تفاؤل حذر

باسل سليم
2005 / 4 / 9 - 12:23     

على المتفائلين بالحكومة الاردنية الجديدة الانتظار قليلا والنظر بتمعن الى تركيبة الحكومة وخلفيات الوزراء لتقرير ردود فعلهم ..
وقبل ذلك لا بد من التأكيد على أن رحيل حكومة الفايز كان مطلبا ملحا في الفترة الاخيرة لمجموعة من العوامل المتباينة اهمها تماديها في التعدي على حقوق المواطنين الاساسية .
كما ان الوزارة الجديدة خلت من وزيري الداخلية والخاجية الذين أثارا جدلا واسعا في الفترة الاخيرة كما قد يبدو للبعض على أنه احد الاسباب التي ادت الى رحيل حكومة الفايز ..
والسبب الذي يدعونا الى التمهل في التفاؤل هو ان الحكومة الجديدة تتشكل من خمس وعشرين وزيرا اثني عشر منهم جاءو من الحكومة السابقة ، أي أن نصف الوزارة ما زال على حاله كما هو .
كما أن الحكومة الجديدة تضم في صفوفها ثمانية عشر وزير سابق ، اي من الذين كانوا في حكومة الفايز أو من الذين كانوا في حكومات سابقة .
ورئيس الوزراء نفسه كان وزيرا فيما مضى ، ولا بد من الملاحظة هنا أنه من الصعب أن يتولى رئاسة الوزراء شخص لم يكن في ماضيه وزيرا ..
كما أن الوزارة الحالية تضم في صفوفها ثلاثة من أبناء وزراء سابقين ، فيصبح من السهل القول أن الوزارة الحالية وريثة ارث عريق من الوزارات السابقة .
لذلك يصبح أي شكل من اشكال التفاؤل في غير محله حيث أن اولى خطابات رئيس الوزراء المكلف المتفائلة تنص في احدى عباراتها مثلا على " حرية التعبير المسؤول " ، أي حرية تعبير على مقاس الوزارة وبالتالي ستبقى الحريات ضمن السقف المسموح والواطيء دائما ...
كنا كتبنا فيما سبق أن رحيل حكومة الفايز بعد مهزلة قانون النقابات اصبحت ضرورية ، وأن أوان حكومة وحدة وطنية قد آن ، حكومة وطنية تضع على اجندتها انهاء الاحتكار الوزاري وتسعى الى طريق لا بد منه نحو حكومات مختارة شعبيا وهو أساس أي اصلاح منشود وحياة ديمقراطية حقيقية .
إن مجيء حكومة جديدة لا يعني أن نقع في الوهم القائل أن الحكومة تغيرت ، فالحكومات لا تتغير إلا في ظل انتخابات ديمقراطية ، إلا في ظل قانون انتخابات ديمقراطي قائم على التمثيل النسبي ، إلا في ظل نظام قضائي مستقل ، وإلا في ظل قوانين حقيقية تعبر عن مجموع مصالح الشعب لا مجموعة مصالح مجموعة محددة
في ظل ذلك فقط نستطيع التفاؤل برحيل حكومة وقدوم حكومة جديدة ، حكومة جديدة تحتاج الى بعض الوقت كي تثبت مشروعيتها وكي تحوز على ثقة الناس وبعض التفاؤل .