«الكفاءة الاقتصادية» بين الاقتصادي والاجتماعي

قدري جميل
2005 / 4 / 2 - 12:35     

نشرت الزميلة «تشرين» في عددها الصادر بتاريخ 24/3/2005 مقتطفات من مداخلة د. قدري جميل في ندوة الثلاثاء الاقتصادية، ولتدقيق ما نشر، ننشر فيما يلي النص الكامل:
صياغة جديدة لدور الدولة
أشكر د.حيان لطرحه قضية العلاقة بين الاقتصادي والاجتماعي وربطه بموضوع التنافسية. وإذا أردنا اليوم التحدث عن صياغة دور جديد للدولة، فهل يمكن ذلك دون صياغة دور اجتماعي جديد؟ وأين تكمن المشكلة؟
إن المشكلة تكمن في أنه سابقاً طبق ومورس دور اجتماعي للدولة على أساس أن الوحدة الاقتصادية على المستوى الجزئي هي التي يجب أن تحمل الدور الاجتماعي وهذا أدى عملياً إلى انخفاض الكفاءة الاقتصادية وكذلك الدور الاجتماعي كان بشكل مسطح ومبتذل على مستوى الوحدة الاقتصادية. فمن الخطأ تحميل الوحدة الاقتصادية دوراً اجتماعياً و المطلوب منها كفاءة اقتصادية عالية لا غير. هذه الكفاءة الاقتصادية العالية على المستوى الكلي هي التي تسمح للدولة بممارسة دور اجتماعي مهم. وهذا الموضوع طبق عندنا بشكل معكوس وعندما تم ذلك وأعطى نتائج إيجابية ظهر رد فعل غريزي أحياناً للمضي بهذا الاتجاه.
علاقة الاقتصادي بالاجتماعي
يجب إعادة صياغة علاقة الاقتصادي بالاجتماعي على مستوى الوحدة الاقتصادية لتأمين كفاءة اقتصادية عالية والتي هي الضمانة والشرط الضروري لدور اجتماعي جيد على المستوى الكلي.فكفاءة اقتصادية متدنية على المستوى الجزئي لا يمكن أن تؤمن دوراً اجتماعياً حقيقياً على أي مستوى كان. أعتقد أنه بهذا الشكل يمكن أن نخطو خطوة صحيحة للأمام لحل النقاش الجاري حول العلاقة بين الاقتصادي والاجتماعي وإذا اتفقنا انه على المستوى الجزئي «الميكرو» كفاءة اقتصادية عالية وعلى المستوى الكلي «الماكرو» دور اجتماعي قوي وهذا المركز يفوض الأطراف بصلاحياته إذا لزم الأمر، ويقوم بمهام جزئية محددة بإشراف جدي لا يؤثر على الكفاءة الاقتصادية العالية بذلك سنحل النقاش الجاري حول طرح التناقض بين الاقتصادي والاجتماعي غير الموجود فعلياً.
القيمة المضافة ونسب النمو
إن القيمة المضافة بعمليات الإنتاج لو استكملت لكانت قيمة مضافة عالية. فعملياً هناك خسارة كبيرة على المستوى الكلي عند تصدير المواد الخام. فلو حسبنا القيمة المضافة غير المحققة من جراء تصدير المواد الخام اعتقد أننا نستطيع أن نحقق النمو الذي نطمح إليه 3×2.7 أي ثلاثة أضعاف النمو السكاني، والذي هو حلم لدى الكثيرين. حتى في ظل القيمة المنتجة المضافة المتدنية اليوم على المستوى الاقتصادي الكلي.
واقع الربح والخسارة
في الوحدة الاقتصادية
إن المؤسسات التي تنتج القيمة المضافة خاسرة دفترياً وفعلياً على مستوى الاقتصاد الوطني الكلي رابحة. وهذه المشكلة تحتاج لنقاش واسع.
فالمشكلة على الأرجح لا تكمن في إنتاج القيمة المضافة بل في إعادة توزيع القيمة المنتجة مجدداً على مستوى الاقتصاد الوطني. فالمنتج الحقيقي هو الخاسر الأكبر والذي لا علاقة مباشرة له بالإنتاج رابح ومن هنا فالمنتج الحقيقي إذ لم يكن الخاسر الأكبر فهو الرابح الأصغر.
والسؤال كيف يمكن أن نجد الحل المركب الذي يسمح بمنع الفصل الاعتباطي بين الاقتصادي والاجتماعي بحيث لا يؤثر على الكفاءة الاقتصادية ويمشي بآن واحد باتجاه تعميق زيادة القيمة المضافة ومن هنا ما هو الحل المركب الإبداعي في الظروف السورية الخاصة.؟!
مؤشر تقييم المؤسسة
على أساس ذلك أعتقد أنه سيجري لاحقاً نقاش حول مؤشر تقييم المؤسسة الانتاجية. وهنا أود أن أذكر مثالاً من تاريخ اقتصاد الاتحاد السوفيتي الذي كان هذا التقييم غالباً، ما كان يحدد مسار الاقتصاد وبمعنى آخر أن مؤشر التقييم يختزل كل السياسة الاقتصادية والرؤية المستقبلية والاستراتيجية وهي مجموعة من المؤشرات من أجل تبيان مسار الاقتصاد ولوضع المؤسسات على الطريق السليم.
في ظروفنا الحالية ما هو المؤشر؟ اقترح د.حيان انتاجية العمل وهذا صحيح ولكن ليس اليوم. فاليوم من الصعب أن يجري التقييم على أساس إنتاجية العمل وكذلك الإنفاق الاستثماري لأن التجربة بينت أن هذا الحجم الكبير من الإنفاق الإستثماري خلف وراءه مصائب كبيرة. لذلك لا بد من إيجاد ذلك المؤشر القادر على التقييم الصحيح في الظروف الحالية.