ما قل ودل حول زيارة اوباما


خالد عبد القادر احمد
2013 / 3 / 22 - 13:14     


مما لا شك فيه ان وقائع زيارة رئيس الولايات المتحدة الامريكية للمنطقة, كانت محبطة للامال الفلسطينية, ان من حيث المساحة الزمنية الضيقة التي افردها للجانب الفلسطيني قياسا بما افرده من وقت كبير للكيان الصهيوني, او من حيث رمزياتها التي استهانت باحاسيس الكرامة الفلسطينية, حيث زار قبر المجرم رابين وامتنع عن زيارة قبر الرئيس ياسر عرفات, بل وحتى في الهدية الرمزية ( اللوحة التي تجمعه بابراهام لينكولين محرر العبيد ). والتي من الجلي انها تدعوا الفلسطينيين الى الصبر والتحمل, او من حيث النكوص السياسي عن مواقف الشرعية الدولية من حالة الاحتلال وتجلياته, بل وحتى عن افق مواقف امريكية سابقة,
لقد كان الرئيس الامريكي يدرك انه في حضرة الكيان الصهيوني وان عليه التزام اقصى درجات الادب, الامر الذي يدلل على حجم الضغوط التي يتعرض لها الرئيس الامريكي ليس من اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة ولكن من تهديد مباشر من الكيان الصهيوني وقدرته على المس بالمصالح الامريكية في المنطقة, حيث تتعدد الملفات التي من الممكن للكيان الصهيوني ان يورط الولايات المتحدة بها, بدءا من الملف النووي الايراني ومرورا بملف سوريا, واخيرا بملف شبه جزيرة سيناء,
بالطبع لم يكن ليكون متاحا للكيان الصهيوني القدرة على ممارسة هذا المستوى والحجم من الضغوط, لو كانت قوة جيوسياسيته مكتسبة من لوجستية موقع جغرافي اخر غير فلسطين, وهو عامل القوة المؤثر في الصراع العالمي, والذي يخدمه الان ويضاعف من اهميته حالة تفوق الكيان الصهيوني, الى درجة ابتزاز اقوى دول ومراكز القوة العالمية, بل ويجبرها على التنافس من اجل كسب رضاه, والتعامل معه بالسمة فوق القانونية, وفي هذا السياق نستطيع فهم مغزى توقيت الدعوة التي وجهها الرئيس الروسي بوتين لرئيس وزراء الكيان لزيارة موسكو عشية زيارة الرئيس الامريكي, التي تشكل ضغطا على اوباما وتقوي نتنياهو في مواجهته حيث يطرح بوتين على الكيان الصهيوني روسيا بديلا سياسيا للولايات المتحدة
ان كل الادارات التي تعاقبت على الكيان الصهيوني, ادركت تماما القيمة التصارعية لجيوسياسية اللوجستية الفلسطينية فحرصت على حسن توظيفها, اولا من اجل تثبيت الكيان الصهيوني وتقويته, وثانيا لخدمة تحرره من هيمنة مراكز القوة العالمية عليه, وثالثا للدخول مع مراكز القوة هذه الان في صراع نفوذ على المنطقة, وفي المقابل كانت الرؤية السياسية الفلسطينية هي الاقل ادراكا وتقديرا للاهمية السياسية للوجستية فلسطين في الصراعات, بسبب اغراقها في الايديولوجيا العرقية العروبية الاسلامية وغياب ادراكها لخصوصية ذاتها واستقلاليتها القومية,
بالطبع لم يكن ليكون هناك خيبة امل من النهج الامريكي, لو لم تكن الطموحات الفلسطينية فيه تصل حد دعوته لخوض معركتنا الوطنية نيابة عنا, فحجم الخيبة يعبر في النهاية عن حجم الامل المهدور, وحجم الجهد الضائع على كسب الود,
ان الانتصار في الصراع ضد الكيان الصهيوني والولايات المتحدة الامريكية, ممكن وقابل التحقيق, لو ان الحركة الوطنية الفلسطينية تعيد مراجعة المنطلقات الايديولوجية لمنهجيتها السياسية, وقد برهن على هذه الامكانية ما تحقق من مكاسب للمناورة السياسية الفلسطينية على الصعيد الدولي حين قررت واخذت وعملت باستقلال في ( بعض ) المعارك, حيث هزمت هذين الطرفين, وهي لا زالت تستطيع فتح مجالات صراع ( مغلقة ) والانتصار بها, اذا اعادت رسم نفسها على اساس ملامح صورة معركة تحرر ( قومي فلسطيني) لا تحرير ( اقليم عربي اسلامي ) كما يحدث الان
فحينها ستجد قيادات الحركة الوطنية الفلسطينية ان قدرات الانتاج والابداع القومية الفلسطينية في خدمة مناورتها السياسية, بصورة سيادية مستقلة, لا تستطيع معه دول المنطقة ولا مراكز القوة العالمية ممارسة الضغوط عليها, بل ستعمل حتما على نيل رضاها وحينها سيكون نفاق الولايات المتحدة السياسي للفلسطينيين لا للكيان الصهيوني