الحلقة الثانية: -حول بعض القضايا التنظيمية في خط منظمة - إلى الأمام -- الجزء الثامن.


فؤاد الهيلالي
2013 / 1 / 29 - 17:00     




سلسلة وثائق المنظمة الماركسية-اللينينية المغربية -إلى الأمام- مرحلة 1970 – 1980 (الخط الثوري) الحلقة الثانية: -حول بعض القضايا التنظيمية في خط منظمة " إلى الأمام "- الجزء الثامن.

إلى الأمام و الحركة التلاميذية

تقديم
مع دخول المغرب الحقبة الاستعمارية بعد توقيع عقد الحماية المخزي نشأت أولىالمؤسسات التعليمية الثانوية بالمغرب و التي كان يطلق عليها المدارس الإسلامية .
و خلافا للسياسات الاستعمارية و أهدافها ( انظر كتاب أضواء على مشكل التعليم بالمغرب لمحمد الجابري) الرامية إلى عزل الشباب ذوي التكوين العصري عن النضال الوطني, فإن الشبيبة التلاميذية تفاعلت بشكل مبكر مع أولى إرهاصات النضال الوطني إبان الحماية الفرنسية و الاسبانية .
و بشكل مناقض للتوجه الاستعماري الهادف إلى تكوين نخب تخدم المصالح الاستعمارية بالبلاد , تحولت أغلب هاته المؤسسات إلى منبت للقادة الوطنين حيث قدمت للحركة الوطنية أبرز أطرها القيادية من قبيل أحمد بلافريج و محمد بلحسن الوزاني و المهدي بن بركة .... ساهمت الحركة التلاميذية في العديد من الأنشطة الوطنية الثقافية من قبيل تقديم المسرحيات و القصائد و مختلف أشكال الإبداع لاستنهاض الحس الوطني, كما انخرطت الحركة بشكل مبكر في التنظيميات الشبيبية الرياضية للحركة الوطنية ( الأنشطة الكشفية )و كذلك الأنشطة الحزبية الشبيبية و ساهم التلاميذ في العديد من المناسبات النضالية كالمظاهرات و المهرجانات الخطابية و غيرها . و راكمت الحركة العديد من التجارب التي صقلتها و جعلتها تكتسب تقاليد و شخصية نضالية متميزة ساهمت في تقديم العديد من أطر المقاومة المسلحة في الخمسينيات من القرن العشرين . وبعد الاستقلال الشكلي 1956انخرطت الحركة التلاميذية في النضال التقدمي ضد السياسات الاستعمارية الجديدة التي يتبناها النظام الكمبرادوري إسوة بالحركة الطلابية التي كانت ترتبط بها من خلال الوداديات التي كانت تابعة للاتحاد الوطني لطلبة المغرب .و في محاولة لكبح نضالها قام النظام الكمبرادوري بمنع الوداديات عبر القرار الصادر في 21 يونيو1964 من طرف وزير الداخلية آنذاك.
لكن الحركة لم تتوقف عن النضال و فجرت إحدى أهم الانتفاضات في مغرب ما بعد الاستقلال الشكلي و ذلك لما ستتركه من بصمات على التاريخ السياسي لمغرب ما بعد 65.

لقد كانت فعلا منعطفا تاريخيا فجرته الجماهير الثائرة ضد النظام تولد عنه نقد جذري للقوى الإصلاحية و التحريفية و انبثاق للحركة الشبيبية المدرسية الجديدة التي قام مناضلوها الطلائعيون بتأسيس اليسار الثوري الماركسي – اللينيني.


الحركةالتلاميذية المغربية : تاريخ حافل بالنضال.-I-

السياسة التعليمية الاستعمارية بالمغرب-1-
بعد توقيع عقد الحماية الخياني وبتلازم مع السياسة الأمبريالية للإستعمار الفرنسي المدعم من طرف حلفائه المحليين من إقطاع ونظام مخزني عميل ,قام استراتيجيو الدولة الإستعمارية ومخططوها ببلورة استراتيجية تعليمية تخدم أهدافهم في نهب البلاد بالإستيلاء على خيرة أراضيها الفلاحية واستغلال مناجمها وفرض علاقات إنتاج جديدة تقوم على رأسمالية استعمارية تستغل اليد العاملة المغربية بأبخس الأثمان وذلك بعد الإستيلاء على أراضي الفلاحين وتدمير بنياتهم الجماعية وتحويلهم إلى جيش احتياطي يستعمل في ظروف عبودية وذلك لإقامة البنيات التحتية الضرورية للمشروع الإستعماري القائم على النهب والإستغلال والإضطهاد.وضمانا لمصالحها دعمت تحالفاتها مع إقطاعيي البوادي واعيان المدن من تجار كباروعائلات مخزنية وشرفاء ...وقامت باستعمال النظام المخزني وتسخيره لخدمة مصالحها بعدما جردت القبائل المغربية من أسلحتها بعد مقاومة مسلحة بطولية استمرت إلى حدود 1934.
في هذا السياق العام جاءت السياسة التعليمية للإستعمار مطابقة لمصالحه ومصالح حلفائه المحليين. و قد قام الإستعماريون بتغيير بنيات التعليم التقليدي المتوارث منذ قرون وذلك عبر:
- 1 – مراقبة وفصل أهم مؤسسة تعليمية آنذاك وهي جامعة القرويين عن المشرق والقيام بتحديثها.
- 2 –إعطاء تعليم بسيط و عملي بالنسبة لأبناء الصناع و التجار الصغار المدينيين و الفلاحين و الرعاة و الصيادين , تعليم لا يفصلهم عن عائلاتهم و مشاغلها التقليدية , و في هذا السياق تم تأسيس المدارس الفرنسية – العربية و الفرنسية – البربرية المدينية و القروية و هي مدارس مهنية و تقنية كمدارس الفلاحة مثلا.
-3 – بالنسبة للنخبة الاجتماعية المثقفة" الراقية" و رجال المخزن و العائلات الكبيرة و الشرفاء و العلماء و البرجوازية ( الصناعية و التجارية و الفلاحية ) , يتم تقديم تعليم ابتدائي خاص بأبناء الأعيان ووجهاء القوم.كان هدف هذه المدارس بحسب منظور الماريشال ليوطي هو تكوين نخبة اجتماعية للشبيبة المغربية قادرة على قيادة البلاد بعد الحقبة الاستعمارية تكون في نفس الوقت سدا منيعا ضد المد البلشفي الشيوعي الأحمر . كان ليوطي أكثر ما يخشاه هو وصول المد الشيوعي إلى المغرب فتفقد فرنسا مصالحها البعيدة


في هذا البلد.
كان ليوطي هو مؤسس ماكان يسمى بالكوليجات الإسلامية.
تم تأسيس كوليج مولاي يوسف بالرباط بظهير فبراير 1916 وكوليج مولاي إدريس بفاس سنة 1925 . - م يوسف و م إدريس كان دورهما هو التهييئ للدراسات العليا و الوظائف السامية .
في سنة 1947قامت السلطات الإستعمارية بخلق شهادة التعليم الابتدائي المغربية .

وكان عدد التلاميذ سنة 1920 لايتعدى 2887 تلميذ وأصبح 3544 تلميذ سنة 1921 و4932 تلميذ سنة 1922 أي كان يزداد بمعدل 1200 في السنة.
وإلى جانب المؤسسات التي وضعها الاستعمار الفرنسي قام بعض الوطنيين بتأسيس ما سمي بالتعليم الحر(المدارس الحرة) وكان يقوم بتسيير مؤسساته علماء وأدباء,وكانت مستلهمة من النموذج المصري والسوري.

تظهر بعض الأرقام النتائج الهزيلة للسياسة التعليمية للإستعمار الفرنسي بالمغرب. ففي فترة 1930-1937 كان عدد الحاصلين على الباكلوريا 25 تلميذا .أما الإجازة في الحقوق فطالب واحد وطبيب واحد و3أساتذة ومحاميان و3 موظفين سامين.
في ظل سياسة التعليم الإستعمارية كانت الشبيبة المغربية مقسمة وموزعة ومفصولة عن بعضها البعض بحسب الإنتماءات الإجتماعية الطبقية والفوارق الكبيرة بين المدن والقرى فالوظائف المخصصة للمؤسسات التعليمية ساهمت بدورها في ذلك,فمدارس أبناء الأعيان تقوم بتخريج الموظفين لتطعيم إدارة الحماية والمخزن, بينما المدارس الحضرية التي تسلم شهادة التعليم الإبتدائي المغربي فهي تلبي احتياج الحماية إلى الوظائف المساعدة, بينما المدارس القروية, باستثناء أبناء الأعيان, فتوفراليد العاملة لضيعات المعمرين الفرنسيين وهو ما تقوم به كذلك مدارس التكوين بالنسبة للعمال المؤهلين.
-2- الشبيبة التلاميذية في الحقبة الإستعمارية:
لم تنتظر الحركة التلاميذية طويلا لتنخرط في النضال الوطني ضد الإستعمارالفرنسي للبلاد.فما أن انطلقت شرارة الثورة الريفية بقيادة عبد الكريم الخطابي حتى كان صداها يفجر تضامن التلاميذ كما حصل في كوليج "مولاي يوسف" بالرباط.
وفي الوقت الذي كانت تتشكل فيه طلائع الشبيبة المثقفة والمتفتحة في فاس والرباط والقاهرة وباريس,عبر التعليم والإحتكاك والأسفار ووسائل الإعلام ومن خلال العلاقات مع القوى الإشتركية والشيوعية والقومية المعارضة للإستعمار,سينخرط التلاميذ وقدماء التلاميذ في النشاط الجمعوي والثقافي والمسرحي والأنشطة الكشفية تعبيرا عن طموحهم في لعب دور وطني طليعي في مواجهة الإستعمار.
هكذا شكل قدماء تلاميذ م .إدريس جمعية لهم كانت تصدر نشرة " أم البنين " التي يتم توزيعها في كل من الرباط و فاس ومراكش و طنجة وتطوان .وكان التلاميذ يساهمون في التظاهرات والأنشطة التي يقيمها طلبة القرويين.

في مدينة تطوان قام عبد القادر طريس سنة 1932 بتأسيس" الجمعية المغربية للطالب" وكانت ذات نشاط سياسي-ثقافي ولها فرعين في القصرالكبير والعرائش.
قامت الجمعية بإطلاق أول إضراب في المنطقة الشمالية وذلك يوم 23 نونبر 1932 بمدرسة لوكاش.
في مدينة الرباط تأسست جمعيتان هما " المغرب العصري " التي وجهت تحذيرا في 27 دجنبر 1923 للسلطات الاستعمارية و"جمعية الشباب المغربي "التي تأسست في 2 فبراير 1929 . و كانت هاته الأخيرة تتشكل من قدماء تلاميذ ثانوية م. يوسف وكانوا

يعقدون اجتماعاتهم بمقهى لاكوميدي حيث تتم مناقشة قضايا البلاد بدون خوف وبجرأة كبيرة.
وكان إصدار الظهير البربري لسنة 1930 من طرف السلطات الإستعمارية وبتواطؤ مكشوف للمخزن بمثابة الرابط الذي جعل الربط بين النشاط الثقافي و النشاط السياسي ممكنا.فلم تتوانى الشبيبة المغربية وضمنها الحركة التلاميذية في الدخول في معمعان النضال السياسي المباشر.
فمخطط الإصلاحات لسنة 1934 هو أرضية سياسية للتيار الشبيبي عموما , وكان للتلاميذ حضورهم من خلال جمعية قدماء تلاميذ م.يوسف, وكانت اللجنة التي هيئت هذا المخطط تعقد اجتماعاتها في مقهى لاكوميدي ستحمل فيما بعد اسم " لجنة العمل المغربي " وستضم أعضاءا منهم من أنهى تعليمه في باريس أو في المشرق, وهم عمر بن عبد الجليل , عبد العزيز بن ا دريس , أحمد الشرقاوي , محمد الديوري , علال الفاسي , محمد غازي , بوبكر الناصري ’ محمد بلحسن الوزاني.وستقوم اللجنة بتقديم "مخطط الإصلاحات" للسيد بيير لافال عن طريق المقيم العام هنري بونسو .
و ما جاء في الرسالة المرفقة بالمخطط :
" نسمح لأنفسنا أخيرا أن نعلم سيادتكم أن مطلبنا الأكثر استعجالية يتكون من طلب منح المغاربة حرية التعبير باللغة العربية و الفرنسية حتى يمكن بصفة قانونية التعبير عن مطالبهم و طموحاتهم المشروعة " .
بعد هذا التاريخ ستصبح الجمعيات الشبيبية إطارات موازية للحركة الوطنية المنطلقة مع " لجنة العمل المغربي " وشكلت فعلا منابت لترعرع المناضلين .
وبالإضافة لهاته الجمعيات نشأت جمعيات رياضية وكشفية , فقد جاءت فكرة تأسيس كشفية مغربية على يد التلميذ أحمد بوهلال من ثانوية كورو ( الحسن الثاني حاليا ) بإقناع مجموعة من أصدقائه وهم بن مسعود و الجبلي و بلعربي, وهكذا تم تأسيس أول كشفية مغربية.
وكان للمسرح دور هام في تبلور الوعي الوطني لذا الشبيبة المغربية و هكذا اكتشف الشباب المغربي المسرح ودوره في النضال الوطني وإشاعة أفكار التقدم بعد زيارة الفرقة المصرية للمسرح للمغرب سنة 1920.وكان لثانويتي م.يوسف وم.ادريس دور طليعي في استعمال المسرح كسلاح فني لمواجهة الإستعمار وبلورة وعي وطني وتقدمي

لذا الشبيبة المغربية لحد أصبحت معه السلطات الإستعمارية تخاف من المسرح فتخضع نصوص المسرحيات للمراقبة القبلية.
هكذا في انتظار خلق منظمات سياسية, ساهمت الجمعيات الثقافية و الرياضية و التربوية و الاجتماعية في تهيئ الميدان و الأطر.
وعندما دخلت الجماهير الشعبية حلبة النضال الوطني (انتفاضة وادي زم سنة 1948) وانتفاضة الطبقة العاملة وكاريان سنطرال بالدار البيضاء سنة 1952, وبدا عجز البورجوازية الوطنية عن قيادة النضال الوطني وبدت مناوراتها وتذبذبها واضحة للعيان, وحيث ظهرت ضرورة بروز قيادات ثورية جديدة قادرة على تجذير النضال تقدمت

الطلائع الأولى من أبناء الكادحين الشباب الذين شيشكلون فصائل المقاومة المسلحة وجيش التحرير الوطني.
هكذا ستزود الحركة الشبيبية المقاومة المسلحة بأهم قياداتها.وسنجد أن أغلب قياداتها ومؤسسيها قد مروا من مدرسة الكشفية والجمعيات الشبيبية.
فمحمد الزرقطوني مؤسس" المنظمة السرية " كان قائد فرقة كشفية بالدار البيضاء .
وعبد السلام بناني كان أحد مسؤولي منظمة " اليد السوداء" وأحمد الشرقاوي قائد شبكة الرباط كان أحد مسؤولي جمعية الاتحاد الرياضي-الرباط – سلا .
أما الشفشاوني في فاس فقد كان مؤسس حركتين للكشفية هما: طارق بن زياد و الرشاد.

-3- الشبيبة التلاميذية في الحقبة الاستعمارية الجديدة .
و بعد الاستقلال الشكلي انخرطت الحركةالتلاميذية في نضالات الشعب المغربي ضد النظام الكومبرادوري . وانحازت إلى جانب الحركة الطلابية المغربية في نضالها ضد لنظام اللاوطني اللاديموقراطي اللاشعبي و ضد السياسات التعليمية الطبقية للنظام في الستينيات . و في هذه الحقبة كانت الحركة التلاميذية مرتبطة بالحركة الطلابية عبر" الوداديات " و هي شكل من التنظيم النقابي للتلاميذ داخل مؤسساتهم, سيقوم النظام فيما بعد بتواطؤ مع القوى الإصلاحية بمنعها . و في 23 مارس 1965انطلقت انتفاضة الدار البيضاء التي فجرتها الحركة التلاميذية من خلال رد الفعل على مذكرة وزير التعليم يوسف بلعباس القاضية بمنع التلاميذ الذين وصلوا سن 16 من تكرار قسم البروفي ( السنة ثالثة ثانوي أنذاك و الإعدادي حاليا)مفجرة بذلك إحدى أهم انتفاضات المغرب في الستينات , انتفاضة شكلت ردا قويا على السياسات اللاشعبية للنظام في ميدان التعليم كما مثلت نقدا دمويا للقوى الإصلاحية و التحريفية بالبلاد و سياساتها التواطئية و استراتيجيتها الانتظارية .و بذلك أعلنت عن ميلاد جيل جديد من الثوريين سيساهم في تأسيس الحركة الماركسية – اللينينية المغربية سنة 1970.وبعدم دخلت على خط النضال من جديد بعدالجزرالذي عرفته الحركة الجماهيرية نتيجة القمع الدموي الذي مارسه النظام ضد الانتفاضة المجيدة, و ذلك إلى جانب الطبقة العاملة المغربية انطلاقا من 1968, كانت الحركة التلاميذية في نهاية الستينيات تعرف دينامية ثقافية و فكرية و سياسية تجسدها الأنشطة الثقافية من محاضرات و عروض و
لقاءات أدبية و فكرية و إحياء للذكريات النضالية كذكرى انتفاضة 23 مارس و ذكرى استشهاد المهدي بن بركة و غيرها . و قد ساهم الأساتذة التقدميون بدور بارز في تحريك جذوة النضال و الاهتمام الفكري و السياسي بقضايا الوطن و الشعب مقدمين تضحيات جسام تصل أحيانا إلى حد التعرض للقمع و الاعتقال و التعذيب نتيجة مواقفهم الجريئة خلافا لما أصبح عليه الوضع اليوم حيث العديد من الأساتذة الذين أضحوا فاقدين لدورهم التربوي والنضالي ولاهثين وراء مصالح انتهازية على حساب المبادئ و دورهم التنويري تاركين الأبواب مشرعة لدعاة الفكر الظلامي .

-بصدد انتفاضة 23 مارس 1965: الأحداث

في مارس 1965أصدر يوسف بلعباس وزير التربية الوطنية آنذاك مذكرته المشؤومة والتي أشعلت فتيل الانتفاضة . ففي 21 مارس 1965قام تلاميذ الدار البيضاء بالتظاهر في الشوارع , و في يوم 22 مارس تعلن الحركة التلاميذية بالمدينة عن إضراب عام على مستوى المدينة و ينظم التلاميذ وقفة أمام مندوبية التعليم لتتطورإلى مواجهات بين البوليس و التلاميذ و تلتحق مجموعة من العمال و العاطلين بالمظاهرات. كما سيعرف يوم 23 مارس نزولا كثيفا للتلاميذ إلى الشوارع مرددين شعارات مناوئة للنظام و سياسته التعليمية اللاشعبية , و ستتطور المظاهرات إلى مواجهات بين قوات القمع و الجماهير الثائرة, و في نفس اليوم نزل إلى الشوارع شعب الدار البيضاء من عمال و عاطلين و عائلات التلاميذ الذين طالبوا بإطلاق سراح أبنائهم بينما طالب الطلبة بالمنح و المعطلون بالشغل . كان هناك بمدينة الدار البيضاء حوالي 600 ألف عاطل كما كان دخل ثلث ساكنة المدينة لا يتعدي 40 درهما في الشهر في وقت عرفت فيه أسعار اللحم و السكر زيادة صاروخية بنسبة 40 في المئة , و تجلى بوضوح فشل ما سماها النظام بسياسة " الإنعاش الوطني من أجل تنمية البلاد ". بعد زوال يوم23 مارس التحقت جماهير مدن القصدير بالانتفاضة. و قامت
الجماهير بمحاصرة كوميسارية كاريان سنطرال (تماما كما في انتفاضة كريان سنطرال سنة 1952)ثم نصبت المتاريس و نشبت المواجهات, فقرر النظام استباحة دماء الجماهير و إقبار الانتفاضة بالحديد و النار . هكذا دخلت دبابات الجزار أفقير و جنوده المدينة لإبادة الآلاف من أبناء الشعب الكادح كما قامت الفرق الخاصة , بعد فرض حالة الحصار و منع التجول من التاسعة ليلا إلى السادسة صباحا باقتحام البيوت و انتهاك الحرمات و سيتم التنكيل بالمواطنين و المواطنات و يلقى بآلاف الجثث في مقابر جماعية , و لحد الساعة لا يعرف عدد القتلى ممن حصدتم أسلحة الجزار أفقير الذي كان يقود العمليات من داخل مروحيته التي كانت تحلق فوق مدينة الدار البيضاء . و في يوم 24 مارس كانت مدينة الدار البيضاء تلملم جراحها و تئن تحت وطاة نظام دكتاتوري مجرم, في وقت كانت الأحزاب الإصلاحية تفاوض النظام و دماء الشعب لم تجف بعد. أما بيروقراطية الاتحاد المغربي للشغل فبعد مناورة التهديد بالإضراب العام, ففي الحقيقة دعت العمال إلى التزام منازلهم و هو ما كان يتماشى مع تصريحات الجنرال أفقير الذي قال أنه جاء ليوقف هذا الوضع بقرار


من الحكومة و أن أي إضراب للعمال هو أمر مناقض لذلك ,و بذلك كشفت البيروقراطية النقابية عن دورها الخبيث باعتبارها ذيلا للنظام وسط الطبقة العاملة .
و بعد مرور ثلاثة أشهرعن الانتفاضة المجيدة سيعلن النظام في 7 يونيو 1965عن حالة الاستثناء ليحكم البلاد ك" أمير للمؤمنين ". و في 29 أكتوبر 1965 سيتم اغتيال الشهيد المهدي بن بركة. ستدخل البلاد إحدى المراحل الأكثردكتاتورية في تاريخها.
ملحوظة : بعد انطلاق الانتفاضة بمدينة الدار البيضاء التحقت مجموعة من المدن التي عرفت تظاهرات للجماهير منها جموع التلاميذ كما حصل في مدينة الرباط وكذلك في مدينة فاس و سطات و القنيطرة.

منظمة "إلى الأمام" والحركة التلاميذية.-II-


تعتبر الحركة التلاميذية مكونا أساسيا أصيلا للحركة الماركسية اللينينية المغربية وخاصة منظمة "إلى الأمام".

للحركة التلاميذية تاريخ نضالي واسع و عريض يعود إلى أولى السياسات التعليمية الاستعمارية بالمغرب.
لم تكن الحركة التلاميذية لتنفصل عن محطات النضال التي مر منها المغرب سواء إبان الحقبة الاستعمارية أو الحقبة الاستعمارية الجديدة . و خلال فترة الستينات و السبعينات لعب الأساتذة التقدميون الماركسون و غيرهم من التقدميين و الديموقراطيين دورا هاما في إشاعة الفكر التقدمي داخل االمؤسسات الثانوية الشيئ الذي ساهم ي جعل جذوة النضال مشتعلة باستمرار في الثانويات لحد أن الحسن الثاني في خطابه في 29 مارس 1965 مباشرة بعد المجزرة التي اقترفها على يد الجلاد و جزار الدار البيضاء الشهير الجنرال محمد أوفقير سيتهم المثقفين و الأساتذة بالجبن و انعدام النبل و الخوف قائلا : "ليس هناك خطر أكبر بالنسبة للدولة من خطر مثقف مزعوم, كان من الأحسن لكم أن تكونوا أميين".
و بعد انتفاضة 1965 المجيدة و هزيمة يونيو 1967 و انطلاق الانتفاضة الطلابية بفرنسا في مايو1968و وصول أصداء الثورة الثقافية البرولتارية في الصين و التي ساهمت الحركة التلاميذية الصينية بدور هام في تفجيرها . ( انظر كتابات ماو تسي تونغ في هذا المجال ), ثم بعد انطلاق المقاومة المسلحة الفلسطينية بقيادة حركة فتح و الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين و انفضاح الأحزاب الإصلاحية و تواطؤاتها مع النظام, بدأ جنين الوعي الثوري الماركسي – اللينيني يتشكل داخل المؤسسات الثانوية من خلال تشكل حلقات دراسة الفكر الماركسي في الثانويات, علما أن الثانويات آنذاك كانت تزخر بأنشطة ثقافية أسبوعية تنظم على مستويات محلية يحضرها تلاميذ أكبر المؤسسات التعليمية داخل المدينة ( مثال الرباط ). تتم المحاضرات و الندوات في القاعات الخاصة لذلك (

قاعة المحاضرات ) و تجمع تباعا تلاميذ من ثانويات م يوسف و الحسن الثاني و الليمون و عمر الخيام و نزهة و عائشة و مدارس محمد الخامس , و يؤطر هذه المحاضرات و الندوات الأساتذة و أحيانا مجموعة من التلاميذ , كما أن الأساتذة كانوا يشجعون التلاميذ على القيام بعروض داخل الأقسام في قضايا فكرية و سياسية و فلسفية ( المادية الجدلية , القضية الفلسطينية , الأدب و الالتزام , الحرية ...)
خلافا لبعض الكتابات و التنظيرات التي يقوم بها ا لبعض ممن يدعون المعرفة بل و بدون خجل المشاركة , قامت نظرة خاطئة و مشوهة عن الحركة التلاميذية و علاقتها بالحركة الماركسية – اللينينية المغربية و خاصة بمنظمة "إلى الأمام" حتى شاع أن الحركة التلاميذية في هذا الطور كانت نتاجا آليا للحركة الماركسية – اللينينية و الحال نجد أن الحركة لعبت دورا مهما في تأسيس حركة شبيبية جديدة ستنشأ بعد انتفاضة 23 مارس 1965 التي لعب فيها التلاميذ دورا أساسيا ,تلك الحركة نفسها التي ستنشئ الجيل الأول المؤسس للحركة الماركسية – اللينينية المغربية. و كمثال على ذلك تجربة منظمة " إلى
الأمام" , فحين تقرر تاسيس المنظمة كان مجموعة من التلاميذ, جزء منهم كان منتميا للشبيبة الشيوعية و منهم فؤاد الهيلالي و عبد الرحيم زهيرو غيرهم بل إن مجموعة من التلاميذ بشكل مستقل كانوا قد توصلوا إلى خلاصة مفادها أن كل الأحزاب في المغرب غير صالحة للعمل الثوري لإسقاط النظام, و بالتالي بلورة بديل جديد... , فبدأ البحث و التفكير الذي كان يختمر منذ مدة لينتقل إلى مجال الفعل , فبدأت أولى الاجتماعات و التي ستستمر على امتداد السنة الدراسية 1969 – 1970 ( إحدى الاجتماعات حضرها حوالي 17 تلميذا , و قد تمت بالمنزل رقم 5 بحي القصبة المعروفة بالأوداية بالرباط ( أغلب هؤلاءلا زالوا أحياءا) ).
و عندما تقرر تأسيس تنظيم ثوري جديد تم إبلاغ أحد الرفاق الذي كان على صلة بهؤلاء( يعني التلاميذ) و المقصود به الأستاذ أحمد بوكوس ( مدير المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية الحالي ) الذي كان حلقة الوصل مع مجموعة من المناضلين المثقفين و الطلبة و الأساتذة الذين كانوا يفكرون بالانشقاق عن حزب التحرر و الاشتراكية و تأسيس تنظيم ثوري , و قد تم لقاء تنسيقي سيتم بمنزل عبد اللطيف اللعبي (فيلا قرب ثانوية الليمون ) أواسط غشت 1970. حضر هذا اللقاء كل من عبد اللطيف اللعبي و ابراهام السرفاتي, و تم فيه التداول و الاتفاق على المبدأ العام لتأسيس منظمة ثورية ماركسية – لينينية . و مما ساعد على التجاوب و التفاهم كون جل المناضلين التلاميذ كانوا يعتنقون الفكر الماركسي – اللينيني, بالإضافة إلى التأثر بكتابات ماو تسي تونغ( لم تكن السفارة الصينية آنذاك بعيدة عن ثانوية الليمون و ثانوية عمر الخيام ), رغم بعض القضايا التي ظلت معلقة مثل العمل المسلح حيث أبدى الرفيقان اتفاقهما على ذلك و لكن أكدا على ضرورة تهييئ الشروط قبل ذلك ,فكان اتفاقا عاما سيستمر النقاش حوله داخل المنظمة بعد تاسيسها .
و في يوم 30 غشت تاسست منظمة " إلى الأمام " لتنطلق,- و قد توفرت لها الكوادر الأولى للعمل وسط التلاميذ- في نضالها الثوري . لقد انطلق العمل التلاميذي بمدينة الرباط سنة 1970 , و قد كانت المجموعات الأولى قائمة, مما سهل العمل على المنظمة

الذي بدأ بداية من نهاية شتنبر و بداية أكتوبر في المنزل المذكور أعلاه و في منازل أخرى مثل منزل الحرش الصديق و أحد المنازل بتابريكت (البيبنيير) ( منزل باببريك ) .
حضر الاجتماعات الأولى المؤسسة كل من عبد اللطيف اللعبي و الهيلالي فؤاد و علي فقير و عبد الرحيم زهير و الحرش الصديق و ادريس بن زكري ومحمد إقبال و عناصر أخرى , و في هاته الاجتماعات تمت بلورة أهم مطالب الحركة التلاميذية و على رأسها الحق النقابي للتلاميذ. و معلوم أن التلاميذ كانوا ينتظمون في الوداديات التابعة للاتحاد الوطني لطلبة المغرب , إلى أن كان قرار 21 يونيو 1964 ( قرار وزير الداخلية بمنع التلاميذ من الانتماء للاتحاد الوطني لطلبة المغرب ) و هذا ما جعل في البداية مطلب الحق النقابي يأخذ مضمون المطالبة بإرجاع الوداديات و ذلك قبل تأسيس النقابة الوطنية للتلاميذ في أبريل 72. و خلال حقبة 1970-1972تطور العمل التلاميذي لمنظمة " إلى


الأمام "انطلاقا من مركز التواجد بالرباط لينقل إلى أغلب ثانويات المغرب , و محليا كان التلاميذ يصدرون نشرة تحت عنوان " المشعل " بقرار من لجنة التنسيق بين الثانويات و كان يشرف عليها فؤاد الهيلالي و عبد الرحيم زهير, و قد أصدرت مجموعة من الأعداد وكانت تطبع بالطريقةالفيتنامية (لاليمونيير).
كانت تقود العمل التلاميذي خلال فترة 1970-1972 في مدينة الرباط لجنة خاصة و تدعى " لجنة التنسيق بين الثانويات " و كانت تضم ممثلين عن خلايا المنظمة داخل اهم الثانويات خاصة تلك التي تلعب دورا قياديا و نعني بها ثانوية مولاي يوسف و الحسن الثاني و الليمون . وكان أعضاء هذه اللجنة هم : الحرش الصديق و فؤاد الهيلالي و عبد الرحيم زهير و فلاح عبد الرؤوف و باببريك و حميد بن زكري (أخ ادريس بن زكري ) و تعاقب على حضورها آخرون .
عرفت سنة 1972انتشارا واسعا لمنظمة " إلى الأمام " داخل الثانويات حيث سينتصر الخط الثوري لليسار بمدينة الرباط و ذلك على مستوى كل المؤسسات الهامة و المناضلة.
و قدعرفت سنة 1972 تشكيل أول قيادة مركزية للمنظمة داخل الحركة التلاميذية و هي القيادة التي ستلعب دورا أساسيا في نضالات 72 و قيادتها. و دور هذه القيادة هو تحديد الشعارات و الأشكال النضالية و المطالب و الخطط و طبع المناشير و توزيعها على الصعيد الوطني.(التذكيرهنا بدور الأساتذة التقدميين و الأمميين في تقديم الدعم لتوفيروسائل نقل المناشيرعبرالمدن في ظروف قمعية بالغة التعقيد. و كانت هاته القيادة المركزية تتشكل من عضوية كل من ابراهام السرفاتي و الهيلالي فؤاد و ادريس ولد القابلة و محمد كناد و موسى . مر عمل المنظمة داخل الحركة التلاميذية بفترات مختلفة بحيث ارتبط بالأوضاع العامة للبلاد و تطور الخط السياسي للمنظمة.
- فترة 1970– 1972 :
عرفت هاته الفترة نضالات كبيرة و انتشارا للفكر الثوري و انبثاق مناضلين



ثوريين ,ووصل التنسيق النضالي والتضامن أوجه بين الحركة التلاميذية والحركة الطلابية ومن مظاهره تلك الإنزالات الكبيرة للحركة التلاميذية التي كانت تقتحم الكليات دعما لليسار الثوري في معاركه ضد النظام وضد الإضلاحية والتحريفية حيث كان التلاميذ يرفعون شعار "لاإصلاح لارجعية قيادة ثورية" وينشدون أناشيدهم الثورية المعروفة مثل النشيد الذي بلوه التلاميذ بثانوية الليمون عام 72(عم بتضوي الشمس والجماهير في السجن) تماما كما فعل رفاقهم في عاصمة انتفاضة 1948 وادي زم لما كتبوا نشيدهم الثوري(لنا يارفاق لقاء غدا,سنأتي ولن نخلف الموعدا)هذا النشيد الذي أصبح نشيدا لكل الحركة الماركسية اللينينية المغربية.لقد عرفت هاته الفترة مدا جماهيريا هائلا لحد أن التلاميذ قاموا بتحرير الثانويات واستعملوا الداخليات والقاعات لإجتماعاتهم وتجمعاتهم ومقرا لقياداتهم الميدانية وكانت تستقبل الوفود التلاميذية القادمة من مدن أخرى.على امتداد سنة 1972 تحولت مدينة الرباط وسلا إلى معترك يومي بين القوات القمعية للنظام والحركة التلاميذية التي كانت تجوب شوارع المدينتين والأحياء الشعبية فيها(السويقة,التقدم,العكاري,يعقوب المنصور,الدوار,المعاضيض,سيدي بوحاجة والمدينة

القديمة لمدينة سلا.....) .عرفت سنة 1972 أوسع حركة نضالية للتلاميذ على امتداد الوطن وشملت المدن الكبيرة والمتوسطة والصغيرة وحتى بعض القرى..كان التلاميذ في كواليسهم يرددون بفخر "الحكم لا يحكم" بمعنى أنهم أصبحوا أسياد مؤسساتهم التي حرروها.لقد عرفت هاته الفترة كذلك أهم معركة خاضتها الحركة التلاميذية بقيادة اليسار الثوري الماركسي اللينيني ولعل معركة فبراير-مارس1972 ستبقى في الذاكرة النضالية للشعب المغربي طويلا .دخلت الحركة التلاميذية المعركة إلى جانب الحركة الطلابية بقيادة الجبهة الموحدة للطلبة التقدميين وقد كانت معركة شرسة رغم قمع النظام الكمبرادوري ومناورات الإصلاحية استطاعت الحركة التلاميذية والطلابية أن ترغما النظام على الرضوخ لمطالبهما.ولم يجد وزير التعليم الفاسي الفهري من بد سوى الإقرار عبر الإذاعة بقبول وزارته الزيادة في المنحة ب 15في المائة والإقرار بحق التلاميذ في الحق النقابي(الوداديات)والإقرار باحترام حرية الجامعة واستقلاليتها الإدارية والمالية والبيداغوجية إضافة إلى الإقرار بمشاركة الطلبة في التسيير الذاتي للأحياء الجامعية وكذلك التزام النظام بإصلاح التعليم.وفي تصريح عبرالإذاعة للوزيرفي 17 ابريل 1972 أكد أن الملك قررالإفراج عن المعتقلين للتخفيف من حدة أزمة النظام .ستبقى هاته الفترة ذات قيمة تاريخية كبرى لابد من التعلم من دروسها فالتجربة حملت معها انعكاسات خط العفوية الذي كان منتشرا آنذاك , و قد قامت المنظمة بمراجعة تجربتها في هاته الفترة( انظر "عشرة أشهر من كفاح التنظيم: نقد و نقد ذاتي "و وثيقة الندوة التحضيرية للحركة الطلابية")
-فترة 1972-1973:


كانت فترة صمود و إعادة هيكلة التنظيم داخل المؤسسات الثانوية بعد تقييم التجربة السابقة, حيث بدأ العمل على واجهتين سياسية –تنظيمية و نقابية ( فترة انطلاق النقابة الوطنية للتلاميذ ).

- فترة 1973– 1974:
تطور العمل داخل الحركة التلاميذية و انتشر و طنيا و انفردت المنظمة بعد نونبر 1974بقيادة النقابة الوطنية للتلاميذ .
فترة 1974-1976:
وهي الفترة التي عرفت أوج عمل المنظمة داخل الحركة التلاميذية و انتشارها بشكل كبير , و ستعرف المنظمة تمركزا في أهم الثانويات بالمغرب و منها ثانوية يوسف ( التي اطلق عليها التلاميذ ثانوية المهدي بن بركة )
-ثانوية الحسن الثاني و الليمون , عمر الخيام , نزهة: الرباط
-ثانوية محمد الخامس , لحلو و الخنساء و مولاي عبد الله :الدار البيضاء
-ثانوية ابن الخطيب :طنجة
-ثانوية عبد الملك السعدي و التقدم :القنيطرة .
-ثانوية مولاي ادريس :فاس


-ثانوية علي بن بري و ثانوية سيدي عزوز:بتازة ,
-ثانوية عمر بن عبد العزيز:وجدة
-ثانوية أبو العباس السبتي :مراكش .
ُ-ثانوية موسى بن نصير :الخميسات .
-ثانوية بن عبدون :خريبكة.
وقدتعرضت الحركة التلاميذية لعدة اعتقالات و ضربات و لم تغب عن جل المحاكمات خاصة التي حيكت من طرف النظام الكمبرادوري ضد الحركة الماركسية – اللينينية المغربية حيث تميزت بحضورهام للحركة التلاميذية ومناضليها الطليعيين :
-الاعتقالات:اعتقالات مراكش 71 , اعتقالات 72 التي مست التنظيمين أ و ب( و هما منظمة "إلى الأمام " و منظمة " 23 مارس ") , اعتقالات مارس 73 , اعتقالات غشت74 , اعتقالات نونبر 74 ويناير 75 و اعتقالات يناير –فبراير - مارس 76 . ..
- المحاكمات : محاكمات صيف 73 , محاكمات مارس – أبريل 73 , محاكمات يناير 77 , محاكمات يونيو 77 . . .
هكذا يظهرالحضور الدائم و المستمر للحركة التلاميذية في النضال ضد النظام الكمبرادوري و سياسته التعليمية الطبقية .
وبعد كل الضربات التي كانت تتعرض لها الحركة الماركسية - اللينينية ظلت التنظيمات و المجموعات التي كانت تضم التلاميذ سواء المنتمية للتنظيمات الثورية شبه الجماهيرية

أو التي كانت مرتبطة بالنقابة الوطنية للتلاميذ تقاوم , صامدة و تعمل على إعادة تاسيس الحركة و المنظمة و هو حال الفترات التالية :
1972 – 1973 , 1974 – 1976 , 1976- .1980
وعموما تأثر عمل المنظمة داخل الحركة التلاميذية بالمفاهيم التنظيمية التي سادت خلال حقب تطورها خاصة حقبة ما قبل 20 نونبر 1972 ثم الحقبة التي تليها بعد ذلك و بالتالي كانت تتأثر سياسيا و تنظيميا بالخط السياسي و التنظيمي لمنظمة " إلى الأمام ".و كان البناء التنظيمي يقوم على تشكيل الخلايا و التنظيمات الثورية شبه الجماهيرية( لجان النضال الأساسية , لجان النضال, الحلقات المختلفة ) كما عرفت بنية العمل مجموعة من التجارب كخلق تنسيقيات للثانويات على المستوى المحلي تشكل عضويتها من رفاق أعضاء في المنظمة يمثلون ثانوياتهم داخل التنسيقية و قد عرفت هذه الصيغة نجاحا خلال فترة 70 -72 ( مثال الرباط الذي كانت تنسيقيته تضم ممثلين عن أبرز ثانويات الرباط و سلا ستلعب دورا هاما في تأطير نضالات 70 – 72.
و في بداية 72شكلت المنظمة قيادة وطنية لعملها داخل الحركة التلاميذية و هي القيادة التي ساهمت في إطلاق و تفجير نضالات 72 التلاميذية. و كان دورها يقوم على بلورة المطالب الوطنية للحركة التلاميذية و التفكير في الأشكال النضالية الجديدة بعد تقييم التجارب و استخلاص دروسها و تحديد الشعارات الملائمة لها ثم طبع و توزيع المنشورات التحريضية و الدعائية . و من أهم المطالب : تعليم وطني عربي ديوقراطي و شعبي , الحق في التنظيم

النقابي و المطالبة بعودة الوداديات, إضافة إلى المطالب المادية و الشعارات العامة حول مضمون التعليم و المطالبة بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين ...
دعائيا كان مناضلو المنظمة داخل الحركة التلاميذية يوزعون العديد من المنشورات و المجلات ( مجلة أنفاس باللغتين العربية و الفرنسية و مجلة الحرية اللبنانية ) و كراسات و كتب أبرز المفكرين و القادة الماركسيين – اللينينيين ( ماركس , انجلز , لنين , ستالين , ماو ) كما كانوا يقومون بأنشطة دعائية من خلال حلقات النقاش و العروض داخل الأقسام و قاعة الندوات حيث يلتقي تلاميذ أبرز ثانويات المدينة ,كما يساهم الأساتذة التقدميون و الماركسيون- اللينينيون في تنشيط تلك اللقاءات . كما كان المناضلون التلاميذ في المنظمة قد راكموا تجارب العمل في أنشطة ثقافية داخل بعض الجمعيات الثقافية و ينخرطون في النوادي السينمائية حيث تشكل الأفلام مادة هامة للنقاشات السياسية و الفكرية و أيضا الأدبية ( مثال فيلم" المدمرة بوطمكين و فيلم معركة الجزائرو فيلم الأرض وغيرها....

منظمة" إلى الأمام "و النقابة الوطنية للتلاميذ –III-

بعد" الجبهة الموحدة للطلبة التقدميين" شكلت "النقابة الوطنية للتلاميذ" إحدى أذرع العمل الجماهيري الثوري داخل الشبيبة المدرسية . هكذا وبعد مرور سبع سنوات على انتفاضة 23 مارس المجيدة والتي كانت تخلد ذكراها سنويا بالمؤسسات الثانوية على صعيد


البلاد من شمالها إلى جنوبها بإضراب عام وتوزيع للمنشورات بالمناسبة,قامت الطلائع المناضلة من التلاميذ في ربيع العام 1972 وبالضبط في بداية العشرية الثالثة من شهر أبريل(نيسان) بتوزيع أول بيان يعلن للجماهير التلاميذية عن تأسيس أول إطارنقابي وطني لهم سيعرف باسم "النقابة الوطنية للتلاميذ".وجاء هذا التأسيس في أوج النضالات التي كانت تخوضها الحركة التلاميذية إلى جانب نضالات الحركة الطلابية بقيادة الإتحاد الوطني لطلبة المغرب والتي لعبت فيها الجبهة الموحدة للطلبة التقدميين دورا بارزا . وفي سياق جو حماسي أطلقه البيان السياسي الصادرفي اكتوبر العام 1972 عن لجنة التوحيد التي شكلتها المنظمتان "إلى الأمام" و"23مارس" باشرت القيادة الوطنية للنقابة الوطنية للتلاميذ(ن.و.ت) أولى اجتماعاتها وذلك منذ نهاية اكتوبر بداية نونبر العام 1972. كان المقر السري للقيادة المركزية للنقابة يوجد بالدار البيضاء وهو عبارة عن شقة مكتراة قائمة بإحدى العمارات التي كان يمتلكها سعيد بونعيلات المناضل الإتحادي المعروف.
تشكلت القيادة الأولى المؤسسة للنقابة الوطنية للتلاميذ من مجموعة من الرفاق وهم فؤاد الهيلالي,الراحل محمد تيريدا,محمد البكراوي,الطاهر المحفوظي,موسى,فتيحة,مصطفى انفلوس وآخرون.
وعند الضرورة كان يحضر اجتماعات القيادة ممثل عن الكتابة الوطنية لمنظمة إلى الأمام وهو المشتري بلعباس وعن المكتب السياسي لمنظمة 23مارس محمد الكرفاتي.
كانت جداول الأعمال لاجتماعات القيادة الوطنية للنقابة تتضمن النقط التالية: أخبار,مناقشة للوضع السياسي,تقارير الفروع,الإعداد والإشراف على الجريدة,مهمات بناء الفروع.

-1- جريدة المناضل.
جريدة "المناضل" هي لسان حال النقابة الوطنية للتلاميذ وكان يتم توزيعها في مختلف المؤسسات الثانوية عبر البيع النضالي بطريقة محكمة وكانت تعرف انتشارا واسعا بين التلاميذ.
كانت القيادة الوطنية للنقابة هي التي تشرف على إصدار الجريدة وتتضمن افتتاحية تعبر عن رأي النقابة الوطنية في مجريات الأحداث السياسية بالبلاد من نضالات وقمع واعتقالات وسياسات النظام وهناك خانات متنوعة تقوم بتغطية النضالات التلاميذية وطنيا وفي الفروع إضافة إلى برامج ومواقف النقابة الوطنية للتلاميذ وركن خاص للتكوين وعنوانه" دليل المناضل".
-2- البنية التنظيمية للنقابة الوطنية للتلاميذ والعضوية داخلها.
إلى حدود ابريل 1973 كانت لجنة التوحيد (إطار قيادي مشترك بين المنظمتين) تشرف وطنيا على التوجيه العام للنقابة الوطنية للتلاميذ لكن على أرض الواقع كانت القيادة الوطنية تتوفر على حرية كبيرة في اتخاد قراراتها عبر النقاش والتفاعل الجماعي الرفاقي حتى لما ينشب خلاف عن التمثيلية داخل القيادة كمثال الصراع حول من يمثل القنيطرة ولد القابلة ادريس أو مصطفى انفلوس وغير ذلك من المشاكل الطبيعية التي تنشب نتيجة المنافسة بين


المناضلين.لقد كان التنظيمان يتوفران داخل أهم ثانويات المغرب على خلايا ولجان أساسية لها دور مزدوج سياسي-تنظيمي ونقابي.
-ا- العضوية في النقابة.
تكتسب العضوية داخل النقابة الوطنية للتلاميذ(ن.و.ت) بموافقة التلميذ داخل مؤسسته على البرنامج النقابي مع القبول بالنضال في إطار سري.ويلزمه ذلك بالإنتماء لإحدى هياكلها القاعدية أو المساهمة في بنائها في حالة عدم توفرها. خلافا لبعض المزاعم التي لاتتأكد من مصادرها لم يكن شرط الإنتماء إلى المنظمتين ضروريا.
- ب- البرنامج النقابي الوطني.
يقوم هذا البرنامج في توجهه المبدئي على استلهام المبادئ الموجهة لكل إطار جماهيري تقدمي يسير على درب النضال الجماهيري من أجل الدفاع عن الأهداف والمصالح المعنوية والمادية التي تخدم الحركة التلاميذية دون فصل لنضالها عن النضال العام الذي تخوضه الحركة الجماهيرية وفي مقدمتها الطبقة العاملة.كما كانت النقابة الوطنية للتلاميذ تحدد نفسها كفصيل من فصائل الحركة التقدمية وهي بذلك ذات توجه نقابي ثوري يلخصه شعار "من أجل تعليم عربي,ديمقراطي وشعبي" تعليم موحد ومعمم وعلماني ومتحرر من الهيمنة الإديلوجية والثقافية الأمبريالية والرجعية.لذلك وقفت النقابة الوطنية للتلاميذ إلى جانب القضايا العادلة للشعب المغربي ودافعت عنها ومنها المطالبة بإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين والنقابيين ومنهم مناضلوها المعتقلين في سجون النظام الكمبرادوري كما ناهضت كل محاولات الهجوم على مكتسبات الحركة من خلال ما كان يسميه النظام بإصلاح التعليم وواجهت مخططات النظام الطبقية في ميدان التعليم

أما البنود الأخرى فقد كانت تتضمن أهم المطالب النقابية للحركة فهي تكون مبنية على التقارير والمعرفة الميدانية بالمشاكل مثل اكتظاظ الأقسام وغياب المكتبات وغياب الوسائل التقنية وغيرها للتدريس وضعف أو غياب البنيات التحتية من دورات المياه وأفرشة وطعام لائق بالنسبة للداخليات ,تعسفات الإدارة وعدم احترامها لحرمة المؤسسة والزيادة في أثمنة التسجيل بالمؤسسة ومشكل النقل وغير ذلك من المشاكل التي كان يعاني منها التلاميذ.وتختلف هذه المطالب بحسب المناطق والمؤسسات والمدن في تفاصيلها أو في حجمها مما كان يستوجب التعامل مع الأوضاع بمرونة وترك مجال الخصوصيات المحلية للفروع.
- ج- البنية التنظيمية للنقابة الوطنية للتلاميذ.
امتدت تجربة النقابة الوطنية من ابريل 1972 إلى مارس 1976. أربع سنوات من النضال المستميت في ظروف قمع رهيبة وهي بذلك برهنت على قدرة الحركة الماركسية اللينينية المغربية على بناء نقابة سرية ذات تمثيلية ومهيكلة قاعديا دون خلط ( نسبي ) مع الهياكل القاعدية للتنظيمين ("إلى الأمام"و" 23 مارس").



عند مارس 1973 اقتحمت الأجهزة السرية للنظام المقر المركزي السري للنقابة الوطنية للتلاميذ بعد حملة قمع عرفتها بعض المدن كفاس والقنيطرة والدار البيضاء. هكذا تم اعتقال العديد من مناضلي النقابة وضمنهم أطر قيادية من بينهم الراحل محمد تيريدا ونجا آخرون كانوا متوجهين لأحد الإجتماعات هناك ومنهم فؤاد الهيلالي والذين تم إخبارهم من طرف القيادات التنظيمية.
كان لهذه الضربة أثر على سير عمل النقابة حيث سيقع خلط بين المستوى السياسي والنقابي ساهم في تعميقه انفجار الصراع بين منظمة إلى الأمام ومنظمة 23مارس في أبريل 1973 لكن الوضع تغير تدريجيا ابتداء من 1974. في نونبر 1974 تعرضت منظمة 23 مارس للإجتثات بسبب القمع الشرش الذي تعرضت له الحركة الماركسية اللينينية المغربية . عند هذه اللحظة أصبحت منظمة" إلىالأمام" تتحمل مسؤولية النقابة الوطنية وحدها من نونبر 1974 إلى مارس 1976 وكان آخر بيان للنقابة الوطنية قد صدر في يناير 1976 وكان حول اغتيال الشهيد عمر بن جلون.
عموما قامت البنية التنظيمية على الشكل التالي:
-ا- مجلس المناضلين:أو لجنة القسم.
هو الوحدة القاعدية الأساسية للفرع النقابي داخل المؤسسة(الثانوية). وينتظم على مستوى القسم.وينتخب ممثله داخل لجنة المؤسسة(الثانوية). يكون هذا المجلس مسؤولا عن القسم أمام لجنة الثانوية.
-ب- لجنة الثانوية.
تتشكل لجنة الثانوية من ممثلي مجالس المناضلين داخل كل قسم. وهي القيادة النقابية للمؤسسة.وتننتخب من بين أعضائها ممثلا عنها داخل لجنة المدينة.

- ج- لجنة المدينة.
تتشكل لجنة المدينة من ممثلي لجن الثانويات على مستوى المدينة وتقوم بدور القيادة المحلية للفرع النقابي.ويتم الإشراف عليها من طرف عضوان أحدهما من منظمة إلى الأمام والآخر من منظمة 23 مارس.
النقابة الوطنية للتلاميذ(ن.و.ت): أربع السنوات من الصمود والنضال.- IV-
يمتد عمر النقابة الوطنية للتلاميذ إلى أربع سنوات مليئة بالنضالات والتضحيات . وتحتاج كتابة تاريخها إلى مجهود جماعي ذلك أن هاته المدرسة التي تربى فيها جيل من المناضلين والمناضلات على امتداد الوطن, جيل ذاق ويلات التعذيب والمحاكمات الصورية والسجون دفاعا عن تعليم ديموقراطي شعبي وعن حق أبناء الكادحين والكادحات في المعرفة والتعليم وضد السياسات الطبقية لنظام كمبرادوري متغطرس لجأ إلى سياسة النار والحديد لمواجهة أبسط المطالب العادلة والمشروعة للشبيبة المغربية عموما والشبيبة المدرسية خصوصا. لقد واجه مناضلوا النقابة الوطنية للتلاميذ النظام في أحلك الظروف بعد حل الإتحاد الوطني لطلبة المغرب واعتقال قيادته الشرعية وفي ظل


سياسة الطرود الملغومة والإعدامات والمحاكمات والإغتيالات التي تعرض لها شهداء هذا الوطن الأبرار من عمر بن جلون وعبد اللطيف زروال وغيرهم .لقد شكلت النقابة الوطنية للتلاميذ منارة مضيئة في ليل بهيم, ليل الإستغلال والإضطهاد والقمع والطرد الذي تعرض له هذا الشعب في المدن والبوادي وذلك لتمرير السياسات الطبقية للنظام. ومنذ نشأتها دافعت عن قيم التقدم والمعرفة والثقافة الوطنية التقدمية وعن الحريات الديموقراطية وحرية التعبير وعن المعتقلين السياسيين والنقابيين وعن مشروع مجتمع ديموقراطي شعبي.
تعرضت النقابة الوطنية للتلاميذ ومناضلوها منذ تأسيسها لحملات القمع سوية بكل القوى الديموقراطية والثورية التي ملأ مناضلوها المعتقلات السرية وسجون النظام الكمبرادوري في أحد أحلك ظروف الصراع الذي خاضه الشعب المغربي والحركة الجماهيرية وقواها المناضلة ضد النظام الذي كان يلجأ إلى القمع الرهيب والمناورة من أجل كسب القوى الإصلاحية إلى جانبه وعزل القوى المناضلة وضربها وتشديد الحصار عليها ثم الإجهاز عليها بمساعدة تلك القوى. لكن النقابة الوطنية للتلاميذ صمدت رغم ما تعرضت له من قمع واعتقال لمناضليها مجسدة بذلك صمود الحركة الجماهيرية وصمود مناضليها بل مسجلة نماذج رائعة في التنظيم والقدرة على التحرك وطنيا وإرغام كل القوى على التعبير عن مواقفها بوضوح .هكذا ففي سنة 1974 قامت أجهزة النظام باعتقال العديد من مناضلي النقابة الوطنية للتلاميذ بالدار البيضاء الذين تعرضوا للتعذيب في محاولة يائسة لتكسير النقابة والقضاء عليها. وستلجأ أجهزة النظام القمعية إلى اغتصاب إحدى المناضلات(ف.ل) في محاولة لتكسير صمودها وضرب معنوياتها. وجاء الرد قويا من طرف النقابة الوطنية للتلاميذ التي أصدرت بيانا منددا بالجريمة النكراء التي اقترفتها أجهزته القمعية. ودعت النقابة إلى إضراب وطني لمدة 24 ساعة كان ناجحا وغاية في التنظيم الشئ الذي ترك أثرا بالغا داخل الرأي العام الوطني المغربي لدرجة أن

جريدة العلم التي كانت معروفة آنذاك بحملاتها المسعورة ضد اليسار عموما والحركة الماركسية اللينينية خصوصا, بالخروج عن صمتها والتنديد بالإغتصاب وبما يتعرض له الشباب.

طيلة أربع سنوات المليئة بالنضال طالت الحركة التلاميذية حملات القمع الشرسة للنظام .فإلى جانب القمع اليومي الذي كان يتعرض له مناضلوا ومناضلات النقابة الوطنية للتلاميذ ,وبدعم ومساعدة المجموعة الإجرامية المسماة "الشبيبة الإسلامية" والضالعة في اغتيال الشهيد عمر بن جلون, عاشت النقابة الوطنية حملات قمع واسعة كتلك التي عرفتها في مارس 1973 وأدت إلى اعتقال 36 مناضلا من بينهم قياديون في النقابة التلاميذية.وفي غشت 1974 تعرض العشرات من المناضلين والمناضلات المنتمين للنقابة الوطنية بمدينة طنجة إلى الإعتقال ضمن حملة تعرضت لها منظمة إلى الأمام على


إثر توزيع منشورتحت عنوان:"حكم الحسن –عبدالله-الدليمي- حكم العطش والجوع والطرد والسيمي".وسيتعرض مناضلوالنقابة الوطنية لأبشع أشكال التعذيب في مخافر البوليس السري بمدينة طنجة لحد تسبب التعذيب في إجهاض أخت أحد المناضلين.وسينقل مناضلو النقابة الوطنية للتلاميذ ضمن مجموعة ضمت مناضلين ورفاق لمنظمة إلى الأمام إلى المعتقل السري السيئ الذكر القائم بمدينة الدارالبيضاء والمعروف "بدرب مولاي الشريف" ليقضوا فيه زهاء سنة من الاعتقال والتعذيب النفسي والجسدي قبل نقلهم إلى السجن حيث سيقدمون إلى محاكمة الدارالبيضاء في يناير 1977.
آخر فوج من مناضلي النقابة الوطنية للتلاميذ سيتعرض للاعتقال كان إبان الحملة التي تعرضت لها المنظمة الماركسية-اللينينية المغربية "إلى الأمام" وكان من ضمنها مناضلون ومناضلات للنقابة الوطنية للتلاميذ الذين نقلوا إلى "درب مولاي الشريف" ومن هناك إلى السجن (فترة يناير,فبراير,مارس 1976).وسيقدمون إلى محاكمة الدارالبيضاء سنة 77 لتصدر في حقهم أحكام جائرة تعدت عشرات السنين. لقد أصدرت النقابة الوطنية للتلاميذ آخر بيان لها في يناير 1976.ويمكن اعتبار فترة فبراير-مارس 1976 نهاية لوجودها ,وإن ظل العديد من المناضلين الذين تربوا في مدرستها خارج الاعتقال ليشكلوا فيما بعد جيلا جديدا سيعمل من أجل الاستمرارية في ظروف جديدة.

فؤاد الهيلالي

تنبيه:نظرا لغياب الوثائق ذات صلة بالحركة التلاميذية والتي لازالت محجوزة في أقبية المخابرات,قام الكاتب بصياغة هذا المقال من موقع معرفته ومعايشته للتجربة وذلك مساهمة في توضيح بعض الجوانب التنظيمية في خط منظمة"إلى الأمام".