رسالة الي مدينة الناصرية الحمراء!


رعد سليم
2013 / 3 / 27 - 18:06     

عن طريق صديقي العزيز احمد عبدالستار من مدينة الناصرية، استلمت رسالة خبرية عن محاولة بعض المليشيات منع قيام حفلة غنائية في النادي الثقافي اللبناني علی کورنيش نهر الفرات، وقامت مجموعة تمتهن الأرهاب بتفجير قنبلة صوتية امام النادي. قبلها مرت علينا أخبار قتل النساء في الناصرية. بعد تلك الاخبار فكرت قليلا، لمـاذا هذه الاعمال تحدث في الناصرية؟ هل تاريخ الناصرية يقبل بهذه الاعمال؟ هل تغير نسيج ساكني الناصرية؟ هل الناصرية عادت للوراء ورمت تاريخها المتمدن والمشرف في نهر الفرات، وتريد ان تكتب تاريخ جديد؟
انا ليس من ساكني مدينة الناصرية، لكن منذ طفولتي عرفت اسم الناصرية وسماتها. الناصرية "مدينة الحبوبي" تلك المدينة التي تميزت بالادب والثقافة والفن وکل شيء عن باقي المدن بمدها الادبي الرفيع. الناصرية ليس مدينة عادية في العراق، الناصرية لها مكانها الخاص في تاريخ العراق الحديث، الناصرية کانت مدينة الافكار الحديثة والتحررية. من بوابة الناصرية عرف العراق الفكر التقدمي والشيوعي. ان من أوائل الذين رفعوا راية التمدن وتحرير النساء في العراق کانوا جماهير الناصرية. من الناصرية توسع الادب والفن والغناء الى العراق کافة. هل التاريخ نسي مقهی ابي احمد التي کانت ملتقى للشعراء والادباء التحررين، هل ننسی الفنانين والمغنين العراقين الكبار من الناصرية! هل ننسی تاريخ الاف الشيوعين من الناصرية الذين ضحوا بانفسهم من اجل الحرية والمساواة والعالم الافضل. تاريخ الناصرية تاريخ التمدن والحضارة والتغير. الناصرية وتاريخها علی طول السنين کانت تزرع الافكار المساواتية والتقدمية علی طول التاريخ الحديث. کانت المدينة شوکة في جسد الحكومات البرجوازية والديكتاتورية في العراق، والتی من الصعب السيطرة علی ارادة جماهيرها بسهولة، کانت مدينة صامدة بوجه کل من يصادر حقوق العمال والكادحين. الناصرية عبر تاريخها کانت مستهدفة من قبل کل الانظمة والحكومات المتعاقبة على الحكم في تاريخ العراق الحديث، من النظام الملكي والاستعمار البريطاني وصولا الى النظام البعثي والى الان من الفكر الرجعی المذهبي ومليشيات الاحزاب الحاکمة. في ايام الحكم البعثي ألصق البعثيين مفردتي "الشجرة الخبيثة" على المدينة وساكنيها للتنكيل بهذه المدينة وجاهيرها والتي کانت الشيوعية فيها هوية اهالي المدينة. لكن الجماهير في الناصرية لم تركع ولن ترکع في المسقبل. جماهير الناصرية تبقی راياتها حمراء، ولاتقبل بالجهل والخرافات.
ان هٶلاء الجهلة يريدون عن طريق تلك الاعمال ان يقطعوا جذور التمدن والفن والادب من المدينة ويريدون ان يغيروا ملامح المدينة حتی تصبح قندهار العراق، لكن الناصرية رقم صعب ولايقبل الغلط، الناصرية تبقی مبعث ومصدر القوی التي تقف بوجه التخلف والظلم واللامساواة. ايها الجهلة لا تراهنوا علی الناصرية، بامكانكم ان تفعلوا ما تشاؤون في امكان اخری، لكن ليس في الناصرية، لا تجربوا حظكم العاثر علی جماهير مدينة الناصرية، لان الناصرية تبقى الحديقة المزهرة التي تنتج الورود الحمراء، هذا هو نسيج جماهير المدينة ومن الصعب تغيره. يمكن في الوقت الحالی لديكم قوی مليشياية مجهزة بافكار طالبان وبامكانيات مادية كبيرة تستولون عليها من ثروات حماهير العراق، لكن محاولاتكم تلك باهضة الثمن ولا تستطيع ان تكسر ارادة الجماهير وسيبقی الناصرية مدينة حمراء، ستيقى منبع التقدم والتحرر والتمدن والمساواة. واخيرا اريد ان أقول بان الناصرية لاتريد تغير تاريخها، بالعكس ستستمر المدينة في نهجها ولونها الأحمر.