تحرر النساء

جون مولينو
2017 / 2 / 27 - 21:02     

لقد أصبح من مأثور النسويات المبتذل أن الثورة الاشتراكية لن تحرر النساء بشكل أوتوماتيكي. هن على حق بالطبع. إذ أنه حتى بعد الثورة لا يحدث شيء أوتوماتيكيا. فالتاريخ يصنعه البشر، وسيكون من الواجب خوض النضال من أجل القضاء على قمع النساء والفوز به.

بالرغم من ذلك فستبدأ الثورة الاشتراكية عملية إنهاء قمع النساء الذي يبلغ دهرا من العمر. تلك العملية التي سيتممها التحول إلى الاشتراكية. والسبب في ذلك بسيط. الاشتراكية، قبل كل شيء آخر، هي التحرر الذاتي للطبقة العاملة، وأغلبية الطبقة العاملة نساء. وبالتالي فبدون التحرر الكامل للمرأة، سيكون من المستحيل التحدث عن التحرر الكامل للطبقة العاملة ومن ثم سيكون من المستحيل أن نتكلم عن الاشتراكية.

لن يجعل ذلك تحرر النساء يحدث بشكل أوتوماتيكي. لكنه يجعل المعركة من أجل تحرر النساء مهمة مركزية في طريق التحول للاشتراكية. الأكثر من ذلك، فبالضبط كما تغيرت زوجات عمال المناجم اللاتي قاتلن خلال الإضراب الكبير 1984-1985 بفعل التجربة، فإن نساء الطبقة العاملة اللائي قمن بالثورة لن يكن مستعدات أبدا لتقبل دور مواطنين من الدرجة الثانية. إذن كيف يمكن تحقيق تحرر النساء؟

أولا ستأتي مجموعة من الإجراءات، التي هي مباشرة وصريحة، ويمكن لدولة العمال اتخاذها على الفور، كما سيحدث بالفعل. وتتضمن هذه الإجراءات: القضاء على أي أثر لعدم المساواة في القانون بين الرجال والنساء، وتجريم أي شكل من أشكال التمييز ضد المرأة، والتشريع لحق منع الحمل وللإجهاض الحر عند الطلب، والتشريع لحق الطلاق الفوري عند الطلب والحق في أجور وفرص عمل متساوية.

من الممكن الاعتراض بأن العديد من هذه الإجراءات (إن لم يكن جميعها) سارية بالفعل في بريطانيا الرأسمالية وبأنها برغم ذلك غير فعالة – وأهم مثل على ذلك قانون الأجر المتساوي. وهنا يجب أن نتذكر السياق المختلف والمتغير. فحقيقة أن دولة العمال ستصبح فورا صاحب العمل الأساسي، وفي آخر الأمر صاحب العمل الوحيد، وأن كل المؤسسات الرئيسية في المجتمع ستكون تحت السيطرة الديمقراطية للعمال، ستضمن ترجمة هذه القوانين والإجراءات إلى ممارسة عملية.

وستساهم تغيرات اجتماعية أخرى عديدة في تحرير النساء وستسهله. فسيكون هناك تعليم ضد التمييز على أساس الجنس في المدارس. وحيثما سيبقى بعض المدرسين المدافعين عن مثل هذه الأفكار الرجعية، سيظهر بلا شك من يصحح أفكارهم بصلابة من طلبتهم. وسيعني التحول الكبير، فيما يخص الملكية والسيطرة على وسائل الإعلام، أنها أيضا ستصبح قوة في مواجهة التمييز على أساس الجنس أكثر منها في صالحه كما هو الحال في الحاضر.

وبما أنه مع القضاء على المنافسة الرأسمالية سيختفي الإعلان بصورته الحالية، كذلك أيضا سيختفي استغلال صور النساء للترويج للسلع. أيضا ستتم مواجهة كل أشكال العنف ضد النساء بشكل جدي.

بالرغم من ذلك، فمهما كانت كل هذه الإجراءات ضرورية أو مهمة فإن أيا منها لا يتوجه إلى قلب الموضوع. فهي تتعامل مع أعراض وآثار قمع النساء أكثر منها مع مصدره. ويكمن هذا المصدر في وضع النساء داخل العائلة، والدور الذي لعبته العائلة في المجتمع المنقسم طبقيا عموما وفي المجتمع الرأسمالي على وجه الخصوص.

اليوم في ظل الرأسمالية تربية الأطفال ورعاية الجيل الحالي (إعادة إنتاج قوة العمل بالتعبير الاقتصادي) هي مسئولية العائلة النووية المخصخصة بشكل أولى وأساسي. وداخل العائلة يقع عبء هذا العمل بالأساس على النساء. بالنسبة للرأسمالية، ميزات هذا الترتيب واضحة. فهو يمكنها من إنتاج قوة العمل وإنعاشها بأدنى تكلفة، ويقسم ويفتت الطبقة العاملة.

أما الأضرار الواقعة على النساء فهي واضحة بنفس الدرجة. ففرصهن في الحصول على عمل بأجر محدودة ومؤقتة. وتتعرض آفاق حياتهن المهنية للأذى، حيث يملن للانعزال في المنزل، وبدرجة تزيد أو تقل، للاعتماد اقتصاديا على أزواجهن.

هذا هو جذر المشكلة التي سيجب حله من أجل تحقيق تحرير كامل ودائم للنساء كجزء من التحول للاشتراكية. لكن العائلة ليست مؤسسة يمكن القضاء عليها بين يوم وليلة بمرسوم. فسيجب استبدالها. الأكثر من ذلك، فإن المؤسسات التي ستحل محلها يجب أن تفوقها في الوفاء بالاحتياجات الإنسانية الحقيقية التي تضطلع بها العائلة حاليا، وذلك حتى يتبناها الناس باختيارهم الحر.

والمهمة الأساسية هنا هي تنظيم العمل المنزلي ورعاية الأطفال اجتماعيا وبشكل كفء وعطوف. ويعني ذلك خلق شبكة شاملة للمطاعم المدارة بشكل مشترك تقدم تنويعة من الطعام الجيد والرخيص (المجاني في النهاية). ويعني تقديم خدمات المغسلات الجماعية وتنظيف المنازل. ويعني، قبل كل شيء، توفير مكان في حضانة لكل طفل صغير، وخدمات مرتبة جيدا لمجالسة الأطفال يستطيع كل الآباء الحصول عليها.

وبينما تتطور أنماط الحياة الجماعية لهذا الحد، وهو أمر يبدو ممكنا، فإن هذا سيساعد بشكل كبير في كل هذه المشكلات. وعندما يتحقق ذلك، ستتوقف تربية الأطفال عن أن تكون ذلك العبء الثقيل المعرقل اجتماعيا بأي شكل من الأشكال، وستصبح تجربة إيجابية غامرة يتم تقاسمها بالتساوي، وعن طيب خاطر، بين الرجال والنساء.

بنفس الطريقة، فإن قضية من يعيش الناس معهم ولمتى، ستصبح قضية اختيار شخصي محض لا تتقيد بالضغوط الاقتصادية، ولا بالأعراف الدينية والاجتماعية القديمة التي تعكس هذه الضغوط.

وسيكون بوسع النساء أخيرا أن يتحرروا من الإخضاع الذي عانين منه منذ نشوء المجتمع الطبقي قبل ست أو سبع آلاف سنة.

ومن الواضح أن تطبيق مثل هذا البرنامج سيتطلب موارد اقتصادية كبيرة، وإرادة سياسية قوية، ومشاركة جماهيرية واسعة. وليست هناك حكومة رأسمالية ستضعه على جدول أعمالها أو بإمكانها تحقيقه. لكن هذا هو بالتحديد السبب في أنه، فقط من خلال الاشتراكية، يمكن للنساء أن يفوزوا بتحررهم.