بين حسين مردان ونواب هذا الزمان


محمد علي محيي الدين
2013 / 1 / 5 - 10:34     

بين حسين مردان ونواب هذا الزمان
من اغرب ما يحدث في العالم ما يجري في العراق على جميع الصعد، فهو حاز قصب السبق في الفساد المالي والإداري وفي مقدمة الدول في سوء الخدمات والافتقار للبنى التحتية، وعلى رأس الدول الغارقة في الأزمات السياسية، وفي طليعة الدول التي يعيث بها الإرهاب، والدولة الوحيدة التي يتولى فيها رئيس الوزراء القيادة العامة للقوات المسلحة ووزارات الدفاع والداخلية والأمن الوطني والمخابرات، والدولة المفردة في كثرة الهيئات المستقلة وتدار جميع مرافقها الدفاعية والخدمية والإدارية بالوكالة رغم وجود برلمان فيها يعد من اكبر البرلمانات في العالم، فهو يقل بقليل عن برلمانات أمريكا وروسيا والصين وغيرها من الدول الكبرى’ ويتميز برلمانها بالعجز عن إقرار القوانين الهادفة لخدمة المواطن، ولا يكتمل نصابه إلا لغرض يخدم البرلمانيين او الحاكمين وأولي الأمر او في إقرار القوانين التي هي تحصيل حاصل مثل التصديق على معاهدات دخول العراق في المؤسسات العالمية، فيما تنام في أدراج الحكومة ومجلس النواب آلاف القوانين المهمة التي تكفل الحياة الحرة الكريمة للمواطن أو تسهم في بناء دولة المؤسسات.
والغريب قي هذا البرلمان الغائب انه منح أعضائه رواتب وامتيازات لم يمنحها برلمان في العالم ، وفي قراءة بسيطة لرواتب برلمانات العالم وجدنا أن العراق هو الأعلى في رواتب النواب والوزراء والوكلاء والمناصب الكبيرة في البلد، ولا توجد دولة في العالم تمنح نوابها تقاعدا وامتيازات بعد انتهاء ولايتهم الا العراق، فالبرلمانيون شرعوا ما يخدمهم وتناسوا أبناء الشعب الذي أوصلهم الى مكان لم يكونوا مؤهلين له في يوم من الايام.
ويتميز برلماننا العجيب بميزات أخرى لا تتوفر في برلمانات العالم فهو الأكثر غيابا والأكثر رواتبا ومخصصات وفيه الكثير من المزورين، ويعج بالفاسدين، والغريب ما أشيع مؤخرا ان البرلمان أقر لأعضائه إكرامية جديدة بمنحهم رواتب خمسة عشر شهرا لحضورهم المتميز وجلساتهم الكاملة وكثرة القوانين التي اقروها، ومعالجتهم لمشاكل البلاد بحيث غرقت في أول زخة مطر لاكتمال بناها التحتية بفضل الاختيار المناسب لمجلس النواب.
تذكرت حادثة لشاعر عراقي كبير عرف بمجونه وظرفه وعدم التزامه الديني، وأطلق عليه الكافر والملحد والداعر والفاجر وما في قاموس العربية من نعوت فقد عرف عن حسين مردان انه يستدين من جميع أصدقائه ..وكانوا يقرضونه وهم يعلمون أنه لن يعيد إليهم شيئاً .
وفي أواخر ستينيات القرن الماضي، صـدر الأمر بتعيينه معاوناً للمدير العام للإذاعة والتلفزيون، براتب قدره مائة وخمسون ديناراً ، بعد احتساب مدّة عمله في الصحافة خدمة فعلية له .ذُعِر ، ورفض التعيين ! كان يطوف بين زملائه وهو يتساءل متوجساً :" أنا ؟أنا أتقاضى مائة وخمسين ديناراً في الشهر ؟كيف ؟ ولماذا ؟ .
وظلّ رافضاً . أبلغ الدولة أنه إما أن يُعدَّل راتبه إلى ثمانين ديناراً فقط ، ويوافق على العمل .. أو لا ، فيرفض التعيين !.وكان له ما أراد !..وحُدِّدَ راتبه بثمانين ديناراً.وما تقاضى أول راتب، إلا وراح يدور بين أصدقائه متوسلاً إليهم أن يستدينوا منه ! .واشترى بدلتين جديدتين ..وقبل أن تتسخ أكمامهما مات ! .
بربكم هل بين كبار الزعماء في العراق من يملك شيئا من خلق حسين مردان؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
وصدق من قال اذا لم تستحي فافعل ما تشاء!!!