عقوبة الاعدام هی الاسم الحكومی لكلمة القتل!


رعد سليم
2013 / 5 / 6 - 14:05     

الى الامام: بالرغم من صيحات المنظمات الدولية لحقوق الانسان لايقاف الاعدامات في العراق، الا ان الحكومة العراقية تزيد من عمليات الاعدام، ما هو تحليلكم لذلك؟
رعد سليم: المالكي لايستطع ان يستجب لنداءات المنظمات الدولية المعنية بالدفاع عن حقوق الانسان لايقاف الاعدامات في العراق، لان هذا الطلب يتناقض مع فهم وسياسة حكومته. ان عملية الاعدام المنظم اصبحت جزءا لا يتجزء من العمل اليومي لحكومة المالكي والهدف منها ان يثبت سلطته القمعية في العراق. ان عمليات الاعدام اليومي للحكومة لاتعنی سوی ازدياد الفوضی والعنف واستعرض القوة بوجه المخالفين لسلطتها الاستبدادية.
ان الحكومة تمارس سياسة التهميش والاقصاء وسلب حقوق الموطنين وممارسة الطائفية في الحياة اليومية، وبالتالي بدات رد الفعل باشكال متنوعة من قبل الجماهير التي تعانی من هذه السياسة، وبالمقابلها تستعمل الحكومة کافة الاساليب القمعية بما فيها عقوبة الاعدام لرد الفعل المقابل. ولا يخفي على احد بان حكومة المالكي وتيارات الاسلام السياسي الشيعي المتحكمة بالسلطات والجيش والشرطة في العراق، اخذت ومنذ فترة طويلة تستغل الفرص وراء الفرص لتثبيت اركان حكمها بمختلف الوسائل القمعية. أنها باتت، وخاصة منذ انسحاب القوات الامريكية من العراق، تستخدم القوة ضد منافسيها السياسيين باسم القانون والاجراءات القضائية .
ان المشكلة الجوهرية التي تعانی منها الجماهير في العراق هي الحكومة التي تسيطر عليه عقلية التسلط والهاجس الامني والمخبر السری ونهج القتل، مما سبق نستطيع التوصل الى ان الحكومة لاتستطيع ان تتخلی عن الجزء الاساسي من خطتها اليومية لتطبيق سياستها وهي الاعدام والتصفية والسجون.
ومن الجانب الاخر ان مسالة حقوق الانسان والدفاع عن الحقوق المبدئية للبشر، ومسالة الغاء عقوبة الاعدام کانت کفاح الانسانية والحرکات التحرربة عبر التاريخ في مواجه اشكال الظلم، لكن في الوضع الحالي في العراق لاتواجه حكومة المالكي ضغط وحرکة منظمة لاجبارها على ايقاف عمليات الاعدام او الغائها کكل.
الى الامام: هل تعتقدون ان "الاعدام" او سلب الانسان حياته هو عملية ردع للمجتمع؟
رعد سليم: منذ بدء الصراعات في تاريخ البشرية واحكام الاعدام تصدر وتنفذ بحق الناس من قبل الحكام ورعاة السلطة الطبقية تحت اسماء مختلفة، کالدين، والدفاع عن القوانين وحقوق الاغنياء. وهذه العقوبة يستعملها الحكام باعتبارها اقسی عقوبة يمكن ان تصدر بحق اي الانسان، اذا انها تعنی سلب هذا الانسان الحق في الحياة، وان هذه العقوبة ماتزال تمارس بحجة انها تمثل ردعا للاخرين من اجل الحد من ارتكاب الجرائم. "لكن في الحقيقة ان عقوبة الاعدام هي الاسم الحكومي لكلمة القتل، فالافراد يقتلون بعضهم البعض، لكن الحكومات والدول تعاقب الافراد بحكم الاعدام. ومن الناحية الثانية فان عقوبة الاعدام تعتبر ابشع واقذر اشكال القتل العتمد واشدها سخافة، لانه ثمة مٶسسات سياسية ترتكب القتل امام الناس وتعلنه مسبقا علی الملاء وباقصی درجات اللامبالات وببرود الاعصاب والشعور بالحقانية عن قرارها من قتل شخص وتعلن وقتها التی ستقوم فيها بهذا الامر، واريد ان اقول بان قتل القاتل هو اعادة وتكرار للقتل. ان المشرعين لقانون الاعدام يرون بعد تآن وتفكر بان الاعدام هو عقوبة مناسبة للرد علی جريمة القتل وتقليص الجرائم، ولكن هذه الادعاء سافر، لان تجارب التاريخ تٶکد بما لايقبل الشك بان عقوبة الاعدام لم تكن يوما من الايام تقلص من نسبة الجرائم في المجتمع، وانما بالعكس يزداد العنف وتركز ثقافة الانتقام بين الناس. وان الاساس المادي لمنع الجريمة مرهون بوضع الحياة الاقتصادی والاجتماعي للناس في المجتمع.
ومسالة اخری ومهمة وبرأيي هي جوهر الموضوع، هم يتكلمون عن عقوبة بحق المجرم ونوعية الجريمة، لكن من هو المجرم؟ ماهي الجريمة؟ من يقرر ذلك؟ هل القضاة والمحاکم العراقية لديهم الاستقلالية الكاملة لتقييم هذه الحالات؟ اذا کانت کلامهم عن الجريمة او الارهاب ودرع المجتمع يجب تحاكم السلطة. ما هي الجريمة الاکبر من جريمة قضاء الحويجة عندما يهاجم قادة جيش المالكي وبامره المدنين ويقتلون الاسری امام الجميع وامام کاميرات المصورين، ماهي الجريمة الاکبر من جريمة السلطة الامريكية بحق سكان هيروشيما وناکاساکی؟ ماهي الجريمة الاکبر من جريمة الانفال والابادة الجماعية؟ ماهي الجريمة الاکبر من القتل المنظم للشباب والنساء والاساتذة في العراق، ومعروف لدی جميع الناس من هم اللذين يقومون بتلك الجرائم. ماهو عقاب مجرمي السلطة في الحويجة ومناطق اخری في العراق؟ لكن المحاکم العراقية وسلطة المالكي لا يعتبر بانها الجريمة، ولايقول بانها المجرمين، وانما بالعكس يعتبرون المدنين والأسرى اللذين قتلوا هم المجرمين.
الى الامام: اذا كان او كما سموه بـ "العراق الجديد" وان شمس "الديمقراطية" بزغت عليها لماذا لم يسن معها قانون الغاء حكم "الاعدام" في حين ان "الاعدام" متوقف العمل به في كردستان العراق كما اشارت المنظمات المختصة في حقوق الانسان؟
رعد سليم: في بداية اود ان اقول انا لست متاکدا بان قانون الاعدام متوقف في کردستان، لان القضاء والمحاکم والسجون والقوانين ليس لها فرق جوهری بين العراق وکردستان هذه من جهة، ومن الجهة الاخری القضاء والمحاکم والسجون والقوانين ليس منفصلة من هيمنة الاحزاب الحاکمة في کردستان. واذا كان هذا صحيحا نعتبرها خطوة جيدة واعتبرها مكسب، وهذا المكسب نتيجة عن کفاح ونضال الحرکات الشيوعية والتحررية في کردستان، الذين ناضلوا من اجل الغاء عقوبة الاعدام للسنوات المنصرمة. لنرجع الى سٶالكم، ان "العراق الجديد" ليس العراق "ديموقراطي" او العراق الذي يحمی حقوق المواطنين ويراعی حقوق الانسان، بل بالعكس العراق الحالي أحتل مكانا بارزا بين دول العالم الذي تنتهك فيها حقوق الانسان من جانب الحكومة وسلطتها. العراق اصبح ميدان للقتل والخطف، الاعدامات وقتل المتضاهرين السلميين وقتل النساء والشباب. العراق الحالي يحكم من قبل المجرمين الحقيقين، والذين مبادئهم بالضد من کافة المباديء الانسانية والمدنية والتحررية. کيف بامكاننا ان نطلب من ‌هذه السلطة ايقاف عقوبة الاعدام، هذا طلب غير منطقي!! لكن هذا الطلب باماکاننا نحن الجماهير والتحرريين ان نحققه، اولا عن طريق کفاحنا من اجل اسقاط الحكومة الطائفية والقومية واستبدالها بالحكومة المدنية غير القومية وغير الدينية، وثانيا عن طريق تنظيم أنفسنا في جبهة موحدة ای الجبهة المناهضة لعقوبة الاعدام للايقاف عقوبة الاعدام، لانه عملية الغاء عقوبة الاعدام اصبح مطلب جماهيري عريض في العالم وفي العراق خاصة.