وقاحات اردوكان وتغريدات ساي


عصام شكري
2013 / 4 / 19 - 23:09     

اصدرت محكمة تركية الاثنين قرارا بسجن الموسيقار التركي العالمي فاضل ساي بتهمة تغريداته المسيئة للاسلام في شبكات التواصل الاجتماعي. هذا الحكم جاء ضمن سلسلة من التهجمات التي قامت بها الحكومة الاسلامية وبتوجيه من اردوكان على رموز ثقافية مبدعة وموهوبة في اوساط المجتمع التركي من فنانين واكاديميين وكتاب ومثقفين.

التهجم الوقح من اردوكان وحكومته الاسلامية هو جزء من هجمة شرسة يشنها تيار الاسلام السياسي الذي وصل حديثا الى السلطة وخاصة في دول "النموذج التركي" التي تحاول جاهدة اغتيال الثورات العربية، من اجل اعادة اسلمة المجتمع والتأكيد للغرب بان الجماهير ستبقى تحت التجييك. تم توجيه التهم لفاضل ساي وقبله مئات الفنانين والمثقفين والكتاب بالتهجم على الاسلام وانتهاك مقدسات المسلمين. في مصر اتهم عادل امام والهام شاهين وسناء احمد بانتهاك حرمات المجتمع المصري والهجوم على الاسلام والاباحية، من قبل الاخوان والسلفية، وفي تونس يتم التهجم على النساء ومحاولة قتل الناشطين كما حصل مع المناضل اليساري بلعيد. وفي السعودية تلاحق السلطات الدينية النساء المتحررات وتستخدم اقذر اجهزة محاكم تفتيش المسماة "المطاوعة" لكي يثبتوا دائما كم ان "الاسلام دين تسامح ومحبة !". وفي الجمهورية الاسلامية الايرانية يتم تصفية منتقدي "ممثل الله على الارض والبحر والجو" الملله علي خامنئي بتهمة التجاوز على السلطة الالهية او الذات الالهية. وفي العراق، بلدنا العزيز، لم يسلم المثقفون الاحرار واليساريون والعلمانيون والنساء من السكاكين والمسدسات الجبانة للاسلاميين. فقد قامت الحكومة بقتل الكاتب هادي المهدي ابان المظاهرات في التحرير وفي كردستان قتل القوميون الكرد سردشت عثمان. في هولندا قبل سنوات قتل اسلامي صومالي متوحش فان كوخ واغمد خنجر في قلبه مع رسالة لانه اخرج فلم سماه فتنة. اما في مصر قتل الاسلاميون فرج فودة واعتدوا على نجيب محفوظ، وافتوى ضد نصر حامد ابو زيد ونوال السعداوي وعشرات غيرهم. لا ننسى طبعا سلمان رشدي واهدار دمه من قبل الامام المقدس الذي شبه ايقاف الحرب مع العراق بانه تجرع للسم.

الفتاوى تراجعت اليوم ولم يعودوا يجرأون. واحلوا اسلوب اخر هو اسلوب القمع القانوني عن طريق المحاكم ورفع الدعاوي. شئ جيد ان يعمل الاسلاميون للعلمانيين هذه المنابر. ولكن بشرط ان نستخدمها. المحكمة هي منصة مسرح يطل على كل المجتمع يمكن من خلالها وبشكل مسرحي تماما فضح الاسلام السياسي وجرائمه ومخاطبة علمانية الجماهير وروحها الحرة والمتمردة.

ان الهجوم الاسلامي على المفكرين والاحرار وحرية التعبير اليوم يكتسب معنى جديد مع مجئ اردوكان ونموذج الحكومة التركية الاسلامية "المعتدلة". تثبيت هذه "الامج" الجديدة (New Look) لاردوكان مهمة ليس فقط للاسلام السياسي الذي يعقد صفقات مع الغرب ويأخذ منهم الشرعية والقبول لنحر التأجج الثوري في المنطقة بل انها تكاد تصب في مصلحة الغرب تماما. ان ابقاء اليسار والعلمانية والمساواة وحرية النساء تحت الرقابة مسألة مهمة. ولو كان بيد ساسة اوربا لقلبوا تأريخ اوربا نفسها رأسا على عقب ولالبسوا انفسهم القلنسوة الكهنوتية من جديد وحملوا السبح.

ان تطاولات اردوكان والاخوان والنهضة والدعوة غبار تافه لن يعمي احدا. فالعلمانية اليوم قوية جدا داخل المجتمع. لا عصر قوت فيها العلمانية قدر اليوم. منذ عصر النهضة لم يشهد العالم نزوعا علمانيا وتحررا اجتماعيا وتحطيم "للمقدس" كالذي نشهده اليوم. عصر رينيه سانس جديد قد شرع اين منه عصر نهضة اوربا. الف مونتسيكو يظهر لدرجة يبدو معها مونتسيكو الاصلي في غاية الخجل. ولكن هذه هي قمة جبل الجليد فقط.

اما وقاحات اردوكان فسيغرد عليها ضاحكين الملايين من شباب واحرار تركيا العلمانية.