منهج الحوار الفلسطيني والواقع


جورج حزبون
2013 / 2 / 6 - 23:24     


بعد الانتخابات الاميركية ، والمتغيرات في طاقم الادارة ، وبعد الانتخابات الاسرائيلية وحتمية المتغيرات المفترضة لقيادة نتياهو بحكم نتائج وتركيبة القوائم الحزبية ، فان الادارة الاميركية ، ستقوم باستغلال هذه المتغيرات الشكلية لمحاولة تمرير خطة سياسية تجدها مناسبة لها في المرحلة المقبلة ، والى جانب ذلك هناك صعوبات تجتازها القضية الفلسطينية ، عبر ذلك الحصار المالي والسياسي للسلطة الوطنية ، والازمات السياسية العربية ، بحيث لم يعد عربياً تتواجد اية اولوية قومية ، مما يحفز للاستفادة من هذه المرحلة ، للانفراد بالفلسطينين لامكانية الوصول الى صيغة سياسية تنهي امر الدولتين او حتى مفاوضات على قاعدة دولة مؤقتة ، قد تكون ساعدت اليها حالة الاعتراف الاممي بدولة محددة الحدود ،تقع تحت الاحتلال الاسرائيلي ، ولانهاء الصراع تحتاج الامور الى بعض الاجراءت او الاتفاقات ؟!التي ترضي الجانب الفلسطيني المنتشي بانتصاره السياسي ، للوصول الى تفهمات قد تكون مؤقتة،على طريقة اوسلو ، اودائمة على طريقة كامب ديفد مصر .
ومع ادراك الفلسطينين لخطورة المرحلة ، ولصعوبة الوضع الاقليمي والمحلي ، تم العودة لفتح ملف المصالحة ، باعتبار ان الوحدة الوطنية الفلسطينية، تمكن من مواجهة ما هو اصلب لما هو قادم، وقد وقد يكون محاولة لفرضصيغة ما ، وهنا تستخدم صيغة المصالحة بدل الوحدة الوطنية ، مما يجعل الامور تقترب الى ذهنية العشيرة ، وبالتالي تفرض اشترطات اكثر صعوبة وتدفع الى تفاصيل فيها ما يقترب من الشيطات اكثر من الوفاق ، ومعالم ذلك بادية كما كانت كذلك عند مفاوضات سبقت ، فالذهاب الى الانتخابات تحتاج الى الكثير من التفاصيل والوقت ولا يمكن انجازها بالنوايا الحسنة ، وفي الطريق اليها عثرات كبيرة ، خاصة فيما يتعلق بالمجلس الوطني ، حيث اجراء الانتخابات في بلدان اللجوء سيخلق اوضاعاً سياسية وحساسيات لا تتحملها المرحلة ، فالوضع في الاردن حيث الفلسطينيون يحملون بطاقات المواطنة ، ستكون الدعوة لانتخاب مجلس وطني فلسطيني ، حالة تقترب من الانقسام الاكثر حساسية منذ عام 1970 ، هذا ان قبلت الاردن بذلك ، وفي سوريا لم تعد هناك امكانية ان لم يعد هناك مركز للفلسطين ؟! ، وفي لبنان والعراق ومصر ، لا يسمح الحال لتلك الاجراءت ، والوصول الى توافق حول العضوية يعد الامور الى صيغة الواقع الراهن بالمجلس الوطني ، وتقدير حجم الاطر بالتراضي والاسترضاء ، وانتخابات التشريعي تحتاج ترتيبات اخرى خاصة حول ضرورة اجرائها بالنسبة الكاملة ، التي تتطلب تعديلات في القوانين والانطمة ، وهي امور ان تمت بيسر تحتاج الى عام واكثر ، نهايك عن تلك التفاصيل والمفاصل تحمل الكثير من فرص المناكفات المعطلة.
وحيث ان الحياة لا تنتظر في مسيرتها ، ولا ينتظر ايضاً الاخرون ، بما فيهم اوباما المتحفز لزيارة المنطقة بالتأكيد ليس للسياحة ، ووزير خارجيته الجديد كيري الذي قد يسبقه ، ولا تستطيع السلطة الفلسطينية ، ان تطلب تأجيل ردودها او تعاملها ، معهم لحين الانتهاء من المفاوضات والانتخابات ، فان الصعوبات ستظهر خلافات سياسية بين اطراف عملية التفاوض التي قد تعود الى التجمبد في افضل الحالات ،فالعقيدة السياسية بين طرفي التفاوض الاساسين او العشيرتين السياسيتن متباعدة ،وحركة حماس تمتلك من العلاقات والتضامن العربي والاسلامي الكثير ، مما يجعلها غير مستعجلة لامر انهاء المصالحة ، بل من الافضل حسب خطة عمل الطرفين فحص النوايا على ضوء التطورات السياسية الجارية ، وهي جميعها معادلات تعطيل ، وليس عوامل دفع ، خاصة وان تلك المحادثات التصالحية تنعقد على قاعدة مثالية اخلاقية مليئة ( باليوتوبيا ) ، وليس مستندة الى اتفاق سياسي او برنامج مرحلي ، بحيث تبقى مواقف الاطراف على حالها ، انتظاراً الى نتائج الانتخابات التي اصبحت هدفاً ، بدل ان تكون نتيجة .
بقي النضال الوطني الفلسطيني ، مستندة الى قاعدة جبهوية عريضة ، وقد بدأ يظهر مدى استياء الشعب من التعامل مع القضية الوطنية بصيغة تقاسمية ، وفئوية ، فالكثيرون خاصة من اوساط الطبقة الوسطى غير مكترثين بما هو جاري ، خاصة مع زيادة البطالة وارتفاع مستوى المعيشة ، وتفاقم الفقر ، فان تحفيز الجماهير لا يمكن ان يكون الا عبر حالة وحدة وطنية برنامجية مرحلية واضحة ، وبعيداً عن عمليات الاستحواذ والاقصاء ، كذلك فان الصيغة النضالية من الضروري ابعادها عن الصيغ الدبلوماسية ، فالاولى تفعل وتسند الثانية ، والثانية تناور وتراكم سياسيا نتاج الاولى ، التي عندها يمكن التنافس على المواقع والتدافع نحو المراكز .
ان العالم حولنا يتغير باستمرار ، وفي كل يوم ، والاحتقان المتزايد في بلاد الشام لا يبشر باستقرار ، والطموحات الايرانية والتركية ، تتفاعل بالوكالة في عالمنا ، والحضور الفلسطيني قد يتراجع اكثر اذا ما استمر العمل بنفس صيغ السبعينات من القرن الماضي ، ولا يجوز ترك الاوراق باليد المصرية المتهالكة بالصراع الداخلي والازمات المتوالية ، مع اهمية الانتهاء من الرهان من اعادة بلدان الخليج الى السابق ، فهي الاخرى اصبح لها اجندتها ، والحياة لا تنتظر ولا تسبر بالخواطر او النوايا الطيبة.