كيري وزيارات المنطقة


جورج حزبون
2013 / 4 / 10 - 13:53     

لا احد كان ينتظر من زيارة اوباما ، وزيارات وزير خارجيته (كيري ) اي جديد ، فالحكومة الاسرائيلية التي جرت تنصيبها غداة الزيارة ، هي حكومة مستوطنين في الاغلب ، وتدرك في مناخ التصارع العربي او الاقتتال والتدمير العربي الذاتي ، والذي اطلق عليه ( ربيعاً ) بتسمية جاءت من الصحافة الاميركية والاوربية ، فان حكومة اسرائيل الراهنة لا تجد نفسها في ازمة ، تحتاج فيها الى تقديم تنازل ما سواء للعرب في مباردتهم او للفلسطينين في ازمتهم ، بل هي تعطي الاهتمام الاكبر الى التهديد الايراني ، وقد تقدم نفسها اليوم للعالم مثالاً لما يجري في الجزيرة الكورية ، وبهذا يناسبها ان تضع نفسها جزء من ازمة العالم وليس المنطقة .
لم يجد كيري افضل من ان يقول : ان الفترة غير مناسبة لحل سياسي حيث الطرفين غير جاهزين ، كما لا يجوز بقاء الحال كما هو ، وعلى اسرائيل تسيهل حياة الفلسطيني ووقف تأزيم وضع السلطة ماليا واقتصادياً ، واعطاء مناطق ( ج ) للسلطة ، اما بشان الاستيطان فلا جديد حيث اسرائيل تتحدث عن تسمين طبيعي للمستوطنات وكذلك انها في القدس وحيث(E1) طرحت عطاءات بدأ العمل بموجبها ، وفيما يتعلق بمنطقة
ان الحكومة الراهنة لا تستطيع اعلان وقفه، الا انه من الممكن عدم البناء دون اعلان .
ردا على اعلان اسرائيل ضم القدس ، في 2 تموز 1969 صوت مجلس الامن على قرار بالاجماع على عدم الاعتراف بذلك الضم بما في ذلك السفير الاميركي حينها ( تشالز يوست ) وشجب القرار كافة الاجراءات الي اتخذتها اسرائيل كما ايدت ذلك حكومة جونسون في ذلك الوقت .
وفي 30 تموز 1980 يعلن الكنيست الاسرائيلي قانون يؤكد القدس عاصمة لاسرائيل ، وبهذا تثبت اسرائيل انها غير قلقة من الدور الاميركي البرتوكولي ، حيث هو يهدء ويقدم لحلفاء امريكا العرب ما يشير الى اهتمام بالمسألة الفلسطينية ، وهو حال يمهد لدفع عدد من الدول العربية المنزعجة من بقاء فلسطين محتلة وازمة منطقة !! معياراً لوطنية اي نظام عربي ، مما يدفعها ايضاً للعمل على الطريقة الاميركية ، فمثلاً السعودية صاحبة مباردة السلام العربية في قمة بيروت 2002، كانت قد قدمت مبادرة مشابهة في قمة فاس في ايلول 1982 ثم مسمى خطة سلام عربية( خطة فهد ) ، ويبدو ان التغيرات الجارية واطالة الزمن دفع أنظمة اخرى لتقديم مباردات مثل جزيرة قطر ، والتي تحالفت مع تيارات الاسلام السياسي لتأكيد حضورها وهي الكيان المنغزل والصغير ، مالك الثروة والمحتا ج الى دور حتى لو كان تخريبياً ؟!
في عام 1967 كان سكان القدس الغربية 197 الف ، في 11 حزيران 67 طرت اسرائيل سكان حي المغاربة واقامة الحي اليهودي ، كانت مساحة شرق القدس عام 1967 = 6.5 كلم ، ومساحة الغربية 6-12 توسعت اليوم الى 104 كلم ومحاطة بجدار طوله 652 كلم ، اذن الامر ليس مقتصر على ( 41 ) بل ان القدس تذوب ، والضفة تسكنها المستوطنات ونصف مليون مستوطن ، والسيد كيري يتحدث عن المفاوضات وصعوبتها هذه الايام وضرورة تسهيل حياة السكان ، دون ان يتحدث عن دولة فلسطينية لتأكيد حقيقة اممية ،بل لم يعلن التزامه حتى بالقرارت الدولية والتي وافقت عليها حكومته على الاقل بعدم ضم القدس ورفض ما تقوم به اسرائيل والتزامه بقرار 242 المتحدث عن حدود عام 1967 .
الاميركين يقومون بعملية تنفيس للغضب الفلسطينين وتطمين لحين انتهاء امر سوريا عبر تمزيقها وفرض واقع على الارض، على الاقل ينهي ضم الجولان لاسرائيل حين لم تعد هناك دولة سورية موحدة تتابع شأنه ، وينتهي ترتيب اوضاع لبنان، وبتنصيب تمام سلام رجل السعودية رئيسا للبنان، بعد ان فكت الاخيرة تحالفها مع حزب المستقبل التي كان تحول للتحالف مع قطر ، وهكذا تسهل عملية تحجيم حزب الله بالسياسية او بالحرب مع اسرائيل ،كما تتولى قطرانهاء ازمة الامارة الاسلامية في قطاع غزة،ويصبح امر السلطة الوطنية بالضفة الذي عاد يحمب مسمى دولة ، كيان قائم متقطع بالضفة لكنه غير موجود وربما متوسع مع ما سوف تتخلى عنه اسرائيل من مواقع ، لكنه رغم تخقيف ازمته الاقتصادية فهو غير قابل للتطور ، رغم ان يحمل للعرب اسم فلسطين ،الا انه لا يتمكن من حسم قضية اللاجئين ، ولا بد هنا من طروحات قد تفرض في حال تصفية سوريا واعادة النظر في حال العراق سواء تقسيم او تغير عبر تقليم اطافر ايران ، و انهاك القاهرة واغراقها بالفوضى ، وليبيا والسودان ، مع التنافس بين قطر والسعودية، الذي بدأ بأخذ شكل صراع لا زال غير ظاهر، عندها تكون القضية الفلسطينية قد اصبحت ملحة للانهاء وليس للحل ، وتعود الامور الى ما كان قاله كارتر عام اذار 1977 في ولاية مساتوستشس... تأيده لوطن فلسطيني لكنه قال في 12/7/1977 ان الكيان الفلسطيني المقترح يجب ان يكون مرتبطاً مع الاردن ! وسيتم توسيع وتسهيل حياة الغزين عبر سيناء حيث الامكانية واردة ، فمدينة رفح منقسمة بالسياج نصفها مع القطاع والاخر مع سيناء .
فهل جاء كيري ملتزماً بقرارات الامم المتحدة الواجبة التنفيذ ، ام بمقتضيات الحال الذي تقتضيه السياسية الامريكية بالمنطقة ، وهل هي الاخلاق التي تحرك اميركا ، ام ازمتها العامة ، التي تحتاج فيها الى الموقع الاستراتجي للمنطقة ، والنفط حالياً حيث ستصبح عام 2020 اميركا اكبر منتج للنفط في العالم ، ولا تعود مضطرة لمسايرة محميات الخليج او السعودية، ولكنها تحتاج الموقع لتستمر صاحبة نفوذ عالمي عسكري وجيوسياسي، بغض النظر ان بدأت تفقد دورها المالي العالمي ، ومكانتها كاحدية القطب في عولمة سياسية ، واصبحت تواجه قوى جديدة تحتاج الى معادلات جديدة امامهم ، وابرزهم الصين والهند والبرازيل وجميعها تحتاج الى الطاقة التي تريد اميركا استمرار قبضتها على انابيبها بكل السبل ، وهذا جزء من عقيدتها السياسية للقرن الحادي والعشرين .