ايقاف العملاء..الجرائم السياسية...الامن اللبنانى


أحمد الحباسى
2013 / 2 / 13 - 09:28     


لماذا توقف زخم إيقاف العملاء في لبنان و هل توقفت إسرائيل و بعض أجهزة المخابرات العربية و الغربية عن تجنيد العملاء و هل يمكن للعدو الصهيوني لأسباب مختلفة الاستغناء عن العملاء في لبنان و هل هناك حالة انتظار لما ستسفر عليه الحرب فى سوريا بحيث ستختلف الأولويات الإسرائيلية و يتم التركيز على مناطق ساخنة أخرى مثل إيران و السودان ؟ هذه جملة من الأسئلة التي تطرحها الساحة السياسية المتابعة للشأن اللبناني.
هل أن كل الجرائم السياسية الخطيرة التي حصلت بعد اغتيال رفيق الحريري لها علاقة بالجاسوسية الإسرائيلية و بهذا الكم الهائل من العملاء الذين تم اكتشافهم تباعا بعد هذا الاغتيال و ما بين هذا الاغتيال و بعض الاغتيالات المشبوهة الأخرى التي تزامنت مع حالة من العداء الغربي الصهيوني المتصاعد تجاه سوريا و حزب الله و إيران بل هل من الممكن الحديث عن زواج مصلحة بين بعض الفرقاء في لبنان من التيار الحريري و بين الموساد و بعض أجهزة المخابرات الغربية و العربية للقيام باغتيالات "موجهة" تستهدف بعض الرموز المعروفة بعدائها الدائم للمقاومة و للنظام السوري بحيث يسهل توجيه أصابع الاتهام لهما و استثمار ذلك الاتهام المشبوه في العراك السياسي و تنفيذ ما يهم العدو الصهيوني و الامبريالية الأمريكية من غايات لم تعد خافية على أحد.
لعل من أكثر الأسئلة إحراجا للأجهزة الأمنية و العسكرية اللبنانية هذا السؤال الدائم الذي لم ينقطع منذ سنوات و خاصة بعد اغتيال رفيق الحريري و ما تلاه من اغتيالات سياسية طالت عديد الوجوه الإعلامية و السياسية كيف لم تنجح هذه الأجهزة في القبض و كشف الجناة في حين أنه قد تم على سبيل المثال توقيف حوالي 150 عميلا بين عامي 2009 و 2010 بتهمة التعامل و التخابر مع العدو الصهيوني و هو رقم له دلالات أمنية وسياسية هامة على اعتبار أن كشف هذا العدد يوحى بتميز القدرات الأمنية اللبنانية هذا إذا لم نقل أنها تعد من الأجهزة الأكثر كفاءة و قدرة في المنطقة لان الجميع يعلم أن المخابرات الصهيونية تمرح و ترتع في دول المنطقة بلا حسيب و لا رقيب .
في حقيقة الأمر و بصرف النظر عن الأسئلة الكثيرة التي تحوم حول الأجهزة الأمنية اللبنانية و مدى علاقة نشاطها بالأحزاب فان إيقاف العملاء و تجار الجريمة السياسية المنظمة يعد في حد ذاته انجازا أمنيا تشكر عليه و لكن من الظاهر أن العملية الأمنية مرتبطة بالقرار السياسي و بعوامل داخلية حزبية تصعب الدور الأمني و تطرح علامات استفهام كثيرة حول مسألة " داتا " الاتصالات التي يزعم الكثيرون أنها العنصر الفاعل الذي استخدمته الأجهزة الأمنية للوصول إلى إيقاف هذا الكم الهائل من العملاء بل هناك من يلمح أن الأمن اللبناني هو من وجه أنظار المحكمة الدولية إلى اعتماد هذا المسار التقني في التحقيق المتعلق بجريمة اغتيال رفيق الحريري و لذلك كان القرار الإتهامى الصادر عن هذه المحكمة معتمدا في أغلب صفحاته على ما نسبته لبعض الأفراد في حزب الله من اتصالات زمن الحادث.
يعتقد المتابعون أن ما روجت له الأجهزة الأمنية عن استعمال "داتا "الاتصالات من بين أسباب أخرى للقبض على العملاء قد كان لتوريط حزب الله في قضية اغتيال رفيق الحريري و لإخفاء المصدر أو المصادر الاستخبارية الدولية التي دلت هذا الجهاز على العملاء المقبوض عليهم و يرجح الكثيرون أن المخابرات الصهيونية هي من وجهت أنظار الأمن اللبناني إلى هؤلاء العملاء وجعلتهم كبش فداء للمؤامرة الكبرى المتعلقة بالجريمة الكبرى التي استهدفت رفيق الحريري لتوريط سوريا المدة الكافية لدفعها لتنفيذ القرار 1559 و الخروج السريع من لبنان ثم الانتقال إلى مرحلة اتهام حزب الله بعملية القتل لخلق حالة حرب بين الطائفة السنية و الشيعية من شأنها توفير أسباب سقوط حزب الله معنويا و ماديا و استخباريا.
لان المتابع العاقل لا يمكنه تصور أن إسرائيل ليست طرفا في المعادلة الأمنية و في الصراع الدائر بين الأجنحة السياسية اللبنانية و في النتائج التي ستحصل من هذا الصراع فانه من المهم الإشارة إلى أن محاولة اغتيال سمير جعجع و بطرس حرب تحمل شبهة إسرائيلية بحيث تعطى لتيار 14 آذار زخما إعلاميا و شعبيا فقدته منذ بداية الحرب على سوريا و اتهامها بالتورط الفج فيها خاصة بعد ثبوت تورط حزب الحريري في هذا القتال و العمليات الإرهابية التي تحصل في سوريا في خروج عن سياسة النأي بالنفس اللبنانية و تعيد طرح مسألة استعمال "داتـا " الاتصالات في التحقيق بما يمكن إسرائيل تقنيا من كشف كل الأسرار اللبنانية و متابعة كل التحركات على مختلف الأصعدة و يعرض الأمن اللبناني إلى التلاعب بـــه من طرف المخابرات الأجنبية و توجيهه إلى وجهات خاطئة.
عندما نعرف العلاقة الوطيدة بين تيار الحريري و بعض الرموز اللبنانية الأخرى في جميع المجالات مع إسرائيل بالذات و عندما تصر هذه الأطراف إلحاحا على أمر معين و خاصة في المجال الأمني فالحدس المنطقي يدفعنا دفعا إلى الشك في هذا المنحى خاصة أن هذه الأطراف العميلة قد جاهرت بعدائها الواضح للمقاومة و للقومية و المصالح العربية العليا و لا شك أن من وقف مع عدوان تموز 2006 على لبنان و في مراحل سابقة و لاحقة كثيرة لا يمكن الاطمئنان اليه.