رد تركيا؟
قال: في خطوة هيّأت لهذا التطور، أفرج حزبنا (حزب العمال الكردستاني) عن ثمانية أتراك كان يعتقلهم منذ عامين، كما أفرجت أنقرة عن معتقلين أكراد تابعين لحزبي.
والآن كل الآمال التركية والكردية معقودة على التزام الطرفين بالاتفاق الأخير، الذي بدأ المقاتلون الأكراد بمقتضاه انسحابًا من الأراضي التركية، لكن ثمة تساؤلات كثيرة حول قدرة أردوغان على المضي قدمًا في تنفيذ بنود الاتفاق الأخرى، التي تضمن للأكراد حقوقًا لطالما حرموا منها.
قلت: وماذا عن العراق؟
قال: علمت أنه رفض توفير مأوى للمقاتلين الأكراد المنسحبين من تركيا وفقاً لاتفاق تم التوصل إليه بين الاستخبارات التركية ومعي شخصياً.
وعلمت أن الحكومة العراقية "لا تقبل" جماعتي التي قالت عنهم (الجماعات المسلحة)، التي "يمكن أن تستغل في الإضرار" بأمن واستقرار العراق.