نظره في قانون الميزانيه العامه للدوله العراقيه لعام 2013


محمد سعيد العضب
2013 / 3 / 10 - 02:50     

تستهدف محاوله طرح بعض الافكار والتصورات حول الموازنه العامه للدوله العراقيه لعام2013 التعرض لجوانب محدده, امكن استخلاصها من نص قانون الموازنه المتاح ولم نتمكن من الحصول عليه كاملا بما فيه من ملاحق وجداول تفصيليه مرتبطه بها , لذا تكون هذه القراءه السريعه غير شامله , بل قاصره في تكميم كافه الجوانب الهامه والحساسه بموازنه دوله... يفترض منها ان تعكس عبرها برنامجها الاقتصادي والاجتماعي والسياسي , خصوصا وان الموازنه العامه تشكل كما معروف اداه رئيسيه هامه بيد الدوله من اجل تحقيق اهدافها في مختلف المجالات, كما تعتبر الاطار المنظم لادوات سياستها الماليه, وما تسعي من خلالها من تحقيق اهداف المجتمع الاقتصاديه والاجتماعيه والسياسيه , اي ان الموازنه السنويه هذه يمكن اعتبارها بمثابه خطتها السنويه التاشيريه لتوجيه وتسييرا الاقتصاد العراقي المدمر لعقود طويله
. فمن خلال النصفح الاولي والسريع لارقام الموازنه العامه الضخمه بكافه مقاييس تاريخ العراق الحديث يتضح جليا ان تخصيصات الانفاق الاستثماري ( من دون تحديد دقيق لمفهوم الاستثمار في القانون وغياب المعايير الدقيقه في مديات فصله او اختلافه عن المصروفات الحكوميه الجاريه التي ترمي تسهيل واداء ا لعمل الحكومي البيروقراطي اليومي و تسيير عمل ووظائفها الاعتياديه المعتاده ) نراها بلغت نظريا 55108602000الف دينار وهي تشكل نسبه مرتفعه او مرموقه قدرها 39.8% من مجموع تخصيصات الموازنه.
فهذه النسبه وحسب النظره الاولي تبدو, بل تعتبر ليس فقط نسبه عاليه, بل ربما تؤكد علي ان " المخطط المالي" في العراق علي الاقل اصبح نظريا مدركا لاهميه الاستثمار للمستقبل, مع ذلك ظل الرقم الوارد في الموازنه يتيما حيث لم تسنده تفاصيل لمشروعات بناء او تنميه محدده.
فمن خلال مراجعه تفاصيل بنود التخصيص الوارده في قانون الموازنه , نري ان اجمالي النفقات حسب البنود لم يجري تفصيلها او توظيبها حسب المصروفات الجاريه والتخصيصات الاستثماريه , بل ظلت ارصده اجماليه مكوره يسهل التلاعب بمكوناتها وتحويلها باراده بيروقاطيه الي مصروفات جاريه او الادعاء قانونيا في انفاقها لاغراض استثماريه قد لا تكون ذات تاثيرات اقتصاديه واجتماعيه متوسطه او بعيده الامد سواء علي النمو الاقتصادي او التشغيل من ناحيه , او انها تظل عرضه للتسويفات الاداريه من ناحيه اخري .
اضافه لذلك غابت عن القانون ملامح او دلائل حقيقه عن اعمال تنمويه باهره حيث افتقرت وثيقه القانون هذا عن تسميه او ادراج مشروعات او اعمال تنمويه و استثماريه كما لم يتم الاشاره من قريب او بعيد عن وجود دراسات فنيه وهندسيه لبعض مثل هذه المشروعات , او علي الاقل وجود تصورات واضحه عنها , ومدي جدواها الاقتصادي . فكل ما احتوته وثيقه الموازنه تخيصصات اجماليه مكوره بلغت 138424608000 الف دينار وزعت علي 14 بندا وكالاتي :
الامن والدفاع خصص له ما نسبته 14.4% من اجمالي التخصيصات علما ان هذه التخصيصات لم توزع بين النفقات التشغيليه او المشروعات الاستثماريه وينطبق ذلك علي كافه بنود الموازنه العامه الاخري:
التربيه والتعليم بنسبه 9.3%
الطاقه 22.7%
البيئه والصحه 4.9%
الخدمات الاجتماعيه 12.8%
الماء والمجاري والصرف الصحي 3.1%
النقل والاتصالات 1.3%
القطاع الزراعي 1.9%
القطاع الصناعي 1.2%
التشييد والاسكان 1.2%
الثقافه والشباب 1.7%
الادارات العامه المركزيه والمحليه بما فيها اقليم كردستان 9.4%
الالتزمات والمساهمات الدوليه والديون 7.5%
اقليم كردستان 10.4%
من النسب المدرجه اعلاه يتضح غياب اولويات تنمويه محدده بل يمكن التوكيد علي عدم اهتمام المخطط التام بالنشاطات الاقتصاديه المنتجه المولده لفرص العمل المستديمه وعلي الامد البعيد , حيث خصص للقطاع الزراعي والصناعي نسبه بلغت 3.1% من الاجمالي للانفاق العام , وهي من القطاعات الاقتصاديه الرائده في خلق فرص العمل المستديمه والنمو الاقتصادي .
عليه يمكن القول ان قطاعات الانتاج (عدا الطاقه او استخراج النفط اساسا ) لم تحظي باهتمام الدوله , بل تم علي ما يبدو انكار واضح لتجارب وحقائق تاريخيه في اهميه هاذين القطاعين في المساهمه في حسم مشكله البطاله والفقر عموما ولتي تعتبر كما معروف من القضايا المزمنه في العراق ,التي يتطب ايلاء الاهتمام الاول والاستثاني لهما في خطط وعمل الحكومه .
من هنا كان من الواجب علي البرلمان العتيد وقبل اقراره الموازنه ان يعرج قليلا في مناقشه الاهداف امحتمله والمرجوه من الموازنه العامه .
فحسب ما تسرب الي وسائل الاعلام من معلومات, ظل الحوار والصراع في البرلمان يدور فقط عن ارقام التخصيصات لاجهزه ووزارات المحاصصه, كما ظل النقاش بعيدا ,بل تم اهمال التطرق او الكشف عن ابعاد بعض التساؤلات الهامه التي نشكل المحتوي الحقيقي لاي موازنه عامه في دوله عتيده ترمي التطور والبناء ومنها :
اثر السياسيه الحكوميه في استخدام الموارد علي مستوي التوظيف والنمو الاقتصادي وتوزيع الموارد داخل الاقتصاد ؟
مدي تاثير هذا المبالغ المرصده علي التضخم وارتفاع الاسعار علي كاهل المواطن ؟
مدي توافر الحوافز الاقتصاديه الناجعه في جلب الاستثمارات الخاصه المحليه والاجنبيه ؟
ماهي الزياده المتوقعه في انتاج النفط الناجمه من التخصيصات الفلكيه له ؟
هل فعلا ان المبالغ المخصصه للزراعه والصناعه يمكنها تنشيط الفرد العراقي وتحفيزه في الولوج الي العمل المثمر في هذا المجال, من اجل اخراجه من حاله الترهل والاعتماد الكلي علي صدقات اولي الامر( الدوله ) ؟
كم عدد المدراس والمستشفيات التي سوف تشييد او اعداد الابنيه الحكوميه التي سوف ترمم ؟
كم عدد الكليومترات المضافه علي قطاع السكك الحديديه او ارصفه المواني الجديده او ماهي اعداد الطائرات الجويه المضافه للخطوط الجويه العراقيه او الطرق الجديده المضافه لقطاع النقل ؟
هذا وقد تطول سلسله التساؤلات الجوهريه التي يمكن طرحها في هذا المجال عن خطه سنه ماليه تستهدف تحقيق اهداف جزئيه ضمن اطار خطه اقتصاديه واجتماعيه شامله ادعي انها وضعت من قبل وزار ه التخطيط للفتره 2013-2017 . ام ظلت الموزانه العامه هذه مجرد تجاذبات للقوي والكتل السياسيه من اجل تعزيز سيطرتها وتنفيذ مطالب وزراء المحاصصه وقاده مجالس المحافظات وزعماء العشائر واصحاب النفوذ وتستمر قضايا الاعمار والبناء والتنميه مسائل عرضيه وجانبيه لا ترقي الي اهتمام الساسه .
امل ان تمكنت ايصال رساله اضافيه من اجل تصحيح بعض المسارات العرجاء الحاصله في بناء الدوله الجديده ,.