ستنجو العروبة وتفشل المشيخيات


جورج حزبون
2013 / 5 / 4 - 13:59     


تماما كما جاء في المثل الشعبي ، يرى الذئب و يقص ( يبحث ) على اثره ، فالذئب لا يخفي نفسه ، والضحية واضحة ، وهي الامة العربية بكل تفاصيلها ، فالقضية الفلسطينية تعود اليوم كما بقيت باستمرار ، بوصلة ووحدة قياس ، فحين تقرر الجامعة العربية ، بتعديل مباردة السلام العربية ، بان تقدم تنازلاً اخرى الى جانب ما ضمته تلك المبادرة من تنازلات ، ويقضي بالموافقة على تعديلات على حدود حزيران 67 ، يتضح امامنا طبيعة وواقع المعادلة المراد تمريرها، حتى دون ان تعلن اسرائيل منذ تاريخ المبادرة عام 2002 موافقتها او نية مناقشتها !!!
حين كانت فلسطين قبل النكبة وبعدها مركزالوعي وثقافة وكفاح ، كانت مشيخة قطر بلا حدود جغرافية ولا حضور سياسي ، بل ان دويلات الخليج لم تكن قد حصلت على استقلالها ، وكان الشعب الفلسطيني يناضل عن وطنه ،و يطالب ويكافح من اجل استقلال الخليجي ،مدركا ان هذا يكون ظهيرا لكفاحه، وحين قامت حركات التحرر العربي ظلت القضية الفلسطينية بوصلتها ، وتعانقت الشعوب العربية بعد سنوات الاستقلال، حتى يستكمل بالتضامن والتعاون، والبعثات التعليمية التي كان الفلسطينيون قاعدتها ، وشارك ايضاً الفلسطينين في الكفاح الوطني العربي سواء في مصر واليمن وسوريا ولبنان والجزاير وغيرها ، حيث كان يدرك وهو لا زال كذلك ان الوحدة طريق حرية واستقلال فلسطين ، ولقد قبل الفلسطينينون بالوحدة الاردنية كمعيار وسبيل تعبيري للوحدة والعروبية والحرية ،التي لا يمكن ان تتوفر اركانها في دولة دون اخرى في المحيط العربي ، تماماً كما فهم الاخرون من اميركا واسرائيل وبريطانيا وفرنسا ، ان قيام دولة او كيان وحدوي عربي هو اعاقة لنهج استغلالهم واستعبادهم للمنطقة حتى انهم لم يوافقوا على الاتفاق مع حسين مكة ليكون حاكم عبي لاكثر من قطر واحد او الاراضي التي انسحبت عنها تركيا ، وهو يومئذ حليفهم في الحرب ؟! ، فلم يكن امامهم غير التحالف مع انظمة بعضها هم قاموا بتنصيبها ، ومهمتها ضرب تلك الزعامة العروبية ، وزيادة الانقسام العربي ، وافتعال صراعات عديدة لانها قوى التحرر العربي ، حتى اصبح القرار العربي عبر مشيخة قطر ، التي بذلت سعياً سخياً لتقسيم المقسم سواء بالسودان ، او في فلسطين ، والعراق ولبنان وليبيا والان تكون سوريا الضربة القاضية .
لا يمكن ان يكون الاسلام عنصر او اداة تقسيم ، رغم استخدامة كوسيلة لمهمة قذرة ، قد يكون سهلاً تضليل بعض الناس لبعض الوقت ، خاصة في الظروف الاقتصادية الصعبة الراهنة ، الا انه لا يمكن ان يستمر طوال الوقت ، فلقد خلقت عملية اسلمة الثورة العربية الراهنة وحرفها عن سيرها الديمقراطي الى اسلمتها بالتعدد الاسلاموي ، مما خلق فتنة مستحدثة بين الطوائف وربما هي غابة كانت محسوبة ، لضرب النزعة العروبية ، والاسلام السياسي معا، وبهذا تكون الطريق معبدة ، امام هذه الانظمة لصياغة حالة سياسية جديدة بالمنطقة بالتعاون مع اسرائيل اضاقة الى ما كان من امر حلفاء الامس .
في كتابة تحت عنوان ( جواسيس جدعون ) كتب اسرائيل هاريل : الملك الحسن الثاني بالشرق الاوسط ، قد يكون مبالغاً لكن ماذا عن CIAكان مسؤولاً اول عن انشطة
ما كتبه محمد حسنين هيكل عن ان كافة مقرارات القمة العربية كان يحضرها الاسرائيليون عبر التنصت الذي كان يوفره الحسن الثاني، الذي استناداً لاصراره عقدت اغلب مؤتمرات القمة في بلاده الرباط وفاس عدة مرات ؟! ، والقائمة طويلة لاخرين ولعلها اصبحت معروفة ، الا انه يبدو ان هؤلاء لم يستطيعوا عبر اجهزة مخابراتهم من تحقيق الغايات ، وحسب المرحلة ومعطياتها ، انتقلت المهمة الى المشيخات صاحبة الفوائض المالية الهائلة ، لا ستخدام القوة الناعمة ، لانفاذ ذات المهمة ، وهي استعانت بدورها بالاسلام كعقيدة ، وبالاسلام كسياسية ، وبذلك شوهت الاسلام ، واثارات نوازع كامنة بين المذاهب ، وقدمت المنطقة العربية الى العالم ، كحالة متوحشة لا زالت غير معاصرة ، وتحارب بمفاهيم القرن السادس والقرن السابع. .
الجامعة العربية التي اقامتها السياسية البريطانية ، وباركها انطوني ايدن شخصياً ، لم تستطع ان تتطور لا بالنظام ولا بالنهج ، وهذا الامين العام يقضي معظم وقته في مقر وزارة الخارجية القطرية ، وهذه قطر ترشح ( العطية ) من الاسرة الحاكمة كأمين عام قادم ، ذلك لمواصلة المهمة ، ويتم تسليم موقع الدولة المؤسسة سوريا الى جهة من المعارضة الغير مستقرة ، ولعله احد الاسباب التي دفعت الاخضر الابراهيمي ليرفض ان يكون مبعوثاً للجامعة العربية ، بل هو يستعد للاستقالة ، وبعد كل هذا كان طبيعياً ان تفتي تلك الجامعة بمصير فلسطين ، علماً انها بالقيادة القطرية لا زالت تشجع الانقسام، وتعزز موقف حركة حماس مما يساهم في تبديد الفاعلية الوطنية الفلسطينية ، وقطر تواصل حراكها الاسلاموي لغاية في نفس يعقوب .
في سنوات الستينات والسبعينات ، كان الصراع بين القومية العربية وقواها التحريرية ، مع المملكة العربية السعودية ، والتي انشئت الحلف الاسلاموي ودعمت الحركات الاسلاموية حتى في الاتحاد السوفياتي ذلك الوقت ، لكنها كانت تقف عند القضية الفلسطينية داعمة ومساندة ، ورغم انها كانت تقود معسكر معاكساً للثورة ، وكانت مواقف الملك فيصل مهمة بعد حرب اكتوبر 73 ، الا ان الوارثين الجدد لقيادة مرحلة الانحطاط العربي ، لا يدركون ما هم فاعلون من حيث هم ليسوا من الوارثين الشرعين ، بل ابناء غير شرعين ، ومن لم يدرك المكانة الفلسطينية في الصراع الاقليمي ، مستنداً الى الحالة الاسلاموية في بعض البلدان التي تولاها الاخوان كمصر وتونس ، يكون مجرد هاوي في العمل السياسي ، فلا التحالفت الغير مقدسة مع الاسلاموين ستستمر، حيث هو لم يستمر مع اميركا رغم كل ما كان في افغانستان، وساهم في سقوط الاتحاد السوفياتي ، ولن تكون دمشق الا قلب العروبة بلا قسمة ولا اسد ولا اخوان ، وافق النهوض اشد عمقاً من مرحلة الانحطاط ، والمعاير واضحة بما في ذلك العراق .