النساء لم يحصدن سوى خيبات الأمل بتغيير واقع سياسي واجتماعي وثقافي


هيفاء حيدر
2013 / 1 / 23 - 07:48     

حوار مع الباحثة الاجتماعية والناشطة الحقوقية الاردنية الأستاذة هيفاء حيدر.

باحثة اجتماعية وحقوقية ناشطة في العمل العام وحقوق الإنسان

كاتبة مقال في موقع الحوار المتمدن

حاصلة على شهادة علوم اجتماعية وحقوق، وأيضا ماجستير في الدراسات الأنثوية "جندر" و دكتوراه علم اجتماع من جامعة الأردن. التحقت بصفوف حركات التحرر وهي في الثامنة عشرة من عمرها مؤمنة و لا زالت،

بأن القضايا العادلة لا تموت، وتقاسم هيفاء حيدر الألاف من النساء في هذا العالم، بان طريق النضال ما يزال طويلا خاصة وهو عالم ليس لنا حسب رأيها، تحكمنا فيه القوى الخارجية والأنظمة الشمولية التابعة لها، وتقول: وعلي كأمراة ولدت في هذا الشرق ان أظل يقظة ومتحفزة وعلى أكثر من جبهة.

سؤال: في غضون التغيرات السياسية التي شهدتها بعض دول الخليج كاليمن و أفريقيا الشمالية مصر ليبيا تونس? كيف تحللين أوضاع المرأة في هذه البلدان ¿

جواب: جواب بداية لا بد لي أن أبدأ بالرحمة على ارواح كل الشهداء الذين قضوا في الدفاع عن حرية وصون بلدانهم العربية على امتداد وطننا الكبير.

ليس من السهل بمكان ان نتحدث عن ظروف وواقع المرأة في بلدان عاشت منذ فترة قريبة أحداث تحولات سياسية واجتماعية تحت ما يسمى" الربيع العربي"، دون ان نتكلم عن أوضاع عامة الشعب والتغيرات التي شملت كل البنى الإجتماعية والثقافية والدينية منها على وجه الخصوص التي خرجت بحصة الأسد من هذه الحراكات والثورات الغير مكتملة المولد على الأقل في البلدان التي ذكرت في سياق السؤال،

والسؤال الذي يطرح نفسه هل نحن أمام فعل ثوري أم انقلاب على شخص الرئيس الذي طالت إقامته في الحكم وتعسفه في استعمال سلطته ؟ وما الذي قد تغير في جوهر البنيان للسلطة الحاكمة في تلك الدول ،ولمصلحة من؟

النساء لا استطيع ان اجزم بأنهن الخاسرات الأكبر من الصراع المحتدم على كرسي السلطة في جل البلدان العربية اليوم، لكن بإمكاني القول وبحكم إقصائهن عن ساحة الفعل بداية وتغييبهن إنهن لم يحصدن سوى خيبات الأمل بتغيير واقع سياسي واجتماعي وثقافي تبدلت فيه هياكل السلطة من حزب أوحد ودكتاتور فرد الى حزب ديني وعقيدة أحادية سوف لن ترى مكاناً آمناً للمرأة أكثر من بيتها ،وفي أكثر الأحوال عورة يجب سترها وخفض صوتها خوفاً من الفضيحة.

عن أي واقع للمرأة بعد ذلك سنتحدث ونحن اللواتي كنا نحلم أن القرن الواحد والعشرين سيحمل لنا مزيد من الحقوق المتساوية والعدالة الاجتماعية ،لنرى أن بلداننا اليوم تغرق في صراعات وحروب أهلية وربيع دموي ومسرح لتصارع قوى كونية نحن في أخر سلم تطلعات خططها ومشاريعها في مقابل نفوذ هنا وهناك على منابع البترول والغاز وتقاسم المصالح.

عن سوريا قليلا ما يسلط الإعلام الضوء على ظروف وأوضاع النساء خصوصا الآجآت ?ماذا عن معاناتهن¿ و معانات أطفالهم وبلأخص الطفيلات القاصرات¿

ما جرى في ساحات البلدان العربية يذكرنا بالمثل القائل ما أشبه اليوم بالأمس لو بدلنا اسم هذه الدولة بتلك فالآمر سيان .لقد أخذتنا نظرية الفوضى الخلاقة الى أبعد المدى في كل ما يجري في بلداننا وألهتنا ألة الإعلام وهي تبث صور للقتل والدمار عن حقوق النساء والأطفال عن مئات المشردات والاجئات داخل بلدانهن وخارجها ،المأساة فيما يجري لنساء سوريا الاجئات في مخيمات اللجوء ان كان في الأردن ام في تركيا أن نفس الدول التي تمول عصابات القتل والتكفير والمتشددين الإسلاميين للقتال هناك ،هم أنفسهم من يفتون بالحق في الزواج من الطفلات السوريات وكأن الدين اليوم يبيح فتح سوق نخاسة من جديد ،تحت مسميات دينية وفتاوي ما أنزل الله بها من سلطان .ونسمع كل يوم بزواج لطفلات من مخيمات اللجوء لرجال خليجيين يفوقونهن عشرات السنين ليمكثوا معهن بضعة ايام ويتركونهن مغتصبات بالقانون والشرع .

أما لماذا لا يوجه الإعلام الضوء على هذه الجرائم فهذا سؤال حري بكم ان توجهونه الى قنوات النفط في الخليج العربي من الجزيرة الى العربية وغيرها.ربما ان الخوف والمصالح والتمويل يقف حجر عثرة أمام ممارسة مهنية اعلامية صادقة لنقل متل هذه الجرائم ومحاسبة من يرتكبها.

في نظرنا تسمية الربيع العربي تقصي الأمازيغ وأخرين ك الكورد مثلا¡! ? هل تظنين أن النساء وبالرغم من الإختلاف العرقي و الثقافي، وأيضاعلى مستوى الوعي والتجربة وطبيعة الخصوصية في هذه البلدان ستحصدن ثمار الثورة على المدى القريب¿

إقصاء الأمازيغ والكورد ليس أكثر من دليل أن الربيع ليس سوى انقلاب خريفي وبإمتياز، وليس عربياً فهو غربي الهوى والهوية . أنا لا أعتقد ان قضايا المرأة منفصلة البتة عن قضايا المجتمع وبغض النظر عن الدين او اللغة أو العرق أو الجنس ،نحن نتحدث عن حقوق الإنسان أينما تواجد، لكن في نفس الوقت ربما أوافق على بعض الخصوصية للنساء نتيجة قوة القمع والاضطهاد الذي نعاني منه والإقصاء عن الشأن العام والبعد عن المشاركة السياسية بحكم جملة العادات والتقاليد والموروثات الثقافية والاجتماعية والدينية والتي جعلت المرأة رهينة البيت والرجل والعقلية الذكورية، حيث يملي علينا هذا المزيد من التعاون والتشبيك للنضال في سبيل حقوقنا.

سوف لن تحصد النساء كما كل شعوبنا نتائج ايجابية لحراك شعبي لم يكتمل ولم يطرح برنامجاً سياسياً تشكل النساء حيزاً من اهتمامه وبرنامجه، لقد تم التعدي في هذا الربيع الداكن على مصطلحات ومفاهيم كنا نحن النساء من أول من عانى منها وطالب فيها كالحرية والعدالة وتكافؤ الفرص لكننا للأسف لم نلحق ان نصل الصفوف الخيرة لهذا الحراك لأن هناك من انقض عليه وألبسه عمامة الدين وأراد لنا أن ندخل تحت جلبابه، ونحن من نظرنا لمجتمع علماني ومدني حر من أية تبعية دينية أو سياسية داخلية كانت أم خارجية .

حسب المعطيات الأخيرة وبتغير النظام السياسي في كل من تونس مصر ولبيا، حصيلة النساء في التربع على مناصب مواقع القرار. كوزيرات ألخ..هي ضئيلة جدا ? في تقيمك الشخصي أهو تشدد ديني أم إقصاء¿

هو الإثنين معاً وكما ذكرت سابقاً هو الإقصاء والإبقاء على تبعية للرجل يخدم بالمحصلة تشدد ديني يطفو على السطح اليوم ويسبح عكس تيار الحرية التي ننشد، يريدون لنا أن نعود جواري للسلطان وبلداننا تابعة لبيت مال المسلمين، وهذا لن يجلب لبلداننا سوى المزيد من التطرف والتشدد كما نرى اليوم.

لا مكان لنا نحن النساء سوى في عالم نتساوى به مع الرجال وتحت سقف القانون والدستور.

? إذن مذا يتعين عمله لتفادي النظرة الدونية للمرأة ¿

التغيير المجتمعي الذي يطال كل منظومة القيم والمعايير التي تحكم عقولنا وسلوكنا نساءاً ورجالاً وصولاً الى عالم خالي من التمييز والعنف والتفرقة لمجرد إننا إناث. ويصاحب ذلك ارادة سياسية بالإيمان بهذا التغيير وبالعمل الجاد لتغيير مواقع القوى وهيكلة البنى من جديد لمواقع تخلى بها مساحات للنساء على اساس المساواة والتكافئ في الفرص وعلى قدم المساواة مع الرجال.وليس وضع المراة وزيرة هنا وهناك لمجرد تزيين هذه الحكومة وتلك وكأن الأمر لا يتعدى كونه كرسي ترضية للمراة وتغيير في تشكيلة الوزارة لمن ينظر لها من الخارج .

حقيقة لا بد من مواجهتها اليوم لم تعد النساء كما هي في صورة عقول الرجال والتي عمموها على المجتمع وفصلوا فيها لتوائم مزيد من الخدمات المجانية لهم ومزيد من العنف والتمييز ضدهن، ولا مانع لديهم من اعطاء بعض الحقوق المهم ان لا تصل الى مساحتهم الخاصة وهم يجلسون على كراسي المسؤولية السياسية والإجتماعية والثقافية والدينية.

كيف ترى هيفاء حيدر مستقبلها ومستقبل نساء الثورة بعد هذه المرحلة الإنتقالية التارخية التي لامحالة ستترك بصمتها وتوثق لبداية عهد جديد¿

المشكلة أنني لا ارى في الأفق نسائم ثورة كما تعلمتها قبل ثلاث عقود حيث كنت في احد احزاب المعارضة ولا كما عشتها في كوبا ولا كتلك التي ناضلت فيها في فصائل الثورة الفلسطينية، الثورة التي أريد، اريدها ممثلة لشرائح الفقراء من شعبي ،وللفئات الأكثر قهراً واضطهاداً، لا اريد ثورة ذي طابع ديني تعود بنا الى عصر الغزوات والسبايا، وتؤتمر بمال النفط وتتقاسم من خلالها الدول العظمى ما تبقى من ثروات لم ينهبها الحكام .

للأسف اننا في مرحلة سيؤرخ فيها ان القتل اليوم على الهوية الطائفية وان التغيير كان لأسماء لم تتعدى شخص الرئيس وان الإعلام قد أقنعنا أن تنحي هذا الرئيس وذاك سيجنب بلداننا الدمار وللأسف جائوا وجلبوا الدمار معهم، فما يهمنا اليوم، ان رحل الرئيس أم بقي طالما عم الدمار والقتل والتشدد، وكان العالم عاد ليعيش حرب داحس ونسينا أننا في عالم ما بعد العولمة والحداثة لقد عمت الفوضى الخلاقة واندحرت حقوق الإنسان أمامها أميال للوراء

كلمة أخيرة

إذا كان ولا بد من كلمة أخيرة فلا أجد أمامي سوى ان أقول أعيدوا الدين لله لربما تراجع عن انزاله لنا من جديد بعد ما رأى ان الإنسان ليس كفؤ به، مع كل هذا الذي يجري في عالمنا بإسم الدين والله وهو منه بريء، واتركونا نعمر اوطاننا كما نشاء، و ان نعيش بها أحراراً كما خلقنا ومتساوين بغض النظر عن قومياتنا وأجناسنا ولوننا وجنسنا