حجّي مجيد وشكري بلعيد و بانوراما الكواتم والثريد


محسن لفته الجنابي
2013 / 2 / 26 - 20:15     

أزدحام اليوم فوق معدلات الهموم , وبشق الأنفس مع أسناد المعارف وصلت الى مكاني المسائي فقد فاق الجهد ما ذقته في صباحي فهنا لامس حد العراك والتهديد , فارغ طبعا" مادام يصدر عن مواطن عراقي عادي , كان المكان موحشا" فالزملاء لم يتمكنوا من الوصول كما فزت مع القلّة , شكلنّا حلقة في الكافيتريا فقد أصبحنا بضعة لاضرورة لأن نحسب أو نحاسب لنبدأ الحديث , حجي مجيد كان مشتت الأفكار تركناه ليكون الأخير , كسر أبو علياء الصمت و تكلّم بمرارة :
كنت في تشييع لمعاون التربية في الكرخ , قتلوه بالكواتم .. أريد شايا" مع ماء بارد فغداء السمك تحول الى وغف و جيثوم ..
دخل أبو سماح على الحديث :
موجة غريبة من القتل الصامت والأغرب أن يفلت الجناة في كلّ مرّة ... أي والله عمي ويّاك شاي و بطل مي ...
أردت أن أجّمل المشهد :
في تونس ألقي القبض على قاتل شكري بلعيد , يقولون أنهم أثنين , الأول محبوسا" بيد السلطات و الثاني هارب .. أريد كابتشينوا و بطل ماء و باكيت سكاير عيوني ..
جاء سلام مستعجلا" كمن يحمل جمرا" :
أخبرني جنودي أن هناك سيارة ملغومة توجهت الى منطقتي .. أخبروا دكتور أحمد أنني في الواجب و أستحلفكم بشرف الصداقة أن لا تحرقوني كما تفعلون دوما" .. شرب الشاي المخصص لأبي علياء .. و غادر مسرعا" ليستبدل ملابسه في سيارته .. طلب أبو علياء شايا" بصوت عالٍ حتى أنتبه الحاج مجيد :
شكو ياجماعه .. والله فزّيت
أبو علياء : شكو عليك حجّي , أشو ميّك للصدر وطريقك زراعي, قابل مثلنا , حتى باج الخضراء ماعدنا
الحاج مجيد : لو تدرون .... وسكت
أبو شيماء المعروف بالهدوء و الحكمة و التي أكتسبها من معاصرته لثلاثة عهود , أجاب بصوت خافت:
لكل فعل رد فعل , و أهالي تونس يعرفون , ونحن أيضا" نعرف , لكننا جبناء .. قالها بصوت أخف من السابق ..
أبو علياء: يمعود , نحن نسمي القتلة مقدسين أما هم فلا , هي حرب اللصوص تجري بالخفاء , بالنهار تشريب و بالليل يقولون لأنفسهم .. عوافي .. أريد سفن آب , عمو جاسم .. بسرعه تره لعبت نفسي
أبو سماح :
لو نجمع ما ألقي القبض عليهم خلال العشر سنوات لأصبح العدد أكثر من نفوس الصين .. الصوج مو صوج الثعلب و أنا بأيدي جرحت أيدي وسمّوني جريح الأيد ... خالي جاسم بلكي نفاضّه مال جكاير وألف رحمه على روح جوارينكم
ضحك الحاج مجيد و أستغربنا لأنه لا يضحك الا بالعيد ويقول الرواة أنه أبتسم حين فاز المنتخب في دورة آسيا و قال :
ولكم تدرون وين كنت اليوم ؟
عم صمت رهيب و أسترسل الحاج :
ذهبت الى صديقي الوزير السابق بعد أن سمعت عنه أشاعة فأردت أن أتأكد فزرته في قصره و أستقبلني حرّاسه و هم يعرفوني جيدا" فأنا صديق الطفولة فطرقت الباب وخرج لي مرتديّا" (تراكسوت) كان كرشه مثل مرتفعات حمرين من جهة سليمان بيك , تفاجأ بي وأخبرني أنه لا يمكنه القيام بواجب الضيافه لأنه وحده في الفيللا , فبادرته واثقا" : خلي الجارية السوريّة تقوم بالواجب ... أحمر وجهه فتأكدت و دخلت و كانت حسناء صارخة الجمال تفيض بالرقة والدلال .. جلسنا وذهبت , فسألته :
ماعدها أخت ... بنت عم , جوارين ..كان ساكتا" يتأمل الثريا العملاقة و واصلت :
لو كنت مكانك لأكملت الركنين الآخرين , عندك السوريّة للأنس , والعراقيّة للنكّد و لم تبق سوى لبنانية تطبخ و مصريّة تسمعك أعذب الكلام والهمس , ليكتمل دينك ... أيها الزير الناكر للصداقة وأمانة العهود و السر ...
لم ينهي الحاج مجيد كلامه حتى وجدنا أنفسنا بحركة عفويّة نمسك بهواتفنا و نتصّل في البيت ...
تفرقنا و كان صوت جاسم من الخلف يصيح : الحساب يمعودين
وعدنا لنطالع الأخبار و نجدد عهود الصمت الرذيل .. وعفتهم وجيت و تعيشون وتسلمون