حول العنف الثوري


راجي مهدي
2013 / 2 / 6 - 19:55     

برجوازيونا-والبرجوازية في كل مكان- يخشون من العنف إذ أنه دائما ما يهدد مصالحهم خاصة إذا كان العمال والفلاحون هم من يمارسونه,وإذا لم يكن العمال والفلاحون هم من يمارسونه فإنه يمكن أن تنتقل عدواه إليهم في أي لحظة لذا نجد البرجوازيين يصرخون ضد حرق مقار الإخوان المجرمين , ويصرخون أيضا " نرفض العنف,ندين العنف" والحقيقة أن حرق مقار الإخوان ليس إلا دليلا علي حجم السخط الشعبي علي الإخوان المجرمين (في الإسكندرية قام سكان أحد العقارات التي بها مقر للإخوان بإقتحام المقر وإلقاء كل ما به من الشرفات)والحقيقة أن الإخوان ينكرون هذا السخط وينكرون أن سلطتهم فقدت شرعيتها تماما (وهي الشرعية المهتوكة تاريخيا أصلا) ويحاولون الظهور بمظهر يوحي بأنهم ضحايا مؤامرة من الفلول والممولين وأنهم يتمتعون بتأييد الشعب تأييدا كاسحا كما أنهم يريدون إيهام الناس الذين لم يشاركوا في المعمعة الحاصلة أن كل ما يحدث ليس ذا وزن بالإضافة إلي قصة الفلول المندسين وسط الثوار .وحتي وإن كان ذلك صحيحا فليس مطلوبا من الشعب المصري أن يسكت علي إجرام العصابة الحاكمة لمجرد أن الفلول يشاركون في الإحتجاجات بل المطلوب هو أن ترفع الشعارات التي تعبر بوضوح وجلاء وعن مصالح الشعب المصري وهذه الشعارات لا تقل عن إسقاط النظام ,عن سحق جماعة الإخوان والطبقة التي يعتبر الإخوان جزء منها..ولنتحدث الآن عن ظاهرة العنف التي اتسعت بشدة في الموجة الثانية للإنتفاضة .أعتقد وعن يقين أن العنف في تلك المرحلة هو مراهقة ومغامرة صبيانية لأنه بما أن الخصم هو الإخوان المسلمين فإنهم سوف لا يتوقفون عن العنف أبدا لذا علينا أن نجعلهم يخوضون فيه إلي أقصي درجة وهم أهل لذلك فتاريخهم كله ينذر بذلك- إغتيالات الأربعينيات وحوادث الخمسينيات والستينيات وعنف السبعينيات ضد اليسار - كل ذلك يدل علي أنهم لن يتوقفوا عن العنف وعلينا أن نخوض ضدهم حربا في الشارع - كل القوي المدنية عليها أن تفضحهم أمام الناس بوصفهم لصوص وقتلة لا إختلاف بينهم وبين الحزب الوطني -حربا إعلامية أولا تستهدف بناء موقف جماهيري حاد معادي للإخوان المجرمين الذين لا يملكون خيارا آخر غير العنف في مواجهة حركة الجماهير المتصاعدة وهم يخسرون كل يوم أرض جديدة يجب أن يتقدم المدنيون ليكسبوها .الإخوان المجرمون لا يملكون القدرة علي حل التناقضات اعميقة الضاربة في قلب المجتمع - التناقض الطبقي الحاد - وهذا الإفلاس الفكري والجماهيري هو الذي يقود إلي العنف الذي يعد الخيار الأول لكل سلطة مفلسة فاقدة للشرعية كما أنه الخيار الأول للتنظيمات الفاشية المعزولة عن الجماهير وحتي وان كانت كبير علي عكس التنظيمات الشعبية التي تعتمد علي الكفاح المسلح فهي تقوم بتعبئة الجماهير علي برنامج ثوري واضح محدد أما الإخوان فلن يمارس عنفهم إلا أعضاء التنظيم - ميليشياته - وداخليته التي تغرق في دماء الشعب المصري من جديد .الإخوان مفلسون إذن ويحاولون قمع التناقضات الإجتماعية ولكن الواقع أكثر قوة.ومن جهة أخري فإن إستعجال العنف يلحق أقصي الضرر بالحركة الجماهيرية وهو من جهة يدل علي صبيانية وروح مغامرة تؤدي في أغلب الأحيان إلي كوارث . فالهجوم علي مقرات الإخوان يتم التعامل معه علي أنه إجرام فردي لا أكثر وسرعان ما سيتم سحقه وإنهاك الحركة الجماهيرية .إذ أن سلطة الفاشست حينما تستعيد توازنها سوف تكون قادرة علي تصفية المد الجماهيري خصوصا وأن التناقضات الطبقية كلما إشتدت كلما أدي ذلك إلي تقوية السلطة , إلي زيادة إجرامها ودمويتها.
لذا فالعنف الثوري هو مرحلة كاملة من العمل العنيف تجاة السلطة ومؤسساتها الأمنية - الداخلية والميليشيا - وتجاه الطبقة ومصالحها.العنف الثوري هو مرحلة يخفت فيها كل شئ إلا صوت العنف المؤسس علي برنامج ثوري وبقيادة تنظيم ثوري جماهيري أما ما عدا ذلك فلا يعدو كونه دليلا علي فوضي الحركة .والتنظيم يجب أن يظهر وأن يبني قواه قبل أن يستدرج لأي عمل عنيف إذ أن حالة السيولة الموجودة في المجتمع الآن إما أن تستخدمها السلطة لفرم المد الجماهيري أو أن تنزلق في أيدي قوي مشبوهة .العنف إذن هو مرحلة تفرضها ظروف موضوعية وذاتية غير مفتعلة بل يصبح العنف وقتها بمثابة حديث الجماهير حين تؤمن أن العنف هو المسار الوحيد المتاح لإسقاط سلطة الفاشست وطبقتهم .وتلك الشروط يمكن أن نجملها في الآتي :
1- أن يستنفذالعمل السلمي كافة إمكانياته- وهو ما تم بالفعل
2- أن تنتهي حالة السيولة القائمة في المجتمع عن طريق بناء تنظيماته الثورية -لم يتحقق هذا الشرط
3- أن تمعن السلطة في إستخدام العنف - معلنة إفاسها- ضد حركة الجماهير وأن يتم العمل في وسط الجماهير لتوعيتها بأن العنف هو المسار الوحيد الآن وفضح السلطة كجزء من طبقة لصوصية تجثم علي صدر الوطن وقتها فقط يكون المجتمع مهيئا للعمل العنيف وتكون السلطة فاقدة لكل تأييد شعبي .
والحقيقة أن ما ذكر لا يعني بأي حال أن يستمر التعامل السلمي من قبل المتظاهرين في مواجهة عنف الميليشيا والداخلية .فالمظاهرة التي تتحرك بسلمية فتواجه بالرصاص لا يمكن دعوتها للإلتزام بالسلمية إذا أن ذلك يعد من قبيل تقديم الجماهير للذبح بدم بارد .الجماهير ترد علي العنف بعنف محلي مضاد ملائم للحدث وهذا أيضا ترفضه برجوازيتنا المنحطة- جبهة الإنقاذ- التي لا تدين العنف بإعتباره لم يحن وقته بل بإعتباره مرفوضا من الأساس ولا تفرق بين العنف الثوري كمرحلة لها شروطها وبين مقاومة المتظاهرين لعنف الداخلية والميليشيا بعنف مضاد غير مدان أبدا بل تعد إدانته من قبيل الوقاحة .الجماهير المصرية تقدم درسا في الشجاعة والصمود إزاء نظام مجرم وليس مطلوبا من الجماهير أن تلزم بيوتها في إنتظار التنظيم المنشود بل مطلوبا أن يظل الناس في الشوارع وألا يسمحوا للبرجوازية بتصفية المد الثوري وألا ينهزموا أمام إجرام العصابة فالعنف لا يواجه بالهتاف بل بعنف مضاد وكل من يطالب المصريين بإلتزام السلمية في مواجهة العنف الذي يمارسه النظام فهو ببساطة يثبت أنه جزء من النظام .
عاشت إنتفاضة الشعب المصري
عاش كفاح الفقراء
تسقط الرأسمالية وسلطتها الفاشية
يا عمال العالم . اتحدوا!