العمل المنتج والعامل المنتج في النظام الرأسمالي


جمال احمد
2013 / 2 / 22 - 21:46     

1-العمل المنتج
إن الرأسمالي يرى بأن الرأسمال هو الذي ينتج الربح، وإنه الذي يحدث فرصة العمل للعامل . ولذا في نظر الرأسماليين فإن العمل المنتج هو كل عمل ينتج شئ أو سلعة مفيدة للآخرين (فقط تتحدث هنا عن القيمة الاستعمالية) - أي تعرفها بشكلها العام وغير التاريخي (المنتج بحد ذاته)– أي إنه وتحت مطاطية كلمة - المفيدة - يستطيع أن يدرج قائمة بالأعمال المنتجة والغير المنتجة، وكذلك بالنسبة للعامل المنتج.
إن الكلام عن (بضاعة- نقد – بضاعة) او (نقد – بضاعة – نقد)، أو القيمة الاستعمالية والقيمة التبادلية، وعمليات تبادل البضائع ... الخ ، يبقينا في ماقبل الرأسمالية أو في أحسن الأحوال في حاشيته(ضمن الانتاج والتداول البضاعي البسيط)، ولا نستطيع الوصول إلى ماهية العمل المنتج والعامل المنتج في النظام الرأسمالي. لكي نصل الى التعرف على العمل المنتج في النظام الرأسمالي يجب أن نعرف ماهو غاية الرأسمالي من تشغيل العامل – في شكله البشري – ؟ أو جوهريا كيف ولماذا يحرك الرأسمال العمل؟
إن هدف و غاية الانتاج الرأسمالي هو الحصول على فائض القيمة، ولذا فإن كل عمل ينتج هذا الفائض فإنه عمل منتج .
إن الرأسمالي لا ينظر لا الى القيمة الاستعمالية – أي ماذا ينتج و كم هو مفيد للبشر أو المجتمع – ، ولا الى القيمة التبادلية – أي كم هو حجم القيمة - ، وإنما ينظر فقط إلى الفائض القيمة المنتجة، والتي تكون الفرق بين قيمة المنتوج الجديد وبين قيمة رأسماله قبل بدء العملية الانتاجية.
قبل بدأ العملية الانتاجية ، يبدأ الرأسمالي بتحويل رأسماله الموجود بشكل نقد (إنه ليس كل نقد هذه ، إنه جاهز فقط لأجل دخوله في العملية الإنتاجية، أي انه رأسمال بالقوة ) الى بضاعة ( وهذا ايضا ليس ككل بضاعة إنه فقط للإستهلاك الإنتاجي) قسم منها الى رأسمال ثابت في شكل وسائل الانتاج من الأبنية وإدوات العمل والمواد الاولية، و القسم الأخر الى رأسمال متغير يتبدل بقوة العمل (ما أن تستبدل قوة العمل برأسمال المتغير حتى "تندمج مباشرة كعنصر حي في عملية إنتاج الرأسمال" ) . وفي نهاية العملية ينتج منتوج جديد يحتوي على قيمة أكبر من قيمته التي بدأ بها.
بعد إكتمال هذه العملية و مرورا بها يكون الرأسمال بالفعل. أي إن هذه العناصر من نقد و بضاعة باشكالها المختلفة تكون رأسمالا ورأسمالا منتجا أيضاً. وإن أجزاءً أو أشكالا من هذه العناصر بحد ذاته أو كلها خارج العملية الإنتاجية لا تكون رأسمالا ولا منتجا.
لنورد امثالين للتوضيح
مثال الأول:
ان تصنيع سفينة او قطار ما ، هو نتيجة عملية إنتاجية لمشروع انتاج تلك السلعة ، حيث تستثمر قيمة ما في إنتاجها وذلك بشراء (او ايجار) ابنية ومكائن و معدات و مواد اولية ، و قوى عاملة من اداريين و فنيين و تكنيكيين و عمال مهرة و عاديين .... الخ من متطلبات انتاج تلك السلعة . و عادة ماتكون تلك السلعة تنتج تحت الطلب بسعرها (اي قيمتها)المحدودة ، وتسلم بموعدها المتفق عليها. بطبيعة الحال تنقل قيمة – كل او اجزاء منها- الابنية والمكائن والمعدات والمواد الاولية ، اي بعبارة اخرى قيمة رأسمال الثابت دون اية زيادة الى السفينة او القطار ومعه تنقل كافة العمل المنفق اليه ، اي ان السعر المتفق عليه تساوي سعر الجزء الثابت اي نفس ما انفق في ذلك الجزء مضافة اليه سعر العمل كاملة. وان اجور العمال اي قيمة قوة العمل تكون اقل من سعر العمل التي تحرك كتلة الراسمال الثابت لاجل انتاج تلك المنتوج . وفي تلك الفرق (الفرق بين القيمة الكلية للمنتوج الجديد وبين القيمة المستثمرة قبل العملية) تستجمع كل روح الراسمال و غايته و حركته. هكذا تنتج قيمة جديدة ملتحقة مع القيمة القديمة الميتة ومجسدة في سلعة جديدة. وبعد هذه العملية فان اي بيع لهذه السلعة بحد ذاتها و تكرار بيعها لا ينتج اية قيمة جديدة. وتقاس كذلك نفس الحالة على كل منتوج اخر.
مثال ثاني:
شركة اخرى ترغب في انشاء شركتين للنقل احداهما بحرية و الأخرى لسكك الحديد ، فتاتي تشتري عدد من تلك السفن و القطارات باثمانها . عند هذه النقطة لم تنتج اية قيمة جديدة فقط تحول الراسمال من شكله النقدي الى شكله البضاعي. وكذلك تشتري ( او تستاجر) مستلزمات اخرى للمشروعين من الابنية و الميناء و سكك حديدية ووقود و و...... الخ ، و كذلك جهاز كامل للعمل من المدراء و المهندسين والفنيين و عمال مهرة و غير مهرة(هنا يحتاج لراسمال نقدي كي تدفع أجورهم او تشتري قوة عملهم) لكي تقدم منتوج في شكل خدمات نقل للأفراد والبضائع.
ان قيمة المنتوج الجديد – اي خدمات نقل البضائع والافراد- المحسوب في عملية نقل واحدة او مدة زمنية معلومة تحتسب باحتوائها على اجزاء من اندثار الابنية والطرقات و السكك الجديدية و الاستهلاك الجزئي للسفن و القطارات والمكائن والمعدات الاخرى وكل الوقود والمستلزمات التي تستعمل في تلك العملية . و طبعا اضافة الى العمل المتجسد في تلك الخدمة والتي حركت جميع وسائل النقل. ان هذه القيمة الجديدة تكون اكبر من القيمة التي دخلت قبل عملية الانتاج. وان الفرق بين القيمة الجديدة والقيمة القديمة هو كمية القيمة الفائض المنتج. ان تكرار هذه العملية يوميا او اسبوعيا او عدة مرات يوميا، تكرر عملية انتاج قيمة جديدة (عدا عن نقل القيم القديمة) باستمرار.
ان مالك الشركة يستحوذ على كل الفائض القيمة او يقسمه مع شركائها تحت مسميات(او اشكال) الربح الصناعي والفائدة والريع و الضرائب.
يستطيع هذا الرأسمالي (كما هو اليوم ساري العادة) ان يحول شركته الى شركة مساهمة وذلك بتقسيم ملكية الشركة الى الاجزاء وطرح أسهمه في الأسواق - البورصة - . عندئذ كل مالك للاسهم سياخذ قسطه من الربح المنتج .
لكي نوضح اكثر فنفترض بان المشروع يقدر ب مليار دولار واحد وقسمت الشركة الى 10 مليون سهم ، قيمة كل سهم 100 دولار وان الربح السنوي للشركة هو 100 مليون دولار. عندئذ كل سهم يحصل على 10 دولار سنويا. كل مالك للاسهم في هذه الشركة يحصل على 10 مضروبا بعدد اسهمهم. وعند بيع احد المالكين لأسهمهم فانه تحول ملكية السهم البالغ قيمته 100 دولار و معه الربح السنوي 10 دولار الى المالك الجديد. ان هذه العملية – عملية بيع اسهم تلك الشركة- اذا تكررت مئات المرات يوميا ، لن يغير في شئ من ان تلك الشركة ستنتج فقط تلك 100 مليون دولار لاغير.
تظهر الاسهم والسندات اليوم بشكل مجازي ( حيث انه لم ينفق عليه اي عمل ولا تحتوي على اي عمل) في شكل البضاعة بسبب كونه تداول في السوق، اي تشترى و تباع كاية سلعة ولها سعر، حاله حال النقود الورقية ، كما ان البنكنوت هو نقود اجبارية ( تدعم و تفرض من قبل الدولة) فإن الاسهم والسندات ايضا بضائع اجبارية ( تدعم وتفرض من قبل الشركات والدولة).
وعليه فإن أية تداول به تكون بمثابة تداول أية سلعة اي معادلة التداول البضائعي البسيط ( بضاعة – نقد – بضاعة ) ، ان هذه المعادلة او هذه العملية لاتنتج اية قيمة اضافية.
ان مقولة العمل المنتج في النظام الراسمالي ، له معنى واحد وهو ان تنتج فائض قيمة يستولي عليها الرأسمالي بشروطه الإنتاجية ومن خلال العملية الانتاجية الراسمالية وبحضور اهم عناصره ( العنصر الوحيد المولد له) الا وهو قوة العمل ، فما عداه من تبادل للبضائع كل شئ عدا ان تكوَن ثروة او قيمة جديدة مضافة ، او هو فقط تغير لماليكها.
هناك شرطان لاجل اتمام عملية خلق الفائض القيمة (او لأجل ظهور العمل المنتج). الشرط الاول ، "ظهور قدرة العمل الموحد اجتماعيا"( سابحث هذا في جزء العامل المنتج) عوضا عن العامل الفرد. والشرط الثاني ، هو ان تواجه هذه قدرة العمل الموحد اجتماعيا الراسمال ومبادلته بها والدخول لعملية الانتاج ، ففيه تجري ثلاث عمليات حيث
1- تصان الجزء الثابت من الرأسمال بنقله للمنتوج الجديد
2- إعادة إنتاج معادلها
3- وتنمية القيمة المنتجة بكمية متغيرة.
لايستطيع الشرط الثاني ان يعمل اذا لم يتوفر الشرط الأول.
بينما يستطيع الشرط الأول أن يعمل بدون الشرط الثاني، وحينئذ تكون العمل الغير المنتج اي لاستهلاكه كقيمة استعمالية. ان شراء هذه القدرة على العمل تكون في صيغة ب – ن – ب (قدرة عمل – نقود - خدمة) وتكون هذه النقود ايرادا وليس راسمالا. كما لو ان الرأسمالي يشتري أشياء لاستهلاكه الشخصي.
ساكتفي بهذا القدر حول العمل المنتج واتمنى ان تكون واضحة، اما بالنسبة للعامل المنتج فسأبحثه في المقال اللاحق.